اقتراب المشهد السياسي الفرنسي من اكتمال صورة المرشحين للحملة الرئاسية

اليميني المتطرف إريك زيمور يعلن ترشحه ويؤكد أن المطلوب ليس إصلاح البلاد بل إنقاذها

إريك زيمور أعلن أمس ترشحه للرئاسة الفرنسية (أ.ب)
إريك زيمور أعلن أمس ترشحه للرئاسة الفرنسية (أ.ب)
TT

اقتراب المشهد السياسي الفرنسي من اكتمال صورة المرشحين للحملة الرئاسية

إريك زيمور أعلن أمس ترشحه للرئاسة الفرنسية (أ.ب)
إريك زيمور أعلن أمس ترشحه للرئاسة الفرنسية (أ.ب)

قطعاً لا ينظر إريك زيمور، الكاتب السياسي الفرنسي المتموضع في أقصى اليمين المتطرف، إلى نفسه على أنه شخص عادي أو سياسي طامح في الوصول إلى رئاسة الجمهورية؛ هو أكثر من ذلك، ومثاله الأعلى الجنرال شارل ديغول، «محرر» فرنسا ورئيسها لولاية ونصف. فقد اقتبس زيمور أمس، بمناسبة إعلان ترشحه رسمياً للرئاسة، بعض ما قام به ديغول، من حيث الديكور والأسلوب: ميكروفون قديم يذكر بخمسينات القرن الماضي، وخلفه مكتبة غير واضحة المعالم لإضفاء أجواء خاصة على ما يبدو، وكلمات تنبه سامعها إلى أن فرنسا في خطر، وأنه الرجل المنقذ الذي سيخلصها من «برابرة» العصر الحديث الذين هم المهاجرون، بعد أن أنقذها ديغول من البرابرة النازيين.
لكن زيمور المنحدر من عائلة يهودية هاجرت في الخمسينات من الجزائر إلى فرنسا، أدخل جديداً على أساليب إعلان الترشح الذي جاء على شاكلة تسجيل فيديو من عشر دقائق مدروس بعناية، إذ رافقته موسيقى كلاسيكية وقراءة متأنية لإظهار مدى خطورة المرحلة التي تجتازها فرنسا.
المرشح الجديد الذي حاول في الأسابيع الماضية إدخال بعض التشويق على إعلان ترشحه، صوّر فرنسا في حالة مزرية، وعد سياسييها، من غير استثناء، عاجزين تماماً عن إنقاذها. لذا، كان عليه أن ينزل إلى الميدان مستهدياً بأبطال البلاد، بدءاً من جان دراك وصولاً إلى المقاوم جان مولين.
ويأمل زيمور الذي ينافس في خانة اليمين المتطرف المرشحة الرئاسية الأخرى مارين لوبن، المستندة إلى حزب قديم تنحت عن قيادته طيلة فترة الحملة الرئاسية، واسمه «التجمع الوطني» (سابقاً الجبهة الوطنية)، في أن يفضي ترشحه رسمياً إلى إعادته إلى قلب الحملة الانتخابية، بعد أن تراجعت أسهمه في الأسابيع والأيام الماضية.
وبعد أن نجح زيمور من خلال طروحاته الأكثر تطرفاً بشأن الإرهاب والهجرات والإسلام، وصدور كتابه الأخير «فرنسا لم تقل كلمتها النهائية»، في التقدم على لوبن، بل الحلول في المرتبة الثانية التي تمكنه من مواجهة الرئيس إيمانويل ماكرون، فإن شعبيته هبطت كثيراً. فزيارته الأخيرة للندن لم تكن ناجحة، والمهرجان الانتخابي الذي أراده استثنائياً في مدينة مرسيليا التي تعرف نسبة عالية من المهاجرين انتهت بشكل كارثي، وقبلها في غرب فرنسا. وكانت النتيجة أن استطلاعات الرأي أعادته إلى نسب لا تزيد على 14 في المائة، بفارق 5 نقاط عن لوبن.
ماذا جاء في إعلان ترشح زيمور؟ أولاً، عده أن المطلوب اليوم «ليس إصلاح فرنسا، بل إنقاذها»، وأنه حاول طيلة سنوات قرع نواقيس الخطر لعل أحدهم يتلقف المشعل الذي يحمله، ولكن دون طائل. من هنا، كانت خلاصته الأولى: فرنسا بحاجة إلى شخصه لأن لا أحد غيره قادر أو راغب في إنقاذها. وبعد مقدمة طويلة حول ما كانت تمثله فرنسا وقيمها، وما أعطته للعالم، وواقعها الراهن وأمراضها العضال حيث إنها «على وشك الزوال»، وحيث يشعر الفرنسيون بأنهم «غرباء في وطنهم» بسبب الهجرات والقيم المختلفة التي يحملها المهاجرون، وهم في غالبيتهم من المسلمين غير القابلين للانصهار في المجتمع الفرنسي، وتبني قيمه وأساليب حياته؛ هؤلاء في نظره يحملون مشروعاً ديموغرافياً وحضارياً عنوانه في نظره «الاستبدال الكبير». هذه المواضيع كافة شرحها زيمور في كتابه الأخير والذي سبقه، وعنوانه «الانتحار الفرنسي»، الذي يلقي فيه بالمسؤولية ليس فقط على المهاجرين، بل على الطبقة السياسية، وكل الذين يعدهم من النخبة، أكانوا مفكرين أم أدباء أم علماء اجتماع أم سياسيين أم جامعيين وسلطات روحية. باختصار، الجميع في نظره مذنبون لأنهم تركوا فرنسا لهيمنة التكنوقراطيين والقضاة الأوروبيين، وخلاصته أنه هو شخصياً لن يترك فرنسا عرضة للهيمنة والاستعمار القادم إليها من الخارج.
