فنزويلا: تشرذم المعارضة أهدى مادورو انتصاراً ثميناً

في اختبار الانتخابات الإقليمية للمزاج الشعبي

فنزويلا: تشرذم المعارضة أهدى مادورو انتصاراً ثميناً
TT

فنزويلا: تشرذم المعارضة أهدى مادورو انتصاراً ثميناً

فنزويلا: تشرذم المعارضة أهدى مادورو انتصاراً ثميناً

أسفرت الانتخابات الإقليمية التي أجريت يوم الأحد الفائت في فنزويلا عن ترسيخ سيطرة النظام اليساري الذي فاز مرشّحوه في 20 ولاية من أصل 23 ولاية، في حين لم تتجاوز نسبة الإقبال على الاقتراع 42 في المائة من السكان البالغين. وفي المقابل، للمرة الأولى منذ 15 سنة شاركت بعثة من الاتحاد الأوروبي في مراقبة هذه الانتخابات التي ما أن أُعلنت نتائجها الأولية حتى سارعت الولايات المتحدة إلى اتهام حكومة نيكولاس مادورو بتزويرها.
المعارضة، المدعومة من واشنطن، التي شارك بعض أطيافها في هذه الانتخابات للمرة الأولى منذ 4 سنوات، منيت بهزيمة قاسية، إذ دفعت ثمن عجزها عن تشكيل لوائح موحّدة ودعوتها إلى الامتناع عن التصويت. وهو الأمر الذي أدى إلى زعزعة ثقة نسبة عالية من المواطنين بها، وبالتالي، قرروا الامتناع عن المشاركة، يقيناً منهم بأن نتائجها لن تؤدي إلى أي انفراج في الأفق السياسي المسدود في فنزويلا منذ سنوات.
صرّح الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو في إطلالته الأولى للاحتفال بالفوز بعد صدور نتائج الانتخابات الإقليمية بقوله: «إنني أناشد الجميع، الفائزين وغير الفائزين، احترام النتائج والذهاب إلى الحوار من أجل إعادة الوحدة الوطنية».
أما بالنسبة للمعارضة، ففي حين لم يصدر أي تصريح بعد عن الزعيم الوازن في المعارضة إنريكي كابريليس، ظهر «الرئيس المؤقت» خوان غوايدو - الذي كان متوارياً عن الأنظار منذ شهرين - ليعلن قائلاً: «إن فنزويلا اليوم ما زالت تحت نظام يحاول التنكّر بشرعية لا وجود لها، لأن مادورو لا يزال قيد التحقيق في المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية».
وتابع غوايدو، الذي يعيش في العاصمة الفنزويلية كاراكاس، لكنه يتنقل باستمرار ولا ينام ليلتين متتاليتين في المكان نفسه، القول: «إن نسبة المشاركة الضئيلة لهي أوضح تعبير عن صمت المواطنين وانعدام ثقتهم بهذه الانتخابات. ومَن ينظر إلى المشهد السياسي اليوم يخرج بانطباع أن النظام يحظى بتأييد غالبية المجتمع، لكن الواقع هو عكس ذلك تماماً». ومن ثم، اتهم غوايدو الحكومة اليسارية بـ«إلغاء ترشيحات» وتمويل تنظيمات وأحزاب للمشاركة في الانتخابات تحت شعارات معارضة، بينما هي موالية للنظام.
مادور، من جهته، ردّ على كلام غوايدو متجاهلاً اتهاماته، قائلاً: «أمدّ يدي إلى جميع الفائزين في هذه الانتخابات كي نعمل سوياً من أجل فنزويلا وتحقيق الرفاه الجديد الذي سنبنيه معاً. لقد قال الشعب كلمته وحدّد الطريق نحو المصالحة».
جدير بالذكر أن غالبية الأحزاب والقوى المعارضة في المنفى كانت دعت إلى الامتناع عن المشاركة في الانتخابات. وقال الرئيس السابق لبلدية العاصمة أنطونيو ليديسما مشككاً بنزاهة الانتخابات: «مرة أخرى خسرت الديمقراطية في فنزويلا على يد النظام وطوابيره الخامسة».
- أبرز النتائج
أما على صعيد قراءة النتائج، فكانت من أقسى الهزائم التي أصيبت بها المعارضة في هذه الانتخابات هزيمتها المريرة في ولاية تاشيرا (غرب البلاد) المحاذية لجمهورية كولومبيا. إذ فاز في تاشيرا فريدي برنال، النجم الصاعد في الحركة الثورية التي أسسها الرئيس السابق هوغو تشافيز، والذي يرى فيه كثيرون المنافس الرئيس لنيكولاس مادورو داخل التيّار المؤيد للنظام. وكان برنال قد تولّى مرتين رئاسة بلدية العاصمة كاراكاس، كما سبق له أن ترأس جهاز الاستخبارات العسكرية الواسع النفوذ على عهد تشافيز. وهو يشرف منذ العام 2016 على هيئة توزيع المساعدات الغذائية في الأحياء والمناطق الفقيرة. وهذه الأحياء والمناطق تحوّلت بفعل الأزمة المعيشية الخانقة إلى الماكينة السياسية الأساسية التي يستند إليها النظام في خطط توسيع دائرة نفوذه وترسيخها في الأوساط الشعبية.
مقابل ذلك، تمكّنت المعارضة من انتزاع ولاية زوليا، وهي أغنى الولايات وأكبرها من حيث عدد السكان، هذا بعدما كان أنصار مادورو قد فازوا فيها خلال الانتخابات الماضية. ولقد قاد فوز المعارضة في هذه الولاية المتاخمة أيضاً لكولومبيا والتي توجد فيها ثروات نفطية كبيرة، مانويل روساليس الذي سبق له أن نافس هوغو تشافيز في الانتخابات الرئاسية عام 2006. وكانت مشاركة روساليس في تلك الانتخابات التي خسرها أمام تشافيز في حينها، أول محاولة جدّية للوحدة تقوم بها المعارضة التي ما زالت تتعثّر في رصّ صفوفها ضد النظام. وبعدها، في العام 2009 وجّهت النيابة العامة الفنزويلية تهمة الإثراء غير المشروع إلى روساليس، الذي لجأ إلى البيرو قبل أن يعود في العام 2015 ويُسجن لمدة سنة واحدة قبل الإفراج عنه.
أما في العاصمة كاراكاس، فقد تمكّن النظام من الفوز وتجديد سيطرته عليها. وكان الفوز بمنصب الحاكم في كاراكاس من نصيب وزيرة الداخلية السابقة الأميرال كارمن ميلينديز.
- فشل للمعارضة المعتدلة
يرى المراقبون أن المعارضة المعتدلة التي دعت إلى المشاركة في الانتخابات الإقليمية بهدف تجديد زعاماتها، فشلت في تحقيق هذا الهدف في ضوء الهزيمة القاسية التي منيت بها، والتي لن يكون من السهل أن تنهض منها في القريب المنظور. ويُبرز مراقبون من بين الأسباب التي أدت إلى هزيمة القوى المعارضة في هذه الانتخابات، أن مواقف زعمائها الأساسيين كانت تتباين بشدّة حول المشاركة في الانتخابات، وهو ما انعكس سلباً على ثقة المواطنين الذين عزفوا عن الإقبال على الاقتراع.
جدير بالإشارة أن القيادة السياسية للمعارضة لم تتخذ قراراً بالمشاركة في الانتخابات إلا قبل أسابيع قليلة فقط من موعد إجرائها. وهو ما حال فعلياً دون تمكنها من تشكيل لوائح موحّدة، وكذلك التوافق حول شعارات وبرامج سياسية متناسقة. ثم، بالإضافة إلى السببين المذكورين آنفاً، ثمة سبب ثالث مهم جداً هو شحّ الموارد الذي تعاني منه المعارضة.
ولدى مراجعة معارك بعض الولايات الكبرى، يتبيّن أن قوى المعارضة المتشرذمة خاضت الانتخابات بـ4 لوائح متنافسة. وهو أتاح الفرصة لفوز مرشّحي النظام بفارق بسيط وانتزاع ولايات رئيسة، كان من المفترض – ولو نظرياً - أن تفوز بها المعارضة. وهكذا، بهذه الهزيمة، تكون المعارضة قد فشلت أيضاً في محاولتها استنباط قيادة جديدة وأرضية صلبة تواجه بهما النظام بقوة في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
- اليسار القارّي يحتفل
كما كان متوقعاً سارعت القوى والأنظمة اليسارية في أميركا اللاتينية إلى الاحتفاء بنتيجة الانتخابات الفنزويلية التي وصفها مادورو بأنها «انتصار تاريخي للثورة». إذ صرّح الزعيم البوليفي ورئيس بوليفيا الأسبق إيفو موراليس مهللاً: «أقدم التهنئة للشعب الفنزويلي الشقيق بهذا النصر المبين الذي حققته الحركة التشافيزية. إنه انتصار الثورة البوليفارية في فنزويلا بقيادة الرئيس نيكولاس مادورو ضد الحصار الإجرامي الذي تفرضه الولايات المتحدة وعملاؤها السياسيون».
ومن كوبا، وجّه الرئيس الكوبي ميغيل دياز كانيل، الحليف الرئيس للنظام الفنزويلي: «تهاني الثورة الكوبية إلى الشعب الفنزويلي على هذا النصر الساحق». غير أن اللافت جداً كانت التصريحات التي صدرت عن حزب «بوديموس» اليساري (والشريك الحكومي حالياً) في إسبانيا، الذي تؤخذ عليه دائماً علاقاته الوثيقة بالنظام الفنزويلي. إذ قال «منظّر الحزب» والناطق باسمه بابلو إيتشينيكي: «من العلامات الإيجابية في هذه الانتخابات أن المعارضة شاركت فيها للمرة الأولى منذ سنوات. ونحن بانتظار معرفة تقييم بعثة المراقبة التي أوفدها الاتحاد الأوروبي لنتبيّن إذا كانت الانتخابات الإقليمية أجريت بشفافية وحريّة بعد الاتهامات التي صدرت عن بعض زعماء المعارضة بتزويرها».
- واشنطن تشجب وتدين
