الاقتصاد المصري بانتظار تحويل مذكرات تفاهم مؤتمر شرم الشيخ إلى عقود

توقع وصول ودائع الدعم الخليجي إلى البنك المركزي خلال أسبوع

صورة لمجسم العاصمة الإدارية المصرية المرتقب إنشاؤها بعد الإعلان عنها في مؤتمر شرم الشيخ الشهر الماضي (إ.ب.أ)
صورة لمجسم العاصمة الإدارية المصرية المرتقب إنشاؤها بعد الإعلان عنها في مؤتمر شرم الشيخ الشهر الماضي (إ.ب.أ)
TT

الاقتصاد المصري بانتظار تحويل مذكرات تفاهم مؤتمر شرم الشيخ إلى عقود

صورة لمجسم العاصمة الإدارية المصرية المرتقب إنشاؤها بعد الإعلان عنها في مؤتمر شرم الشيخ الشهر الماضي (إ.ب.أ)
صورة لمجسم العاصمة الإدارية المصرية المرتقب إنشاؤها بعد الإعلان عنها في مؤتمر شرم الشيخ الشهر الماضي (إ.ب.أ)

بعد أسابيع قليلة من انتهاء مؤتمر «مصر المستقبل» الاقتصادي، الذي عقد في مارس (آذار) الماضي، والذي جمع مستثمرين ومسؤولين من كل أنحاء العالم، يبدو الاقتصاد المصري في مفترق طرق في انتظار ما ستؤول إليه مذكرات التفاهم التي وقعتها الحكومة أملا في دفع عجلة النمو بأكبر اقتصاد في شمال أفريقيا.
والمؤتمر الذي احتضنته مدينة شرم الشيخ في منتصف الشهر الماضي، أسفر عن جذب مساعدات خليجية بقيمة 12.5 مليار دولار، بالإضافة إلى توقيع عقود استثمارية بقيمة 33.2 مليار دولار، وإبرام اتفاقات مبدئية بقيمة 89 مليار دولار من المرجح أن تترجم إلى استثمارات محلية وأجنبية في مشروعات الطاقة والنقل والدعم اللوجستي والتطوير العقاري، وغيرها من القطاعات المحورية بالاقتصاد المصري.
ويقول مسؤولون حكوميون مصريون لـ«الشرق الأوسط»، إن العمل يجري حاليا على قدم وساق من أجل تحويل مذكرات التفاهم التي تم توقيعها في المؤتمر إلى عقود قبيل نهاية العام المالي الحالي.
وفي تلك الأثناء، يرى محللون، استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، أن المشروعات والاستثمارات التي تم الاتفاق عليها في المؤتمر تحتاج إلى ما هو أكثر من التوقيع على تلك العقود ومذكرات التفاهم. وترى مؤسسات بحثية كبرى على غرار «موديز» و«هيرميس»، أن الاستثمارات الأجنبية والمساعدات الخليجية التي تم جلبها في المؤتمر من شأنها أن تسرع وتيرة نمو الاقتصاد في العام المالي الحالي إلى مشارف 4.5 في المائة ونحو 6 في المائة في العام المالي المقبل.
وإلى قطاع الكهرباء والطاقة الذي استحوذ على النصيب الأكبر، تظهر حسابات «الشرق الأوسط» توقيع عقود في ذلك المجال بلغت نحو 16.6 مليار دولار ومذكرات تفاهم تبلغ قيمتها نحو 37.5 مليار دولار.
وشرح محمد اليماني، المتحدث باسم وزارة الكهرباء المصرية لـ«الشرق الأوسط»، أن الوزارة تجتمع بصفة أسبوعية مع مسؤولي الشركات التي وقعت مذكرات تفاهم لإنشاء مشروعات في مجال الطاقة وتوليد الكهرباء. وأضاف: «نجتمع مع مسؤولي تلك الشركات للعمل على تذليل العقبات وتحويل تلك المذكرات إلى عقود في غضون الأسابيع القليلة المقبلة. هناك أيضا تقدم يحرز مع شركة «سيمنز» الألمانية للبدء في المشروعات التي تم التفاهم بشأنها».
و»سيمنز» هي صاحبة جزء كبير من مذكرات التفاهم التي تم توقيعها بالمؤتمر، إذ وقعت الشركة العالمية على مذكرات تبلغ قيمتها نحو 7 مليارات دولار لإنشاء محطات كهربائية في مختلف أنحاء البلاد. بينما حازت شركة «ثروة» للاستثمار على أكبر مذكرات التفاهم من حيث القيمة لإنشاء محطة كهرباء تعمل بالفحم النظيف، ستكون الأكبر من نوعها بالعالم وبتكلفة استثمارية تبلغ 9.6 مليار دولار.
