العراق: إيران تتسبب بجفاف حوض حمرين

اتهمها بانتهاك «الأعراف والاتفاقات والمواثيق الدولية» لتقاسم المياه

عراقيان على ضفة شط العرب يوم الجمعة الماضي (أ.ف.ب)
عراقيان على ضفة شط العرب يوم الجمعة الماضي (أ.ف.ب)
TT

العراق: إيران تتسبب بجفاف حوض حمرين

عراقيان على ضفة شط العرب يوم الجمعة الماضي (أ.ف.ب)
عراقيان على ضفة شط العرب يوم الجمعة الماضي (أ.ف.ب)

حذرت وزارة الموارد المائية العراقية، أمس، من أن حوض حمرين مهدد بالجفاف بعد قطع إيران المياه بشكل كامل عن نهر ديالى. واتهمت إيران بـ«عدم الالتزام بالأعراف والاتفاقات والمواثيق الدولية» المتعلقة بتقاسم المياه بين الدول المتشاطئة.
وقال مستشار الوزارة، عون ذياب عبد الله، في تصريح للصحيفة الرسمية، إن «إيران قطعت المياه بشكل كامل عن العراق، ولم تتقاسم الضرر معه، إذ أثر ذلك بشكل مباشر في المناطق الحيوية المهمة، مثل ديالى وبدرة وجصان وهور الحويزة، إضافة إلى شط العرب».
وأضاف أن «تصرفات طهران مخالفة للأعراف والمواثيق الدولية، وأهمها اتفاقية عام 1975، فضلاً عن استغلالها للمياه أعالي الحوض، وعدم مراعاة مصلحة مناطق المصب». وكشف عن «تناقص الخزين المائي، لا سيما في سد حمرين المقام على نهر ديالى الذي شارفت مياهه على الجفاف، وأن قلة هطول الأمطار وقطع إيران لمجموعة الأنهار المغذية من سيروان سبب هذه المشكلة».
وحذر من أن «استمرار انقطاع الواردات المائية عن البلاد ربما سيؤدي إلى هجرة قسرية من جنوبها، لا سيما ضمن مناطق الأهوار المهددة بالجفاف».
وسبق أن اشتكى العراق مراراً وتكراراً من الجارتين تركيا وإيران بالنسبة إلى مشكلة المياه، إذ تنبع غالبية الأنهار التي تصب في العراق من هاتين الدولتين. وطبقاً لوزارة الموارد، فإن إيران حرفت مسار أكثر من 30 نهراً كان تصب داخل الأراضي العراقية، وكذلك أحدثت السدود التي أنشأتها تركيا على نهري دجلة والفرات مشكلات حقيقية لوفرة المياه في البلاد.
وكان مدير سد دربندخان في محافظة السليمانية بإقليم كردستان العراق، رحمن خاني، قد أعلن مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي عن تسجيل أدني منسوب للمياه، وعزا ذلك إلى قلة هطول الأمطار، وحجز المياه من الجانب الإيراني بعد قيامه ببناء سد وحرف مسار الأنهر.
وأكدت وزارة الموارد المائية، أول من أمس، أن المجلس الوزاري العربي للمياه أعطى الضوء الأخضر للجامعة العربية بمفاتحة جميع دول الجوار لضمان حصص العراق المائية.
وقال المتحدث باسم الوزارة مدير المركز الوطني لإدارة الموارد، حاتم حميد، إن «الوزارة طلبت من وزارة الخارجية تدويل موضوع المياه، إذ تقوم إيران منذ الصيف الماضي بقطع الأنهار المشتركة عن العراق على فترات متقطعة. أما الفترات الأخرى، فيتم خلالها إطلاق تصاريف قليلة جداً».
ومن جانبه، أكد وزير الموارد المائية، مهدي رشيد الحمداني، أمس، أن وزارته «تمكنت من تفعيل مذكرة التفاهم الموقعة مع الجانب التركي التي تضمن حصول العراق على حصة مائية عادلة، وهناك تنسيق عالي المستوى مع الجانب السوري».
أما بالنسبة إلى إيران، فإن «الوزارة تتنظر الجلوس على طاولة المفاوضات للتوصل إلى اتفاقات تضمن عدم تكرار ما حصل لمحافظة ديالى من قطع للمياه بالكامل، وتطلب بذل جهود استثنائية من قبل ملاكات الوزارة لتأمين إيصال المياه لمحطات الإسالة».
وأشار الحمداني إلى أن «أزمة المياه الحالية هي الأشد بالنسبة إلى العراق نظراً لأنها استمرت للموسم الثالث بسبب شح الأمطار». وشدد على ضرورة «أن يعي الجميع أن عدم الالتزام بالحصة المائية قد يؤدي إلى تفاقم الضرر الناجم عن شح المياه؛ علينا أن نتعاون لتجاوز الأزمة التي تمر بها المنطقة عموماً، والعراق بشكل خاص».
وذكر أن «الوزارة اتخذت إجراءات استثنائية على الصعيد الداخلي لمعالجة الشح المائي، من خلال الاستمرار بحملة إزالة التجاوزات بمختلف أنواعها، كونها آفة يعاني منها قطاع الري في البلاد». ومن جهتها، تخشى وزارة الزراعة من أن تقليص خطة الزراعة الشتوية الناجم عن شح المياه قد يؤثر هذا العام سلباً على مساحة الأراضي المزروعة بمحصول القمح الاستراتيجي. وترأس وزير الزراعة، محمد الخفاجي، أمس، اجتماعاً للمجلس الوطني للبذور، لمناقشة محضر الاجتماع والمواضيع المتعلقة بنشاط الخطة الزراعية للموسم الجديد.
وطبقاً لبيان صادر عن الوزارة، فإن الاجتماع شدد على ضرورة «اتخاذ السبل الصحيحة والمناسبة، واتباع الطرق العلمية، بما يخدم العملية الزراعية لإنجاح الموسم الزراعي 2021 - 2022».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.