هدوء حذر في عاصمة جزر سليمان بعد أعمال شغب دامية

الشرطة تعثر على ثلاث جثث في الحي الصيني وتعتقل العشرات

الحي الصيني كما بدا أمس وأسهم حظر تجول واستدعاء قوات إضافية لحفظ السلام من أستراليا وبابوا غينيا الجديدة في تهدئة التوتر (أ.ب)
الحي الصيني كما بدا أمس وأسهم حظر تجول واستدعاء قوات إضافية لحفظ السلام من أستراليا وبابوا غينيا الجديدة في تهدئة التوتر (أ.ب)
TT

هدوء حذر في عاصمة جزر سليمان بعد أعمال شغب دامية

الحي الصيني كما بدا أمس وأسهم حظر تجول واستدعاء قوات إضافية لحفظ السلام من أستراليا وبابوا غينيا الجديدة في تهدئة التوتر (أ.ب)
الحي الصيني كما بدا أمس وأسهم حظر تجول واستدعاء قوات إضافية لحفظ السلام من أستراليا وبابوا غينيا الجديدة في تهدئة التوتر (أ.ب)

عاد الهدوء إلى هونيارا عاصمة جزر سليمان الواقعة بجنوب المحيط الهادئ، أمس (السبت)، بعد أيام من أعمال شغب حولت أجزاء من المدينة إلى أنقاض متفحمة، فيما عثرت الشرطة على ثلاث جثث في مبنى محترق في الحي الصيني، واعتقلت أكثر من 100 شخص. ودعمت تعزيزات من بابوا غينيا الجديدة وأستراليا، الشرطة المحلية بعد اندلاع أعمال الشغب والاحتجاجات. وسارع شرطيون وجنود أستراليون وصلوا إلى البلاد لتوهم، إلى التدخل لإعادة النظام وحماية بعض المباني، وسيروا دوريات في شوارع هونيارا. وانتشرت الشرطة المدججة بالسلاح في الشوارع، فيما بدأ الأهالي عمليات التنظيف واستؤنفت خدمة الحافلات بشكل محدود. ويبدو أن حظر تجول ليلياً واستدعاء نحو 150 عنصراً لحفظ السلام من أستراليا وبابوا غينيا الجديدة، أسهما في تهدئة التوتر. وقال رئيس الوزراء لنظيره في بابوا غينيا الجديدة جيمس مارابه إن «عناصر معينة» حاولت إطاحة حكومة منتخبة ديمقراطياً»، ودعا لإرسال رجال لحفظ السلام «لثلاثة إلى أربعة أسابيع».
ونقلت محطة (إيه.بي.سي) الأسترالية عن تقرير من أحد حراس الأمن إنه تم العثور على جثث متفحمة في متجر بالحي الصيني في ساعة متأخرة من مساء الجمعة. ونقلت المحطة عن الشرطة قولها إن فرق الطب الشرعي بدأت تحقيقاً وما زالت في مكان الحادث، لكن سبب الوفيات لم يتضح. وتعرضت المباني في الحي الصيني للنهب والحرق خلال أعمال الشغب في العاصمة.
وينتمي محتجون كثيرون إلى إقليم مالايتا الأكثر سكاناً والذين يشعرون باستياء تجاه الحكومة ويعترضون على قرار اتخذته عام 2019 بإنهاء العلاقات الدبلوماسية مع تايوان وإقامة روابط رسمية مع الصين. والمظاهرة المحدودة التي بدأت الأربعاء، سرعان ما تحولت إلى أعمال عنف واسعة، وانضم أهالي هونيارا الفقراء إلى المحتجين المناهضين للحكومة في نهب متاجر كسرت واجهاتها أو أُضرمت فيها النيران. وعلى مدى ثلاثة أيام نزل مثيرو شغب غاضبون إلى شوارع العاصمة الساحلية الهادئة إجمالاً، للمطالبة بإقالة رئيس الوزراء ماناسيه سوغافاره.
في رسالة إلى الأمة قال سوغافاره إن أعمال الشغب تسببت في «تركيع» الدولة، لكنه تعهد بصد الدعوات المطالبة باستقالته. غير أن الوضع السياسي لا يزال مشحوناً. فقد دعا قادة المعارضة، السبت، إلى طرح الثقة بحكومة سوغافاره لكنهم قد لا يحصلون على الأصوات الكافية لإزاحته وربما تتسبب خطوتهم بإشعال فتيل اضطرابات أخرى.