بعد إعلان النتائج الرسمية للانتخابات، طبعاً، بعكس ترحيب اليسار، صدر عن وزارة الخارجية الأميركية بيان يتهم نظام مادورو بأنه «حرم الفنزويليين مرة أخرى من المشاركة في عملية انتخابية حرة وعادلة». وكان وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن قد قال في تصريح له: «إن النظام الفنزويلي، خوفاً من صوت الناخبين الأحرار، تلاعب بشكل فاضح بالانتخابات ليضمن نتائجها قبل إجرائها».
واعتبر بلينكن «أن الاعتقالات الاعتباطية والمضايقات التي تعرّضت لها القيادات السياسية والمدنية، والملاحقات القضائية والأمنية التي استهدفت زعماء الأحزاب السياسية، ومنع مرشّحي المعارضة من المشاركة في الحملة الانتخابية، والتلاعب بتشكيل اللوائح، والرقابة المستمرّة على وسائل الإعلام... كل ذلك ألغى التعددية السياسية، وقضى على الآمال بأن تعكس هذه الانتخابات الإرادة الحقيقية للشعب الفنزويلي وتطلعاته».
وبعد إدانتها العملية الانتخابية، جدّدت الإدارة الأميركية دعمها لزعيم المعارضة خوان غوايدو، وعزمها على «مواصلة العمل مع الشركاء الدوليين لاستخدام جميع الوسائل الاقتصادية والدبلوماسية اللازمة للضغط على مادورو». وأردف بلينكن: «إن الولايات المتحدة تدعم الشعب الفنزويلي في رغبته وتطلعاته لاستعادة الديمقراطية بالطرق السلمية عبر انتخابات حرة وعادلة، واحترام كامل لحرية التعبير والتظاهر السلمي»، مؤكداً أن واشنطن لم تغيّر سياستها الداعمة لغوايدو الذي تعترف به أكثر من 60 دولة رئيساً مؤقتاً لفنزويلا.
- لا تشكيك أوروبياً
في موازاة الموقف الأميركي، نشرت البعثة التي أوفدها الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات الفنزويلية تقريرها الأوليّ يوم الأربعاء الفائت، وجاء فيه «أن الانتخابات الإقليمية التي أجريت يوم الأحد الماضي في فنزويلا شهدت تحسّناً مقارنة بالانتخابات الثلاثة الأخيرة لجهة مشاركة أحزاب المعارضة الرئيسة. الأمر الذي يعتبر عاملاً أساسياً في إعادة بناء الحياة السياسية في البلاد». وذكرت النائبة البرتغالية في البرلمان الأوروبي ورئيسة البعثة إيزابيل سانتوس: «رغم ذلك ما زالت هناك شوائب هيكلية مهمة كانعدام استقلالية القضاء في البلاد، واستخدام النظام موارد الدولة لدعم مرشحيه في الحملة الانتخابية، ومنع المعارضة من الظهور في وسائل الإعلام الرسمية».
أيضاً أشار تقرير بعثة المراقبة الأوروبية إلى وجود «تحسّن يسمح بالتفاؤل في تشكيل هيئة انتخابية أكثر توازناً بمشاركة ممثلين عن المعارضة، ونظام الفرز واحتساب الأصوات الذي كان يخضع للتدقيق من هيئات مشتركة يشكّل خطوة في الاتجاه الصحيح».
هذا، ولدى تقديم سانتوس تقرير البعثة يوم الأربعاء في العاصمة الأوروبية بروكسل، قالت النائبة إنه «كان من المستحيل التلاعب بنتائج الانتخابات استناداً إلى ما عاينه المراقبون». ويذكر أن النظام كان قد اتخذ موقفاً غامضاً من البعثة الأوروبية. إذ كان يرحّب أحياناً بوجودها ثم يلمّح إلى أنها تشكّل تدخلاً سافراً في الشؤون الداخلية لفنزويلا وانتهاكاً لسيادتها واستقلالها.
كذلك وصفت سانتوس موقف الرئيس الفنزويلي مادورو من البعثة بأنه «خاطئ». وأعربت عن أملها في أن يعدّله عند اطلاعه على محتوى التقرير، مؤكدة: «إن بعثات المراقبة ليست وسيلة للتدخل في الشؤون الداخلية للبلدان، لأن الفنزويليين وحدهم، وجميعهم، هم الذين يقرّرون المستقبل السياسي للبلاد في عملية حوار سياسي كاملة».
- ملاحظات واستدراكات للبعثة الأوروبية لمراقبة الانتخابات
> أكدت النائبة البرتغالية الأوروبية إيزابيل سانتوس، رئيسة البعثة الأوروبية، أنها لا تأبه للضغوط من أي جهة كانت، وذكرت صراحة أن «الحملة الانتخابية اتسمت باستخدام موارد الدولة لمصلحة المرشحين الذين يدعمهم النظام. والهيئة الانتخابية الوطنية المكلّفة تنظيم الانتخابات ما كانت تملك الوسائل لردع هذا التصرّف، ما يبيّن ضرورة إصلاح هذه الهيئة ومدّها بالوسائل والصلاحيات اللازمة للقيام بمهامها»
