البرهان يزور قواته على الحدود الإثيوبية

الجيش السوداني يخسر 27 فرداً في يومين من المعارك

TT

البرهان يزور قواته على الحدود الإثيوبية

إثر التوتر الأخير بين السودان وإثيوبيا، زار رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وبصفته القائد العام للجيش السودان جنوده المرابطين على الحدود السودانية الإثيوبية عند منطقة «الفشقة»، بعد نحو ثلاثة أيام على هجوم شنته قوات إثيوبية على القوات المرابضة هناك، وقتل خلاله عدد من الجنود وجرح أعداد أخرى، وألحق خسائر فادحة بالمهاجمين.
وقالت وكالة الأنباء الرسمية «سونا» إن البرهان وصل منطقة «بركة نورين» التابعة لمحلية «القريشة»، الواقعة في منطقة الفشقة الصغرى على ضفة نهر عطبرة الغربية، وبرفقته عدد من المسؤولين والعسكريين، وإن البرهان تفقد القوات المرابضة على الحدود، وعبر النهر للمنطقة الشرقية الواقعة بين نهري عطبرة وباسلام.
ووفقاً لـ«سونا» فإن الزيارة تهدف لدعم القوات المنتشرة هناك، لحماية الحدود في أعقاب تصديها للقوات الإثيوبية المهاجمة، فيما ذكرت تقارير صحافية إن كلاً من مدير المخابرات وقادة عسكريين رافقوا البرهان للوقوف على الأوضاع الأمنية التي أعقبت الهجوم الذي شنته القوات الإثيوبية عبر الحدود على القوات السودانية.
وتداولت تقارير صحافية معلومات عن معارك ضارية السبت الماضي، بين القوات الإثيوبية المهاجمة والقوات السودانية، قتل خلالها نحو 27 من الجانب السوداني، وجرح أكثر من 30 بينهم ضباط برتب وسيطة، استخدمت فيها المدفعية الثقيلة واستمرت لعدة ساعات، سقطت خلالها عدد كبير من الإثيوبيين، فيما لم يحدد تقرير الجيش السوداني أعداد القتلى بين أفراده.
وفي الأثناء نقلت صحيفة «سودان تريبيون» المستقلة، أن الحدود السودانية الإثيوبية، عند محليتي «باسندة» و«القريشة» تشهد تحشيداً عسكرياً، من قوات الدولتين، عند مناطق «جبل حنبرة ومعسكر آدم حمودة وشرق ود كولي بجانب مستوطنات سفاري وقطراند». ونسبت الصحيفة إلى مصادر، أن الجانب الإثيوبي مستمر في تحريك قوات وميليشيات مسنودة بقوات إريترية، استعداداً لشن هجمات جديدة على السودان، لقطع الطريق أمام المزارعين السودانيين العاملين في حصاد الذرة والقطن.
وذكر مكتب المتحدث باسم القوات المسلحة في بيان، أن القوات السودانية التي تعمل على تأمين الحدود في منطقة بركة نورين بالفشقة الصغرى، تعرضت لهجوم من قوات الجيش الإثيوبي والميليشيات الموالية له، الهدف منها ترويع المزارعين وإفشال الموسم الزراعي والحصاد. وأوضح أن القوات السودانية تصدت للهجوم ببسالة، وكبدت المهاجمين خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات، واحتسبت عدداً من الشهداء، دفاعاً عن الوطن وأراضيه.
وظلت إثيوبيا تسيطر على منطقة «الفشقة» السودانية الخصيبة، طوال قرابة ربع قرن ويعمل فيها مزارعون إثيوبيون، فيما تزعم إثيوبيا أن المنطقة داخل حدودها الدولية، وحين اندلع النزاع بين القوات الحكومية الإثيوبية وقوات إقليم تيغراي نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، استعادت القوات السودانية المنطقة، بعد أن ظلت خارجها طوال ذلك الزمان.
وشهدت العلاقات بين البلدين حالات شد وجذب بسبب منطقة الفشقة، وزاد الأمر تعقيداً عندما شرعت إثيوبيا في إنشاء سد النهضة، ومنذ العام الماضي ظلت العمليات العسكرية الإثيوبية الهادفة لاسترداد المنطقة مستمرة لم تتوقف. ويقول السودان إن إثيوبيا كانت تعترف بتبعية الفشقة للسودان، ووقوعها داخل أراضيه، لكنها تماطل في عملية إعادة تجديد العلامات الحدودية التاريخية، بيد أنها سحبت اعترافها بذلك بعد آخر اجتماعات للجنة الحدودية المشتركة التي عقدت في الخرطوم قبل أكثر من عام.
وتنقسم أراضي التنازع الحدودية بين السودان وإثيوبيا إلى 3 مناطق، وهي: الفشقة الصغرى والفشقة الكبرى والمناطق الجنوبية، وتبلغ مساحتها نحو مليوني فدان، وتقع بين 3 أنهر هي: ستيت وعطبرة وباسلام، ما يجعلها خصبة لدرجة كبيرة. وتمتد الفشقة لمسافة 168 كيلومتراً مع الحدود الإثيوبية من مجمل المسافة الحدودية لولاية القضارف مع إثيوبيا والبالغة نحو 265 كيلومتراً. واستعاد السودان نتيجة عمليات عسكرية 92 في المائة من هذه الأراضي الخصبة، قبل أشهر، وذلك لأول مرة منذ 25 عاماً بعد انسحاب الجيش السوداني منها. وسبق أن تعهد قائد الجيش السوداني البرهان بأن بلاده ستسترد 7 مواقع حدودية مع إثيوبيا عبر الدبلوماسية لا القوة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.