وقال الحاكم العام لجزر سليمان ديفيد فوناغي، في بيان، الجمعة: «سيفرض حظر تجول يومياً في هونيارا اعتباراً من 26 نوفمبر (تشرين الثاني) إلى حين رفع القرار». وقد هاجم آلاف الأشخاص مسلحين بفؤوس وسكاكين، الجمعة، الحي الصيني ووسط الأعمال في هذه المدينة.
وبدأت محطات الوقود ومتاجر وأنشطة تجارية أخرى بإعادة فتح أبوابها وسط تهافت أهالي هونيارا على المحلات لشراء السلع الضرورية مع تراجع أعمال العنف، كما جاء في تقرير الصحافة الفرنسية من العاصمة. وقالت أودري أواو، وهي أم عاملة، إن «الوضع متوتر جداً، ويمكن أن يحدث أي شيء في أي وقت»، معبرة عن خشيتها من نفاد المواد الغذائية سريعاً من المتاجر. وفاقمت إجراءات إغلاق مرتبطة بجائحة كوفيد، صعوبات الاقتصاد المنهك أساساً وزادت من مستويات البطالة والفقر بين السكان البالغ عددهم نحو 800 ألف شخص. وفي تقديرات أولية للخسائر نشرها البنك المركزي لجزر سليمان، تعرض 56 مبنى في العاصمة للحرق والنهب، فيما تحتاج العديد من الأنشطة التجارية إلى سنة للتعافي. وتوقع محافظ البنك أن تبلغ كلفة الخسائر 28 مليون دولار (24.7 مليون يورو) على الأقل، محذراً من أن الحسابات المالية للدولة التي تواجه صعوبة في التعافي من الجائحة، تلقت ضربة أخرى بسبب أعمال الشغب.
وقال سلسون، موظف عمره 32 عاماً، لوكالة الصحافة الفرنسية: «على رئيس الحكومة أن يستقيل... هذا مطلب جميع مواطني جزر سليمان». ويعتقد العديد من أهالي جزر سليمان أن حكومتهم فاسدة ومرتهنة لبكين ومصالح أجنبية أخرى.
وقال كبير المسؤولين في خدمة الإسعاف سانت جون، دوغلاس كيلسون، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «غالبية الناس بالكاد يحصلون على وجبة طعام يومياً، لا يوجد سياح وهناك القليل من إجراءات التحفيز الاقتصادي». ورأى أنه «عندما يكون الناس جياعاً يقومون بأشياء لا يفعلونها عادة».
صب المتظاهرون غضبهم على سوغافاره وحكومته وحاول بعضهم إحراق البرلمان ومقر رئيس الحكومة، فيما استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع وأطلقت العيارات التحذيرية. وقال المفوض موستين مانغاو «لا أحد فوق القانون». ومع تفاقم التوتر ناشد سوغافاره الدول المجاورة تقديم مساعدة عاجلة.
ويقول سوغافاره، الزعيم الموالي لبكين، إن قوى أجنبية عارضت قراره في 2019 نقل الاعتراف الدبلوماسي من تايوان إلى الصين، تقف وراء الاضطرابات. غير أن آخرين أشاروا إلى توترات بين الجزر وتفشي البطالة على نطاق واسع بين السكان الذين تقل أعمار 40 في المائة منهم عن 14 عاماً. شهدت جزر سليمان توترات إثنية متكررة وأعمال عنف منذ استقلالها عن بريطانيا في 1978، ويشكو أبناء جزيرة مالايتا باستمرار من تهميش الحكومة المركزية لجزيرتهم وقد تفاقمت الخلافات مع اعتراف سوغافاره ببكين. وقال رئيس وزراء الأرخبيل الواقع في المحيط الهادئ للتلفزيون الأسترالي: «للأسف قوى عظمى أخرى تشجع على ما يحصل. لن أذكر أسماء، سأتوقف عند هذا الحد، لكننا نعرف من هي هذه الأطراف».
دانت الحكومة الصينية، الجمعة، أعمال العنف وتعهدت بـ«ضمان سلامة المواطنين والمؤسسات الصينية وحقوقهم المشروعة ومصالحهم». وأعرب الناطق باسم الخارجية الصينية تشاو ليجيان عن «قلق بالغ» على مصالح بلاده، داعياً حكومة جزر سليمان إلى «اتخاذ كل الإجراءات الضرورية لتأمين حماية الرعايا الصينيين والمؤسسات الصينية».



