هاني شاكر: سأكون مجنوناً لو ترشحت مجدداً لمنصب «نقيب الموسيقيين»

قال لـ«الشرق الأوسط» إنه يجهز أغنية مميزة لاحتفالات «رأس السنة»

جانب من إحدى حفلات شاكر الأخيرة (فيسبوك)
جانب من إحدى حفلات شاكر الأخيرة (فيسبوك)
TT

هاني شاكر: سأكون مجنوناً لو ترشحت مجدداً لمنصب «نقيب الموسيقيين»

جانب من إحدى حفلات شاكر الأخيرة (فيسبوك)
جانب من إحدى حفلات شاكر الأخيرة (فيسبوك)

رفض الفنان المصري هاني شاكر، حملات الهجوم التي تعرض لها أخيراً، عقب اتخاذه قراراً بمنع 20 مؤدياً لأغاني المهرجانات من الغناء في مصر. وكشف شاكر في حواره مع «الشرق الأوسط» بأنه لن يترشح مجدداً لشغل منصب نقيب الموسيقيين في مصر، قائلاً: «سأكون مجنوناً لو فعلت ذلك»، وذلك بسبب الأزمات العديدة التي تعرض لها طيلة السنوات الست الماضية.
في البداية، أوضح شاكر أنه لم يصدر قراراً بمنع أي شخص من الغناء لأن الأسماء التي تضمنها القرار ليست أعضاء في النقابة من الأساس: «أنا لم أمنع أشخاصاً من الغناء بل نفذت قانون النقابة المصرية التي يشترط بأن كل من يؤدي مهنة الغناء على المسرح أو في مكان عام عليه أن يحمل بطاقة من نقابة المهن الموسيقية عاملة أو منتسبة، وتلك الأسماء التي شملها القرار لا تحمل أي صفة نقابية.
وبسؤاله عن سبب تركهم طوال السنوات الماضية رد قائلاً: «نحن كنا نحاول مساعدة البعض، وتركنا لهم مساحة كافية لتقديم موهبتهم بشرط تقديم فن جيد، قبل تقديم أوراق اعتمادهم في النقابة، ولكن للأسف بعضهم تحايل على النقابة فمنهم من تقدم بأوراق مزورة ومنهم شخصيات تهربت من أداء الخدمة العسكرية، إضافة إلى أن عدداً منهم، بل أغلبهم لا يجيدون القراءة أو الكتابة وجمعيهم رسبوا في اختبارات الفنون الموسيقية.

وبشأن الضجة المثارة حول مؤدي المهرجانات حمو بيكا، يقول: «لا أعلم سبب انشغال الجميع بقصة حمو بيكا، فهو تقدم مرتين للنقابة من أجل اختبارات لجنة القيد، اللجنة الأولى كانت برئاسة الموسيقار الكبير حلمي بكر ورسب فيها بشكل رسمي، وخلال تلك الفترة نصحته بأن يتعلم فنون الموسيقى ويحسن من صوته لكي يتخطى الاختبار الثاني، ورشحت له النقابة الدكتور الموسيقي محمد عبد الستار لكي يعلمه فنون الموسيقى والغناء، فذهب له مرة واحدة، ثم تهرب من باقي جلسات التعلم، وعقب ذلك تقدم بأوراقه للنقابة في لجنة ضمت أسماء من كبار الموسيقيين أمثال محمد ضياء الدين وهاني شنودة وأيضاً فشل في الاختبار ولم يكن قادراً على القراءة والكتابة وغناء السلم الموسيقى، لذلك فإن عليه الانتظار مجدداً لمدة عام ليتقدم للاختبار للمرة الثالثة، وهي المهلة التي تحددها النقابة لكل من يسقط في الاختبار، ويحاول تحسين صوته وتعلم القراءة والكتابة».
وأكد شاكر أنه شعر بالضيق بعد الهجوم عليه من قبل بعض الأشخاص الذين ينتمون إلى النخبة، قائلاً: «هل يحق لي أنا كمطرب أن أبدي رأيي في مهنة الطب لمجرد أنني أحب الطب، وأشاهد العمليات الجراحية، وأطلب دخول غرفة الجراحة وأطلب مشرطاً وأجري العمليات لمجرد أنني محب وأشاهد أعمالاً طبية، وهذا يعني أن ليس كل شخص يحب الغناء والفن يتحدث في أمور نقابية أساسية في العمل النقابي، نحن ننظم الحياة الموسيقية في مصر ونطبق القانون، ومن يحب مصر لن يتكلم بهذا الشكل مطلقاً، نحن نعمل من أجل خدمة الفن المصري وإعلاء شأن مصر» على حد تعبيره.
وبشأن تعليق الفنان محمود العسيلي، عضو نقابة المهن الموسيقية الذي كتبه عبر «تويتر» وقال فيه: «إن ما فعلته النقابة أعادنا من جديد لعصر الجاهلية»، يقول شاكر: «ضايقني كثيراً هذا التعليق، لأن كلمة الجاهلية كلمة كبيرة للغاية ولا يحق له أن يقولها لي، هل هو ذهب للنقابة وسأل عن ماهية القرار؟، هل لديه الفهم الكامل للقرار الذي تم اتخاذه من قبل مجلس إدارة النقابة، عصر الجاهلية الذي يتكلم عنه هو ما يقدمه هؤلاء مؤدو المهرجانات وليست قراراتنا، أتمنى من كل شخص يمتهن الفن أو يعمل بمجال الغناء يفهم ويعي شروط نقابته قبل أن يتحدث في أمورها».

 

«غناء المهرجانات» يفجّر جدلاً فنياً وإعلامياً في مصر 

ويؤكد شاكر أنه لا يدعم مطربي الراب على حساب مطربي المهرجانات: «أنا لا أجيد فن الراب ولا أفهمه، ولكن مطربي الراب يتقدمون للنقابة بأوراقهم ويسعون لتصحيح مسارهم مع النقابة حتى يكون لدينا سلطة عليهم، واجتاز عدد كبير منهم اختبارات النقابة أخيراً وأشهرهم (ويجز) الذي اجتاز اختبار النقابة وحصل على عضويتها، وهذا يظهر حقيقة موقفنا وهو أننا ندعم هؤلاء الشباب ولا نمنعهم».
وأكد عدم ترشحه للانتخابات المقبلة لنقابة المهن الموسيقية في عام 2023 على منصب النقيب أو أي منصب آخر، قائلاً: «سأكون مجنوناً لو فعلت ذلك».
وكشف عن تجهيزه لتقديم أكثر من أغنية خلال الفترة المقبلة، من بينها أغنية ستكون مفاجأة مدوية خلال الاحتفال بالسنة الميلادية الجديدة، ويصعب على حالياً الكشف عن تفاصيلها.
وقال شاكر إنه اشتاق للتمثيل رغم ابتعاده عنه منذ منتصف سبعينات القرن الماضي، حيث شهدت السينما عدة تقلبات كان من بينها اختفاء الفيلم الغنائي، وظهور نوعية أخرى من الأفلام التي سادت مصر والوطن العربي على غرار أفلام المقاولات وأفلام الكوميديا وأحياناً أفلام الأكشن.
مشيراً إلى أنه يفضل تقديم مسلسل درامي: «أنا أحب الدراما التلفزيونية وأتابعها دوماً، وأرى أن السينما التي تقدم حالياً في دور العرض لا تشبهني، فأنا أحب الرومانسية ولا أرى أن هناك رومانسية جيدة تقدم في دور العرض، وللعلم فإن صديقي السيناريست أيمن سلامة كان قد عرض علي فكرة مسلسل كنت سأجسد بطولته وأقدم فيه دور رجل أعمال، ولكن العمل توقف».



«خيال مآتة»... حارس الحقول يُلهم تشكيلياً

«خيال مآتة» يلهم فنانين تشكيليين مصريين (الشرق الأوسط)
«خيال مآتة» يلهم فنانين تشكيليين مصريين (الشرق الأوسط)
TT

«خيال مآتة»... حارس الحقول يُلهم تشكيلياً

«خيال مآتة» يلهم فنانين تشكيليين مصريين (الشرق الأوسط)
«خيال مآتة» يلهم فنانين تشكيليين مصريين (الشرق الأوسط)

تُلهم الطبيعة المبدعين، وتوقظ ذاكرتهم ومخزونهم البصري والوجداني، وفي معرض الفنان المصري إبراهيم غزالة المقام بغاليري «بيكاسو أست» بعنوان (خيال مآتة) تبرز هذه العلاقة القديمة المستمرة ما بين ثلاثية الذاكرة والطبيعة والفن، عبر 25 لوحة زيتية وإكريلك تتأمل خيالات وجماليات الحقول في ريف مصر.

و«خيال المآتة» هو ذلك التمثال أو المجسم الذي اعتاد الفلاح المصري أن يضعه في وسط الحقل لطرد الطيور التي تلتهم البذور أو المحصول، وهو عبارة عن جلباب قديم محشو بالقش، يُعلق على عصا مرتفعة، مرتدياً قبعة لمزيد من إخافة الطير التي تظن أن ثمة شخصاً واقفاً بالحقل، فلا تقترب منه، ولا تؤذي النباتات.

والفكرة موجودة ومنتشرة في العديد من دول العالم، ويُسمى «فزاعة» في بلاد الشام، و«خراعة» في العراق.

جسد الفنان إبراهيم غزالة البيئة الريفية في معرضه (الشرق الأوسط)

«تلتقي الذكريات بالمشاعر لتجسد رحلة إنسانية فريدة من نوعها»... إحدى الجمل التي تناثرت على جدران القاعة والتي تعمق من سطوة العاطفة على أعمال المعرض، فمعها كانت هناك كلمات وجمل أخرى كلها تحمل حنيناً جارفاً للطفولة واشتياقاً لاستعادة الدهشة التي تغلب إحساس الصغار دوماً، وهو نفسه كان إحساس غزالة وفق قوله.

«في طفولتي لطالما كان (خيال المآتة) منبعاً للسعادة والبهجة مثل سائر أطفال القرية التي نشأت فيها، فهو بشكله الملون الزاهي غير التقليدي وأهميته التي يشير إليها الكبار في أحاديثهم، كان مثيراً للدهشة والفضول ويستحق أن نجتمع حوله، نتأمله وهو يعمل في صمت، متحملاً البرد والحر، ويترك كل منا العنان لخياله لنسج قصص مختلفة عنه».

يقدم الفنان (خيال مآتة) برؤية فلسفية إنسانية (الشرق الأوسط)

توهج خيال الأطفال تجاه (خيال المآتة) بعد الالتحاق بالمدرسة، وكان الفضل لقصة (خيال الحقل) للكاتب عبد التواب يوسف التي كانت مقررة على طلاب المرحلة الابتدائية في الستينات من القرن الماضي.

يقول غزالة لـ«الشرق الأوسط»: «خلال سطورها التقينا به من جديد، لكن هذه المرة كان يتكلم ويحس ويتحرك، وهو ما كان كافياً لاستثارة خيالنا بقوة أكبر».

ومرت السنوات وظل (خيال المآتة) كامناً في جزء ما من ذاكرة غزالة، إلى أن أيقظته زيارة قام بها إلى ريف الجيزة (غرب القاهرة) ليفاجأ بوجود الكائن القديم الذي داعب خياله منذ زمن، وقد عاد ليفعل الشيء نفسه لكن برؤية أكثر نضجاً: «وقعت عيني عليه مصادفةً أثناء هذه الزيارة، وقمت بتكرار الزيارة مرات عدة من أجل تأمله، وفحصه من كل الجوانب والأبعاد على مدى سنتين، إلى أن قررت أن أرسمه، ومن هنا كانت فكرة هذا المعرض».

أحد أعمال معرض (خيال مآتة)

تناول الفنان (خيال المآتة) من منظور فلسفي مفاده أن مكانة شيء ما إنما تنبع في الأساس من دوره ووظيفته ومدى ما يقدمه للآخرين من عطاء، حتى لو كان هذا الشيء مجرد جماد وليس إنساناً يقول: «لكم تأكد لي أنه بحق له أهمية كبيرة للمجتمع، وليس فقط بالنسبة للفلاح؛ فهو يصون الثروة الزراعية المصرية».

ويعتبر الفنان التشكيلي المصري خيال المآتة مصدراً للسعادة والبهجة؛ إذ «يسمح للمزارعين بالمرور بلحظة الحصاد من دون حسرة على فقْد محصولهم، كما أنه رمز لبهجة الأطفال والإحساس بالأمان للكبار ضد غزوات الطيور على حقولهم». وفق تعبيره.

غزالة استدعى حكايات وأساطير من طفولته (الشرق الأوسط)

في المعرض تباينت أشكال «خيال المآتة»؛ فقد جعله طويلاً مرة وقصيراً مرة أخرى، ورجلاً وامرأة وطفلاً، يرتدي ملابس متعددة، مزركشة أو محايدة خالية من النقوش والتفاصيل: «ظن زائرو المعرض في افتتاحه أنني أنا الذي فعلت ذلك لـ(خيال المآتة)، لكن الحقيقة أنه الفلاح المصري الذي أبدع في إثراء شكله وتجديده مستعيناً بفطرته المحبة للجمال والفرحة، وما فعلته هو محاكاته مع لمسات من الذاكرة والخيال».

ووفق غزالة فإن «المزارع برع في كسوة هذا المجسم بملابس مختلفة ذات ألوان زاهية، وأحياناً صارخة مستوحاة من الطبيعة حوله، إنها الملابس القديمة البالية لأفراد أسرته، والتي استغنى عنها، وأعاد توظيفها تطبيقاً للاستدامة في أبسط صورها».

الفنان إبراهيم غزالة (الشرق الأوسط)

جمعت الأعمال ما بين الواقعية والتجريدية وتنوعت مقاساتها ما بين متر ومتر ونصف، جسدت بعضها الطيور مثل «أبو قردان»، واحتفى بعضها الآخر بجمال المساحات الخضراء الممتدة والنخيل والأشجار الكثيفة، لكنها في النهاية تلاقت في تعبيرها عن جمال الحياة الريفية البسيطة.