أيضاً، في حين أشار تقرير البعثة الأوروبية إلى أن «الإطار القانوني للانتخابات في فنزويلا يستوفي غالبية المعايير والشروط الدولية»، فإنه أشار إلى «وجود بعض الشوائب الأساسية التي تؤثر على نزاهة العملية الانتخابية وشفافيتها. من هذه الشوائب أن النائب العام مخوّل، بواسطة إجراء إداري، تعليق مشاركة مرشّح في الانتخابات، كما حصل مع بعض مرشّحي المعارضة، وأيضاً مع عدد لا بأس به من حلفاء النظام الذين كانوا يرغبون في الترشّح بصورة مستقلة».
وجاء في التقرير «أن انعدام كل من استقلالية القضاء واحترام سيادة القانون، والاستنسابية في توزيع الموارد الرسمية، أثّرا سلباً على تكافؤ الفرص والشفافية والعدل في هده الانتخابات».
هذا، ومن المقرر أن تعود البعثة إلى فنزويلا في نهاية يناير (كانون الثاني) المقبل لتقديم تقريرها النهائي وتوصياتها لتحسين العمليات الانتخابية في المستقبل. وتجدر الإشارة أن هذه الانتخابات التي شاركت فيها المعارضة للمرة الأولى منذ 5 سنوات، هي الأولى التي تراقبها بعثة من الاتحاد الأوروبي منذ قيام الثورة البوليفارية اليسارية بقيادة هوغو تشافيز قبل 22 سنة. وإدراكاً من النائبة سانتوس بأن تقرير البعثة سيكون حاسماً في إضفاء الشرعية على العملية الانتخابية، أو نزعها عنها، قالت رئيسة البعثة الأوروبية: «إن التقرير لا يمكن أن يستخدم كأداة في التجاذبات السياسية، فهو ليس سوى مقاربة تقنية للعملية الانتخابية ووسيلة لتساهم في تحسينها. ومن جانبنا سنقاوم كل محاولة مغرضة لتفسير ملاحظات البعثة في خدمة مصالح وغايات حزبية لا علاقة لنا بها».
- هل سيطيل هذا النصر الانتخابي عمر النظام؟
> لا يشكّ متابعو الوضع في فنزويلا في أن نيكولاس مادورو سيستغلّ هذا الانتصار الانتخابي في الانتخابات لتعزيز موقعه في المفاوضات الجارية مع المعارضة في المكسيك، التي كان النظام قد قرر الانسحاب منها بصورة أحادية إثر تسليم أليكس صعب إلى القضاء الأميركي. ويذكر أن مادورو كان ترنّح في السلطة عام 2019 عندما أعلن الزعيم المعارض خوان غوايدو نفسه رئيساً مؤقتاً للبلاد بدعم من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وما يزيد عن 50 دولة. غير أنه تمكّن لاحقاً من تجاوز تلك المرحلة. وفي الوقت الراهن، لا يبدو خروجه من السلطة قريباً، علماً بأنه منذ وصوله إلى الرئاسة بعد وفاة هوغو تشافيز، تراجع الاقتصاد الفنزويلي بنسبة 80 في المائة، وهاجر أكثر من 5 ملايين مواطن، بينهم عدد كبير من النخب العلمية والأكاديمية.
والواقع أنه منذ أكثر من 10 سنوات لم تعد السياسة بين الهموم الرئيسة للمواطن الفنزويلي الذي يرزح تحت وطأة أزمة معيشية طاحنة. هذا ما حصل بعدما أصبح أكثر من نصف السكان يعيشون على المعونات الغذائية، في اقتصاد يقوم على التداول المكشوف بالدولار الأميركي، إثر الانهيارات المتتالية للعملة الوطنية، حتى أصبح راتب الأستاذ الجامعي لا يكفي عائلة من 4 أشخاص لتأمين احتياجاتها الغذائية.
في العقد الأخير من القرن الماضي، كانت فنزويلا مقصداً للمهارات العلمية والمهنية من أميركا اللاتينية، ومن عدد من البلدان الأوروبية مثل إسبانيا وإيطاليا والبرتغال. لكن بعد عقدين من الثورة البوليفارية التي قادها هوغو تشافيز، ثم وريثه الحالي نيكولاس مادورو، أصبحت من أفقر بلدان المنطقة رغم الثروات النفطية والمعدنية الهائلة التي تختزنها.
يقول القيادي المعارض إنريكي ماركيز إن هذا المشهد الاقتصادي والمعيشي المأساوي، مضافاً إلى انسداد أفق الحوار السياسي واليقين بأن النظام لن يتراجع عن مواقفه، هو الذي دفع ببعض أحزاب المعارضة إلى المشاركة في هذه الانتخابات، إذا كان يعتبرها السبيل الوحيد المتاح حالياً للإطاحة بالنظام الديكتاتوري الذي يقوده مادورو وإعادة بناء المؤسسات الديمقراطية، أو في أسوأ الأحوال لإبطاء سرعة الانحدار نحو التدمير الذاتي الكامل الذي تسير فيه فنزويلا منذ سنوات.



الإعتبارات العسكرية والأمنية تتصدر المشهد في تونس

الرئيس التونسي قيس سعيّد (رويترز)
الرئيس التونسي قيس سعيّد (رويترز)
TT

الإعتبارات العسكرية والأمنية تتصدر المشهد في تونس

الرئيس التونسي قيس سعيّد (رويترز)
الرئيس التونسي قيس سعيّد (رويترز)

ضاعف الرئيس التونسي قيس سعيّد فور أداء اليمين بمناسبة انتخابه لعهدة ثانية، الاهتمام بالملفات الأمنية والعسكرية الداخلية والخارجية والتحذير من «المخاطر والمؤامرات» و«المتآمرين» على أمن الدولة. كما كثف سعيّد لقاءاته بمسؤولي وزارتي الدفاع والداخلية وأعضاء مجلس الأمن القومي الذي يضم كذلك أكبر قيادات القوات المسلحة العسكرية والمدنية إلى جانب رئيسَي الحكومة والبرلمان ووزراء السيادة وكبار مستشاري القصر الرئاسي. وزاد الاهتمام بزيادة تفعيل دور القوات المسلحة و«تصدرها المشهد السياسي» بمناسبة مناقشة مشروع ميزانية الدولة للعام الجديد أمام البرلمان بعد تصريحات غير مسبوقة لوزير الدفاع الوطني السفير السابق خالد السهيلي عن «مخاطر» تهدد أمن البلاد الداخلي والخارجي.

تصريحات وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي تزامنت مع تصريحات أخرى صدرت عن وزير الداخلية خالد النوري وعن وزير الدولة للأمن القاضي سفيان بالصادق وعن الرئيس قيس سعيّد شخصياً. وهي كلها حذّرت من مخاطر الإرهاب والتهريب والمتفجرات والهجرة غير النظامية، ونبّهت إلى وجود «محاولات للنيل من سيادة تونس على كامل ترابها الوطني ومياهها الإقليمية» وعن «خلافات» لم تُحسم بعد و«غموض» نسبي في العلاقات مع بعض دول المنطقة.

وهنا نشير إلى أن اللافت في هذه التصريحات والمواقف كونها تأتي مع بدء الولاية الرئاسية الثانية للرئيس قيس سعيّد، ومع مصادقة البرلمان على مشروع الحكومة لموازنة عام 2025... وسط تحذيرات من خطر أن تشهد تونس خلال العام أزمات أمنية وسياسية واقتصادية اجتماعية خطيرة.

أكثر من هذا، يتساءل البعض عن مبرّر إثارة القضايا الخلافية مع ليبيا، والمخاطر الأمنية من قِبل كبار المسؤولين عن القوات المسلحة، في مرحلة تعذّر فيها مجدداً عقد «القمة المغاربية المصغرة التونسية - الليبية - الجزائرية»... التي سبق أن تأجلت مرات عدة منذ شهر يوليو (تموز) الماضي.

كلام السهيلي... وزيارة سعيّد للجزائركلام السهيلي، وزير الدفاع، جاء أمام البرلمان بعد نحو أسبوع من زيارة الرئيس قيس سعيّد إلى الجزائر، وحضوره هناك الاستعراض العسكري الضخم الذي نُظّم بمناسبة الذكرى السبعين لانفجار الثورة الجزائرية المسلحة. وما قاله الوزير التونسي أن «الوضع الأمني في البلاد يستدعي البقاء على درجة من اليقظة والحذر»، وقوله أيضاً إن «المجهودات العسكرية الأمنية متضافرة للتصدّي للتهديدات الإرهابية وتعقّب العناصر المشبوهة في المناطق المعزولة». إلى جانب إشارته إلى أن تونس «لن تتنازل عن أي شبر من أرضها» مذكراً - في هذا الإطار - بملف الخلافات الحدودية مع ليبيا.

