أحزاب لبنانية ترى استقالة قرداحي ضرورية... لكنها متأخرة

TT

أحزاب لبنانية ترى استقالة قرداحي ضرورية... لكنها متأخرة

تدرك معظم القوى السياسية اللبنانية أن استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي لن تحرك عصا سحرية لإعادة العلاقات اللبنانية - الخليجية إلى سابق عهدها، من منطلق أن ما أدى للقطيعة الحالية تراكمات كثيرة. وترى أنها كانت ضرورية منذ اللحظة التي انتشرت فيها التصريحات المسيئة التي أدلى بها قرداحي، وقد جاءت الآن متأخرة.
وكان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي منذ اندلاع الأزمة الأخيرة أبرز الدافعين باتجاه استقالة قرداحي لاعتباره أنْ لا إمكانية لإطلاق مسار الحل قبل ذلك، وهو ما عبّر عنه النائب علي درويش المقرب من ميقاتي لافتاً إلى أن الاستقالة «تنزع فتيل الأزمة، وهي وإن أتت متأخرة تعد خطوة بالاتجاه الصحيح وتعطي إشارة إيجابية».
أما عضو تكتل «لبنان القوي» النائب آلان عون، فرأى أن «الاستقالة بحدّ ذاتها ليست جوهر المشكلة ولكنها تحوّلت إلى جزء من العوارض الجانبية لها»، معتبراً أن «تردّد الوزير قرداحي في القيام بها سابقاً ناتج عن رغبته، حسب تعبيره، في أن تكون ذات جدوى».
وشدد عون في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على «أهمية ألا تتحول مشكلة السعودية مع (حزب الله) إلى مشكلة مع لبنان كدولة وشعب بكامله». وقال: «أما الاشتباكات الإقليمية في اليمن وغيرها، فالدولة اللبنانية لا تشارك فيها ولا تقبل طبعاً أي تدخّل من أي طرف لبناني فيها».
ويتفق «الحزب التقدمي الاشتراكي» مع «القوات اللبنانية» لجهة أن «الاستقالة ضرورية وكان يجب أن تحصل منذ اللحظة الأولى ولكن أنْ تأتي متأخرة خير من ألا تأتي». ورأت مصادر «القوات» أنها «خطوة ضرورية لتجميد أي خطوات خليجية مستقبلية وإعطاء موقف إيجابي بأن الدولة اللبنانية ولبنان الرسمي حريصان على معالجة الأمور مع المملكة، باعتبار أن المشكلة هي بين فريق سياسي يغطي (حزب الله) وسياساته، وليست بين اللبنانيين ودول الخليج». وأشارت المصادر إلى أنه «بعد خطوة قرداحي، الأرجح أن تعود العلاقة لما كانت عليه قبل تصريحاته، أي جامدة لأنه لا يمكن للعلاقة اللبنانية - السعودية أن تعود إلى ما كانت عليه بمراحل تاريخية غير بعيدة إلا بعد أن تتأكد المملكة ودول الخليج أن هناك دولة تحرص على سيادتها وتمنع أنشطة تعرِّض استقرار هذه الدول للخطر، وتضع حداً نهائيا لتصدير المخدرات من لبنان إليها، إضافةً لتدريبات مجموعات تستهدفها». وأضافت مصادر «القوات» لـ«الشرق الأوسط»: «لا يمكن أن تقبل أي دولة بأن تُستهدف من دولة أخرى وتُبقي العلاقات طبيعية معها... لذلك فإن المسؤولية اليوم تقع كاملة على عاتق الدولة اللبنانية».
من جهتها، عدّت مصادر «التقدمي الاشتراكي» أن «الخطوة منتظرة لإبداء حُسن النية بحرص لبنان على إعادة ترميم علاقاته المتدهورة مع دول الخليج والتي وصلت إلى قطيعة غير مسبوقة علماً بأن هذه الدول هي الحاضنة التاريخية للبنان وموقعه الطبيعي هو في هذه البيئة العربية». وعبّرت المصادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» عن أملها في أن «تأخذ المملكة ودول الخليج بالاعتبار هذه الخطوة وتعود للبنان لأن تكاليف ترك لبنان لمحاور تتناقض تاريخياً مع تركيبته وطبيعته، أكبر بكثير من تكاليف الاستمرار بدعمه ومتابعته».
أما سفير لبنان السابق في واشنطن رياض طبارة، فرأى في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «العلاقة بين بيروت والرياض لا يمكن أن تعود في ليلة وضحاها إلى سابق عهدها، فالأرجح أن نشهد حلحلة على مراحل خصوصاً ومشكلة قرداحي ليس الوحيدة التي تعترض هذه العلاقة»، موضحاً أن «ما يطالب به الخليج وواشنطن هو ألا يكون (حزب الله) مسيطراً على الحكومة ومهيمناً على قراراتها وإلا يكون هناك هجوم دائم على المملكة وتعرُّض لأمنها عبر تصدير الكبتاغون، وغيرها من الممارسات».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».