العبادي يستبق معارك الأنبار بتغييرات عسكرية .. ووعود للعشائر

شيخ عشائر الدليم لـ {الشرق الأوسط}: اشترطنا على رئيس الوزراء عدم مشاركة «الحشد الشعبي»

رئيس الوزراء العراقي يسلم بندقية كلاشنيكوف لمتطوع من عشائر الأنبار في قاعدة الحبانية غرب بغداد أول من أمس (أ.ب)
رئيس الوزراء العراقي يسلم بندقية كلاشنيكوف لمتطوع من عشائر الأنبار في قاعدة الحبانية غرب بغداد أول من أمس (أ.ب)
TT

العبادي يستبق معارك الأنبار بتغييرات عسكرية .. ووعود للعشائر

رئيس الوزراء العراقي يسلم بندقية كلاشنيكوف لمتطوع من عشائر الأنبار في قاعدة الحبانية غرب بغداد أول من أمس (أ.ب)
رئيس الوزراء العراقي يسلم بندقية كلاشنيكوف لمتطوع من عشائر الأنبار في قاعدة الحبانية غرب بغداد أول من أمس (أ.ب)

في وقت لم تحرز فيه القوات العراقية بمساعدة العشائر تقدما واسعا في أنحاء محافظة الأنبار ومركزها مدينة الرمادي، على الرغم من بدئها عمليا قبل نحو ثلاثة أيام، فإنه واستنادا لما أكده شيوخ عشائر بارزون في المحافظة فقد تلقى شيوخ العشائر وعودا من العبادي بدعمهم، فيما تعهدوا هم من جانبهم بدعم عملية تحرير المحافظة من سيطرة تنظيم داعش.
وكان رئيس الوزراء حيدر العبادي بوصفه القائد العام للقوات المسلحة قد زار أول من أمس الأربعاء قاعدة الحبانية العسكرية شرق الرمادي، والتقى قيادات عسكرية وعشائرية، بالإضافة إلى الحكومة المحلية فيها، معلنا من هناك بدء عمليات تحرير الأنبار. وبشأن ما دار في الاجتماع، أكد عضو مجلس محافظة الأنبار عذال عبيد الفهداوي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «العبادي كان حريصا على معرفة التجهيزات والاستعدادات سواء من قبل القيادات الأمنية هناك أو العشائر أو الحكومة المحلية من أجل أن يتخذ قراره ببدء العمليات أو استمرار عمليات نوعية من دون الإعلان الرسمي»، مبينا أن «العبادي وبعد اطلاعه على مجريات الأمور وتعيينه قادة عسكريين كبارا بمستوى قادة فرق من أهالي المحافظة، فقد عزز مبدأ الثقة الذي كان مفقودا فقرر إعلان العملية رسميا».
وأوضح الفهداوي أن «التطور المهم الذي حصل خلال الاجتماع هو أن العبادي قرر البدء فورا في تسليح العشائر، بعد أن كان هناك عدم ثقة بسبب ما قيل عن تسرب أسلحة لتنظيم داعش على عهد الحكومة السابقة».
من جهته، أكد شيخ عشائر الدليم ماجد العلي السليمان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «على الرغم من أن الأنظار كانت تتجه نحو الموصل من قبل أطراف كثيرة، فإن العبادي وخلال لقائنا به قبل نحو أسبوعين في بغداد كان وفي ذروة عمليات صلاح الدين يريد أن تكون المحطة التالية هي الأنبار وليس نينوى»، مشيرا إلى «أننا شجعناه على ذلك، وأكدنا استعداد عشائر المحافظة للوقوف إلى جانب الحكومة بكل ما نملك من إمكانيات، ولكن شرطنا الوحيد وهو من فقرتين: الإسراع بتجهيزنا على غرار السرعة التي جرى بها تسليح الحشد الشعبي.. وعدم زج الحشد الشعبي في معارك الأنبار لأن عشائر المحافظة تكفي وتزيد ولأننا لا نريد مشاكل نحن وإخوتنا في الحشد الشعبي وقياداته في غنى عنها».