من جهة ثانية، مع أن الوزير السهيلي ذكر أن الوضع الأمني بالبلاد خلال هذا العام يتسم بـ«الهدوء الحذر»، فإنه أفاد في المقابل بأنه جرى تنفيذ 990 عملية في «المناطق المشبوهة» - على حد تعبيره - شارك فيها أكثر من 19 ألفاً و500 عسكري. وأنجز هؤلاء خلال العمليات تفكيك 62 لغماً يدوي الصنع، وأوقفوا آلاف المهرّبين والمهاجرين غير النظاميين قرب الحدود مع ليبيا والجزائر، وحجزوا أكبر من 365 ألف قرص من المخدرات.

بالتوازي، كشف وزير الدفاع لأول مرة عن تسخير الدولة ألفي عسكري لتأمين مواقع إنتاج المحروقات بعد سنوات من الاضطرابات وتعطيل الإنتاج والتصدير في المحافظات الصحراوية المتاخمة لليبيا والجزائر.

مهاجرون عبر الصحراء الكبرى باتجاه اوروبا عبر ليبيا وتونس (رويترز)

تفعيل دور «القوات المسلحة»

تصريحات الوزير السهيلي لقيت أصداء كبيرة، محلياً وخارجياً، في حين اعترض على جانب منها سياسيون وإعلاميون ليبيون بارزون.

بيد أن الأمر الأهم، وفق البشير الجويني، الخبير التونسي في العلاقات بين الدول المغاربية والدبلوماسي السابق لدى ليبيا، أنها تزامنت مع «تأجيل» انعقاد القمة المغاربية التونسية - الليبية - الجزائرية التي سبق الإعلان أنه تقرر تنظيمها في النصف الأول من الشهر الأول في ليبيا، وذلك في أعقاب تأخير موعدها غير مرة بسبب انشغال كل من الجزائر وتونس بالانتخابات الرئاسية، واستفحال الأزمات السياسية الأمنية والاقتصادية البنكية في ليبيا من جديد.

والحال، أن الجويني يربط بين هذه العوامل والخطوات الجديدة التي قام بها الرئيس سعيّد وفريقه في اتجاه «مزيد من تفعيل دور القوات المسلحة العسكرية والمدنية» وسلسلة اجتماعاته مع وزيري الداخلية والدفاع ومع وزير الدولة للأمن الوطني، فضلاً عن زياراته المتعاقبة لمقر وزارة الداخلية والإشراف على جلسات عمل مع كبار كوادرها ومع أعضاء «مجلس الأمن القومي» في قصر الرئاسة بقرطاج. وهنا تجدر الإشارة إلى أنه إذ يسند الدستور إلى رئيس الدولة صفة «القائد العام للقوات المسلحة»، فإن الرئيس سعيّد حمّل مراراً المؤسستين العسكرية والأمنية مسؤولية «التصدي للخطر الداهم» ولمحاولات «التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي».

واعتبر سعيّد خلال زيارات عمل قام بها إلى مؤسسات عمومية موسومة بأنه «انتشر فيها الفساد» - بينها مؤسسات زراعية وخدماتية عملاقة - أن البلاد تواجه «متآمرين من الداخل والخارج» وأنها في مرحلة «كفاح جديد من أجل التحرر الوطني»، ومن ثم، أعلن إسناده إلى القوات المسلّحة مسؤولية تتبع المشتبه فيهم في قضايا «التآمر والفساد» والتحقيق معهم وإحالتهم على القضاء.

المسار نفسه اعتمده، في الواقع، عدد من الوزراء والمسؤولين الحكوميين التونسيين بينهم وزير الصحة والوزير المستشار السابق في قصر قرطاج الجنرال مصطفى الفرجاني، الذي أعلن بدوره عن إحالة مسؤولين متهمين بـ«شبهة الفساد» في قطاع الصحة على النيابة العمومية والوحدات الأمنية المركزية المكلّفة «الملفات السياسية والاقتصادية الخطيرة»، وبين هذه الملفات الإرهاب وسوء التصرّف المالي والإداري في أموال الدولة ومؤسساتها.

متغيرات في العلاقات مع ليبيا والجزائر وملفَي الإرهاب والهجرة

القمة المغاربية الأخيرة التي استضافتها الجزائر (لانا)

حملات غير مسبوقة

وفعلاً، كانت من أبرز نتائج «التفعيل الجديد» للدور الوطني للمؤسستين العسكرية والأمنية، وتصدّرهما المشهد السياسي الوطني التونسي، أن نظّمت النيابة العمومية وقوات الأمن والجيش حملات غير مسبوقة شملت «كبار الحيتان» في مجالات تهريب المخدرات والممنوعات، وتهريب عشرات آلاف المهاجرين من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء سنوياً نحو تونس، عبر الحدود الليبية والجزائرية تمهيداً لترحيلهم بحراً نحو أوروبا عبر إيطاليا.

وحسب المعلومات التي ساقها كل من وزيري الدفاع والداخلية، وأيضاً رئاسة الحرس الوطني، تمكنت القوات العسكرية والأمنية لأول مرة من أن تحجز مئات الكيلوغرامات من الكوكايين إلى جانب «كميات هائلة من الحشيش» والأقراص المخدرة.

وفي الحصيلة، أدّت تلك العمليات إلى إيقاف عدد من كبار المهرّبين ومن رؤوس تجار المخدرات «بقرار رئاسي»، بعدما أثبتت دراسات وتقارير عدة أن مئات الآلاف من أطفال المدارس، وشباب الجامعات، وأبناء الأحياء الشعبية، تورّطوا في «الإدمان» والجريمة المنظمة. وجاء هذا الإنجاز بعد عقود من «تتبّع صغار المهرّبين والمستهلكين للمخدرات وغضّ الطرف عن كبار المافيات»، على حد تعبير الخبير الأمني والإعلامي علي الزرمديني في تصريح لـ«الشرق الأوسط».

تحرّكات أمنية عسكرية دوليةعلى صعيد آخر، جاء تصدّر القوات المسلحة العسكرية والأمنية التونسية المشهدين السياسي متلازماً زمنياً مع ترفيع التنسيقين الأمني والعسكري مع عواصم وتكتلات عسكرية دولية، بينها حلف شمال الأطلسي (ناتو) وقيادة القوات الأميركية في أفريقيا (أفريكوم). وما يُذكر هنا أنه في ظل عودة التوترات السياسية في ليبيا، وتفاقم الخلافات داخلها بين حلفاء روسيا وتركيا والعواصم الغربية، تزايدت الاهتمامات الأميركية والأوروبية والأطلسية بـ«ترفيع الشراكة الأمنية والعسكرية مع تونس».

أيضاً، ورغم الحملات الإعلامية الواسعة في تونس ضد الإدارة الأميركية وحلفائها منذ عملية «طوفان الأقصى»؛ بسبب انحيازها لإسرائيل ودعمها حكومة بنيامين نتنياهو، كثّفت واشنطن - عبر بعثاتها في المنطقة - دعمها التدريبات العسكرية والأمنية المشتركة مع قوات الجيش والأمن التونسية.

بل، لقد أعلن جوي هود، السفير الأميركي لدى تونس، عن برامج واسعة لترفيع دور «الشراكة» العسكرية والأمنية الأميركية - التونسية، وبخاصة في المحافظات التونسية الحدودية مع كل من ليبيا والجزائر، وأيضاً في ميناء بنزرت العسكري (شمال تونس) ومنطقة النفيضة (100 كلم جنوب شرقي العاصمة تونس).

وإضافة إلى ما سبق، أعلنت مصادر رسمية تونسية وأميركية عن مشاركة قوات تونسية ومغاربية أخيراً في مناورات عسكرية بحرية أميركية دولية نُظمت في سواحل تونس. وجاءت هذه المناورات بعد مشاركة الجيش التونسي، للعام الثالث على التوالي، في مناورات «الأسد الأفريقي» الدولية المتعددة الأطراف... التي نُظم جانب منها في تونس برعاية القوات الأميركية.

وحول هذا الأمر، أكد وزير الداخلية التونسي خالد النوري، قبل أيام في البرلمان، أن من بين أولويات وزارته عام 2025 «بناء أكاديمية الشرطة للعلوم الأمنية» في منطقة النفيضة من محافظة سوسة، وأخرى لحرس السواحل، وهذا فضلاً عن توسيع الكثير من الثكنات ومراكز الأمن والحرس الوطنيين وتهيئة مقر المدرسة الوطنية للحماية المدنية.

أبعاد التنسيقين الأمني والعسكري مع واشنطنوحقاً، أكد تصريح الوزير النوري ما سبق أن أعلن عنه السفير الأميركي هود عن «وجود فرصة لتصبح تونس ومؤسّساتها الأمنية والعسكرية نقطة تصدير للأمن وللتجارب الأمنية في أفريقيا وفي كامل المنطقة».

وفي هذا الكلام إشارة واضحة إلى أن بعض مؤسسات التدريب التي يدعمها «البنتاغون» (وزارة الدفاع الأميركية)، وحلفاء واشنطن في «ناتو»، معنية في وقت واحد بأن تكون تونس طرفاً في «شراكة أمنية عسكرية أكثر تطوراً» مع ليبيا وبلدان الساحل والصحراء الأفريقية والبلدان العربية.

وزير الداخلية خالد النوري نوّه أيضاً بكون جهود تطوير القدرات الأمنية لتونس «تتزامن مع بدء العهدتين الثانيتين للرئيس قيس سعيّد وأخيه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبّون».

وفي السياق ذاته، نوّه عزوز باعلال، سفير الجزائر لدى تونس، بالشراكة الاقتصادية والأمنية والسياسية بين تونس والجزائر، وبنتائج زيارة الرئيس سعيّد الأخيرة للجزائر، وكذلك بجلسات العمل واللقاءات السبعة التي عقدها وزيرا خارجيتي البلدين محمد علي النفطي وأحمد عطّاف خلال الأسابيع القليلة الماضية في الجزائر وفي عواصم أخرى عدة.

