يبدأ الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، غداً (الخميس)، زيارة إلى دول الخليج لمدة 3 أيام، تشمل السعودية والإمارات وقطر. وذكرت مصادر في قصر الإليزيه، في معرض تقديمها للجولة أمس، أن وزراء الخارجية والدفاع والاقتصاد والثقافة، ومجموعة من النواب وعدداً من مسؤولي كبريات الشركات الفرنسية الفاعلة في المنطقة، سيرافقون ماكرون في جولته، فيما سينضم إلى الوفد وزير التجارة الخارجية خلال زيارة السعودية.
ووفقاً لتلك المصادر، تنطلق الزيارة من دولة الإمارات ثم قطر، ليختتمها في السعودية، إذ من المتوقع أن يلتقى ماكرون، يوم الجمعة، ولي عهد أبوظبي، الشيخ محمد بن زايد، ليزور بعدها معرض دبي العالمي، وينتقل لاحقاً إلى الدوحة، حيث سيجتمع بأمير قطر، الشيخ تميم بن حمد. ويوم السبت، يصل ماكرون إلى السعودية، ليجري «اجتماعاً مطولاً» مع القيادة السعودية.
وذكرت مصادر الإليزيه أن ماكرون يحمل في جولته الخليجية عدة أولويات: أولها ملف الحرب على الإرهاب وتمويله، بما في ذلك داخل الأراضي الفرنسية، وكيفية تعميق التعاون والتنسيق بين الجانبين الفرنسي والخليجي على الصعيدين الاستخباري والعسكري. يشار إلى أن منسق شؤون المخابرات الفرنسي، لوران نونيز، ضمن الوفد الرسمي، كما سيكون للوزراء المشاركين في الجولة اجتماعات مع نظرائهم الخليجيين.
وأشار الإليزيه إلى أن هناك تعاوناً وثيقاً بين باريس والسعودية والإمارات وقطر في موضوع محاربة الإرهاب. وسوف يسعى ماكرون إلى تعزيزه من خلال تعزيز التعاون بين الأجهزة المعنية. وأشارت المصادر إلى أن باريس تعد السعودية «لاعباً رئيسياً، وأن السياسة الطموحة التي يسعى إليها ماكرون لجهة تعزيز الحرب على الإرهاب، وخفض التوترات في المنطقة، تستدعي الحوار الوثيق مع السعودية، بالطبع إلى جانب العلاقات الثنائية» التي تربط البلدين.
وبالتوازي، رحب الإليزيه بكل الحوارات البينية التي من شأنها خفض التوتر في المنطقة، في إشارة إلى الاتصالات التي جرت في الأشهر والأسابيع الأخيرة بين مسؤولين خليجيين وإيرانيين، والتي يمكن أن تدفع باتجاه «بناء شرق أوسط مستقر».
وسيكون الملف النووي الإيراني الذي عدته المصادر الفرنسية على رأس مواضيع البحث حاضراً، إلى جانب المسائل الإقليمية المرتبطة بالدور الإقليمي لطهران الذي تعده دول الخليج وباريس مزعزعاً للاستقرار. وكان ماكرون قد استبق زيارته إلى دول الخليج بالتواصل، مساء أول من أمس، مع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي للمرة الثانية. وذكر قصر الإليزيه، في بيان له، أن ماكرون طلب من رئيسي الانخراط «بشكل بناء» في المحادثات النووية التي استؤنفت الاثنين في فيينا، وطالبه بأن «تعود إيران إلى احترام جميع التزاماتها بشكل كامل بموجب الاتفاق النووي، مع عودة الولايات المتحدة إليه»، إضافة إلى التزاماتها إزاء الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأن تستأنف «بسرعة التعاون الذي يمكن الوكالة من أداء مهمتها»، مشددة على أن الهدف النهائي أن تفضي المحادثات إلى «عودة سريعة إلى الاتفاق».
وفي المقابل، فإن رئيسي دعا ماكرون، وفق بيان رسمي صدر عن الرئاسة الإيرانية أمس، إلى «العمل مع الأطراف الأخرى من أجل إنجاز المفاوضات، ورفع العقوبات المفروضة على إيران». ووفق البيان نفسه، فإن رئيسي أكد لماكرون أن طهران «ستحترم التزاماتها، في حال رفع أميركا العقوبات، واحترم الأوروبيين تعهداتهم».
