فنزويلا: تشرذم المعارضة أهدى مادورو انتصاراً ثميناً

في اختبار الانتخابات الإقليمية للمزاج الشعبي

فنزويلا: تشرذم المعارضة أهدى مادورو انتصاراً ثميناً
TT

فنزويلا: تشرذم المعارضة أهدى مادورو انتصاراً ثميناً

فنزويلا: تشرذم المعارضة أهدى مادورو انتصاراً ثميناً

أسفرت الانتخابات الإقليمية التي أجريت يوم الأحد الفائت في فنزويلا عن ترسيخ سيطرة النظام اليساري الذي فاز مرشّحوه في 20 ولاية من أصل 23 ولاية، في حين لم تتجاوز نسبة الإقبال على الاقتراع 42 في المائة من السكان البالغين. وفي المقابل، للمرة الأولى منذ 15 سنة شاركت بعثة من الاتحاد الأوروبي في مراقبة هذه الانتخابات التي ما أن أُعلنت نتائجها الأولية حتى سارعت الولايات المتحدة إلى اتهام حكومة نيكولاس مادورو بتزويرها.
المعارضة، المدعومة من واشنطن، التي شارك بعض أطيافها في هذه الانتخابات للمرة الأولى منذ 4 سنوات، منيت بهزيمة قاسية، إذ دفعت ثمن عجزها عن تشكيل لوائح موحّدة ودعوتها إلى الامتناع عن التصويت. وهو الأمر الذي أدى إلى زعزعة ثقة نسبة عالية من المواطنين بها، وبالتالي، قرروا الامتناع عن المشاركة، يقيناً منهم بأن نتائجها لن تؤدي إلى أي انفراج في الأفق السياسي المسدود في فنزويلا منذ سنوات.
صرّح الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو في إطلالته الأولى للاحتفال بالفوز بعد صدور نتائج الانتخابات الإقليمية بقوله: «إنني أناشد الجميع، الفائزين وغير الفائزين، احترام النتائج والذهاب إلى الحوار من أجل إعادة الوحدة الوطنية».
أما بالنسبة للمعارضة، ففي حين لم يصدر أي تصريح بعد عن الزعيم الوازن في المعارضة إنريكي كابريليس، ظهر «الرئيس المؤقت» خوان غوايدو - الذي كان متوارياً عن الأنظار منذ شهرين - ليعلن قائلاً: «إن فنزويلا اليوم ما زالت تحت نظام يحاول التنكّر بشرعية لا وجود لها، لأن مادورو لا يزال قيد التحقيق في المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية».
وتابع غوايدو، الذي يعيش في العاصمة الفنزويلية كاراكاس، لكنه يتنقل باستمرار ولا ينام ليلتين متتاليتين في المكان نفسه، القول: «إن نسبة المشاركة الضئيلة لهي أوضح تعبير عن صمت المواطنين وانعدام ثقتهم بهذه الانتخابات. ومَن ينظر إلى المشهد السياسي اليوم يخرج بانطباع أن النظام يحظى بتأييد غالبية المجتمع، لكن الواقع هو عكس ذلك تماماً». ومن ثم، اتهم غوايدو الحكومة اليسارية بـ«إلغاء ترشيحات» وتمويل تنظيمات وأحزاب للمشاركة في الانتخابات تحت شعارات معارضة، بينما هي موالية للنظام.
مادور، من جهته، ردّ على كلام غوايدو متجاهلاً اتهاماته، قائلاً: «أمدّ يدي إلى جميع الفائزين في هذه الانتخابات كي نعمل سوياً من أجل فنزويلا وتحقيق الرفاه الجديد الذي سنبنيه معاً. لقد قال الشعب كلمته وحدّد الطريق نحو المصالحة».
جدير بالذكر أن غالبية الأحزاب والقوى المعارضة في المنفى كانت دعت إلى الامتناع عن المشاركة في الانتخابات. وقال الرئيس السابق لبلدية العاصمة أنطونيو ليديسما مشككاً بنزاهة الانتخابات: «مرة أخرى خسرت الديمقراطية في فنزويلا على يد النظام وطوابيره الخامسة».
- أبرز النتائج
أما على صعيد قراءة النتائج، فكانت من أقسى الهزائم التي أصيبت بها المعارضة في هذه الانتخابات هزيمتها المريرة في ولاية تاشيرا (غرب البلاد) المحاذية لجمهورية كولومبيا. إذ فاز في تاشيرا فريدي برنال، النجم الصاعد في الحركة الثورية التي أسسها الرئيس السابق هوغو تشافيز، والذي يرى فيه كثيرون المنافس الرئيس لنيكولاس مادورو داخل التيّار المؤيد للنظام. وكان برنال قد تولّى مرتين رئاسة بلدية العاصمة كاراكاس، كما سبق له أن ترأس جهاز الاستخبارات العسكرية الواسع النفوذ على عهد تشافيز. وهو يشرف منذ العام 2016 على هيئة توزيع المساعدات الغذائية في الأحياء والمناطق الفقيرة. وهذه الأحياء والمناطق تحوّلت بفعل الأزمة المعيشية الخانقة إلى الماكينة السياسية الأساسية التي يستند إليها النظام في خطط توسيع دائرة نفوذه وترسيخها في الأوساط الشعبية.
مقابل ذلك، تمكّنت المعارضة من انتزاع ولاية زوليا، وهي أغنى الولايات وأكبرها من حيث عدد السكان، هذا بعدما كان أنصار مادورو قد فازوا فيها خلال الانتخابات الماضية. ولقد قاد فوز المعارضة في هذه الولاية المتاخمة أيضاً لكولومبيا والتي توجد فيها ثروات نفطية كبيرة، مانويل روساليس الذي سبق له أن نافس هوغو تشافيز في الانتخابات الرئاسية عام 2006. وكانت مشاركة روساليس في تلك الانتخابات التي خسرها أمام تشافيز في حينها، أول محاولة جدّية للوحدة تقوم بها المعارضة التي ما زالت تتعثّر في رصّ صفوفها ضد النظام. وبعدها، في العام 2009 وجّهت النيابة العامة الفنزويلية تهمة الإثراء غير المشروع إلى روساليس، الذي لجأ إلى البيرو قبل أن يعود في العام 2015 ويُسجن لمدة سنة واحدة قبل الإفراج عنه.
أما في العاصمة كاراكاس، فقد تمكّن النظام من الفوز وتجديد سيطرته عليها. وكان الفوز بمنصب الحاكم في كاراكاس من نصيب وزيرة الداخلية السابقة الأميرال كارمن ميلينديز.
- فشل للمعارضة المعتدلة
يرى المراقبون أن المعارضة المعتدلة التي دعت إلى المشاركة في الانتخابات الإقليمية بهدف تجديد زعاماتها، فشلت في تحقيق هذا الهدف في ضوء الهزيمة القاسية التي منيت بها، والتي لن يكون من السهل أن تنهض منها في القريب المنظور. ويُبرز مراقبون من بين الأسباب التي أدت إلى هزيمة القوى المعارضة في هذه الانتخابات، أن مواقف زعمائها الأساسيين كانت تتباين بشدّة حول المشاركة في الانتخابات، وهو ما انعكس سلباً على ثقة المواطنين الذين عزفوا عن الإقبال على الاقتراع.
جدير بالإشارة أن القيادة السياسية للمعارضة لم تتخذ قراراً بالمشاركة في الانتخابات إلا قبل أسابيع قليلة فقط من موعد إجرائها. وهو ما حال فعلياً دون تمكنها من تشكيل لوائح موحّدة، وكذلك التوافق حول شعارات وبرامج سياسية متناسقة. ثم، بالإضافة إلى السببين المذكورين آنفاً، ثمة سبب ثالث مهم جداً هو شحّ الموارد الذي تعاني منه المعارضة.
ولدى مراجعة معارك بعض الولايات الكبرى، يتبيّن أن قوى المعارضة المتشرذمة خاضت الانتخابات بـ4 لوائح متنافسة. وهو أتاح الفرصة لفوز مرشّحي النظام بفارق بسيط وانتزاع ولايات رئيسة، كان من المفترض – ولو نظرياً - أن تفوز بها المعارضة. وهكذا، بهذه الهزيمة، تكون المعارضة قد فشلت أيضاً في محاولتها استنباط قيادة جديدة وأرضية صلبة تواجه بهما النظام بقوة في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
- اليسار القارّي يحتفل
كما كان متوقعاً سارعت القوى والأنظمة اليسارية في أميركا اللاتينية إلى الاحتفاء بنتيجة الانتخابات الفنزويلية التي وصفها مادورو بأنها «انتصار تاريخي للثورة». إذ صرّح الزعيم البوليفي ورئيس بوليفيا الأسبق إيفو موراليس مهللاً: «أقدم التهنئة للشعب الفنزويلي الشقيق بهذا النصر المبين الذي حققته الحركة التشافيزية. إنه انتصار الثورة البوليفارية في فنزويلا بقيادة الرئيس نيكولاس مادورو ضد الحصار الإجرامي الذي تفرضه الولايات المتحدة وعملاؤها السياسيون».
ومن كوبا، وجّه الرئيس الكوبي ميغيل دياز كانيل، الحليف الرئيس للنظام الفنزويلي: «تهاني الثورة الكوبية إلى الشعب الفنزويلي على هذا النصر الساحق». غير أن اللافت جداً كانت التصريحات التي صدرت عن حزب «بوديموس» اليساري (والشريك الحكومي حالياً) في إسبانيا، الذي تؤخذ عليه دائماً علاقاته الوثيقة بالنظام الفنزويلي. إذ قال «منظّر الحزب» والناطق باسمه بابلو إيتشينيكي: «من العلامات الإيجابية في هذه الانتخابات أن المعارضة شاركت فيها للمرة الأولى منذ سنوات. ونحن بانتظار معرفة تقييم بعثة المراقبة التي أوفدها الاتحاد الأوروبي لنتبيّن إذا كانت الانتخابات الإقليمية أجريت بشفافية وحريّة بعد الاتهامات التي صدرت عن بعض زعماء المعارضة بتزويرها».
- واشنطن تشجب وتدين
بعد إعلان النتائج الرسمية للانتخابات، طبعاً، بعكس ترحيب اليسار، صدر عن وزارة الخارجية الأميركية بيان يتهم نظام مادورو بأنه «حرم الفنزويليين مرة أخرى من المشاركة في عملية انتخابية حرة وعادلة». وكان وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن قد قال في تصريح له: «إن النظام الفنزويلي، خوفاً من صوت الناخبين الأحرار، تلاعب بشكل فاضح بالانتخابات ليضمن نتائجها قبل إجرائها».
واعتبر بلينكن «أن الاعتقالات الاعتباطية والمضايقات التي تعرّضت لها القيادات السياسية والمدنية، والملاحقات القضائية والأمنية التي استهدفت زعماء الأحزاب السياسية، ومنع مرشّحي المعارضة من المشاركة في الحملة الانتخابية، والتلاعب بتشكيل اللوائح، والرقابة المستمرّة على وسائل الإعلام... كل ذلك ألغى التعددية السياسية، وقضى على الآمال بأن تعكس هذه الانتخابات الإرادة الحقيقية للشعب الفنزويلي وتطلعاته».
وبعد إدانتها العملية الانتخابية، جدّدت الإدارة الأميركية دعمها لزعيم المعارضة خوان غوايدو، وعزمها على «مواصلة العمل مع الشركاء الدوليين لاستخدام جميع الوسائل الاقتصادية والدبلوماسية اللازمة للضغط على مادورو». وأردف بلينكن: «إن الولايات المتحدة تدعم الشعب الفنزويلي في رغبته وتطلعاته لاستعادة الديمقراطية بالطرق السلمية عبر انتخابات حرة وعادلة، واحترام كامل لحرية التعبير والتظاهر السلمي»، مؤكداً أن واشنطن لم تغيّر سياستها الداعمة لغوايدو الذي تعترف به أكثر من 60 دولة رئيساً مؤقتاً لفنزويلا.
- لا تشكيك أوروبياً
في موازاة الموقف الأميركي، نشرت البعثة التي أوفدها الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات الفنزويلية تقريرها الأوليّ يوم الأربعاء الفائت، وجاء فيه «أن الانتخابات الإقليمية التي أجريت يوم الأحد الماضي في فنزويلا شهدت تحسّناً مقارنة بالانتخابات الثلاثة الأخيرة لجهة مشاركة أحزاب المعارضة الرئيسة. الأمر الذي يعتبر عاملاً أساسياً في إعادة بناء الحياة السياسية في البلاد». وذكرت النائبة البرتغالية في البرلمان الأوروبي ورئيسة البعثة إيزابيل سانتوس: «رغم ذلك ما زالت هناك شوائب هيكلية مهمة كانعدام استقلالية القضاء في البلاد، واستخدام النظام موارد الدولة لدعم مرشحيه في الحملة الانتخابية، ومنع المعارضة من الظهور في وسائل الإعلام الرسمية».
أيضاً أشار تقرير بعثة المراقبة الأوروبية إلى وجود «تحسّن يسمح بالتفاؤل في تشكيل هيئة انتخابية أكثر توازناً بمشاركة ممثلين عن المعارضة، ونظام الفرز واحتساب الأصوات الذي كان يخضع للتدقيق من هيئات مشتركة يشكّل خطوة في الاتجاه الصحيح».
هذا، ولدى تقديم سانتوس تقرير البعثة يوم الأربعاء في العاصمة الأوروبية بروكسل، قالت النائبة إنه «كان من المستحيل التلاعب بنتائج الانتخابات استناداً إلى ما عاينه المراقبون». ويذكر أن النظام كان قد اتخذ موقفاً غامضاً من البعثة الأوروبية. إذ كان يرحّب أحياناً بوجودها ثم يلمّح إلى أنها تشكّل تدخلاً سافراً في الشؤون الداخلية لفنزويلا وانتهاكاً لسيادتها واستقلالها.
كذلك وصفت سانتوس موقف الرئيس الفنزويلي مادورو من البعثة بأنه «خاطئ». وأعربت عن أملها في أن يعدّله عند اطلاعه على محتوى التقرير، مؤكدة: «إن بعثات المراقبة ليست وسيلة للتدخل في الشؤون الداخلية للبلدان، لأن الفنزويليين وحدهم، وجميعهم، هم الذين يقرّرون المستقبل السياسي للبلاد في عملية حوار سياسي كاملة».
- ملاحظات واستدراكات للبعثة الأوروبية لمراقبة الانتخابات
> أكدت النائبة البرتغالية الأوروبية إيزابيل سانتوس، رئيسة البعثة الأوروبية، أنها لا تأبه للضغوط من أي جهة كانت، وذكرت صراحة أن «الحملة الانتخابية اتسمت باستخدام موارد الدولة لمصلحة المرشحين الذين يدعمهم النظام. والهيئة الانتخابية الوطنية المكلّفة تنظيم الانتخابات ما كانت تملك الوسائل لردع هذا التصرّف، ما يبيّن ضرورة إصلاح هذه الهيئة ومدّها بالوسائل والصلاحيات اللازمة للقيام بمهامها»
أيضاً، في حين أشار تقرير البعثة الأوروبية إلى أن «الإطار القانوني للانتخابات في فنزويلا يستوفي غالبية المعايير والشروط الدولية»، فإنه أشار إلى «وجود بعض الشوائب الأساسية التي تؤثر على نزاهة العملية الانتخابية وشفافيتها. من هذه الشوائب أن النائب العام مخوّل، بواسطة إجراء إداري، تعليق مشاركة مرشّح في الانتخابات، كما حصل مع بعض مرشّحي المعارضة، وأيضاً مع عدد لا بأس به من حلفاء النظام الذين كانوا يرغبون في الترشّح بصورة مستقلة».
