انهيار في أرضية بوابة مقدسية بسبب الحفريات الإسرائيلية

TT

انهيار في أرضية بوابة مقدسية بسبب الحفريات الإسرائيلية

انهارت بعض بلاطات الأرضية بشكل جزئي في منطقة باب الحديد في البلدة القديمة للقدس الشرقية المحتلة، أمس (الجمعة)، بسبب الحفريات التي يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي في المنطقة.
وحذّر خبراء فلسطينيون من انهيارات أخرى متوقعة من جراء هذه الحفريات يمكنها أن تهدد عشرات وربما مئات البيوت في المدينة، فضلاً عمّا تعنيه من انتهاكات متواصلة بحق المقدسات والمعالم الأثرية والتاريخية الفلسطينية، هدفها الأساسي تغيير ملامح المدينة المقدسة وتهويدها وطمس ماضيها العربي، المسيحي والإسلامي. وتُضاف هذه الحادثة إلى ما تعرض له نحو 30 منزلاً فلسطينياً تصدعت وانهارت بشكل جزئي أو كلّي منذ مطلع السنة الجارية بسبب الحفريات الإسرائيلية تحت منطقة باب السلسلة، وقد اضطرت البلدية إلى إخلائها وإجراء عمليات ترميم أساسية فيها.
يُذكر أن سلطات الاحتلال تواصل منذ عقود حفرياتها تحت المنازل والأسوار في البلدة القديمة لإقامة شبكة أنفاق تحت الأرض تصل إلى المسجد الأقصى وحائط البراق. ونتيجة لذلك شهدت المنطقة تشققات وانهيارات أرضية واسعة في البيوت والمحال التجارية وتسربت المياه من الأسقف والأرضيات إثر انفجار مواسير المياه والمجاري.
المعروف أن منظمة «اليونيسكو»، التي تعدّ القدس القديمة وأسوارها ضمن المواقع التراثية العالمية المهددة بالانهيار، دقت ناقوس الخطر حول ما يجري أسفل المدينة من أعمال حفريات يهدد بقاء آثارها.
وكان المقدسيون قد اكتشفوا عام 1981 أول نفق يبدأ من منطقة حائط البراق ويصل إلى بئر سبيل قايتباي المائية داخل المسجد على بُعد أمتار قليلة من قبة الصخرة المشرفة، ليرتبط بشبكة أنفاق أخرى تحت الأرض.
وكانت هذه الأنفاق سبباً في هبات وانتفاضات، كان من أعنفها افتتاح الاحتلال لنفق أسفل المسجد الأقصى عام 1996 وقد تضمنت الحفريات أعمال بناء مختلفة، بينها كنيس يهودي أسفل المسجد الأقصى. ومن بين الأضرار، هدم طريق باب المغاربة وغرفتين من المسجد الأقصى. وتم كشف نفق جديد بطول 200 متر ملاصق للجدار الغربي للمسجد، وتبعه كشف عن نفق جديد في سلوان جنوب المسجد الأقصى المبارك طوله 600 متر أسفل بيوت حي وادي حلوة ويصل إلى الزاوية الجنوبية الغربية للمسجد الأقصى المبارك.
وعقّب المحاضر في جامعة بيرزيت والباحث في التراث الإسلامي جمال عمرو، على ذلك بقوله: «إن ما يجري في القدس حالياً ليس مقلقاً لليونيسكو وحدها، بل هو مقلق لكل المسلمين في العالم، والكل يدرك العواقب الوخيمة لحفريات الاحتلال. والقادم في مدينة القدس أسوأ، وقد تنهار الأسوار لأن أسلوب البناء الهندسي في المدينة قائم على التراكم، والأوزان بآلاف الأطنان ومع الحفريات أصبحت الأسوار معلقة، وبدأت التشققات تظهر في أجزاء من الأقصى وأجزاء من القدس العتيقة، وهذا هو مراد الاحتلال، هدم ما هو قائم لصالح اليهود».
وأضاف عمرو: «إن الحفريات تعدّ اعتداء على إرث إنساني عالمي، ومنذ احتلال الجزء الشرقي من القدس عام 1967 لم تتوقف الحفريات في المدينة والاحتلال يستخدم اليوم الحفار والآليات الحديثة للحفر، بعد هدم حي المغاربة في القدس المحتلة».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».