ومع إعلان ترشحه، يجتاز زيمور عتبة كان اجتيازها منتظراً. ومعها، تبدأ الصعوبات الحقيقية التي يتعين عليه مواجهتها. وفي نظر المراقبين، فإن زيمور يخلع ثوب السياسي أو المنظر أو الصحافي، ليلبس ثوب المرشح الرئاسي؛ بمعنى أنه أصبح اليوم مسؤولاً عن كل كلمة يقولها أو مقترح يتقدم به. وثمة تحديان رئيسيان ينتظرانه: الأول، السعي لجمع ما لا يقل عن 500 توقيع لنواب وأعضاء مجلس شيوخ ومنتخبين محليين يتبنون ترشيحه، وفق ما ينص عليه القانون الفرنسي. وبحسب المعلومات المتواترة، فإن المجموعات التي تعمل لترشيحه منذ عدة أشهر لم تنجح حتى اليوم في تخطي سقف الـ250 إلى 300 توقيع. والتحدي الثاني مالي، إذ إنه لا حزب وراءه، ولا بنية سياسية يمكن أن ترفده مالياً، واعتماده سيكون على أفراد أو مجموعات. والحال أن سقف المصاريف في الانتخابات الرئاسية يصل إلى أكثر من 22 مليون يورو. والرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي أنفق 44 مليون يورو في حملته لعام 2012. من هنا، فأهمية مراقبة ردود الفعل السياسية والشعبية على إعلان الترشح علنا أن بعض أكبر مناصريه قد تخلوا عنه في الأيام الماضية، وحجتهم أنه «لا يملك خامة رئاسية». وليل أمس، كان زيمور ضيفاً على القناة الأولى للتلفزيون الفرنسي، وسيقيم أول مهرجان انتخابي رسمي يوم الأحد المقبل في القاعة المسماة «زينيت» في قلب باريس.
وإلى جانب زيمور، شهد المسرح السياسي الفرنسي تطورين إضافيين: يتمثل الأول بإعلان الأحزاب السياسية الداعمة لترشح الرئيس إيمانويل ماكرون لولاية ثانية عن إطلاق تجمع يكون بمثابة «البيت المشترك» لهذه الأحزاب التي تلتف حوله، وتسعى لأن يبقى في قصر الإليزيه لخمس سنوات إضافية. وقد اختير لهذه البنية التي تضم الحزب الرئيسي لماكرون «الجمهورية إلى الأمام»، والحزب الرديف الذي دعمه منذ عام 2017 «الحركة الديمقراطية»، و3 أحزاب إضافية تحلقت حوله من الوسط واليمين المعتدل، اسم «معاً أيها المواطنون».
وحتى اليوم، لم يعلن ماكرون عن ترشحه، لكن لا أحد في فرنسا تخامره الشكوك في ألا يقدم على ذلك، خصوصاً أن استطلاعات الرأي كافة تضعه في المرتبة الأولى بين المتنافسين للدورة الانتخابية الأولى (بين 25 و30 في المائة من الأصوات»، وتتوقع له فوزاً مريحاً في الدورة الثانية. وبحسب مقربين من ماكرون، فإن مصلحته الانتخابية تكمن في إعلان ترشحه في وقت متأخر، بحيث يبقى ينظر إليه بصفته رئيساً للجمهورية، وليس مرشحاً كبقية المرشحين، عند نزوله إلى الميدان الانتخابي.
أما الحدث الثاني، فيعود لحزب «الجمهوريون» اليميني الكلاسيكي الذي اقترب جداً من تعيين مرشحه للانتخابات الرئاسية بالفصل بين المتنافسين الخمسة. ومساء أمس، جرت المناقشة التلفزيونية الرابعة (الأخيرة) بين الخمسة، فيما يصوت محازبو «الجمهوريون» البالغ عددهم 144 ألف منتسب إلكترونياً، بدءاً من الخميس حتى نهاية الأسبوع.
وبذلك، يتم وضع نقطة نهائية لمرحلة من التنافس الداخلي، في الوقت الذي يظهر فيه أن حظوظ تمكن أي من المرشحين في التأهل للدورة الرئاسية الثانية ضعيفة. إلا أن قادة الحزب، وأولهم رئيسه كريستيان جاكوب، يرون أن اختيار المرشح الوحيد سيعني إطلاق دينامية جديدة من شأنها أن تغير المعادلات السياسية الموجودة في الوقت الحاضر، وتعيد إلى صفوف «الجمهوريون» المحازبين والأنصار والجمهور العريض الذين تخلوا عنه في السنوات الخمس المنقضية.
وتجدر الإشارة إلى أن «الجمهوريون» هو وريث الحزب الديغولي القديم، لكنه خسر 3 مرات المنافسة الرئاسية بوجه الاشتراكيين فرنسوا ميتران وفرنسوا هولاند، وبوجه ماكرون. ولا شك أن مرشحه النهائي سيكون أحد ثلاثة: كزافيه برتراند رئيس منطقة شمال فرنسا الوزير السابق، وفاليري بيكريس رئيسة منطقة «إيل دو فرانس» «باريس ومحيطها الأوسع» الوزيرة السابقة، وميشال بارنيه الوزير السابق الشخصية الرئيسية في الاتحاد الأوروبي التي تفاوضت مع لندن لخروج بريطانيا من الاتحاد (بريكست).
وهكذا، مع ترشح زيمور، وتعيين المرشح اليميني الكلاسيكي، لن ينقص المشهد سوى إعلان ماكرون ترشحه حتى تكتمل الصورة.



اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.