وتقول «هيرميس» في مذكرة بحثية حول أهمية تطوير قطاع الكهرباء: «سيركز كثير من مطوري مشروعات البنية الأساسية خلال الأشهر القادمة على تجنب أزمة الطاقة الكهربائية خلال أشهر فصل الصيف من خلال تنفيذ الخطة القومية لطوارئ الطاقة التي سينتج عنها إضافة 3.2 غيغاوات إلى شبكة الكهرباء القوية بحلول أغسطس (آب) 2015».
وحل القطاع العقاري كثاني أكبر القطاعات جذبا للاستثمارات خلال المؤتمر بخلاف العاصمة الجديدة، بلغ قيمته نحو 4 مليارات دولار، بينما بلغت قيمة مذكرات التفاهم التي تم توقيعها وفقا لحسابات «الشرق الأوسط» نحو 34.5 مليار دولار.
وتبلغ تكلفة العاصمة الجديدة التي تنوي مصر بناءها نحو 45 مليار دولار كمرحلة أولى، وسيتم تنفيذ المشروع في إطار برنامج الشراكة بين القطاعين؛ العام والخاص؛ حيث تتمثل مساهمة الحكومة في توفير أرض المشروع مقابل حصة مساهمة تصل إلى 24 في المائة، وفقا لتصريحات لوزير الإسكان في مقابلة مع «الشرق الأوسط» الشهر الماضي.
ويقول مصدر في وزارة الإسكان لـ«الشرق الأوسط»، طلب عدم الكشف عن هويته، كونه غير مخول بالحديث لوسائل الإعلام، إن مذكرات التفاهم التي تم توقيعها بالمؤتمر ينتظر أن يتم الإعلان عن تفعيل عدد منها خلال الأسابيع القليلة المقبلة. وأضاف: «ندرس الآن مع عدد من الشركات تحويل تلك المذكرات إلى عقود بعد الاتفاق على الخطوط العريضة. هناك شركتان على الأقل بالمراحل النهائية حاليا».
وحول هذا المشروع، تقول «هيرميس»: «إضافة مشروع العاصمة الجديدة ومشروع قناة السويس إلى قائمة العقود والاتفاقيات المبرمة، يمكن ترجمته إلى استثمارات أجنبية مباشرة إضافية تتراوح بين 20 و30 مليار دولار على مدار السنوات الأربع القادمة، وهو ما يعادل نحو 6 - 9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لسنة 2014 - 2015».
وثارت حالة من الجدل خلال اليومين الماضيين حول مشروع العاصمة الجديدة، بعد أن قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إن المشروع لن يمول من الموازنة المصرية لعدم قدرتها على تحمل تلك الأعباء. ولكن أكدت المتحدثة باسم وزارة الإسكان المصرية، وفاء بكري، لـ«الشرق الأوسط»، أن «المشروع في طريقه نحو البدء قريبا بعد الانتهاء من كل التفاصيل مع الشريك الإماراتي. لا صحة على الإطلاق لما يردده البعض حول إلغاء المشروع».
وإلى قطاع البترول الذي كان أيضا أحد أهم القطاعات جذبا للاستثمارات الأجنبية، حيث تشير حسابات «الشرق الأوسط» إلى بلوغ قيمة العقود الموقعة به نحو 12 مليار دولار، بالإضافة إلى مذكرات تفاهم بقيمة 9 مليارات دولار.
وشركة «بريتش بتريليوم» البريطانية العملاقة هي صاحبة العقد الوحيد المبرم مع الحكومة المصرية بقيمة 12 مليار دولار. ويقول حمدي عبد العزيز، المتحدث باسم وزارة البترول لـ«الشرق الأوسط»، إن «مذكرات التفاهم التي تم توقيعها في مجال البترول تتعلق كلها بأنشطة استكشافية وتطوير حقول دخلت بالفعل في حيز التنفيذ». ويشرح: «بدأت بالفعل بعض الشركة في تفعيل تلك العقود من خلال البدء في أنشطتها الاستكشافية أو التوسع في الأعمال القائمة بالفعل».
ووفقا لحسابات «الشرق الأوسط»، فإن مذكرات التفاهم التي تم توقيعها في مجال البترول والغاز بلغت 9 مليارات دولار مع شركتي «بريتش غاز» البريطانية و«إيني» الإيطالية.
