البعثة الأممية تهدد بمعاقبة معرقلي الانتخابات الرئاسية الليبية

رداً على الأحداث العنيفة التي تخللت محاولة طعن سيف الإسلام في قرار استبعاده من الترشح

جانب من مظاهرة سابقة نظمها سكان طرابلس احتجاجاً على ترشح سيف الإسلام القذافي للانتخابات (أ.ف.ب)
جانب من مظاهرة سابقة نظمها سكان طرابلس احتجاجاً على ترشح سيف الإسلام القذافي للانتخابات (أ.ف.ب)
TT

البعثة الأممية تهدد بمعاقبة معرقلي الانتخابات الرئاسية الليبية

جانب من مظاهرة سابقة نظمها سكان طرابلس احتجاجاً على ترشح سيف الإسلام القذافي للانتخابات (أ.ف.ب)
جانب من مظاهرة سابقة نظمها سكان طرابلس احتجاجاً على ترشح سيف الإسلام القذافي للانتخابات (أ.ف.ب)

تحولت محاولة سيف الإسلام، النجل الثاني للرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، تقديم طعن أمام القضاء ضد قرار استبعاده من الترشح لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة في ليبيا، إلى معركة سياسية شارك فيها مختلف الأفرقاء، واستدعت تلويحاً أممياً جديداً بفرض عقوبات على معرقلي الاستحقاق الانتخابي المرتقب. وتزامنت هذه التطورات مع تصريحات لسفير أميركا ومبعوثها الخاص لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند، مساء أول من أمس، كشف فيها النقاب عما وصفها بـ«مشاورات مجدية في أنقرة حول جدول أعمال واسع، من ضمنه العملية الانتخابية».
ولليوم الثالث على التوالي، لم يتمكن مسؤولو الحملة الانتخابية لسيف القذافي من تقديم طعنه الرسمي على قرار إقصائه من السباق الانتخابي الرئاسي، حيث ألغيت أمس جلسة كانت مقررة لمحكمة استئناف سبها، رغم احتشاد عدد من أنصاره أمام مقرها، وحضور محاميه خالد الزائدي.
وفي غضون ذلك، وتفاديا للاتهامات الموجهة إليه، سحب «الجيش الوطني» قواته، أمس، على نحو مفاجئ من وسط مدينة سبها ومحيط محكمة الاستئناف.
وكان «الجيش الوطني» قد نفى على لسان اللواء فوزي المنصوري، آمر منطقة سبها العسكرية، مسؤوليته عن التوتر الأمني في المدينة، وقال في تصريحات تلفزيونية إن قوات الجيش موجودة في تمركزاتها، طبقاً للخطة الأمنية الموضوعة مسبقا، وقبل حتى بدء العملية الانتخابية في عدة أماكن هامة وحيوية، داخل وخارج المدينة، ومنها محيط محكمة سبها، وليس داخلها.
واعتبر المنصوري أن ما سماهم بـ«المغرضين الذين تسيرهم جماعة الإخوان الإرهابية، يسعون لخلق فتنة، المراد منها إلغاء أو تأجيل الانتخابات لعلمهم المسبق بأنهم أصبحوا خارج المشهد السياسي».
كما أبلغ المنصوري وفدا من أعيان جنوب ليبيا أن قوات الجيش «مع الشعب وتدعم الانتخابات، ونحن نقف سدا منيعا أمام معرقليها... كما أننا ننظر لسيف الإسلام القذافي كأي مواطن ليبي، ولم ولن نحاربه».
وتابع المنصوري موضحا: «رغم هتاف بعض المواطنين المحتشدين أمام محكمة سبها، وسبهم لعناصر الجيش التي تؤمنهم، فإنه لم يعتد أي منهم على أحد».
وكانت مجموعة أطلقت على نفسها اسم «أحرار وثوار الجنوب الليبي» قد تلت بيانا أمام محكمة سبها، أعلنت فيها رفض دخول موظفي المحكمة والقضاة لمكاتبهم لاستكمال إجراءات طعن استبعاد نجل القذافي، ووصفته بـ«المجرم».
بدورها، اعتبرت حكومة «الوحدة» الوطنية، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، الذي أجلت محكمة استئناف طرابلس النطق بالحكم في استئنافه ضد الطعن بإبعاده من الانتخابات الرئاسية إلى اليوم، أن «حالة الإرباك بمحيط مجمع المحاكم في سبها تهدد شرعية وقوة وجود المؤسسة القضائية في سبها وفزان عموما»، وحذرت من أن القيام بأي أعمال «من شأنها تهديد حياة القضاة، أو الضغط عليهم، والتأثير على عملهم، ستعود بمدينة سبها إلى مربع الحرب الأهلية بين مكوناتها القبلية».
وقالت الحكومة في بيان لها، مساء أول من أمس، إن وزارة الداخلية «لن تتوانى عن حماية جميع المؤسسات الحكومية في سبها، ولن تتدخل في مسار العملية الانتخابية إلا عبر تأمين مقار مفوضية الانتخابات ومراكز الاقتراع». مشددة على أن أي ترهيب للمواطنين المدنيين في سلك القضاء والمحاماة، والعاملين والمتطوعين مع المفوضية «هو تهديد للعملية الانتخابية ونسف الثقة بين جميع أطرافها».
ودعت الحكومة أهل سبها لحماية مكتسب السلام، الذي تحقق لهم خلال الأشهر الماضية، وأن يكون أبناؤهم معاول بناء وسواعد للتنمية من أجل حماية الأمن القومي الليبي ووحدة البلاد.
ودخلت بعثة الأمم المتحدة على خط هذه الأزمة، بعدما عبرت عن متابعتها بقلق بالغ لاستمرار إغلاق محكمة الاستئناف في سبها وتوجيه تهديدات ضد القضاء.
وبعدما أبدت في بيان لها انزعاجها الشديد إزاء التقارير المتزايدة عن الترهيب، والتهديد ضد القضاة والموظفين في السلك القضائي، ولا سيما أولئك الذين يتعاملون مع الشكاوى المتعلقة بالانتخابات، وضد المرشحين أيضاً في عدد من المناطق في ليبيا، أدانت البعثة بشدة جميع الأعمال التي تخل بنزاهة العملية الانتخابية، وتؤدي إلى منع الليبيين من ممارسة حقوقهم الديمقراطية بأمان وكرامة.
وذكر البيان جميع الأطراف المنخرطة في عرقلة نظام العدالة بأنهم «خاضعون للمسؤولية الجنائية بموجب القانون الليبي»، وهدد بأنهم «قد يخضعون لعقوبات وفقاً لقرارات مجلس الأمن الأممي ذي الصلة».
كما حثت البعثة جميع السلطات الأمنية على ضمان وصول جميع المرشحين بشكل متكافئ إلى الإجراءات القانونية الواجبة، وضمان سلامة القضاة وأمنهم، مؤكدة التزامها بإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، وفقاً لخريطة الطريق التي أقرها ملتقى الحوار السياسي الليبي. وحذرت من أي عمل يمكن أن يؤدي إلى حرمان الليبيين حقهم في انتخاب ممثليهم بطريقة ديمقراطية.
إلى ذلك، أشاد محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي، الذي وصل مساء أول من أمس إلى قطر، بدور رئاسة الأركان العامة للقوات الموالية للسلطة الانتقالية في تنظيم عمل الوحدات العسكرية، والنهوض بها، والعمل على رفع كفاءة منتسبيها.
وأكد المنفي لدى اجتماعه، بصفته القائد الأعلى للجيش الليبي، مع محمد الحداد رئيس الأركان العامة، دعمه لها باعتبارها أحد أعمدة المؤسسة العسكرية العريقة حتى تتمكن من أداء المهام المنوطة بها.



محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر
TT

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر

خلافاً للكثير من القادة الذين عاشوا في الظل طويلا، ولم يفرج عن أسمائهم إلا بعد مقتلهم، يعتبر محمد حيدر، الذي يعتقد أنه المستهدف بالغارة على بيروت فجر السبت، واحداً من قلائل القادة في «حزب الله» الذين خرجوا من العلن إلى الظل.

النائب السابق، والإعلامي السابق، اختفى فجأة عن مسرح العمل السياسي والإعلامي، بعد اغتيال القيادي البارز عماد مغنية عام 2008، فتخلى عن المقعد النيابي واختفت آثاره ليبدأ اسمه يتردد في دوائر الاستخبارات العالمية كواحد من القادة العسكريين الميدانيين، ثم «قائداً جهادياً»، أي عضواً في المجلس الجهادي الذي يقود العمل العسكري للحزب.

ويعتبر حيدر قائداً بارزاً في مجلس الجهاد في الحزب. وتقول تقارير غربية إنه كان يرأس «الوحدة 113»، وكان يدير شبكات «حزب الله» العاملة خارج لبنان وعين قادة من مختلف الوحدات. كان قريباً جداً من مسؤول «حزب الله» العسكري السابق عماد مغنية. كما أنه إحدى الشخصيات الثلاث المعروفة في مجلس الجهاد الخاص بالحزب، مع طلال حمية، وخضر يوسف نادر.

ويعتقد أن حيدر كان المستهدف في عملية تفجير نفذت في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2019، عبر مسيرتين مفخختين انفجرت إحداهما في محلة معوض بضاحية بيروت الجنوبية.

عمال الإنقاذ يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية ضربت منطقة البسطة في قلب بيروت (أ.ب)

ولد حيدر في بلدة قبريخا في جنوب لبنان عام 1959، وهو حاصل على شهادة في التعليم المهني، كما درس سنوات عدة في الحوزة العلمية بين لبنان وإيران، وخضع لدورات تدريبية بينها دورة في «رسم وتدوين الاستراتيجيات العليا والإدارة الإشرافية على الأفراد والمؤسسات والتخطيط الاستراتيجي، وتقنيات ومصطلحات العمل السياسي».

بدأ حيدر عمله إدارياً في شركة «طيران الشرق الأوسط»، الناقل الوطني اللبناني، ومن ثم غادرها للتفرغ للعمل الحزبي حيث تولى مسؤوليات عدة في العمل العسكري أولاً، ليتولى بعدها موقع نائب رئيس المجلس التنفيذي وفي الوقت نفسه عضواً في مجلس التخطيط العام. وبعدها بنحو ثماني سنوات عيّن رئيساً لمجلس إدارة تلفزيون «المنار».

انتخب في العام 2005، نائباً في البرلمان اللبناني عن إحدى دوائر الجنوب.