الطعون القضائية تحسم مصير مرشحي الانتخابات الرئاسية الليبية

بدا أمس (الاثنين) أن الطعون القضائية ضد مرشحي الانتخابات الرئاسية الليبية المقبلة ستحسم مصيرهم، بعدما تقدم عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة، باستئناف ضد قرار محكمة استئناف طرابلس قبول طعون ضد ترشحه. وأعلنت المفوضية العليا للانتخابات انتهاء مرحلة تقديم الطعون في ترشيحات الانتخابات الرئاسية مساء أمس، وقالت إنه «بإمكان المرشحين المستبعدين الاستئناف خلال 72 ساعة من النطق بالحكم».
وبعدما تردد أن لجنة الطعون الابتدائية بالمحكمة قبلت من ناحية الشكل الطعون المقدمة ضد الدبيبة، ورفضت قبول ترشحه، قال محمد إسماعيل، مسؤول حملته الانتخابية، إنه «تم تقديم استئناف ضد قرار استبعاده من المقرر أن تنظر فيه المحكمة اليوم (الثلاثاء)».
وعد الطعن المقدم ضد الدبيبة أن «مهمته هي قيادة الحكومة لتوفر ظروف الانتخابات، وأن يكون مؤتمناً على إجرائها، وألا يكون طرفًا في التنافس السياسي، وهو المتعهد بعدم خوضها لضمان نزاهتها». وذكره بمكانة احترام العهود في الشريعة الإسلامية -بغض النظر عن بقية القوانين والدساتير والاتفاقات- وذلك بعد نقضه لعهده الذي وقعه بيده بعدم الترشح للانتخابات.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر مقرب من فتحي باشاغا، وزير الداخلية في حكومة الوفاق السابقة المرشح المنافس للدبيبة، أن «الطعن الذي قبلته المحكمة يستند إلى أن الدبيبة لم يقدم ما يفيد بتوقفه عن العمل قبل 3 أشهر من تاريخ الانتخابات، إلى جانب امتلاكه جنسية أجنبية مع الليبية، وهو ما يخالف شروط الترشح وفقاً لقانون الانتخابات».
وتقدم الدبيبة بأوراق ترشحه للانتخابات الرئاسية المقررة في 24 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، متجاوزاً المادة (12) من قانون الانتخابات، والأصوات السياسية الرافضة لترشحه، نظراً لعدم توقفه عن العمل لمدة 3 أشهر قبل موعد الانتخابات المقرر بعد أقل من شهر من الآن. وتشترط هذه المادة على أي عسكري أو مدني يترشح لمنصب الرئيس «التوقف عن العمل وممارسة مهامه قبل موعد الانتخابات بثلاثة أشهر»، وفي حال عدم انتخابه «يعود لسابق عمله».
ورفض عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب المقرب من المشير خليفة حفتر، وهما مرشحان للانتخابات الرئاسية، تعديل أو إلغاء المادة، ما فسرته أطراف سياسية على أنها «محاولة من صالح لإقصاء شخصيات سياسية بعينها، من بينها الدبيبة».
وفي المقابل، رفضت محكمة استئناف طرابلس، ولجنة الطعون الابتدائية بمحكمة استئناف بنغازي، طعوناً ضد ترشح حفتر لعدم اختصاصها مكاناً، وألزمت مقدميها بالمصاريف.
بدوره، قال سيف الإسلام القذافي، النجل الثاني للعقيد الراحل معمر القذافي، عبر «تويتر»، إنه «تم يوم أمس، ولليوم الثاني على التوالي، تطويق مبنى محكمة سبها الابتدائية بقوة عسكرية، ومنع القضاة والموظفين من الدخول، مما تسبب في تأجيل النظر في الطعن المقدم من محاميه ضد قرار المفوضية العليا للانتخابات باستبعاده».
وأبلغ خالد الزايدي، محامي نجل القذافي، وسائل إعلام محلية بأنه «لا مؤشرات على عقد جلسة النظر في الطعن»، بينما أكد مسؤولون بمفوضية الانتخابات «عدم عقد الجلسة المخصصة للحكم في الطعن، وسط معلومات عن تعرض القضاة للتهديد».
وقال العميد محمد بشر، مدير أمن مدينة سبها، إن «محكمة سبها تعرضت، أمس، لحصار خانق بآليات ومدرعات مسلحة تابعة لكتيبتي (115) و(طارق بن زياد) بالجيش الوطني، ما أدى إلى منع المواطنين والقضاة والموظفين من الدخول وممارسة أعمالهم».
واحتج سكان المدينة في مظاهرة أمام مجمع المحاكم على التهديدات التي تتعرض لها الهيئات القضائية، والتدخل في عمل القضاء.
وعدت النقابة العامة للمحامين الاعتداء على محكمة سبها والعاملين فيها انتهاكاً خطيراً، ومساساً بهيبة القضاء واستقلاله، وحرماناً لليبيين من ممارسة حقهم الدستوري في اللجوء للقضاء. وطالبت الجهات المختصة بملاحقة الجناة وتقديمهم للعدالة، لكن جهاز الشرطة القضائية بمحكمة سبها أكد أمس «استتباب الأمن داخل المحكمة ومحيطها». وقالت عناصر من الجهاز في لقطات مصورة إن «محكمة سبها مفتوحة، ولم تغلق أمام أي أحد».
ومن جانبها، أصدرت هيئة الرقابة الإدارية مساء أول من أمس قراراً بـ«تشكيل لجنة تحقيق فيما تواترت عليه وسائل الإعلام، بوجود حالات تزوير تمس العملية الانتخابية». وحثت الهيئة المواطنين لـ«الإبلاغ عن أي حالات تزوير أو مخالفات في شأن العملية الانتخابية، والتوجه في ذلك إلى أقرب فرع أو مكتب لها»، فيما رفع جهاز الشرطة القضائية حالة الاستعداد القصوى لتأمين وحماية جميع المقرات العدلية، وذلك لاستقبال الطعون في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
ووفق أحدث إحصائية لمفوضية الانتخابات، فقد ارتفع العدد الكلي للمرشحين للانتخابات البرلمانية إلى 2757 مرشحاً موزعين على الدوائر الانتخابية، بينما بلغ العدد الكلي لبطاقات الناخب المستلمة منذ مباشرة توزيعها على الناخبين أكثر من 2.3 مليون بطاقة، منها 1.3 مليون بطاقة للرجال، وأقل من مليون بطاقة للنساء. وأوضحت المفوضية ارتفاع نسبة توزيع البطاقات إلى 81 في المائة من إجمالي البطاقات الصادرة.
ومن جهة أخرى، وطبقاً لشهود عيان، فقد شهدت عدة مناطق في العاصمة طرابلس، من بينها طريق المطار ومناطق أخرى جنوب المدينة، حركة نشطة غير واضحة الأسباب مساء أول من أمس للميليشيات المسلحة المحسوبة على حكومة الوحدة.