الأمطار تُغرق منازل غزة المتضررة من الحرب

بلدة بيت لاهيا تعرضت لغارات إسرائيلية مكثفة

تغطية سقف منزل في بيت لاهيا بالنايلون لمنع تسرب مياه الأمطار (أ.ب)
تغطية سقف منزل في بيت لاهيا بالنايلون لمنع تسرب مياه الأمطار (أ.ب)
TT

الأمطار تُغرق منازل غزة المتضررة من الحرب

تغطية سقف منزل في بيت لاهيا بالنايلون لمنع تسرب مياه الأمطار (أ.ب)
تغطية سقف منزل في بيت لاهيا بالنايلون لمنع تسرب مياه الأمطار (أ.ب)

أدت أول عاصفة شتوية ممطرة إلى تدفق المياه على منزل غالية العطار، عبر شقوق الجدران وسقف من الصفيح، حيث وزعت الأرملة وأطفالها وأحفادها الدلاء على الأرض لاستقبال المياه، بحسب تقرير لوكالة «أسوشيتدبرس» من بيت لاهيا بقطاع غزة.
وكان منزلهم من بين عشرات الآلاف التي تضررت خلال حرب غزة التي استمرت 11 يوماً في مايو (أيار) الماضي بين إسرائيل وحركة حماس المسيطرة على القطاع المحروم المعزول. ودُمرت مئات المنازل تماماً، ولم تبدأ جهود إعادة الإعمار حتى الآن. وتمكنت عائلات، مثل عائلة العطار، من تدارك الأوضاع بأفضل ما يمكنها، غير أن الشتاء في المنطقة الساحلية يجلب ليالي البرد القارس والعواصف الممطرة الدورية. وقالت غالية في اليوم التالي: «لم أرَ ليلة أسوأ من تلك»، بينما كانت هي وأقاربها يرفعون الأغطية والفرش على الحبال لتجف.
وخلال الحرب، تعرضت بلدة بيت لاهيا الزراعية، بالقرب من الحدود مع إسرائيل، لقصف جوي إسرائيلي مكثف أسفر عن تضرر كثير من المنازل المجاورة، وانكسار الأشجار بسبب الشظايا. وتقول إسرائيل إنها قصفت أهدافاً عسكرية فقط، وبذلت كل الجهود لتجنب المدنيين، ولكن من بين أكثر من 250 شخصاً قتلوا في غزة، كان أكثر من النصف من المدنيين، وفقاً للأمم المتحدة، في حين سقط 13 قتيلاً فقط على الجانب الإسرائيلي.
وبحسب الأمم المتحدة، فإن نحو 56 ألف منزل في مختلف أنحاء القطاع قد تضررت جراء الحرب، وأكثر من 2100 منزل آخر قد دمرت تماماً أو تضررت بشكل كبير، وبالتالي لا يمكن السكن فيها. وكانت إسرائيل قد شنت مئات الغارات الجوية خلال الحرب، استهدفت خلالها المناطق المأهولة بالسكان، وقالت إن حركة حماس تشن الهجمات انطلاقاً منها، حيث أطلق نشطاء من غزة آلاف الصواريخ على إسرائيل.
وتحملت غزة 4 حروب وعقاباً إثر الحصار الإسرائيلي - المصري منذ عام 2007، عندما استولت «حماس» على السلطة من القوات الفلسطينية المتنافسة. وتقول إسرائيل إن الحصار ضروري لمنع المتشددين من إعادة التسلح، في حين يعده النقاد شكلاً من أشكال العقاب الجماعي.
ناجي سرحان، المسؤول في وزارة الإسكان بحركة حماس، يقول إن السكان بحاجة إلى 170 مليون دولار لإعادة البناء، ولكن حتى الآن لم يتم صرف سوى 13 مليون دولار فقط. وقد غطى ذلك بعض الإصلاحات، ولكن الأموال ليست كافية لتغطية إعادة بناء المنازل التي دُمرت. كما قدم البنك الدولي الذي يساعد في تنسيق المساعدات الدولية إلى غزة تقديرات مماثلة بشأن الأموال المطلوبة لإعادة البناء.
ويشير سرحان إلى أن «الدول المانحة منهكة». ويضيف أن هناك منازل دُمرت 3 مرات. وفي كل حرب، يُدمر هذا البيت أو ذاك، ثم يعاد بناؤه، ثم يُهدم.
وكثير من الأسر التي لم تتعرض مساكنها إلا لأضرار طفيفة أو متوسطة لم تغادرها، غالباً لأنها لا تستطيع تحمل تكاليف السكن. ولكن بعد شهور من دون تصليحات، ومع وصول الطقس الممطر، تتسع الأضرار.
وخصصت قطر، الجهة المانحة الرئيسية لقطاع غزة، 50 مليون دولار لإعادة بناء وإصلاح المنازل. كما تعهدت مصر بتقديم 500 مليون دولار للبنية التحتية والإسكان، ولكن ليس من الواضح مقدار ما تحقق فعلاً من هذا التمويل. وقال سرحان إن مسؤولي حركة حماس يجرون محادثات مع قطر لزيادة مساهمتها.
وخففت إسرائيل من الحصار، في إطار موقف غير رسمي بوساطة مصرية، كما أنها تُصدر 10 آلاف تصريح للفلسطينيين من غزة للعمل في إسرائيل، لا سيما في أعمال البناء والأعمال الشاقة. وهذا من شأنه توفير تدفق حيوي من الأموال النقدية إلى غزة، حيث تحوم البطالة حول نسبة 50 في المائة. ويُسمح بدخول مواد البناء لأولئك القادرين على تحمل أسعارها.
وفي الصباح التالي للعاصفة الممطرة، كانت بعض المنازل في بيت لاهيا لا تزال مغمورة بالمياه. وأخذ علي العطار، ابن العم الذي تزوج وانتقل إلى منزله في يناير (كانون الثاني) الماضي، يخوض في الماء بعمق قدميه (30 سنتيمتراً) وهو يحمل أثاثه إلى منزل والديه، ويحاول إنقاذ السجاد الرطب الذي تفوح منه رائحة المياه المالحة، فيما قالت غالية العطار: «نأمل أن نعيد بناء هذا البيت، ونجعله صالحاً، ولكنني لا أستطيع ذلك».



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.