وفي هذا السياق، استقبل ماكرون وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد الذي زار باريس أمس قادماً من لندن للتنبيه من التساهل مع إيران، في ظل افتراق في المواقف بينها وبين الولايات المتحدة الأميركية.
ويحمل ماكرون أيضاً ملف العمل على حفظ الأمن والاستقرار في المنطقة الخليجية، إذ تعمل باريس للمساهمة في توفير الاستقرار فيما تعده محيطها المباشر الممتد من البحر الأبيض المتوسط إلى مياه الخليج، و«تجنب استيلاد أزمات جديدة ترتبط بالإرهاب أو الهجرات غير المشروعة وخلافها».
وتضيف المصادر أن الجولة «تعكس طموح فرنسا لجهة عدها قوة توازن، وعملها على تعزيز الحوار مع اللاعبين كافة، وتأكيد عدها شريكاً فاعلاً ذا مصداقية ولا غنى عنه»، إذ من المتوقع أن يطرح الإليزيه عدداً من المبادرات الفرنسية التي تصب في هذا السياق، ومنها الدور الذي قام به ماكرون للدفع والمشاركة في مؤتمر بغداد الأخير، والمؤتمر الذي ترأسه بشأن ليبيا في أوائل الشهر الماضي.
وفي سياق الملفات المتوترة، سيبحث ماكرون مع كبار المسؤولين في الخليج الملف الليبي من زاوية متابعة النتيجتين الرئيستين لمؤتمر باريس، وهما إجراء الانتخابات في موعدها المقرر؛ أي في 24 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وانسحاب المرتزقة من هذا البلد. كذلك، فإن الملف اللبناني سوف يكون حاضراً في المحطات الثلاث.
وذكرت مصادر الإليزيه أن ماكرون انخرط فيه كثيراً، وأن هدفه الراهن «تعزيز التنسيق مع السعودية وقطر والإمارات حول الدعم الواجب توافره للبنان، وتجنيبه الغرق أكثر فأكثر في الأزمات»، مذكرة بالمؤتمرات الثلاث التي دعا إليها منذ انفجاري المرفأ لمساعدة لبنان إنسانياً.
وذكرت المصادر الفرنسية أن ماكرون قد يبحث أزمة لبنان مع دول الخليج التي أبرز مظاهرها سحب سفراء 4 دول خليجية من لبنان، والطلب من السفراء اللبنانيين في تلك الدول المغادرة عقب تصريحات وزير الإعلام اللبناني. وأشار الإليزيه إلى أن لبنان «يعاني من مشكلة بنيوية يتعين العمل بشأنها مع الأشخاص ذوي الإرادة الحسنة»، في إشارة للدور الذي يلعبه «حزب الله» في الهيمنة على القرار اللبناني.
وسيكون الملف الاقتصادي حاضراً وبقوة في هذا الزيارة، إذ سيعقد مؤتمر اقتصادي سعودي - فرنسي، بحضور وزير التجارة الخارجية الفرنسية فرانك ريستير، ووزير الاستثمار السعودي خالد الفالح. وثمة معلومات تتحدث عن سعي أبوظبي لشراء مقاتلات فرنسية من طراز «رافال» تصنعها شركة «داسو» للصناعات الفضائية. إلا أن الإليزيه لم يؤكد ذلك، بل شدد على أن الزيارة سوف تشكل رافداً لدعم الشركات الفرنسية العاملة في دول الخليج، إضافة إلى الشركات الخليجية للعمل على النقلة التكنولوجية.
يشار إلى أن من كبار مسؤولي الشركات الذين سيرافقون ماكرون هناك شركات «طاليس» و«سافران» و«إير ليكيد» و«إنجي» وغيرها.
ماكرون يحمل «الملف الإيراني» إلى السعودية والإمارات وقطر
يبدأ غداً جولة لتعزيز الشراكة الاقتصادية الفرنسية ـ الخليجية
ماكرون يحمل «الملف الإيراني» إلى السعودية والإمارات وقطر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة