العالم يسابق الزمن لتتبع المتحور «أوميكرون» الجديد

سارعت الحكومات في مختلف أنحاء العالم لفحص قواعد بياناتها عن حالات الإصابة الأخيرة بـ«كوفيد - 19» وفحص المسافرين وفك الشيفرات الوراثية للمتحور الجديد من فيروس «كورونا» في إطار سعيها للتعرف على مدى انتشاره.
وتُبرز وتيرة التحرك الضغط الواقع على الحكومات وسلطات الصحة العامة للبت على وجه السرعة فيما إذا كان عليها أن تأخذ قرارات لا تحظى بالدعم الشعبي ولها آثار ضارة على الاقتصاد للحد من انتشار المتحور «أوميكرون».
وتوضح البيانات أن المتحور الجديد كان منتشراً قبل التعرف عليه رسمياً في الجنوب الأفريقي الأسبوع الماضي وتم رصده منذ ذلك الحين في أكثر من عشر دول. وسيستغرق التأكد مما إذا كان أشد قدرة على نقل العدوى أو التسبب في الوفاة أو قادراً على التغلب على اللقاحات أسابيع.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1466018239566082049
وعمدت بريطانيا وقوى اقتصادية أخرى إلى منع رحلات الطيران من جنوب القارة الأفريقية وإليها بعد أيام فحسب من رصد المتحور لأول مرة، الأمر الذي أدى لاهتزاز أسواق المال العالمية وأثار المخاوف من التداعيات الاقتصادية الضارة.
وتتناقض سرعة التحرك تناقضاً صارخاً مع ظهور متحورات أخرى، فعندما تم توثيق المتحور «ألفا» في بريطانيا في سبتمبر (أيلول) 2020 قضت الحكومة شهوراً في جمع البيانات وتقييم مخاطره المحتملة قبل أن تفرض إغلاقاً عاماً على مستوى البلاد في ديسمبر (كانون الأول).
واستغرق الأمر شهوراً من منظمة الصحة العالمية لإدراجه ضمن قائمة المتحورات الباعثة على القلق، وهو أعلى تصنيف لدى المنظمة.

 

«الصحة العالمية»: منع السفر لن يوقف انتشار «أوميكرون»

وأعلنت إسرائيل عقب اكتشاف أول حالة مصابة فيها بالمتحور «أوميكرون» يوم الجمعة، أنها ستشتري عشرة ملايين وحدة من مستلزمات الفحص للكشف عن الإصابة بالمتحور الجديد وذلك في محاولة لوقف انتشاره. وأغلقت حدودها أمام الأجانب القادمين من جميع الدول يوم السبت.
وسارعت اسكوتلندا وسنغافورة إلى فحص عشرات الآلاف من الحالات التي ثبتت مؤخراً أنها إيجابية بحثاً عن أي مؤشرات على وجود المتحور، كما تعمل الولايات المتحدة على تعزيز مراقبتها للإصابات بـ«كوفيد – 19» لتمييز حالات الإصابة المحلية بـ«أوميكرون» من حالات الإصابة بالمتحور «دلتا» المنتشر حالياً.
وقد حثت مفوضة الصحة بالاتحاد الأوروبي الدول الأعضاء على تعزيز الجهود الرامية لرصد التحورات، إذ إن بعض الدول لا تزال مقصّرة في هذا المجال بعد عامين من بدء الجائحة.
وحتى الآن أكد الاتحاد الأوروبي وجود 42 حالة في عشر دول. وقالت المفوضة ستيلا كيرياكيدس، في رسالة اطّلعت عليها «رويترز» موجّهة إلى وزراء الصحة بالدول الأعضاء وعددها 27 دولة: «دول أعضاء بعينها مقصّرة بقدر كبير من حيث هذا البعد بالغ الأهمية».

أهم شيء هو «الجين - إس»
لا تستطيع معظم فحوص الكشف عن الفيروس التفرقة بين المتحور «أوميكرون» والمتحور «دلتا» وهو النسخة المهيمنة شديدة العدوى من الفيروس حتى الآن.
ولتمييز «أوميكرون» عن «دلتا» يجب أن يكون الاختبار قادراً على التعرف على تحور في «أوميكرون» يُعرف باسم تسرب «الجين - إس».
وهذا الاختبار ليس قاطعاً لأن المتحور «ألفا» الذي تم اكتشافه للمرة الأولى في بريطانيا لديه هذا التحور أيضاً.

ولأن المتحور «ألفا» لم يعد واسع الانتشار فإن وجود تسرب «الجين - إس» يشير إلى أن العينة إصابة إيجابية بـ«أوميكرون» وتنبه المعمل إلى ضرورة إرسالها لإجراء فحص التسلسل الوراثي للتأكد منها.
وإذا عجزت فحوص الكشف المحلية عن «كوفيد - 19» في التعرف على هذا التحور فلا بد من اختيار عينات عشوائية لفحص تسلسلها الوراثي وهو ما قد يستغرق فترة تصل إلى أسبوع.
وقالت منظمة الصحة إن فحوصاً متاحة على نطاق واسع قادرة على رصد الأفراد المصابين بأي متحور بما فيها «أوميكرون».
ومع ذلك فلم توصِ المنظمة حتى الآن إلا باختبار «تاك باث» الذي تُنتجه شركة «ثيرمو فيشر» الأميركية.
وليس من الواضح ما إذا كانت الدول ستشتري مستلزمات الفحص لامتلاكها هذه الخاصية الفريدة. فقد قال كينيث ماك، مدير الخدمات الطبية بوزارة الصحة في سنغافورة، لـ«رويترز» إن سنغافورة تفكر في شراء المزيد لكنها لم تبتّ في الأمر حتى الآن.
وقالت شركة «ثيرمو فيشر» إنها مستعدة لزيادة الإنتاج لتلبية الطلب من دول في أفريقيا وغيرها في إطار المساعي الرامية لرصد انتشار المتحور الجديد.
وقالت شارون ألروي بريس، مسؤولة الصحة العامة بوزارة الصحة في إسرائيل، أمام البرلمان يوم الأحد، إنه بعد يوم واحد من رصد المتحور بدأت إسرائيل إجراء فحوص للكشف عن «الجين - إس» في جميع الفحوص الإيجابية للعينات المأخوذة من المسافرين القادمين إلى مطار بن غوريون، وهو المطار الرئيسي.
وقالت الوزارة إن المختبرات تراقب الآن التحور في جميع الاختبارات في أنحاء البلاد عندما يشير الاختبار الإيجابي إلى وجود «الجين - إس».
وقال سكوت بيكر، الرئيس التنفيذي لرابطة مختبرات الصحة العامة الأميركية، لـ«رويترز» إن أغلب المختبرات الأميركية ستستخدم اختبار «تاك باث».

https://www.youtube.com/watch?v=slbN_gci7nw
غرائب «أوميكرون»
من بين 150 ألف اختبار ترجع إلى شهر مضى أُجريت في بلجيكا ظهر تسرب «الجين - إس» في 47 اختباراً مع حمل فيروسي عالٍ. وقال مارك فان راست، أحد خبراء الفيروسات الذين فحصوا العينات، إن واحداً منها فقط كان المتحور «أوميكرون».
وراجعت السلطات الاسكوتلندية عينات ترجع إلى أول نوفمبر (تشرين الثاني) مما ساعد في اكتشاف تسع حالات إصابة بـ«أوميكرون» كلها مرتبطة بحدث واحد.
واكتشفت السلطات أنه في نحو منتصف الشهر بدأت مؤشرات «الجين - إس» تظهر في الاختبارات مرة أخرى، أي قبل أسبوع من إعلان جنوب أفريقيا وبُتسوانا التعرف على المتحور الجديد. وساعد ذلك في توجيه فحوص التسلسل الوراثي مثلما حدث عندما ظهر المتحور «ألفا».
وقال جريجور سميث، كبير المسؤولين الطبيين في اسكوتلندا، يوم الاثنين: «هذا واحد من غرائب هذا المتحور التي يمكن أن نستغلها».
وأضاف أن هذا يعني أن بإمكان الحكومة أن تبدأ تقييم مدى انتشار المتحور الجديد والتعرف على الأفراد الذين ربما يحتاجون إلى إعادة فحصهم، وأي العينات التي يجب أن تكون لها الأولوية في المزيد من الفحوص في المختبرات.
وتابع: «هذه أفضل وسيلة لدينا للتمكن من التعرف على الحالات في الوقت الحالي».