وأشار الشيخ السليمان إلى أن «الأنبار جاهزة حاليا لطرد تنظيم داعش مثلما طردت تنظيم القاعدة في الماضي، لكن الأمر يحتاج إلى إجراءات ثقة مع الحكومة من أجل البدء بعملية التحرير، لا سيما أن أهالي المحافظة يملكون الخبرة الكافية في التعامل مع هذا التنظيم. يضاف إلى ذلك، وهو ما أبلغناه للعبادي، أن تحرير الأنبار واستقرارها أمنيا سوف ينعكس على كل العراق».
إلى ذلك، أبلغ مسؤول أمني عراقي «الشرق الأوسط» شريطة عدم الإشارة إلى اسمه أو موقعه بأن «قرار العبادي بإطلاق عمليات تحرير الأنبار جرى اتخاذه بعد زيارته إلى إقليم كردستان ولقائه القيادات الكردية هناك وإطلاعه على مدى استعداد إقليم كردستان لعملية تحرير نينوى، وما إذا كانت هناك شروط أو اشتراطات من قبل مسعود بارزاني، خصوصا أن هناك مناطق متنازع عليها حتى خارج المادة 140 من الدستور». وأضاف المصدر أن «القضية المهمة الأخرى أن العبادي تجنب أي لقاء مع آل النجيفي الذين يقيمون معسكرات في الموصل بمشاركة مستشارين أتراك لغرض تحرير الموصل، وهو ما يعني وجود أزمة صامتة على هذا الصعيد حتى إن النجيفي كان قد طلب من رئيس الجمهورية فؤاد معصوم تخويله عملية الإشراف على تحرير نينوى، بينما هذا الأمر يدخل في نطاق صلاحيات العبادي بوصفه قائدا عاما للقوات المسلحة»، موضحا أن «العبادي اتخذ قرار إطلاق عملية تحرير الأنبار بعد أن أدرك أن الاستعدادات في الموصل لم تكتمل بعد، بالإضافة إلى ما فيها من محاذير سياسية».
إلى ذلك، كشفت وزارة الدفاع عن توجهها لتسليح أكثر من 10 آلاف مقاتل في الأنبار للمشاركة في العملية العسكرية لتحرير المحافظة. وقال المتحدث باسم الوزارة العميد تحسين إبراهيم، في تصريح صحافي أمس الخميس، إن «وزير الدفاع خالد العبيدي وحكومة الأنبار المحلية سبق أن اتفقا على تسليح مقاتلي العشائر والحشد الشعبي في الأنبار». وأضاف إبراهيم أن «عملية التسليح لا يمكن أن تجري بسهولة كما يتصور البعض، لأن هناك ضوابط أعدتها وزارة الدفاع بالتنسيق مع وزارة الداخلية ووفق الأسس التي حددها القائد العام للقوات المسلحة»، متابعا «وفق هذه الضوابط سيتم احتواء أبناء العشائر وتسليحهم وفق سندات خاصة أعدت مسبقا، وإدخال أسمائهم في البيانات ووفق آلية انضباط معينة». وأشار المتحدث باسم وزارة الدفاع إلى أن «عملية تسليح أبناء العشائر في الأنبار قد تشمل أكثر من عشرة آلاف مقاتل في المدة القريبة»، موضحا أن «هدف وزارة الدفاع هو جعل مسك الأرض بيد أهل المناطق المحررة وبإشراف الحكومات المحلية».
من جهة أخرى، وفي السياق ذاته، اجتمع رئيس أركان الجيش العراقي الفريق الأول بابكر زيباري في مقر وزارة الدفاع أمس مع وكيل وزير الدفاع الألماني ماركوس كروبل والوفد المرافق له الذي يزور العراق حاليا. وذكر بيان لوزارة الدفاع أن الجانبين عقدا «اجتماعا ثنائيا للتباحث في العلاقات بين البلدين لا سيما الأمنية منها وسبل زيادة الدعم الدولي المساند للعراق، وكيفية إيقاف تدفق الإرهابيين الأجانب إلى العراق ومشاركة ألمانيا في عملية إعادة أعمار المناطق المتضررة من الإرهاب».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.