وهذه المشروعات تأتي بعد حزمة الدعم الخليجية التي من شأنها تطبيق أهداف المؤتمر. ويقول فريد هاونغ، محلل الاقتصادات الناشئة لدى «دويتشه بنك»، لـ«الشرق الأوسط»: «ستسهم الاستثمارات والودائع الخليجية في إعداد الطريق لتنفيذ المشروعات العملاقة التي تم الإعلان عنها في المؤتمر». ويضيف: «يتعلق الأمر هنا في المقام الأول بتوفير العملة الأجنبية التي تفتقر مصر إليها بشدة، سيتيح هذا خيارا هائلا للبنك المركزي المصري في الدفاع عن عملتها التي سمح البنك بهبوطها حتى الآن إلى معدلات ليست ببعيد عن قيمتها الحقيقية».
ووفقا لتصريحات محافظ المركزي المصري، هشام رامز، فإن الودائع الخليجية المقدرة بنحو 6 مليارات دولار ينتظر أن تصل إلى البنك في غضون الأسبوع المقبل، مما سيمثل دعما هائلا للاحتياطي الأجنبي الذي واصل نزيفه في الشهر الماضي ليبلغ 15.291 مليار دولار من 15.456 مليار دولار في فبراير (شباط) الماضي.
وتقول وكالة التصنيف الائتماني «موديز» حول نتائج المؤتمر الاقتصادي في مذكرة بحثية صدرت هذا الأسبوع بأعقاب رفع تصنيف الديون السيادية لمصر: «يؤكد الدعم القوي الذي تلقته مصر من المانحين في مؤتمر التنمية الاقتصادية الذي عقد خلال الفترة من 13 - 14 مارس الماضي في شرم الشيخ، توقعات وكالة التصنيف بحدوث انتعاش في الاستثمار المحلي والأجنبي، الذي قدم بشكل رئيسي، ليس على سبيل الحصر، من دول مجلس التعاون الخليجي، التي تعهدت بدعم مالي بقيمة 12.5 مليار دولار أميركي من المساعدات الرسمية والاستثمارات. هذا بالإضافة إلى توقيع صفقات استثمارية بنحو 38 مليار دولار أميركي».
ومنذ شهر يوليو (تموز) الماضي 2013، ظلت السعودية والكويت والإمارات ملتزمة بدعم الاقتصاد المصري في صورة ودائع كبيرة من العملات الأجنبية في البنك المركزي المصري، مما أكدت «موديز» أنه سيسهم في «توفير التغطية الكافية لسداد الديون الخارجية المستحقة في عام 2015».
وترى «هيرميس» أن مردود هذه الاستثمارات والطفرة بأنشطة الاستثمار المباشر سيكون لهما دور محوري في تسريع نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى حدود 6 في المائة عام 2017 مقابل التقديرات الحالية بنحو 5.1 في المائة، وذلك «مرهون بسرعة تحرك الحكومة نحو تنمية قدرات الاقتصاد من حيث توفير مواد البناء وتطوير البنية الأساسية والارتقاء بالقوى العاملة لتجاوز الضغوطات المحتملة، خصوصا على عنصر القوى العاملة خلال العامين أو الـ3 أعوام القادمة». إلا أنها ترى أن تحويل 20 في المائة من مذكرات التفاهم إلى عقود، قد يواجه معوقات الطاقة الاقتصادية في كل المجالات باستثناء المشروعات المتعلقة بالبترول والغاز الطبيعي.
وقالت في مذكرتها: «في هذا السيناريو ستنقلب جميع العوامل، بما فيها القوى العاملة، إلى عراقيل تواجه مسيرة النمو الاقتصادي المنشود في مصر».
ويقول هاني عمارة، محلل اقتصادي أول لدى «أو إس فايننشال سرفيس»، لـ«الشرق الأوسط»، إن عوامل نجاح الحكومة في تحقيق الهدف من المؤتمر يقابله بعد التحديات أهمها توفير السيولة بالدولار لمواكبة تطورات النمو. ويضيف: «على الحكومة أن تعي جيدا أن زيادة واردتها بنسبة لا تقل عن 8 في المائة سنويا، يتطلب توفير قدر من العملة الصعبة لن يقل بأي حال عن 5 مليارات دولار في العام المالي المقبل». ويختتم بالتنبيه إلى أن «أولوية تنفيذ المشروعات ينبغي أن تكون لقطاع الطاقة، سيتعين عليهم توفير حجم هائل من الطاقة لتنفيذ تلك المشروعات الهائلة التي تم الاتفاق عليها بالفعل وأي مذكرات تفاهم إضافية يتم تحويلها إلى عقود يعني المزيد من الحاجة إلى الطاقة لتلبية احتياجات تلك المشروعات».

