ليبيا تتأهب لمعركة بنغازي الحاسمة

حفتر يستعين بقدامى الجيش.. وحكومة طرابلس تتعهد بدعم المتطرفين

ليبيا تتأهب لمعركة بنغازي الحاسمة
TT

ليبيا تتأهب لمعركة بنغازي الحاسمة

ليبيا تتأهب لمعركة بنغازي الحاسمة

فيما اقتربت على ما يبدو معركة عسكرية فاصلة وحاسمة لتحرير مدينة بنغازي، ثاني كبريات المدن الليبية، فتح أمس الفريق خليفة حفتر، القائد العام للجيش الليبي الموالى للشرعية في البلاد، الباب أمام عودة العسكريين القدامى مجددا إلى صفوف الجيش، بينما ردت حكومة الميليشيات المسلحة التي تسيطر على العاصمة طرابلس بتعهدها رسميا للمرة الأولى علانية بدعم المتطرفين في بنغازي.
وأشادت ما يسمى بحكومة الإنقاذ الوطني في طرابلس بما يقدمه من وصفتهم بـ«أبطال» مجلس شورى ثوار بنغازي من تضحيات يبذلونها في الذود عن حمى «عرين الأسود» بنغازي.
وأكدت الحكومة المدعومة من ميليشيات «فجر ليبيا» التي تهيمن على مقاليد الأمور في العاصمة طرابلس منذ صيف العام الماضي، في بيان بثه موقعها الإلكتروني أنها «لا ترى قوات مجلس شورى ثوار بنغازي إلا ائتلافا مكونًا من أهم كتائب ثوار مدينة بنغازي الذين تصدوا لكتائب (العقيد الراحل معمر) القذافي عام 2011 وخاضوا المعارك ضدها لأشهر طوال حتى إعلان تحرير البلاد». وأضافت أنها تراهم ذاتهم من يتصدون اليوم للعملية الانقلابية الفاشلة التي يسوقها فلول نظام القذافي تحت اسم عملية «الكرامة» في شرق البلاد وغربها، ساعية لإعادة إنتاج الطغيان من جديد.
وتعهدت هذه الحكومة غير المعترف بها دوليا، ببذل قصارى جهدها لتوفير الدعم الكامل لقوات مجلس شورى ثوار بنغازي في معركة تحرير مدينتهم.
من جهته، قال الفريق حفتر القائد العام للجيش الليبي في توجيه أصدره إلى جميع العسكريين: «إننا سوف نستعين بكل من يرغب في العمل معنا وذلك بإعادة كل العسكريين ذوي الخبرة والكفاءة للخدمة».
وحث حفتر شباب العاصمة طرابلس على أن يحذوا حذو شباب بنغازي للمساهمة في تحرير العاصمة، وتقديم المساعدة الفعالة لقوات الجيش الليبي مع قرب تقدمها إلى العاصمة لتحريرها من ميليشيات التطرف والإرهاب، عند بدء ما وصفه بالإشارات المتفق عليها من قبل القيادة العامة والموجهة إلى كل الوحدات داخل طرابلس.
وقال حفتر مخاطبا قدامى الجيش: «إنني لن ولم أنساكم ولن أغفل عن أي منكم أينما كان مؤكدين على الترابط المتين بين الجميع إلا من تثبت خيانته للوطن والشعب».
واستمرت أمس الاشتباكات العنيفة بين قوات الجيش الليبي والمتطرفين، حيث قتل 10 جنود وأصيب أكثر من 40 آخرين إثر تقدم وحدات من الجيش في محور الهواري جنوب مدينة بنغازي والذي يسيطر على معظم أجزائه «مجلس شورى ثوار» المدينة.
وقال مصدر في الكتيبة 204 دبابات إحدى أبرز الأذرع العسكرية لقيادة حفتر إن «وحدات من كتيبته بمساندة الكتيبة 21 قوات خاصة وعدد من المتطوعين لقتال المجموعات الإرهابية أحرزوا تقدما في محور الهواري جنوب المدينة».
وأضاف: «10 جنود من الجيش في المعارك قتلوا، بينما جرح 44 آخرون لكننا كبدنا الميليشيات الإرهابية خسائر مضاعفة في الأرواح والعتاد والآليات».
وتحدث مصدر بمستشفى الجلاء للجراحة والحوادث في بنغازي عن استقبال 4 جرحى إثر سقوط قذيفة هاون بالقرب من مسجد «ذو النورين» الواقع بحي الليثي في المدينة، بينما أكد العقيد ميلود الزوي الناطق الرسمي باسم القوات الخاصة (الصاعقة)، مقتل عنصرين وإصابة 4 بجروح خلال معارك أول من أمس بشارع الحجاز محور الليثى في مدينة بنغازي.
