روسيا تعرقل مشروع القرار الخليجي حول اليمن في مجلس الأمن

المندوب الروسي يرفض فرض عقوبات على زعيم الحوثيين ويطالب بحظر السلاح على جميع الأطراف

روسيا تعرقل مشروع القرار الخليجي حول اليمن في مجلس الأمن
TT

روسيا تعرقل مشروع القرار الخليجي حول اليمن في مجلس الأمن

روسيا تعرقل مشروع القرار الخليجي حول اليمن في مجلس الأمن

أبدت روسيا عدة اعتراضات على مسودة مشروع القرار الخليجي المقدم تحت الفصل السابع إلى مجلس الأمن الدولي. وواصلت موسكو عرقلتها لإصدار القرار الدولي، أمس، وتقدمت بمقترحات لتعديل مشروع القرار اعتبرتها أطراف خليجية تعديلات معرقلة وتعجيزية، بما يشير إلى تراجع فرصة عقد جلسة قريبة لمجلس الأمن للتصويت على القرار حول اليمن، في ظل استمرار المفاوضات بين الدول الخليجية وروسيا، والدول الغربية دائمة العضوية بالمجلس.
وأشارت مصادر دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط» إلى أن المندوب الروسي قدم تعديلات لمجموعة الدول الخليجية اعترض فيها على البنود الواردة في مشروع القرار الخليجي لفرض عقوبات على عبد الله الحوثي زعيم جماعة الحوثيين في اليمن. وأكد مندوب موسكو لدى الولايات المتحدة فيتالي تشوركين أن بلاده تنظر إلى زعيم جماعة الحوثيين باعتباره «رجل دين»، وليس قائدا عسكريا.
وطالب المندوب الروسي بحظر توريد الأسلحة إلى جميع الأطراف في الأزمة اليمنية، بما في ذلك قوات الحوثيين والقوات الحكومية التابعة للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي.
وطرحت روسيا في تعديلاتها وقفا فوريا لتوريد السلاح إلى القوات التابعة للرئيس السابق على عبد الله صالح، وابنه أحمد، وعبد الملك الحوثي زعيم جماعة أنصار الله، وفرض هذا الحظر على كل الأطراف اليمنية دون تمييز.
وشدد تشوركين على ضرورة إيقاف الغارات الجوية التي تقودها قوات تحالف «عاصفة الحزم» ضد المتمردين، وفرض هدنة إنسانية تسمح بدخول المساعدات الإنسانية والإمدادات الطبية والغذائية للمتضررين من الغارات الجوية من اليمنيين، إضافة إلى ضرورة التفاوض للتوصل إلى حل سياسي واستئناف عملية الانتقال السياسية في اليمن بمشاركة جميع الأطراف اليمنية.
ولوح المندوب الروسي بإمكانية استخدام حق النقض «الفيتو» إذا لم يتم مراعاة المطالب الروسية في مشروع القرار، قبل تحويله إلى اللون الأزرق وطرحه للتصويت في مجلس الأمن.
وعقدت مجموعة الدول الخليجية اجتماعا بمقر البعثة القطرية لدى الأمم المتحدة، صباح أمس، استمر لعدة ساعات لمناقشة الرد العربي على التعديلات الروسية، وإيجاد صيغة توافقية تتضمن جانبا من المقترحات الروسية، بما يتوافق مع الموقف الخليجي.
وتبحث دول مجلس التعاون الخليجي، إضافة بعض الفقرات التي تتعلق بإتاحة هدنة إنسانية والسماح لقوات الإغاثة الإنسانية بتوفير المساعدات لليمنيين، ولكن تحت إشراف الحكومة اليمنية.
كما تجري المشاورات الخليجية لإعادة صياغة البند الخاصة بحظر توريد السلاح إلى الحوثيين، ليصبح حظر توريد الأسلحة إلى جميع الأطراف غير الحكومية الشرعية.
وأشار مصدر دبلوماسي سعودي إلى استياء كبير لدى الدول الخليجية من المقترحات الروسية، مشيرا إلى استمرار المفاوضات مع كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا (الدائمة العضوية في مجلس الأمن، التي تساند مشروع القرار الخليجي بشأن اليمن) للتوصل إلى أرضية مشتركة حول مشروع القرار، وبحث الخيارات المتاحة تجاه الموقف الروسي.
وأشار الدبلوماسي السعودي، طالبا من «الشرق الأوسط» عدم الإفصاح عن اسمه، إلى أن الدول الخليجية تبحث إجراء بعض التعديلات الطفيفة مع الإبقاء على جوهر مشروع القرار فيما يتعلق بإدانة تصرفات الحوثيين، ودعم شرعية الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي. وأشار إلى أنه تم بالفعل إدراج بنود تتعلق بتوفير المساعدات الإنسانية (الذي اقترحته روسيا في مشروع قرار سابق) وضمان وصول تلك المساعدات إلى اليمنيين المدنيين.
وكان سفير المملكة العربية السعودية عبد الله المعلمي قد عقد اجتماعا استمر لساعة مع سفير روسيا لدى الأمم المتحدة تشوركين، صباح أول من أمس، في محاولة لتليين الموقف الروسي لصالح القرار.
وأبدى المعلمي تفاؤله بإمكانية التعاون الروسي مع الدول الخليجية وبقية أعضاء مجلس الأمن للخروج بقرار متوازن وشامل، يؤكد على ما سبق أن أقره مجلس الأمن من قرارات، ووافقت عليه روسيا.
وتحدث نائب وزير الخارجية الروسي غيتالي غاتيلوف عن رفض بلاده المبدئي لمشروع القرار الخليجي بشأن اليمن لكونه موجهة ضد جماعة الحوثيين.
وينص مشروع القرار الذي تقدمت به الدول الخليجية على مطالبة الحوثيين بالوقف الفوري عن جميع أعمال العنف وجميع العمليات العسكرية من قبل ميليشيات الحوثيين، وسحب الميليشيات المسلحة من جميع المناطق التي احتلها الحوثيون، بالإضافة إلى تسليم جميع الأسلحة التي استولوا عليها من المؤسسات الأمنية والحكومية في العاصمة صنعاء، بما في ذلك أنظمة الصواريخ.
ويتضمن مشروع القرار أيضا مطالبة الحوثيين بإطلاق سراح جميع المعتقلين دون قيد أو شرط وضمان عودتهم سالمين، والتوقف عن ممارسة الأعمال الاستفزازية وتهديد أمن الدول المجاورة، وضمان عدم توريد الأسلحة لقادة الميليشيات الحوثية بشكل مباشر أو غير مباشر. كما ينص مشروع القرار، وتكليف لجنة من الأمم المتحدة لمراقبة تنفيذ القرار ورفع تقرير عن مدى التزام الأطراف المعنية بتنفيذ القرار خلال عشرة أيام. ويشدد مشروع القرار على ضرورة التزام جميع الأطراف بحل الخلافات عبر التشاور.
ويقضي مشروع القرار بأنه في حال التزام الميليشيات المسلحة بتنفيذ كافة البنود الواردة، فإن مجلس الأمن سيطالب جميع الأطراف بوقف إطلاق النار. وفي حال رفضت ميليشيات الحوثيين والقوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، فإن مجلس الأمن سيفرض مزيدا من العقوبات على زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والرئيس السابق علي عبد الله صالح ونجله. وفي حال تم تمرير القرار بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، سيكون من الممكن استخدام القوة لفرض القرار على أي طرف يخترقه.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.