رحيل الفنان السوداني عبد الكريم الكابلي في مهجره بأميركا

فجع السودانيون برحيل الفنان والشاعر والمثقف عبد الكريم الكابلي بعد معاناة طويلة مع المرض، في مهجره بالولايات المتحدة الأميركية، بعد عمر قارب التعسين عاماً، قضاها في إثراء الوجدان السوداني بجميل الموسيقى والغناء، بنى خلالها لنفسه «عرشاً» من الجمال والأغنيات الخالدات.
ونعى رئيس الوزراء عبد الله حمدوك الراحل بقوله: «فقدت بلادنا اليوم رمزاً من رموز الفن وحب الحياة، وقامة سامية تغنت بعشق تراب هذا الوطن، حيث قدم عطاءً إبداعياً متميزاً، سيكون خالداً في ذاكرة ووجدان شعبنا والأجيال القادمة»، فيما نعاه رئيس مجلس السيادة بأنه «كان من الفنانين والموسيقيين الأفذاذ والمتمردين في مضمار الغناء والفن السوداني الأصيل، وكان من الباحثين في التراث الشعبي، وأثرى الساحة الفنية بكثير من الأغاني الخالدة».
وجمع الحزن على الراحل أطياف السودانيين المتعددة، فتناسوا صراعاتهم السياسية ومواكبهم الاحتجاجية، ليعيشوا حزناً عميماً على الفقد الجلل، والخسارة الكبيرة برحيل أحد أعمدة فنهم وغنائهم، والذي نعاه تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير هو الآخر بقوله: «فقد الوطن واحداً من دعامات الفن السوداني الأصيل».
جمع الراحل كابلي بين المغني والملحن والشاعر والباحث في التراث الشعبي، والثقافة الموسوعية، وقال عنه الصحافي البدوي يوسف: «أتعب من جاء بعده بهذا التعدد، الذي أتاح تنوع المناهل والمنابع، فغاص بمهارة في أعماقها ليصطاد أنفس الدرر وأثمن اللآلئ وأغلى الجواهر، رصع بيها جيد الأغنية السودانية».
ولد الدكتور عبد الكريم عبد العزيز محمد، واسمه الفني «عبد الكريم الكابلي» في مدينة بورتسودان عام 1932، بولاية البحر الأحمر، وعمل موظفاً في السلك القضائي، قبل أن يصعد المسرح ليغني أمام الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، أنشودة الشاعر تاج السر الحسن «آسيا وأفريقيا»، على أيام المد التحرري وصعود نجم دول عدم الانحياز، بعد أن كان يقصر نفسه على التلحين والغناء الخاص.
إلى جانب الغناء فدراسات الكابلي في التراث الشعبي، حللت الواقع الاجتماعي السوداني بعمق، وأسهمت في روائعه الغنائية وأغنياته التراثية، ومن أغنياته بالعامية السودانية والعربية والفصحى تعد «حبيبة عمري، وأنشودة آسيا وأفريقيا، وضنين الوعد، وأراك عصي الدمع، وأكاد لا أصدق، وزمان الناس، وحبك للناس، وشمعة، ومعزوفة لدرويش متجول»، من أيقونات الفن والغناء السوداني.
وإلى جانب الأغاني التي كتبها لنفسه، فقد تغنى الكابلي لعدد من أشهر الشعراء السودانيين والعرب، حيث تغنى لعباس العقاد وأحمد شوقي ومحمود طه المهندس، وأشهرها «الجندول، وكليوباترا»، ثم غشيّ ديوان العرب، فغنى منه «نالت على يدها» ليزيد بن معاوية، و«أراك عصي الدمع» لأبي فراس الحمداني، وغنى لمناضلة جزائرية شاركت في حرب التحرير اسمها «فضة» أغنية: «أغلى من لؤلؤة بضة صيدت من شط البحرين»، للشاعر البحريني علي شريحة.