وقال إن قوات الجيش تمكنت من قتل 3 من أفراد الميليشيات الإرهابية المسلحة، فضلاً عن أسر بعض الأفراد التابعين لهذه الميليشيات.
إلى ذلك، نفى مصدر بكتيبة شهداء الزاوية أخبار وقوع عملية انتحارية في الحي الجامعي بمحور قار يونس غرب بنغازي، وأوضح لوكالة الأنباء الرسمية أن قوات الجيش تحرز تقدمًا ملحوظًا، إلا أن ما يعيق تقدمها هو وجود الألغام والملغمات في المحور.
وتجول أمس العقيد سالم العبدلي آمر منطقة بنغازي العسكرية في محاور القتال في المدينة.، في إطار تعزيز الاستعدادات الحالية لتطهير المدينة من ميليشيات الإرهاب.
إلى ذلك، زعم الناطق الرسمي باسم الغرفة الأمنية المشتركة زوارة اقتراب ما وصفه بساعة الحسم لصالح ميليشيات فجر ليبيا دون زمن محدد، مشيرا في تصريحات تلفزيونية إلى أن طيران حفتر حلق ليلة أول من أمس في بعض المناطق الغربية من دون استهداف أي مواقع تذكر.
وقال إن المناطق الممتدة من الشويشة إلى العسة القريبة من قاعدة الوطية في المنطقة الغربية شهدت أمس هدوءا حذرا مع توقف الاشتباكات مع تمركز ميليشيات فجر ليبيا في مواقعها.
شنت عناصر تابعة لتنظيم داعش في مدينة سرت، الليبية أمس الجمعة، هجومًا مفاجئًا على قوات فجر ليبيا قرب جامعة سرت، استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة وقذائف «آر بي جي»، لكنهم لاذوا بالفرار بعد أن رد عليهم أفراد الكتيبة.
بموازاة ذلك، سيتوجه إلى العاصمة الأميركية واشنطن خلال الأسبوع المقبل نواب ليبيون في البرلمان المعترف به دوليا في إطار مبادرات سلام تقوم بها الأمم المتحدة من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية في ليبيا.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية جيفري راثكي «نحن ننتظر بفارع الصبر أن نبحث عملهم مع الممثل الخاص للأمم المتحدة (برناردينو) ليون (...) من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية» ولكنه لم يفصح عن أسماء الدبلوماسيين الأميركيين الذين سيلتقيهم الوفد الليبي. ويحتضن المغرب والجزائر منذ شهر مارس (آذار) الماضي حوارا بين الأطراف الليبية برعاية ليون الذي يحاول التوصل إلى اتفاق لتشكيل حكومة وطنية بين طرفي النزاع في ليبيا. وبعد جولة مباحثات في الرباط، ستعقد غدا الاثنين في العاصمة الجزائرية جولة جديدة من الحوار الليبي في الجزائر.
على صعيد آخر، ترأس أمس عبد الله الثني رئيس الحكومة الانتقالية المعترف بها دوليا، اجتماعا أمنيا رفيع المستوى بمدينة شحات في شرق البلاد، تم خلاله مناقشة إمكانية تنصيب قائد عام لهيئة الشرطة بالإضافة لإعادة النظر في آليات العمل الأمني.
وقال بيان للحكومة تلقت (الشرق الأوسط) نسخة منه، إن الاجتماع تطرق أيضا إلى المشكلات والعراقيل التي تقف عائقًا أمام رجال الأمن والمتمثلة في قلة الإمكانيات المادية واللوجيستية وفيما يخص خطط عمل وزارة الداخلية خلال المدة المقبلة.
ويتولى الثني حقيبة الداخلية لحين تعيين وزير جديد لها، بعدما أقال الوزير السابق عمر السنكى واتهمه بعدم الكفاءة، بينما يطالبه مجلس النواب بإعادته إلى عمله مجددا.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم