الصدر يتمسك بحكومة أغلبية بعد لقاء «الإطار التنسيقي»

«وساطة غامضة» جمعت قادة «البيت الشيعي المنقسم» للمرة الأولى منذ سنوات

الصدر متوسطاً الخزعلي والعامري وإلى يمينه الحكيم والمالكي خلال اجتماعهم أمس (أ.ف.ب)
الصدر متوسطاً الخزعلي والعامري وإلى يمينه الحكيم والمالكي خلال اجتماعهم أمس (أ.ف.ب)
TT

الصدر يتمسك بحكومة أغلبية بعد لقاء «الإطار التنسيقي»

الصدر متوسطاً الخزعلي والعامري وإلى يمينه الحكيم والمالكي خلال اجتماعهم أمس (أ.ف.ب)
الصدر متوسطاً الخزعلي والعامري وإلى يمينه الحكيم والمالكي خلال اجتماعهم أمس (أ.ف.ب)

بينما استمر التصعيد من قبل القوى الرافضة لنتائج الانتخابات، بمواصلة نصب خيم الاعتصام أمام بوابات المنطقة الخضراء، التقى قادة البيت الشيعي المنقسم على نفسه، أمس، في بغداد في منزل زعيم «تحالف الفتح» هادي العامري وبحضور زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر، وكلٍ من زعيم «ائتلاف دولة القانون» رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، وزعيم «عصائب أهل الحق» قيس الخزعلي، أعلن بعدها الصدر تمسكه بـ«حكومة أغلبية وطنية»؛ ما عنى فعلياً عدم انتهاء اللقاء باتفاق.
هذا الاجتماع على هذا المستوى يأتي بعد مرور أكثر من شهر ونصف الشهر على إجراء الانتخابات في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث أظهرت نتائج الانتخابات تبايناً حاداً في النتائج أثارت غضب القوى الخاسرة التي أطلقت على نفسها قوى «الإطار التنسيقي».
وبينما يضم «الإطار التنسيقي» «تحالف الفتح» و«دولة القانون» و«عصائب أهل الحق» و«تيار الحكمة الوطني» بزعامة عمار الحكيم و«تحالف النصر» بزعامة حيدر العبادي وتحالف «العقد الوطني» بزعامة فالح الفياض، فإن «التيار الصدري» بزعامة مقتدى الصدر الفائز على أعلى المقاعد في الانتخابات يقف بالجهة المقابلة له.
وكان الصدر زار بغداد بعد إعلان النتائج الأولية في الشهر العاشر، حيث التقى عدداً من الزعامات السياسية، بمن فيها اثنان من قادة «الإطار التنسيقي»، وهما عمار الحكيم وحيدر العبادي. لكنه لم يفلح بعد لقاءات عقدها مع القادة السنّة والكرد في تشكيل حكومة أغلبية وطنية.
وحتى قبل يومين من إعلان النتائج النهائية للانتخابات أول من أمس من قبل مفوضية الانتخابات ورفعها إلى المحكمة الاتحادية لغرض المصادقة عليها، كان الصدر ينادي بحكومة أغلبية. بينما يعمل خصومه في قوى «الإطار التنسيقي» على تشكيل حكومة توافقية. لكنّ المفاجأة التي لم يكن يتوقعها أحد هي في موافقة الصدر على عقد اجتماع مع كل قادة «الإطار التنسيقي»، وبينهم خصماه العنيدان المالكي والخزعلي الذي انشق قبل نحو عشر سنوات عن التيار الصدري. وبينما يجري الحديث على مواقع التواصل الاجتماعي عن وساطة غامضة يقودها رجل دين هي التي قادت إلى موافقة الجميع على اللقاء، إلا أنه لا معلومات عن هذه الشخصية وفيما إذا كانت عراقية أم خارجية.
وكانت الصراعات بين الصدر وقوى «الإطار التنسيقي» احتدمت بشأن تشكيل الكتلة الأكبر التي ترشح رئيس الوزراء من بين أعضائها. ففيما يصر الصدر على إنه الكتلة الأكبر كونه الفائز الأول (73 مقعداً)، فإن قوى «الإطار التنسيقي» تستند في مفهوم تشكيل الكتلة الأكبر إلى تفسير سابق للمحكمة الاتحادية، يذهب إلى القول، إنه بموجب الدستور فإن الكتلة الأكبر هي إما القائمة الفائزة بأعلى المقاعد، أو تلك التي تتشكل داخل البرلمان وتعلن في الجلسة الأولى. والقائمتان تحتاجان إلى «النصف +1»؛ لكي يُضمَن تصويت البرلمان على الحكومة.
إلى ذلك، وفي حين انتهى اجتماع البيت الشيعي (الصدر و«الإطار التنسيقي») إلى مجموعة من القرارات الأولية، طبقاً لما أعلنته مصادر متطابقة مقربة من أجواء الاجتماع، ومنها أن «يكون رئيس الوزراء المقبل توافقياً والوزراء طبقاً للاستحقاق الانتخابي»، إلا أنّ التغريدة التي نشرها الصدر بعد نهاية الاجتماع وبخط اليد والتي تنص على أنه «لا شرقية ولا غربية... حكومة أغلبية وطنية» تعني عدم الاتفاق بين القادة الشيعة على أهم استحقاق لهم، أي منصب رئاسة الوزراء. وباستثناء هذه النقطة الجوهرية، فإن بقية النقاط مثل «الخروج برؤية موحدة لمعالجة الانسداد السياسي أو تشكيل لجان لمتابعة مخرجات الاجتماع» تكاد تكون إجرائية.
إلى ذلك، دعا الرئيس العراقي برهم صالح، إلى أن يكون استقرار البلد وحماية أمن المواطن أولوية قصوى. وقال خلال لقائه أمس وفداً من النواب المستقلين في البرلمان العراقي المقبل «إن استقرار البلد وحماية أمن المواطنين أولوية قصوى، كما الشروع في عملية إصلاحات واستكمال الملفات المتعلقة بالأوضاع المعيشية والخدمية المرتبطة بشكل وثيق مع احتياجات المواطنين».
وأضاف صالح، طبقاً لبيان رئاسي، إن «مجلس النواب الجديد يكتسب أهمية كبيرة واستثنائية؛ كونه جاء بعد انتخابات مبكرة استجابة لرأي عام وطني واسع يطالب بالإصلاح وتحسين الأوضاع العامة في البلد، وذلك يستدعي تكاتف الجميع ورص الصف الوطني من أجل الشروع في هذه الاستحقاقات الكبرى، وتشكيل حكومة مقتدرة فاعلة تعكس تطلعات العراقيين».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.