احتجاجات حول العالم تطالب بوقف الحرب في الشرق الأوسط

متظاهرون في برشلونة يطالبون بـ«وقف الإبادة» 6 أكتوبر (إ.ب.أ)
متظاهرون في برشلونة يطالبون بـ«وقف الإبادة» 6 أكتوبر (إ.ب.أ)
TT

احتجاجات حول العالم تطالب بوقف الحرب في الشرق الأوسط

متظاهرون في برشلونة يطالبون بـ«وقف الإبادة» 6 أكتوبر (إ.ب.أ)
متظاهرون في برشلونة يطالبون بـ«وقف الإبادة» 6 أكتوبر (إ.ب.أ)

خرج آلاف المتظاهرين إلى الشوارع في عدة مدن رئيسية بأنحاء العالم، السبت، للمطالبة بوقف إراقة الدماء في قطاع غزة ولبنان ومنطقة الشرق الأوسط، مع اقتراب حلول الذكرى السنوية الأولى لاندلاع الحرب، بعد الهجوم الذي قادته حركة «حماس» على إسرائيل. وشارك نحو 40 ألف متظاهر في مسيرة بوسط لندن، وتجمّع آلاف آخرون في باريس وروما ومانيلا وكيب تاون ومدينة نيويورك. وأقيمت مظاهرات أيضاً بالقرب من البيت الأبيض في واشنطن؛ احتجاجاً على دعم الولايات المتحدة حليفتها إسرائيل في الحملتين العسكريتين بغزة ولبنان، كما نقلت وكالة «رويترز».

احتجاجات... واحتجاجات مضادة

وردّد المتظاهرون في ساحة «تايمز سكوير» بنيويورك هتافات، مثل: «غزة ولبنان ستنتفضان، والشعب معكما». ورفعوا أيضاً لافتات تطالب بمنع تصدير الأسلحة إلى إسرائيل.

متظاهرون خارج البيت الأبيض بواشنطن يطالبون بوقف تصدير الأسلحة الأميركية إلى إسرائيل 5 أكتوبر (رويترز)

واندلعت أحدث حلقة في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، المستمر منذ عشرات السنين، بعدما هاجم مسلَّحون، تقودهم حركة «حماس»، جنوب إسرائيل، في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وأدى الهجوم إلى مقتل 1200 شخص، واحتجاز 250 رهينة، وفقاً لإحصاءات إسرائيلية. وأسفرت الحملة العسكرية الإسرائيلية اللاحقة على غزة، عن مقتل ما يقرب من 42 ألف فلسطيني، وفقاً لوزارة الصحة الفلسطينية في القطاع، فضلاً عن نزوح كل السكان تقريباً، البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة. وفي جاكرتا، عاصمة إندونيسيا، أكبر دولة مسلمة في العالم من حيث عدد السكان، تجمّع ما لا يقل عن 1000 متظاهر مؤيد للفلسطينيين، صباح الأحد، بالقرب من السفارة الأميركية، مطالبين واشنطن بالتوقف عن تزويد إسرائيل بالأسلحة. وفي لندن، لوَّح مؤيدون لإسرائيل، السبت، بأعلام، خلال مرور محتجّين مؤيدين للفلسطينيين. وقالت الشرطة إنها اعتقلت 15 شخصاً، على هامش الاحتجاجات، ولم تُحدّد إلى أي فريق من المؤيدين ينتمي المُعتقَلون.

