قائد عمليات الجزيرة والبادية الجديد لـ {الشرق الأوسط}: سنحرر محافظاتنا المغتصبة

عينه رئيس الوزراء ضمن التغييرات التي أجراها.. ومجلس الأنبار يرحب بتكليفه

اللواء الركن ناصر الغنام
اللواء الركن ناصر الغنام
TT

قائد عمليات الجزيرة والبادية الجديد لـ {الشرق الأوسط}: سنحرر محافظاتنا المغتصبة

اللواء الركن ناصر الغنام
اللواء الركن ناصر الغنام

توعد قائد عمليات الجزيرة والبادية اللواء الركن ناصر الغنام تنظيم داعش بالهزيمة في أقرب وقت ممكن، وفي كل محافظات العراق المغتصبة. وقال الغنام، الذي عينه رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي ضمن التغييرات التي أجراها الأسبوع الماضي وشملت عددا من قادة العمليات والفرق في الجيش العراقي، إن «المقاتلين سيحررون المحافظات المغتصبة وسيقتصون من الذين اعتدوا على حرمات العراق»، مشيرا إلى «أنهم لن يسمحوا لشلة من القتلة والمجرمين بالتلاعب بمقدرات العراق واستقراره».
وأضاف الغنام أنه «صدرت أوامر القائد العام للقوات المسلحة بتكليفي بمهام قائد عمليات الجزيرة والبادية، وأجدد العهد لكل العراقيين ولقيادتي ولزملائي في القوات المسلحة وعوائل الشهداء الأبطال وأهلي في محافظة الأنبار ضمن قطاع الجزيرة والبادية عهد الرجال الصادقين المخلصين المحبين لبلدهم، بالقتال بحزم وإصرار كما قاتلت في أبو غريب ونينوى وجنوب بغداد»، مؤكدا: «سأقاتل وأقاتل في كل شبر من أرض العراق مع إخواني رجال الجيش العراقي وكل الشرفاء من أبناء بلدي، وسنطهر إن شاء الله أرضنا وبلدنا من دنس الإرهاب والإرهابيين، وسنقدم التضحيات رخيصة من أجل سلامته ووحدة أرضه».
وبشأن ما إذا كانت قد تمت تهيئة المستلزمات الكاملة له لخوض معارك التحرير في منطقة واسعة ومترامية الأطراف تمتد من الأنبار حتى الموصل، قال الغنام: «ليسمع كل إرهابي جبان طرد من بلده وجاء ليكون مجاهدًا في بلدي، لا نريدكم ولا نريد جهادكم ولا نريد وجودكم في بلدنا وأرضنا، واعلموا أننا لن نفرط بشبر من أرض العراق، ولن نفرط بتاريخنا وثروات بلدنا وأرضنا، ولن يكون العراق يوما قاعدة لتجمعكم وإرهابكم، وهذا عهد مني ومن كل الرجال الأبطال زملائي بالقوات المسلحة». وحول الحواضن التي يتملكها «داعش» في هذه المناطق الواسعة قال الغنام: «سنقضي على هذه الحواضن، وبذلك ننظف هذه المناطق بالكامل من كل وجود لهذه العناصر، وبالتالي تتوفر كل مستلزمات تحرير الأنبار ومن ثم نينوى؛ إذ إن لعمليات الجزيرة والبادية دورا هاما في تعزيز العمليات القتالية في محافظة الأنبار».
بدوره، رحب مجلس الأنبار بتعيين الغنام قائدا لعمليات الجزيرة والبادية. وقال عضو المجلس عيد عماش في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «مجلس محافظة الأنبار سيدعم اللواء الركن ناصر الغنام بقوة، ويدعمه بكل ما يحتاجه من متطلبات معركة تحرير المحافظة من خلال التنسيق مع وزارة الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي». وأضاف عماش أن «الغنام من القادة الأكفاء، وله مواقف مشرّفة في جميع قواطع العمليات التي أسندت إليه، وإننا متفائلون بكونه يستطيع استرجاع المناطق المحتلة من يد القتلة والإرهابيين».
من ناحية ثانية، أكد فارس إبراهيم عضو المجلس التأسيسي لعشائر الأنبار المنتفضة ضد تنظيم داعش في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «معركة الأنبار لم يحن أوانها بعد، ولم تتوفر المستلزمات اللازمة لبدئها، وهو ما أدى إلى تدهور الأوضاع بسرعة في عدد من قواطع العمليات». وأضاف إبراهيم: «إنه ما لم يتم الإسراع وبأقصى سرعة ممكنة إلى إرسال الأسلحة والمعدات والقوات الإضافية إلى المحافظة، فإن مناطق كثيرة بالأنبار ستتعرض إلى إبادة جماعية، وإن مدينة الرمادي نفسها باتت الآن قاب قوسين أو أدنى من السقوط بيد تنظيم داعش».
وردا على سؤال بشأن ما إذا كانت ساعة الصفر التي أعلنها العبادي من الأنبار لبدء عمليات التحرير لم تكن في وقتها، قال إبراهيم: «طبقا لما يجري حتى اللحظة وفي حال لم تصل الإمدادات الكافية لوقف تقدم (داعش) فإن الدواعش هم الذين أعلنوا ساعة الصفر علينا وليس العكس»، مشيرا إلى أن «المقاتلين، ومن بينهم أبناء العشائر، هم الذين يتولون حماية الرمادي من السقوط، كما سقطت البوفراج، لكن عتادهم أوشك على النفاد تماما».
على صعيد متصل وفي إطار ما إذا كان قد تم توفير كل مستلزمات معركة تحرير الأنبار أو نينوى، قال الخبير الأمني المتخصص هشام الهاشمي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «القادة الميدانيين هم من يتحكمون بأولويات المعركة؛ زمانها ومكانها، لكن من الصعب تحديد موعد النهاية وكيفية النهاية، ولمن النصر». وأضاف الهاشمي أن «معركة الأنبار من الفلوجة ولغاية حديثة هي الأهم، وستحدث تغييرا جذريا في المعركة ضد (داعش)، تحت اسم (انفراط خرز القلادة)، وتضم مدن الأنبار مع العشائر الموالية للحكومة والحشد الشعبي، وستكون الفلوجة هي البؤرة الصعبة، ثم الحامضية، ثم هيت، كمركز تكريت بالنسبة لمحافظة صلاح الدين».
من جهته، أعلن محافظ الأنبار صهيب الراوي أن رئيس الوزراء أمر بنقل كميات كبيرة من الأسلحة والأعتدة إلى الأنبار. وقال الراوي في بيان له: «أجريت اتصالات مكثفة مع رئيس الوزراء حيدر العبادي لغرض مساندة القطاعات الأمنية ومقاتلي العشائر بالأسلحة والأعتدة».وأضاف الراوي أن «العبادي أمر بنقل كميات كبيرة من الأسلحة والأعتدة إلى الأنبار بالسرعة الممكنة لتوزيعها على القطعات الأمنية ومقاتلي العشائر».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.