«تمساح النيل» يوثق بطولات السباح عبد اللطيف أبو هيف

صورة حميمة للسباح المصري العالمي عبد اللطيف أبو هيف (30 يناير 1929 - 23 أبريل 2008) قدمها الفيلم الوثائقي الطويل «تمساح النيل» المشارك ضمن برنامج «العروض الخاصة» بمهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ43، وثق فيه المخرج نبيل الشاذلي رحلة السباح العالمي الذي نجح في عبور «المانش» ثلاث مرات محققا رقما قياسيا عالميا خلال خمسينات القرن الماضي، وحصل على لقب سباح القرن العشرين على مستوى العالم.
وظهر الفيلم للنور أخيرا بعد 20 سنة من بدء تصويره ونحو 13 سنة من رحيل صاحبه الذي كان يتطلع لمشاهدته في حياته، لكن عائلته متمثلة في ابنه وأحفاده شاهدت العرض الأول له بالمهرجان.
يصحبنا الفيلم في رحلة مع السباح العالمي بداية من مسقط رأسه بالإسكندرية وامتدادا لجولاته في أنحاء العالم، محققا إنجازات دولية مهمة في سباحة المسافات الطويلة. يوازن العمل بشكل ممتع بين رحلة البطل الرياضية، ويتيح جانبا للاقتراب من حياته الشخصية، ويصور مشاهد داخل منزله وبين أصدقائه، وأخرى وهو يصارع الأمواج متغلبا على أشد العواصف والأنواء ليحقق فوزاً لم يكن سهلا، ويضفي البطل بحضوره المميز وخفة ظله كثيرا من المتعة على أحداث الفيلم.
حظي الفيلم باهتمام كبير عند عرضه بين جمهور عاصر البطل وصفق لنجاحاته، وجمهور من الشباب أتاح لهم الفيلم التعرف عليه عن قرب لأول مرة، وبكى مع صور جنازته التي صورها المخرج ضمن مشاهد الفيلم.
مخرج الفيلم نبيل الشاذلي جمعته صداقة وطيدة بالسباح الراحل حيث كان زميلا لشقيقه، وقد بدأ مشروع فيلمه قبل عشرين عاما، وهو المشروع الذي تحمس له السباح العالمي، وسمح لصديقه بمرافقته بكاميراته ليتابع معه أحداثا عديدة مرت بحياته، لكن الفيلم تعثر على مدى عشرين عاما وهو ما يوضحه المخرج في حواره مع «الشرق الأوسط»، قائلاً: «كنت أتطلع لإنهاء الفيلم في وقته، لأسعد أبو هيف في حياته لكن الشيء الوحيد الذي تسبب في تأخيره هو المادة الأرشيفية التي تتعلق ببطولاته العالمية في كندا وأميركا والأرجنتين، لم يكن سهلا أن نجدها ونحصل عليها، وقد ساعدنى في ذلك المنتجان جابي وماريان خوري من خلال شركة أفلام مصر العالمية، وكان يهمنى عرض الفيلم بمهرجان القاهرة في حضور الجمهور، وحضور أسرة البطل ونجله ناصر عبد اللطيف، كنت مهتما بالفيلم وحريصا تماما على المادة الوثائقية التي صورتها لأفي بوعدي تجاه البطل الراحل».
لم يرد الشاذلي أن يقدم فيلما وثائقيا جافا عن أبو هيف، ولم يكن ذلك يلائم شخصية البطل المفعمة بالحياة وخفة الظل، لذا فقد أثار ضحكات الجمهور في بعض المشاهد، مثل المشهد الذى كان يطالع فيه الصحف وهو يسبح داخل المياه، وحسبما يؤكد مخرجه: قدمت فيلما عنه كبطل حقق نجاحات دولية لم يحققها آخر على مستوى العالم، ومن بينها حصوله على لقب (سباح القرن) من الولايات المتحدة الأميركية، وهو نفسه كان صاحب شخصية فريدة وكان يتمتع بإنسانية كبيرة، فقد تبرع بقيمة جائزته المادية لمساعدة الآخرين.
يتضمن الفيلم مشاهد لأبو هيف في الإسكندرية مسقط رأسه، وعلى الشاطئ الذي يحمل اسمه بمدينته، حيث يقوم بالسباحة ليستعيد بداياته، وحول كواليس التصوير يقول المخرج: «قمت بتصويره في نادي الجزيزة، وفي بيته بالإسكندرية، وطلبت منه أن يعوم بالقرب من الشاطئ الذي يحمل اسمه، وكان ما زال يتمتع بلياقة رغم كبر سنه، وكان مهمتا بالفيلم، حتى إنه وخلال مرضه الأخير بالمستشفى سألني: هل أنهيت الفيلم لأشاهده، فأخبرته أنه لا بد من الحصول على المادة الأرشيفية خارج مصر، ما جعلني أصر على استكمال الفيلم في أفضل صورة رغم اختلاف الزمن».