الوفد الإيراني يباشر مشاوراته في فيينا قبل المحادثات الرسمية غداً

عضو لجنة الطاقة في البرلمان: فخري زاده أنشأ نظاماً لإنتاج الأسلحة النووية رغم فتوى المرشد

نائب وزير الخارجية الإيراني على هامش لقاء مع نظيره البريطاني في لندن 11 نوفمبر 2021 (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني على هامش لقاء مع نظيره البريطاني في لندن 11 نوفمبر 2021 (رويترز)
TT

الوفد الإيراني يباشر مشاوراته في فيينا قبل المحادثات الرسمية غداً

نائب وزير الخارجية الإيراني على هامش لقاء مع نظيره البريطاني في لندن 11 نوفمبر 2021 (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني على هامش لقاء مع نظيره البريطاني في لندن 11 نوفمبر 2021 (رويترز)

قبل 48 ساعة من استئناف المفاوضات بين القوى الكبرى وإيران بهدف إنعاش الاتفاق النووي 2015، وصل الوفد الإيراني الجديد، برئاسة علي باقري كني، نائب وزير الخارجية للشؤون السياسية، إلى العاصمة النسماوية، وباشر مشاوراته التمهيدية.
وتستأنف مفاوضات غداً برئاسة الاتحاد الأوروبي، بصفته مسؤول اللجنة التنسيقية بين أطراف الاتفاق النووي، بحضور وفود تفاوضية من فرنسا وبريطانيا وألمانيا، وروسيا والصين. وسيكون الوفد الأميركي برئاسة المبعوث الخاص بإيران، روب مالي، خارج صالة المفاوضات المباشرة، على غرار الجولات الست السابقة، بسبب الرفض الإيراني.
وذكرت وكالة «إيسنا» الحكومية أن الجولة الأولى من المباحثات بين الأطراف المعنية بالاتفاق النووي بعد تولي المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي «ستعقد على مستوى نواب وزراء الخارجية». وأشارت إلى شرط طهران للعودة إلى طاولة المفاوضات، حيث قالت إن «رفع جميع العقوبات يجب أن يكون محور المفاوضات».
وأفادت مواقع إيرانية بأن فريق المفاوضين ضم 40 شخصاً، بينهم نائب محافظ البنك المركزي، وممثلون عن وزارتي الاقتصاد والتجارة. ولم يتضح وجود خبراء ومسؤولين إيرانيين حضروا الجولات الست الماضية التي بدأت مطلع أبريل (نيسان)، وانتهت في 20 من يونيو (حزيران)، غداة إعلان فوز رئيسي بالانتخابات الرئاسية.

سباق مشاورات

وبدأت أمس المشاورات الثنائية غير الرسمية في فيينا استعداداً لاستئناف المحادثات الرسمية، غداً (الاثنين)، حسبما أفاد المبعوث الروسي الدائم إلى المنظمات الدولية، ميخائيل أوليانوف، في تغريدة على «تويتر». ولفت المسؤول الروسي إلى أن إعادة الاتفاق النووي «تتطلب جهداً كبيراً».
وقال الوزير حسين أمير عبد اللهيان، في محادثة هاتفية مع جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي: «إذا كانت الأطراف المتعارضة على استعداد للعودة لكامل التزاماتها ورفع العقوبات، فسيكون بالإمكان التوصل إلى اتفاق جيد، بل فوري». وأضاف: «تريد إيران اتفاقاً جيداً يمكن التحقق منه»، وأنها ستحضر في المحادثات «بحسن نية».
وبدوره، كتب بورل، على «تويتر»، إنه أبلغ عبد اللهيان بأن إعادة الاتفاق النووي إلى المسار الصحيح أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى. وأضاف: «علينا أن نختتم بسرعة المناقشات حول جميع القضايا المفتوحة ببراغماتية وواقعية وحسن نية»، لافتاً إلى أن التعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية «هو المفتاح».
وجاءت المكالمة بعدما وجهت الولايات المتحدة وحلفاؤها (فرنسا وألمانيا وبريطانيا) تحذيراً صريحاً إلى طهران، وقالت: «إذا لم يُعالج عدم تعاون إيران فوراً... لن يكون أمام المجلس خيار سوى معاودة الاجتماع في جلسة استثنائية قبل نهاية العام للتعامل مع الأزمة». وذكرت أنها تشير «على الأخص» إلى إعادة تركيب كاميرات «الطاقة الذرية» في ورشة كرج لتصنيع أجهزة الطرد المركزي، وتعرضت لعملية تخريب في يونيو (حزيران) دمرت واحدة من 4 كاميرات تابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية هناك.
وكان المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، قد قال، الأربعاء، بعد زيارة لطهران الاثنين الماضي، إنه لم يتم إحراز أي تقدم في عدد من القضايا، أشدها إلحاحاً مسألة الوصول إلى ورشة في مجمع تسا في كرج، بعد شهرين من تقديم إيران وعوداً بالسماح بذلك.
وأزالت إيران فيما بعد جميع الكاميرات. وعلاوة على ذلك، فإن اللقطات التي صورتها الكاميرا المدمرة مفقودة. وقال غروسي إنه لا يعلم إن كان موقع كرج يعمل أم لا بعد 5 أشهر من الهجوم المفترض. وحذر من أنه «نقترب من مرحلة لن أتمكن فيها من ضمان استمرارية معرفة ما يجري هناك»، في إشارة إلى عدم وصول الوكالة الدولية إلى بيانات كاميرات المراقبة منذ انسحاب إيران من البروتوكول الملحق بمعاهدة حظر الانتشار قبل 9 أشهر.
ورداً على التحذير الأميركي - الأوروبي، أعلن الناطق باسم المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية، بهروز كمالوندي، رفض إيران إتاحة ورشة كرج النووية، وقال إن بلاده «لا تمتلك» مواد نووية في الموقع المذكور، و«لهذا السبب لا تشمله معاهدة حظر الانتشار».
ومنتصف الـشهر الحالي، أصدرت «الطاقة الذرية» تقارير تفصيلية عن خلافاتها مع إيران، بدءاً من المعاملة الفظة لمفتشيها، وصولاً إلى إعادة تركيب الكاميرات التي تعدها «ضرورية» لإحياء اتفاق طهران النووي.
وبموازاة التوتر بين إيران من جهة و«الطاقة الدولية» والدول الغربية من جهة أخرى، صعدت إسرائيل من نشاطها الدبلوماسي، وصعدت من لهجة التهديدات بتوجيه ضربة عسكرية.
وكشفت «القناة 12» الإسرائيلية، مساء الخميس، عن تقرير استخباراتي بريطاني، لم يكن متاحاً حتى وقت قريب إلا لكبار مسؤولي أجهزة الاستخبارات الغربية، يشير إلى أن إيران لديها ما يكفي من اليورانيوم المخصب لتطوير قنبلة في غضون شهر. ويظهر أيضاً أن إيران تراكمت لديها المعرفة في تطوير أجهزة الطرد المركزي المتقدمة، مما أدى إلى تحسن كبير في قدرتها على تخصيب اليورانيوم.
ونقلت القناة عن مسؤول إسرائيلي كبير مطلع على ما يجري في مفاوضات فيينا قوله إن طهران «راكمت معرفة لا تقدر بثمن، وبالتالي أصبحت الاتفاقيات الموقعة معها خالية من المضمون»، لكنه نوه بأن إيران تفتقر حالياً لوضع قنبلة على صاروخ باليستي، وهذا أمر سيستغرق منهم عامين آخرين. وبحسب المسؤول نفسه، يجب أن تمتلك إسرائيل «قدرة هجومية مهمة فعالة».

نظام لإنتاج الأسلحة

وفي طهران، أصرت وسائل الإعلام المؤيدة للحكومة المتشددة على استخدام تسمية مفاوضات «رفع العقوبات غير القانونية»، بدلاً من المفاوضات النووية، وهو ما أثار تساؤلات ومخاوف خلال الأيام الماضية من تشدد الفريق الحالي في التراجع عن انتهاكات الاتفاق النووي.
وقال رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، محمد إسلامي، إن محادثات فيينا لن تكون عن «قضايا نووية»، وإنما ستكون عن عودة الولايات المتحدة إلى اتفاق عام 2015 النووي.
وأبدت صحيفة «كيهان» التي يختار رئيس تحريرها المرشد الإيراني شكوكاً في جدية الإدارة الأميركية في مفاوضات فيينا. واتهمت في افتتاحية العدد الصادر أمس الإدارة الأميركية بالعمل على «إفشال» المحادثات لمواصلة العمل بالعقوبات التي فرضها الرئيس السابق دونالد ترمب بعد الانسحاب من الاتفاق النووي في مايو (أيار) 2018.
ورأت الصحيفة أن فريق بايدن «خلص إلى أن طهران نجت من العقوبات، وبإمكانها إجهاض عقوبات بايدن، بسبب عدم فاعلية الخيار العسكري، وتحييد العقوبات، نظراً للظروف الداخلية، وكونها في موقف الردع القوي دبلوماسياً وسياسياً ودفاعياً».
ويأتي استئناف المحادثات بعد يومين على الذكرى الأولى لاغتيال محسن فخري زاده، نائب وزير الدفاع في شؤون الأبحاث، الذي ارتبط اسمه بالبرنامج النووي، خاصة برنامج التسلح النووي.
وقال النائب فريدون عباسي، عضو لجنة الطاقة في البرلمان، إن فخري زاده «وضع خريطة طريق أولى للصناعة النووية الإيرانية»، مشيراً إلى مساهمته في قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المائة.
وقال عباسي، في مقابلة مع صحيفة «إيران» الناطقة باسم الحكومة، إن فخري زاده «أنشأ نظاماً في مجال الأسلحة النووية على الرغم من فتوى المرشد الإيراني».
عباسي الذي ترأس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية في زمن الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، ونجا من محاولة اغتيال، قال: «على الرغم من تحفظنا بشأن الأسلحة النووية، استناداً إلى فتوى المرشد حول حرمة إنتاج الأسلحة، فإن فخري زاده أنشأ نظاماً، ولم تكن مسألته الدفاع عن بلدنا».
ونوه عباسي بأن الاهتمام بالأسلحة «لا يخص فخري زاده فقط، إنما مسؤولين في مجموعتنا يحملون المواصفات نفسها؛ لقد عرف العدو خصائص في فخري زاده وأراد تصفيته. إنهم يسعون وراء آخرين. عندما يتاح لهم، يتحول إلى أولوية؛ سيصفون أفرادنا».



إسرائيل ليست عضواً في «الجنائية الدولية»... كيف تلاحق المحكمة نتنياهو وغالانت؟

بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (أ.ب)
بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (أ.ب)
TT

إسرائيل ليست عضواً في «الجنائية الدولية»... كيف تلاحق المحكمة نتنياهو وغالانت؟

بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (أ.ب)
بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (أ.ب)

تقدم أوامر الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية هذا الأسبوع بحق زعماء إسرائيل و«حماس»، بسبب الجرائم التي تتهمهم بارتكابها في غزة، رؤى مهمة حول مدى اختصاص المحكمة وحدود سلطتها.

وقدم تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» ما يجب أن نعرفه عن النطاق القانوني للمحكمة، حيث تسعى إلى اعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو؛ ووزير دفاعه السابق، يوآف غالانت؛ ورئيس الجناح العسكري لـ«حماس» محمد الضيف، الذي قد يكون ما زال على قيد الحياة.

لماذا تدعي المحكمة الاختصاص في هذه القضية؟

لقد انضمت أكثر من 120 دولة إلى معاهدة دولية، وهي نظام روما الأساسي، وهي أعضاء في المحكمة. تأسست المحكمة، التي يقع مقرها في لاهاي في هولندا، منذ أكثر من عقدين من الزمان لمقاضاة الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب والإبادة الجماعية وجريمة العدوان.

واتهمت المحكمة نتنياهو وغالانت باستخدام التجويع كسلاح حرب، من بين تهم أخرى، في الصراع مع «حماس» في غزة.

واتهمت المحكمة محمد الضيف، أحد المخططين الرئيسيين لهجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على إسرائيل، بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك القتل والتعذيب والعنف الجنسي واحتجاز الرهائن.

لا تعترف الدول القوية، بما في ذلك روسيا والولايات المتحدة والصين، بسلطة المحكمة. ولم تصادق على نظام روما الأساسي، ولا تحترم المذكرات الدولية الصادرة عن المحكمة ولن تسلم مواطنيها للمحاكمة.

لا إسرائيل ولا فلسطين عضوان في المحكمة. ولكن في حين لا تعترف العديد من الدول بدولة فلسطين، فقد فعلت المحكمة ذلك منذ عام 2015، عندما وقع قادة السلطة الفلسطينية، التي تسيطر على جزء كبير من الضفة الغربية.