حقائق

قضايا الحدود التونسية... شرقاً وغرباً

اقترن بدء الولاية الرئاسية الثانية التونسي للرئيس قيس سعيّد بتحرّكات قام بها مسؤولون كبار في الدولة إلى مؤسسات الأمن والجيش في المحافظات الحدودية، وبالأخص من جهة ليبيا، ضمن جهود مكافحة الإرهاب والتهريب والمخدرات.ومعلوم أنه زاد الاهتمام بالأبعاد الأمنية في علاقات تونس بجارتيها ليبيا والجزائر بعد إثارة وزير الدفاع خالد السهيلي أمام البرلمان ملف «رسم الحدود» الشرقية لتونس من قِبل «لجنة مشتركة» تونسية - ليبية. وكما سبق، كان الوزير السهيلي قد تطرّق إلى استغلال الأراضي الواقعة بين الحاجز الحدودي بين ليبيا وتونس، قائلاً إن «تونس لم ولن تسمح بالتفريط في أي شبر من الوطن». وفي حين رحّبت أطراف ليبية ومغاربية بهذا الإعلان، انتقده عدد من المسؤولين والخبراء الليبيين بقوة واعتبروا أن «ملف الخلافات الحدودية أغلق منذ مدة طويلة».ولكن، حسب تأكيدات مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، فإن السلطات الليبية أعلنت عن تغيير موقع العلامة الحدودية الفاصلة بين ليبيا وتونس «جزئياً» في منطقة سانية الأحيمر، التي تتبع ليبيا. إذ أورد بيان مديرية أمن السهل الغربي في يوليو (تموز) 2022، أنها رصدت ضم سانية الأحيمر إلى الأراضي التونسية، من خلال وضع العلامة الدالة على الحدود بذلك المكان (شرق السانية) بمسافة تقدر بنحو 150 متراً شرقاً ونحو 6 كيلو جنوباً.‏ما يستحق الإشارة هنا أن اللجنة الخاصة بترسيم الحدود الليبية مع تونس، والمكلفة من قِبل وزارة الدفاع في حكومة طرابلس، كشفت عن وجود عملية «تحوير» للعلامة. لكن مصادر دبلوماسية من الجانبين أكدت أن هذه القضية، وغيرها من «الخلافات والمستجدات»، جارٍ بحثها على مستوى اللجنة المشتركة ومن قِبل المسؤولين السياسيين والديبلوماسيين «بهدوء».في أي حال، أعادت إثارة هذه القضية إلى الواجهة تصريحاً سابقاً قال فيه الرئيس سعيّد بشأن الحدود مع ليبيا: «إن تونس لم تحصل إلا على الفتات» بعد خلافها الحدودي البحري مع ليبيا في فترة سبعينات القرن الماضي.والحقيقة، أنه سبق أن شهدت علاقات تونس وليبيا في أوقات سابقة توترات محورها الحدود والمناطق الترابية المشتركة بينهما؛ وذلك بسبب خلافات حدودية برّية وبحرية تعود إلى مرحلة الاحتلالين الفرنسي لتونس والإيطالي لليبيا، ثم إلى «التغييرات» التي أدخلتها السلطات الفرنسية على حدود مستعمراتها في شمال أفريقيا خلال خمسينات القرن الماضي عشية توقيع اتفاقيات الاستقلال. وهكذا، بقيت بعض المناطق الصحراوية الحدودية بين تونس وكل من ليبيا والجزائر «مثار جدل» بسبب قلة وضوح الترسيم وتزايد الأهمية الاستراتيجية للمناطق الحدودية بعد اكتشاف حقول النفط والغاز.وعلى الرغم من توقيع سلطات تونس وليبيا والجزائر اتفاقيات عدة لضبط الحدود والتعاون الأمني، تضاعف الاضطرابات الأمنية والسياسية في المنطقة منذ عام 2011 بسبب اندلاع حروب جديدة «بالوكالة» داخل ليبيا ودول الساحل والصحراء، بعضها بين جيوش و«ميليشيات» تابعة لواشنطن وموسكو وباريس وأنقرة على مواقع جيو - استراتيجية شرقاً غرباً.مع هذا، وفي كل الأحوال، تشهد علاقات تونس وكل من ليبيا والجزائر مستجدات سريعة على المجالين الأمني والعسكري. وربما تتعقد الأوضاع أكثر في المناطق الحدودية بعدما أصبحت التوترات والخلافات تشمل ملفات أمنية دولية تتداخل فيها مصالح أطراف محلية وعالمية ذات «أجندات» مختلفة وحساباتها للسنوات الخمس المقبلة من الولاية الثانية للرئيسين سعيّد وعبد المجيد تبّون.