اشتباكات بين متظاهرين والشرطة في روما 5 أكتوبر (إ.ب.أ)

وفي روما، أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع، واستخدمت مدافع المياه بعد اندلاع اشتباكات. وتحدّى نحو ستة آلاف محتجّ حظراً على تنظيم مسيرات في وسط المدينة، قبيل ذكرى السابع من أكتوبر. وفي برلين، اجتذب احتجاج نحو ألف مشارك حملوا أعلاماً فلسطينية وهتفوا: «عام من الإبادة الجماعية»، وهو مصطلح تُعارضه إسرائيل وتقول إنها تدافع عن نفسها. وانتقد محتجّون أيضاً ما قالوا إنه عنف الشرطة ضد المؤيدين للفلسطينيين في ألمانيا. وشارك مؤيدون لإسرائيل أيضاً ببرلين في احتجاج على تنامي معاداة السامية، واندلعت مناوشات بين الشرطة وأشخاص يعارضون احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين.

غضب واسع

وعلى مدار العام المنصرم، أثار حجم القتل والدمار في غزة بعضاً من أكبر الاحتجاجات على مستوى العالم منذ سنوات، في موجة من الغضب قال مدافعون عن إسرائيل إنها خلقت «مناخاً معادياً للسامية». وفي باريس، قال المتظاهر اللبناني الفرنسي حسام حسين: «نخشى اندلاع حرب إقليمية؛ لأن هناك توترات مع إيران في الوقت الراهن، وربما مع العراق واليمن». وأضاف: «نحن بحاجة حقاً إلى وقف الحرب؛ لأنه لا يمكن تحمل وطأتها بعد الآن».

مظاهرة في مانشستر مؤيّدة لإسرائيل الأحد 6 أكتوبر (إ.ب.أ)

وفي حين يقول حلفاء إسرائيل، مثل الولايات المتحدة، إنهم يؤيدون حقها في الدفاع عن نفسها، تُواجه إسرائيل تنديدات دولية واسعة النطاق بسبب سياساتها في غزة، والآن بسبب قصفها المتواصل للبنان. ورفض رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الانتقادات، وقال إن طريقة حكومته في إدارة الحرب تهدف لمنع تكرار الهجوم الذي شنته «حماس» قبل عام تقريباً.

تحذير بريطاني

عَدَّ رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، الأحد، أن الحرب في قطاع غزة والتصعيد الدامي في لبنان أدّيا إلى إطلاق «شرارة في مجتمعاتنا»، مُندّداً بالأعمال المعادية للسامية وللإسلام في المملكة المتحدة منذ 7 أكتوبر 2023.

جانب من المظاهرات في لندن المطالبة بوقف الحرب 5 أكتوبر (إ.ب.أ)

وفي مقال نشرته صحيفة «صنداي تايمز»، كتب زعيم حزب العمال أن «نيران هذا النزاع الدامي تُهدّد الآن بإحراق المنطقة، والشرارات تتطاير في مجتمعاتنا، هنا في بلادنا». وأضاف: «ثمة أشخاص يستغلون دائماً النزاعات في الخارج لتأجيج الصراعات عندنا. منذ 7 أكتوبر 2023، شهدنا تنامي كراهية مُشينة في مجتمعاتنا ضد اليهود والمسلمين»؛ في إشارة إلى ازدياد حدة الأعمال المعادية للسامية والإسلاموفوبيا. وفي المقال الطويل دعا زعيم حزب العمل، من جديد، «جميع الأطراف إلى ضبط النفس، والعودة إلى الحلول السياسية وغير العسكرية». وأكّد أن «ذكرى هجمات السابع من أكتوبر يجب أن تُذكّرنا بتكلفة الفشل السياسي». كما دعا ستارمر إلى الإفراج عن الرهائن المحتجَزين في غزة، وعَدَّ أن حلّ الدولتين هو «الوحيد القابل للتطبيق» لإنهاء الصراع، وأنه «لن نحصل على مستقبل أفضل مع إلحاق صدمة بجيل آخر أو تيتيمه أو تشريده». وفي رسالة مفتوحة نُشرت، الأحد، دعا رئيس أساقفة كانتربري جوستان ويلبي، والحاخام الأكبر في المملكة المتحدة إفرايم ميرفيس، ورئيس المجلس الاستشاري الوطني للمساجد والأئمة قاري عاصم، الشعب البريطاني إلى نبذ «الكراهية بجميع أشكالها».