حملة تجنيد للسجناء والمعتقلين تنفذها الميليشيات لتعويض نقص مقاتليها

TT

حملة تجنيد للسجناء والمعتقلين تنفذها الميليشيات لتعويض نقص مقاتليها

لجأت الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران اليومين الماضيين إلى شن حملة تجنيد جديدة في أوساط السجناء والمعتقلين في محافظة إب (170 كيلومترا جنوب صنعاء)، وذلك في سياق سعيها لتعويض النقص العددي في صفوف مقاتليها.
وكشفت مصادر محلية في إب لـ«الشرق الأوسط»، عن قيام قيادات حوثية تم الدفع بها أخيرا إلى المناطق الحدودية بين إب والحديدة بجولات ميدانية غير معلنة لعدد من السجون والمعتقلات في مركز محافظة إب ومديريات المربع الغربي من أجل الإفراج عن معتقلين للدفع بهم إلى ميادين القتال، خصوصا عقب التقدم الكبير للقوات المشتركة في الساحل الغربي وسيطرتها على مناطق شاسعة جنوب الحديدة وغيرها.
وذكرت أن قادة الجماعة ومعهم وكلاء نيابات من الموالين لها في إب تمكنوا خلال الجولات الميدانية الأخيرة في السجن المركزي بمركز المحافظة ومعتقلات حوثية أخرى في 4 مديريات هي: العدين، فرع العدين، حزم العدين، مذيخرة، من الإفراج عن أكثر من 95 سجينا بعد موافقتهم مجبرين على الالتحاق في الجبهات والخضوع لتلقي دورات ثقافية وعسكرية.
وعلى ذات الصعيد، قال مصدر أمني في إب، فضل عدم ذكر اسمه، خشية من بطش الميليشيات، إن إجمالي عدد السجناء المفرج عنهم أخيرا من قبل الانقلابيين من معتقلات إب توزع ما بين: 40 معتقلا من إصلاحية إب، و18 سجينا من معتقل إدارة ناحية وأمن العدين، و15 سجينا من مديرية حزم العدين، و12 غيرهم من سجن فرع العدين، و10 سجناء من معتقل منطقة مذيخرة.
وأوضح أن بعض السجناء على ذمة قضايا جنائية وأن آخرين زجت بهم الميليشيات بأوقات سابقة بسجونها وفق تهم باطلة وكيدية، تمت عبر صفقات أبرمتها الجماعة مع السجناء وذويهم مقابل العفو عنهم وإطلاق سراحهم ومنح أسرهم معونات ومبالغ مالية شريطة الخروج ثم التوجه إلى ميادين القتال.
وأرجع أسباب لجوء الجماعة بالوقت الحالي إلى استهداف المعتقلين في إب ومقايضتهم بالإفراج عنهم مقابل الالتحاق في الجبهات بأنه ناتج عن النقص الحاد بأعداد مقاتليها نتيجة ما تتكبده من خسائر فادحة في العتاد والأرواح في شكل يومي على أيدي القوات الحكومية والمشتركة في الساحل الغربي ومأرب بمساندة من غارات طيران التحالف العربي.
واعتبر المصدر الأمني أن ذلك الإجراء يأتي بعد أن استنفدت الجماعة كل مصادر التجنيد الأخرى بما في ذلك تجنيد طلاب المدارس والجامعات وموظفي الدولة، وباتت تواجه غضب القبائل من عملية التجنيد القسري لأبنائها.
ولفت إلى أنها ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة التي يُقدم فيها الانقلابيون على استهداف السجناء وتحويلهم إلى محارق للموت ودروع بشرية في جبهاتهم.
وسبق للميليشيات، وكيل طهران في اليمن، أن أطلقت حملات خداع وتغرير بحق مئات السجناء والمعتقلين في إب بذريعة العفو عنهم وحل قضاياهم شريطة مشاركتهم في القتال معها، وكان آخرها إبرام إدارة سجن مركزي إب التابعة للجماعة خلال أغسطس (آب) الماضي، صفقة مع نحو 100 سجين، وسبق ذلك أيضا خلال شهري يونيو (حزيران) ويوليو (تموز) من العام الماضي إبرام صفقتين مع 85 سجيناً بعضهم على ذمة قضايا قتل وسرقات وتشكيل عصابات؛ حيث أفرج عنهم مقابل الالتحاق بميادين القتال.
وفي منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أعلنت الجماعة عبر النيابة العامة الخاضعة لسيطرتها في صنعاء عن الإفراج عن 761 سجينا بمناسبة ذكرى «المولد النبوي». وسط اتهامات للانقلابيين بإبرام صفقات مشبوهة مع المفرج عنهم تجبرهم على الالتحاق للقتال بمختلف الجبهات.
ونقلت حينها وكالة سبأ في نسختها الحوثية عن القيادي الحوثي المدعو محمد الديلمي المنتحل لصفة النائب العام، قوله إن «السجناء المفرج عنهم كانوا على ذمة قضايا جنائية».
وكانت الحكومة الشرعية قد اتهمت في وقت سابق الميليشيات الانقلابية بإخراج مئات السجناء المجرمين وأصحاب السوابق والقضايا الجنائية من معتقلات في العاصمة المختطفة صنعاء وبعض المحافظات تحت سيطرتها وتجنيدهم للقتال ضمن صفوفها.
وذكرت في بيان سابق أن الجماعة لجأت لمواجهة الهزائم المتوالية التي تتلقاها في أكثر من جبهة، إلى إطلاق سراح السجناء في السجن الحربي بأمانة العاصمة والسجون المركزية في إب والضالع وتعز وغيرها مقابل الزج بهم في معاركهم القتالية الخاسرة.
وكانت تقارير محلية تحدثت في أوقات سابقة عن أن الجماعة نقلت خلال فترات قليلة مئات السجناء والمعتقلين القابعين بسجونها الواقعة بمناطق تحت سيطرتها في صنعاء، وإب، وذمار، وحجة، والمحويت، والحديدة، وعمران إلى أماكن سرية كانت خصصتها لإقامة دورات طائفية ومعسكرات تدريبية استعدادا منها للزج بهم في جبهات القتال.
وتوقع مصدر حقوقي في صنعاء في حديث سابق له مع «الشرق الأوسط» أن تستمر الجماعة خلال الفترات المقبلة في استقطاب المزيد من السجناء لتجنيدهم لتعويض النقص العددي في عناصرها جراء الخسائر التي منيت بها في مختلف جبهات القتال.
واعتبر المصدر أن تلك الممارسات تعد تعبيرا عن الانحطاط القيمي والأخلاقي للانقلابيين وتندرج ضمن الجرائم الكبرى التي لا يقرها الدين ولا التشريعات ولا الأخلاقيات والقيم الإنسانية.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».