* وحدة «الشرق الأوسط» الاقتصادية



الناتج المحلي الأميركي ينمو 2.8 % في الربع الثالث

مبنى الكابيتول في واشنطن (رويترز)
مبنى الكابيتول في واشنطن (رويترز)
TT

الناتج المحلي الأميركي ينمو 2.8 % في الربع الثالث

مبنى الكابيتول في واشنطن (رويترز)
مبنى الكابيتول في واشنطن (رويترز)

نما الاقتصاد الأميركي بمعدل 2.8 في المائة على أساس سنوي في الربع الثالث من العام، وهو نفس التقدير الأولي الذي أعلنته الحكومة يوم الأربعاء، مدفوعاً بزيادة إنفاق المستهلكين وارتفاع الصادرات.

وأفادت وزارة التجارة بأن نمو الناتج المحلي الإجمالي الأميركي - الذي يعكس قيمة السلع والخدمات المنتجة في البلاد - قد تباطأ مقارنةً بالربع الثاني الذي سجل نمواً بنسبة 3 في المائة. ومع ذلك، أظهر التقرير أن الاقتصاد الأميركي، الذي يعد الأكبر في العالم، ما يزال يثبت قدرته على الصمود بشكل أكبر مما كان متوقعاً. فقد تجاوز نمو الناتج المحلي الإجمالي نسبة 2 في المائة في ثمانية من آخر تسعة أرباع، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

ورغم هذه النتائج الإيجابية، كان الناخبون الأميركيون، الذين يشعرون بالاستياء بسبب ارتفاع الأسعار، غير راضين عن النمو الثابت، فاختاروا في هذا الشهر إعادة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض بهدف تعديل السياسات الاقتصادية للبلاد. كما سيحظى ترمب بدعم أغلبية جمهورية في مجلسي النواب والشيوخ.

وفي ما يتعلق بإنفاق المستهلكين، الذي يمثل نحو 70 في المائة من النشاط الاقتصادي في الولايات المتحدة، فقد تسارع إلى 3.5 في المائة على أساس سنوي في الربع الثالث، مقارنة بـ 2.8 في المائة في الربع الثاني، وهو أسرع نمو منذ الربع الأول من عام 2023. كما ساهمت الصادرات بشكل كبير في نمو الاقتصاد، حيث ارتفعت بنسبة 7.5 في المائة، وهو أعلى معدل خلال عامين. ومع ذلك، كان نمو إنفاق المستهلكين والصادرات في الربع الثالث أقل من التقديرات الأولية لوزارة التجارة.

وعلى الرغم من التحسن في الإنفاق، فقد شهد نمو استثمار الأعمال تباطؤاً ملحوظاً، بسبب انخفاض الاستثمار في قطاع الإسكان والمباني غير السكنية مثل المكاتب والمستودعات. في المقابل، شهد الإنفاق على المعدات قفزة ملحوظة.

وعند توليه منصب الرئاسة في الشهر المقبل، سيرث الرئيس المنتخب ترمب اقتصاداً يتمتع بمؤشرات إيجابية عامة. فالنمو الاقتصادي مستمر، ومعدل البطالة منخفض عند 4.1 في المائة. كما تراجع التضخم، الذي بلغ أعلى مستوى له في 40 عاماً بنسبة 9.1 في المائة في يونيو (حزيران) 2022، إلى 2.6 في المائة. وعلى الرغم من أن هذا الرقم لا يزال يتجاوز الهدف الذي حدده من قبل «الاحتياطي الفيدرالي» والبالغ 2 في المائة، فإن البنك المركزي يشعر بالرضا عن التقدم الذي تم إحرازه في مكافحة التضخم، الأمر الذي دفعه إلى خفض سعر الفائدة الأساسي في سبتمبر (أيلول) ثم مرة أخرى هذا الشهر. ويتوقع العديد من متداولي «وول ستريت» أن يقوم «الاحتياطي الفيدرالي» بتخفيض آخر لأسعار الفائدة في ديسمبر (كانون الأول).

إلا أن الجمهور لا يزال يشعر بوطأة التضخم، حيث ارتفعت الأسعار بنسبة 20 في المائة عن مستواها في فبراير (شباط) 2021، قبل أن يبدأ التضخم في الارتفاع.

من جهة أخرى، وعد ترمب بإجراء تغييرات اقتصادية كبيرة. ففي يوم الاثنين، تعهد بفرض ضرائب جديدة على واردات السلع من الصين والمكسيك وكندا. ويرى الاقتصاديون الرئيسيون أن هذه الضرائب أو التعريفات الجمركية قد تزيد من التضخم، حيث يقوم المستوردون الأميركيون بتحمل تكاليف هذه الضرائب ثم يسعون إلى نقلها إلى المستهلكين في صورة أسعار أعلى.

وكان تقرير الأربعاء هو الثاني من ثلاث مراجعات للناتج المحلي الإجمالي للربع الثالث. ومن المقرر أن يصدر التقرير النهائي من وزارة التجارة في 19 ديسمبر.