وعلى الرغم من سيطرة «حماس» على غزة منذ عام 2007 ولا تعترف الجماعة المسلحة بخضوعها لدولة فلسطينية، فقد قضت المحكمة بأن لها ولاية قضائية على الأراضي الفلسطينية في غزة والضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية.

وقال ديفيد شيفر، السفير الأميركي السابق والمفاوض الرئيسي في النظام الأساسي الذي أنشأ المحكمة: «أود أن أزعم أن هذا يجعل تصرفات (حماس) أكثر عرضة للمحكمة الجنائية الدولية. إن السلطة القضائية للمحكمة الجنائية الدولية لا تقتصر على (حماس) فقط، بل إن (حماس) أثبتت دورها كسلطة حاكمة لذلك الجزء من دولة فلسطين، وبالتالي فإن هذه السلطة تحمل المسؤولية، بما في ذلك ارتكاب جرائم فظيعة».

ومن الأهمية بمكان بالنسبة لسلطة المحكمة أن اختصاصها يمكن أن يمتد إلى ما هو أبعد من الدول الأعضاء. ويمنح نظام روما الأساسي مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بموجب ميثاق الأمم المتحدة، سلطة إحالة جرائم الفظائع المرتكبة في أي دولة -عضو في المحكمة الدولية أم لا- إلى الهيئة القانونية للتحقيق.

وقد أحال مجلس الأمن السودان إلى المحكمة في عام 2005 بشأن الوضع الإنساني في دارفور، وأحال ليبيا في عام 2011 رغم أن كلتا الدولتين ليست عضواً في المحكمة.

وقال الخبراء إنه نظراً للتوترات الحالية بين الدول الخمس الدائمة العضوية في المجلس (بريطانيا والصين وفرنسا وروسيا والولايات المتحدة)، فمن غير المرجح أن يحيل المجلس بالإجماع فرداً إلى المحكمة للمحاكمة في أي وقت قريب.

وأشار شفير إلى أنه «نظراً للطبيعة غير الوظيفية لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في السنوات الأخيرة، فمن غير المرجح أن تنجو أي إحالة مقترحة لأي حالة معينة في العالم من الفيتو».

هل سعت المحكمة إلى محاكمة زعماء من دول غير أعضاء؟

بالفعل، سعت المحكمة إلى محاكمة زعماء من دول غير أعضاء، فروسيا ليست عضواً في المحكمة، ولكن في عام 2023 أصدرت مذكرة اعتقال بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بشأن غزو موسكو الكامل لأوكرانيا، التي لم تصبح عضواً بعد ولكنها منحت المحكمة الاختصاص ودعتها للتحقيق.

كما أصدرت المحكمة مذكرات اعتقال بحق عمر حسن البشير، الرئيس السابق للسودان، والعقيد معمر القذافي، الزعيم السابق لليبيا. ولا تتمتع أي من الدولتين بعضوية المحكمة.

في عام 2017، بدأ المدعي العام للمحكمة التحقيق في مزاعم جرائم الحرب في أفغانستان، بما في ذلك أي جرائم ربما ارتكبها الأميركيون. ورداً على ذلك، فرضت واشنطن عقوبات على فاتو بنسودا، المدعية العامة للمحكمة في ذلك الوقت، وألغت تأشيرة دخولها. وأسقطت المحكمة تحقيقاتها في وقت لاحق.

هل يمكن للمحكمة إنفاذ أوامر الاعتقال؟

في حين أن نطاق المحكمة قد يكون عالمياً تقريباً من الناحية النظرية، فإن قوتها في نهاية المطاف في أيدي أعضائها.

لا يمكن للمحكمة محاكمة المتهمين بارتكاب جرائم غيابياً وليس لديها آلية لمحاكمة المتهمين. إنها تعتمد على الدول الأعضاء للعمل كجهات منفذة واحتجاز المشتبه بهم قبل أن يتمكنوا من المثول للمحاكمة في لاهاي. ومع ذلك، لا تلتزم جميع الدول الأعضاء بالاتفاق.

قال رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، الجمعة، إنه دعا نتنياهو لزيارة بلاده، وهي عضو في المحكمة، وأنه سيتجاهل التزامه الرسمي بالتصرف بناءً على مذكرة الاعتقال الصادرة عن المحكمة.

في سبتمبر (أيلول)، زار بوتين منغوليا، وهي عضو آخر، من دون أن يتم القبض عليه.

وزار البشير جنوب أفريقيا، وهي أيضاً عضو، لحضور قمة الاتحاد الأفريقي لعام 2015.