أكد المخرج أمير كوستوريتسا رفضه لمنصات العرض الإلكتروني للأفلام، متهماً مَن يقفون وراءها بالسعي لإنهاء صناعة السينما وإغلاق دور العرض، وقال إنه يمثل من أجل المال، لكنه لا يعتقد أنه ممثل جيد. وكشف أن تقديمه لحياة لاعب الكرة الأرجنتيني دييغو مارادونا من خلال فيلم، جاء لأن مارادونا دمّر نفسه، منوهاً إلى أن الموسيقى في الفيلم تمثل دعماً ثانياً للسيناريو.
وتحدث المخرج الكبير رئيس لجنة تحكيم المسابقة الرسمية لمهرجان القاهرة السينمائي في محاضرة سينمائية شهدت حضوراً كبيراً وتفاعلاً من الشباب وصناع الأفلام العرب والأجانب، في لقاء أدارته دوبرافكا لاكيتش.
وأثار كوستوريتسا إعجاب وتصفيق الحضور بصراحته المعهودة التي بدأها بالحديث عن بداياته، وكيف طرق أبواب السينما، قائلاً: «لم أكن طالباً مجتهداً في أي وقت، ولو لم تتدخل والدتي وتتحلي بالإصرار للدفع بي لألتحق بالكلية لدراسة السينما لأصبحت منحرفاً، وقد كانت هناك علاقة بين والدي وصانع أفلام فرنسي فألحقني بالعمل معه، وبدأت أول مشاركة لي بدور صغير، وكنت أخشى وقتها أن أتحدث بجملتي القصيرة، لأن الرعشة في صوتي كانت تعكس شعوراً كبيراً بالخوف، والنقطة الوحيدة لدخولي الفن جاءت برغبة والديّ».
وقال المخرج الكبيرإنه يعارض فكرة التقسيم الطبقي، «وعندما قدّمت فيلماً عن اللاعب دييغو مارادونا تساءل البعض؛ لماذا لا أقدم فيلماً عن ديفيد بيكهام؟ فقلت لأنه لا توجد في شخصيته أحداث، لقد حطم مارادونا حياته، لذا أتعاطف معه، مثلما أتعاطف مع المهمشين الذين يكافحون للبقاء على قيد الحياة، وهذه الفئة تحديداً يتم التعبير عنهم بشكل كوميدي لا يعبر عن واقعهم».
وعبّر المخرج الصربي عن إدانته للتطور التكنولوجي في صناعة الأفلام. وأكد؛ ليست لدينا أفلام بجودة أفلام الماضي، هناك تكنولوجيا، لكنها لا تعترف بالأخلاقيات، ولا بالدراما الصادقة، إنني أعترض على الانسياق الأعمى وراء حقيقة السينما، يجب أن يكون هناك خليط بين الحقيقة والخيال الذي تصنعه. حقائق الحياة كما جرت لن تكون جذابة بالقدر الكافي، وهناك جمهور يجب أن تصفعه على وجهه بالحقيقة.
وبصفته موسيقياً، تحدث كوستوريتسا عن أهميتها. مؤكداً؛ تعد الموسيقى بمثابة دعم خاص للسيناريو، وهي التي تساهم في نجاح الفيلم، وأنا كمخرج أستخدم الموسيقى لإلهامي في دعم وتيرة الفيلم، التي يجب أن تتوازن مع نبضات القلب.
وتطرق المخرج الكبير في محاضرته للحديث عن المنصات، معبراً عن رفضه لها، ومحذراً؛ خلال 5 سنوات فإن الأماكن التي تجمع في جنباتها مشاهدي الأفلام سوف تتضاءل، ثم تختفي، فإذا كانت منصة مثل «نتفليكس» تتيح لك مشاهدة الأفلام على مدى العام بـ12 يورو، فهي وغيرها يسعين إلى السيطرة على صناعة الأفلام، في ظل هيكلة نشهدها للعالم بأسره، فإن كل هذه المنصات الكبيرة ستتوافق حتى تغلق آخر دار عرض سينمائي بالعالم، ولن تفتح أبوابها للجمهور حيث يخشى المسؤولون عن إعادة هيكلة العالم من ميلاد رضيع يشاركهم الأكسجين الذي يتنفسونه، بالنسبة لي سأكون سعيداً لو عرضت لي هذه المنصات فيلماً وثائقياً، لكن أرفض عرض أفلامي الكبيرة بها، لأن المنصات تنطوي على أمور لا نعرفها، ويهتمون بما يحققونه من أرباح، الحقيقة أن أغلب صناع الأفلام لا يهتمون بما يحدث في هذا السياق، لكنني أهتم.
وعن مشاركته بالتمثيل في بعض الأفلام، قال كوستوريتسا؛ كان ذلك من دواعي سروري أن أكون جزءاً من السينما، لكنني لا أعتقد أنني ممثل جيد في السينما، بل في الحياة، وقد خضتها من أجل المال، والحقيقة أنني أحصل على عوائد مالية جيدة من أفلامي، ولا أشعر بأي أسى على ما جرى في السابق، لكننا أؤمن تماماً بأننا مسؤولون عن حظنا بشكل كبير.
ويعد كوستوريتسا أحد صناع السينما الكبار، فهو كاتب وممثل ومخرج ومؤلف موسيقي ومنتج، وقد توّج بسعفة «مهرجان كان» الذهبية مرتين، الأولى عام 1989 عن فيلم «عندما كان الأب بعيداً في العمل»، والمرة الثانية عام 1995 عن فيلم «تحت الأرض»، كما سبق أن ترأس لجنة تحكيم «مهرجان كان» السينمائي، وأخرج عبر مسيرته 25 فيلماً.
أمير كوستوريتسا: المنصات تسعى للسيطرة على الأفلام وإغلاق دور العرض
المخرج الصربي أكد في ندوته بـ«القاهرة السينمائي» تعاطفه مع المهمشين
أمير كوستوريتسا: المنصات تسعى للسيطرة على الأفلام وإغلاق دور العرض
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة