إسرائيل تهاجم «الرأس الأحمر» في الأغوار

«الخارجية» الفلسطينية: جريمة تطهير عرقي

TT

إسرائيل تهاجم «الرأس الأحمر» في الأغوار

شنّ الجيش الإسرائيلي حملة واسعة استهدفت الاستيلاء على مركبات ومعدات زراعية في منطقة الأغوار الشمالية، في إطار حرب تجري هناك منذ سنوات للسيطرة على المنطقة التي تقول إسرائيل إنها حاجة أمنية ملحة لها، بينما يعتبرها الفلسطينيون بوابة دولتهم العتيدة.
وقال مسؤول ملف الأغوار في محافظة طوباس، معتز بشارات، إن قوات الاحتلال اقتحمت خربة الرأس الأحمر فجراً، واستولت على عدد من المركبات والجرارات الزراعية وصهاريج المياه. وأضاف أن «جنود الاحتلال اقتحموا مساكن 12 من المواطنين واستولوا على ممتلكاتهم». وبحسب بشارات، فإن إسرائيل استولت على الأقل على 18 جراراً زراعياً، و5 مركبات خاصة، و5 صهاريج مياه، و3 عربات مجرورة. ومنطقة الرأس الأحمر هي أحد الامتدادات الجغرافية لسهل البقيعة الكبير، ويعيش أبناؤها بشكل رئيسي على الزراعة وتربية المواشي.
وتستهدف إسرائيل المنطقة، منذ وقت طويل، وتقوم بهدم منازل والاستيلاء على أراضٍ ومصادرة معدات من ضمن الحملة التي تستهدف طرد الفلسطينيين من هناك.
وبحسب «مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة» (بتسيلم)، فإن «الاحتلال يستولي على الصهاريج والمعدات الزراعية في الأغوار. ومن وراء هذه الممارسات المخالفة للقانون، تسعى السلطات الإسرائيلية إلى تحقيق غاية سياسية صرحت بها جهات رسمية في مناسبات مختلفة، وهي استغلال الوقت لفرض وقائع ثابتة على الأرض والسيطرة على تلك المناطق».
ويتخذ الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي في منطقة الأغوار، شكلاً مختلفاً منذ عشرات السنين، إذ يدور على كل متر مربع في المنطقة التي تشكل نحو 28 في المائة من مساحة الضفة الغربية المحتلة.
ويقول الفلسطينيون إنهم لن يتنازلوا عن متر واحد من منطقة الأغوار، لأنها على الأقل أرض فلسطينية، وهي بوابة الدولة العتيدة إلى العالم. فيما يقول الإسرائيليون إنهم لن يتراجعوا عن المنطقة التي تشكل عمقاً أمنياً وبوابة الحراسة والطمأنينة الشرقية لدولتهم.
- «الخارجية» الفلسطينية
وأدانت وزارة الخارجية الفلسطينية، أمس (الأربعاء)، حرب سلطات الاحتلال الإسرائيلي المفتوحة على الوجود الفلسطيني في المناطق المصنفة «ج»، خصوصاً في الأغوار، واعتبرته جريمة تطهير عرقي.
وقالت، في بيان، إن «سلطات الاحتلال تشن حرباً متواصلة في الأغوار، ومنطقة جنوب نابلس، ومسافر يطا، وغيرها»، مطالبة المجتمع الدولي بـ«ضرورة توفير الحماية لأبناء شعبنا الذين يخضعون لبطش الاحتلال وتنكيله». كما طالبت مؤسسات الأمم المتحدة بتحمل مسؤولياتها أمام «انتهاكات دولة الاحتلال المتكررة، بحق الأرض الفلسطينية، وسلب الحقوق لأبناء شعبنا، ومحاولات تدمير مستقبل أجياله».
وأشارت «الخارجية» الفلسطينية إلى أن اقتحام جنود الاحتلال مساكن المواطنين في الرأس الأحمر، وتفتيشها، والاستيلاء على مركبات ومعدات زراعية يعد سقوطاً أخلاقياً جديداً لم تشهد مثله أبشع الأنظمة العنصرية عبر التاريخ، خصوصاً في ظل الأجواء الباردة. وأضافت أن «استيلاء سلطات الاحتلال على أراضٍ فلسطينية واسعة في منطقة جنوب نابلس، خاصة بلدتي قريوت والساوية، يهدف إلى تعميق الاستيطان في المنطقة، وربط البؤر الاستيطانية، وبهدف تكريس تحويل الضفة إلى كنتونات معزولة تغرق بالاستيطان على طريق ضمها لدولة الاحتلال».



سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
TT

سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)

مع دخول الحرب التي أشعلها الحوثيون عامها العاشر، لا يزال ملايين من النازحين يعانون جراء غياب الخدمات ويعيشون في تجمعات تفتقر لأبسط مقومات الحياة، حيث تشكل أزمة المياه النظيفة في مناطق الساحل الغربي لليمن واحدة من صور المعاناة التي يعيشها النازحون بسبب الحرب.

يقول حسن، وهو أب لأربعة أطفال وصل إلى منطقة «يختل» قبل خمس سنوات، إنهم يسيرون لساعات من أجل جلب بضعة صفائح من الماء، وفي بعض الأيام، يعود وأطفاله خالي الوفاض، حيث يبدو أن المياه تفرّ بعيداً عن متناول اليد.

الصراع من أجل المياه في اليمن تفاقم بسبب سنوات الحرب (الأمم المتحدة)

ولأن الحرب أجبرت أكثر من 4.5 مليون يمني على ترك منازلهم، فقد لجأ الكثير منهم إلى قرى ريفية مثل «يختل» القريبة من ميناء المخا على ساحل البحر الأحمر، ومع وصول المزيد من الأسر النازحة، وغالباً لا يحملون سوى الملابس على ظهورهم، زاد الضغط على الموارد الشحيحة بالفعل.

وفي ظل هذه الظروف، يتنافس السكان المتزايدون على الوصول إلى المياه والمأوى والخدمات الأساسية؛ مما يؤدي إلى تفاقم التحديات التي يواجهها كل من النازحين والسكان المحليين. كما أدى انخفاض خصوبة التربة وزيادة ملوحة مصادر المياه وارتفاع مستويات سطح البحر إلى تهديد الزراعة على طول الساحل الغربي، خصوصاً في هذه المنطقة.

لهذا؛ يجد سكان المنطقة، الذين اعتمدوا في السابق على الزراعة على نطاق صغير لإعالة أسرهم، أنه من المستحيل تقريباً زراعة المحاصيل أو إطعام مواشيهم، حيث أصبح المناخ معادياً بشكل متزايد لأساليب الزراعة التقليدية.

كما أن صيد الأسماك على نطاق صغير، الذي كان أيضاً شريان حياة للاقتصاد المحلي، في انحدار. ومع فشل المحاصيل وتناقص مخزون الأسماك، أصبح لدى السكان خيارات أقل.

مهمة صعبة

يقرّ محمد علي، وهو أحد سكان «يختل» بالصعوبة، حيث يستيقظ كل يوم قبل الفجر للبحث عن الماء، وهي مهمة تستهلك صباحاته وتستنزف طاقته، كما أن رحلاته اليومية إلى نقاط المياه المشتركة محفوفة بعدم اليقين، هل سيجد ما يكفي من المياه لأسرته أم لا.

وفق المنظمة الدولية للهجرة، تفاقم الصراع من أجل المياه بسبب سنوات الحرب التي دمَّرت البنية الأساسية التي كانت ذات يوم حيوية للبقاء؛ لأن نظام المياه، الذي تم بناؤه في الأصل لخدمة 200 منزل، أصبح الآن ممتداً إلى ما هو أبعد من حدوده، في محاولة لتلبية احتياجات أكثر من 1500 أسرة، بما في ذلك مئات النازحين الذين هربوا من العنف في مناطق خطوط التماس بين القوات الحكومية والحوثيين.

البحث اليومي عن المياه يستهلك وقت الأسر وطاقتها لفترة طويلة (الأمم المتحدة)

من خلال إعادة تأهيل خطوط الأنابيب وبناء نقاط مياه جديدة، ساعدت تدخلات المنظمة الأممية في تخفيف العبء على الأسر وتخفيف الصراع على الموارد. كما يعالج المشروع المخاطر الصحية من خلال ضمان حصول كل من المجتمعات المضيفة والأسر النازحة على وصول موثوق به إلى المياه النظيفة.

وجزءاً من هذه الجهود في منطقة «يختل»، يتم توسيع شبكة توزيع المياه. ويشمل ذلك تركيب أنابيب أكبر وبناء مرافق تخزين مياه إضافية، وضمان توزيع العرض المحدود بكفاءة عبر المجتمع.

وبحسب المنظمة الأممية، تم إدخال أنظمة ضخ المياه بالطاقة الشمسية؛ مما يوفر مصدر طاقة مستداماً يقلل من الاعتماد على الوقود الباهظ الثمن وغير المتاح في كثير من الأحيان، ومساعدة المجتمعات على تحمل التقلبات الجوية المتطرفة مثل الفيضانات بشكل أفضل.

مساعدة على الصمود

تتضمن جهود منظمة الهجرة الدولية ترقية نظام المياه لتحسين قدرته على الصمود في مواجهة الفيضانات، والتخطيط بعناية لتجنب المناطق المعرضة للفيضانات وإنشاء تدابير وقائية، بالإضافة إلى ذلك، سيتم تركيب أجهزة تعقيم المياه بالكلور الأوتوماتيكية لتطهير المياه.

وبينما يتم إحراز تقدم في منطقة «يختل»، تستمر صراعات مماثلة في أجزاء أخرى من الساحل الغربي اليمني وفقاً للمجتمع الإغاثي، ففي مخيم للنازحين في حيس، يشارك سامي، وهو أب لاثني عشر طفلاً، قصة مألوفة عن المشقة، ويذكر أن معظم الأشخاص الذين يذهبون لجلب المياه هم من الأطفال؛ فهم لا يذهبون إلى المدرسة لأنهم مضطرون إلى المساعدة.

الجفاف يهدد مناطق واسعة باليمن مما يتسبب في شح المياه (إ.ب.أ)

تؤكد المنظمات الإغاثية أن عدم القدرة على الحصول على المياه النظيفة أدى إلى حرمان أطفاله من التعليم؛ مما أجبرهم على القيام بدورة من الأعمال المنزلية اليومية.

وبغرض معالجة النقص الحاد في المياه، تشرف منظمة الهجرة الدولية على بناء بئر جديدة من شأنها أن توفر مياه نظيفة وموثوقة لآلاف الأسر النازحة والمجتمعات المضيفة.

تجزم المنظمات الإغاثية أنه ومن خلال توفير هذا المصدر الثابت للمياه، سيتم تخفيف العبء المادي على الأسر وتقليل المخاطر الصحية المرتبطة بالمياه الملوثة، لكن رغم ذلك، تظل التحديات هائلة، حيث يستمر تغير المناخ والأحداث الجوية المتطرفة في جميع أنحاء اليمن في تضخيم أزمة المياه؛ مما يزيد من ضغوط الصراع والنزوح.