جنوب أفريقيا تدخل «الموجة الرابعة» مع انتشار «أوميكرون»

7 % من سكان القارة تلقوا اللقاح مقابل 44 % عالمياً

جنوب أفريقيا كثفت حملة التطعيم بالتزامن من انتشار المتحور الجديد (أ.ب/ أ.ف.ب)
جنوب أفريقيا كثفت حملة التطعيم بالتزامن من انتشار المتحور الجديد (أ.ب/ أ.ف.ب)
TT

جنوب أفريقيا تدخل «الموجة الرابعة» مع انتشار «أوميكرون»

جنوب أفريقيا كثفت حملة التطعيم بالتزامن من انتشار المتحور الجديد (أ.ب/ أ.ف.ب)
جنوب أفريقيا كثفت حملة التطعيم بالتزامن من انتشار المتحور الجديد (أ.ب/ أ.ف.ب)

أفادت وزارة الصحة في جنوب أفريقيا بأن عدد حالات العدوى بفيروس «كورونا»، خصوصاً المتحور الجديد «أوميكرون»، مستمر في الزيادة وأن البلاد دخلت الموجة الرابعة من الجائحة رسمياً. وذكر وكيل الوزارة سيبونجيسيني دلومو، أن البلاد بذلك تكون قد دخلت رسمياً الموجة الرابعة من الجائحة. وأوضح أن معدل نقل المصابين إلى المستشفى الأسبوع الماضي أظهر أن 2% فقط من الحالات كانت بين أشخاص ملقحين، مشدداً على أن «98% لم يتلقوا التطعيم».

«الصحة العالمية»
من جانبها، عادت منظمة الصحة العالمية لتكرّر أن النسبة المتدنية للتغطية اللقاحية في أفريقيا، التي لا تتجاوز 7% من مجموع سكان القارة مقابل 44% على الصعيد العالمي، هي اليوم التحدي الأكبر الذي يواجه العالم في حربه المستمرّة ضد «كوفيد - 19» التي أوقعت حتى الآن 5.2 مليون ضحيّة، يرجّح الخبراء أنهم لا يتعدّون ثلث العدد الفعلي للضحايا.
لكن إذ تتفّق الآراء على أن المشكلات والعقبات التي اعترضت، ولا تزال، توزيع اللقاحات بشكل عادل في العالم بسبب احتكار الدول الغنيّة كميات ضخمة منها، هي السبب الرئيسي في هذا الوضع، يقول خبراء المنظمة الدولية إن ثمّة أسباباً أخرى وراء ذلك. من هذه الأسباب صعوبة توزيع اللقاحات التي وصلت متأخرة ومن غير تنسيق لوجيستي إلى منظومات صحية ضعيفة لا تملك القدرات اللازمة لتنظيم حملات تطعيم معقّدة، فضلاً عن الشكوك السائدة بين السكان في هذه الحملات بسبب عدم وجود استراتيجية واضحة لشرحها، ناهيك بالإدراك الشائع في القارة بقلّة خطورة الوباء مقارنةً بالأوبئة والأمراض التي تعاني منها أفريقيا عادةً.

غموض المنشأ
تفيد بيانات منظمة الصحة بأن عدد الجرعات اللقاحية التي تلقّاها سكّان البلدان الأفريقية حتى الآن لا تتجاوز 241 مليون جرعة من أصل 8 مليارات جرعة موزّعة في العالم «رغم أن العبرة الأساسية التي تعلّمناها من هذا الجائحة أنها عالمية في كل أبعادها وتداعياتها، وأن الشرط الأول للسيطرة عليها بشكل نهائي هو أن تكون معدلات التغطية اللقاحية عالية في كل البلدان منعاً لظهور المتحورات الجديد، كما تقول مستشارة منظمة الصحة والخبيرة الوبائية من معهد الصحة العامة والطب الاستوائي في جامعة لندن، آنّا روكا، التي تضيف: «رغم أن جنوب أفريقيا كانت أول مَن اكتشف هذا المتحوّر، لا نعرف أين كان منشؤه بالضبط. لكن من المؤكد أنه سينتشر على نطاق واسع عالمياً في غضون أسبوعين، نظراً لسرعة سريانه التي يرجّح أنها تضاعف سرعة سريان متحوّر (دلتا) مرتين أو ثلاثاً».
ويذكّر خبراء المنظمة الدولية بأن السلطات الصحية العالمية والأوساط العلمية تنبّه وتكرّر منذ أشهر بأن التخلّي عن البلدان الفقيرة التي لا تملك الموارد لشراء اللقاحات الكافية والقدرات لتوزيعها على السكان، هو خطر يهدّد العالم بأسره ومنه الدول التي استأثرت بكميات ضخمة من اللقاحات. وفي بيان صادر عن منظمة الصحة أمس، قال المدير العام تيدروس أدهانوم غيبريسوس: «عندما بدأنا نلاحظ منذ عام أن بعض البلدان توقّع اتفاقات ثنائية مع شركات الأدوية، حذّرنا من أن الدول الفقيرة ستكون ضحيّة هذا التهافت العالمي على اللقاحات، وهذا ما حصل بالضبط. واليوم بات معروفاً لدى الجميع أن السيطرة على هذه الجائحة مرهونة بحل أزمة اللقاحات وتوزيعها على كل بلدان العالم من غير استثناء». وكانت منظمة «يونيسيف» قد أفادت أمس، بأن عدد الجرعات التي حصلت عليها الدول الغنية يضاعف خمس عشرة مرة ما حصلت عليه الدول الفقيرة والمتدنية الدخل.

إتلاف الجرعات
ويقول الخبراء إن التحدي الأكبر في توزيع اللقاحات على البلدان الأفريقية لا يكمن في إيصالها إلى مطارات العواصم الكبرى، بقدر ما هو في توزيعها وحقن السكان بها. وتجدر الإشارة إلى أن برنامج «كوفاكس» الذي ترعاه منظمة الصحة قد فشل في تحقيق الهدف الذي كان قد وضعه لتوريع ملياري جرعة لقاح على البلدان الفقيرة بحلول نهاية هذا العام، حيث اضطر لإتلاف مئات الآلاف من الجرعات في أفريقيا بسبب وصولها قبل فترة قصيرة من تاريخ انتهاء صلاحيتها. وإذ تعترف منظمة الصحة بأن برنامج «كوفاكس» لم يحقق الأهداف التي وُضعت له في المرحلة الأولى، يقول خبراء العلوم الوبائية إن السبب في هذا الفشل ليس مقصوراً على عدم كفاية اللقاحات، بل لأنه لم تكن توجد استراتيجية واضحة.
وفيما تفيد بيانات المنظمة الدولية بأن 25% من اللقاحات التي وصلت إلى أفريقيا لم توزّع على السكّان، يقول العالم الوبائي من جامعة مونبيلييه إريك ديلابورت، الذي يشرف على أنشطة البرنامج في البلدان الأفريقية الناطقة بالفرنسية: «الحفاظ على سلسلة تبريد اللقاحات وإيصالها إلى المناطق خارج العواصم كان مهمة شبه مستحيلة ومحفوفة بالمصاعب وكل العقبات اللوجيستية الممكنة. ولا شك في أن التوزيع المرتجل من غير جداول زمنية واضحة تراعي تطورات المشهد الوبائي وتكيّف حملات التلقيح مع المخزونات، أسهم أيضاً في زعزعة ثقة المواطنين كما حصل في السنغال الصيف الماضي عندما أقبل السكان بكثافة على تناول اللقاحات في ذروة الموجة الوبائية، لكن لم تكن الكميات الكافية متوفرة. وعندما توفرت الكميات لم يرجع السكان لتناولها وتمّ إتلاف ما يزيد على مائتي ألف جرعة لانتهاء صلاحيتها».

توفر البيانات
وتقول آليس ديكلو، الإخصائية في الأنثروبولوجيا الطبية من معهد بحوث التنمية في السنغال: «التحدي الأكبر في هذه المرحلة هو الحفاظ على وتيرة ثابتة لوصول اللقاحات إلى أفريقيا ومساعدة البلدان على تعزيز قدراتها لاستيعاب الجرعات وتوزيعها في مواعيدها وبالشروط اللازمة». وتضيف ديكلو أن الجهات المانحة والشركات المنتجة بدأت مؤخراً بتوفير بيانات دقيقة عن دفعات اللقاحات ومواعيد تسليمها، بعد عام طويل لم تكن تتوفر فيه هذه البيانات.
ويشير خبراء برنامج «كوفاكس» أن البلدان الأفريقية تواجه تحدياً غير مسبوق، إذ تجد نفسها أمام مهمة توزيع كميات من اللقاحات تضاعف خمس مرات ما اعتادت على توزيعه في ظروف انتشار الأوبئة، وغالباً عليها أن توزعها على فئات من السكان ليست هي المستهدفة عادةً في حملات التلقيح، مثل المسنّين والمصابين بأمراض مزمنة.
ويُجمع الإخصائيون في العلوم الوبائية والإحصائية على أن الأرقام الرسمية لعدد الإصابات والوفيات في أفريقيا (8.7 مليون إصابة و223 ألف حالة وفاة) بعيدة عن الواقع في قارة يزيد تعداد سكانها على 1.3 مليار نسمة. ويعود ذلك إلى ضعف القدرات الاختبارية، وإلى عدم رصد معظم الإصابات، إما لكونها طفيفة وإما لكونها من غير أعراض ظاهرة نظراً لانتشارها في أوساط الشباب، ما أسهم في تورية الوباء الذي كان يواصل الانتشار مخفياً في أفريقيا، كما بيّنت الدراسات التي أُجريت مؤخراً في أفريقيا الغربية والوسطى.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.