وجاء في التقرير «أن انعدام كل من استقلالية القضاء واحترام سيادة القانون، والاستنسابية في توزيع الموارد الرسمية، أثّرا سلباً على تكافؤ الفرص والشفافية والعدل في هده الانتخابات».
هذا، ومن المقرر أن تعود البعثة إلى فنزويلا في نهاية يناير (كانون الثاني) المقبل لتقديم تقريرها النهائي وتوصياتها لتحسين العمليات الانتخابية في المستقبل. وتجدر الإشارة أن هذه الانتخابات التي شاركت فيها المعارضة للمرة الأولى منذ 5 سنوات، هي الأولى التي تراقبها بعثة من الاتحاد الأوروبي منذ قيام الثورة البوليفارية اليسارية بقيادة هوغو تشافيز قبل 22 سنة. وإدراكاً من النائبة سانتوس بأن تقرير البعثة سيكون حاسماً في إضفاء الشرعية على العملية الانتخابية، أو نزعها عنها، قالت رئيسة البعثة الأوروبية: «إن التقرير لا يمكن أن يستخدم كأداة في التجاذبات السياسية، فهو ليس سوى مقاربة تقنية للعملية الانتخابية ووسيلة لتساهم في تحسينها. ومن جانبنا سنقاوم كل محاولة مغرضة لتفسير ملاحظات البعثة في خدمة مصالح وغايات حزبية لا علاقة لنا بها».
- هل سيطيل هذا النصر الانتخابي عمر النظام؟
> لا يشكّ متابعو الوضع في فنزويلا في أن نيكولاس مادورو سيستغلّ هذا الانتصار الانتخابي في الانتخابات لتعزيز موقعه في المفاوضات الجارية مع المعارضة في المكسيك، التي كان النظام قد قرر الانسحاب منها بصورة أحادية إثر تسليم أليكس صعب إلى القضاء الأميركي. ويذكر أن مادورو كان ترنّح في السلطة عام 2019 عندما أعلن الزعيم المعارض خوان غوايدو نفسه رئيساً مؤقتاً للبلاد بدعم من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وما يزيد عن 50 دولة. غير أنه تمكّن لاحقاً من تجاوز تلك المرحلة. وفي الوقت الراهن، لا يبدو خروجه من السلطة قريباً، علماً بأنه منذ وصوله إلى الرئاسة بعد وفاة هوغو تشافيز، تراجع الاقتصاد الفنزويلي بنسبة 80 في المائة، وهاجر أكثر من 5 ملايين مواطن، بينهم عدد كبير من النخب العلمية والأكاديمية.
والواقع أنه منذ أكثر من 10 سنوات لم تعد السياسة بين الهموم الرئيسة للمواطن الفنزويلي الذي يرزح تحت وطأة أزمة معيشية طاحنة. هذا ما حصل بعدما أصبح أكثر من نصف السكان يعيشون على المعونات الغذائية، في اقتصاد يقوم على التداول المكشوف بالدولار الأميركي، إثر الانهيارات المتتالية للعملة الوطنية، حتى أصبح راتب الأستاذ الجامعي لا يكفي عائلة من 4 أشخاص لتأمين احتياجاتها الغذائية.
في العقد الأخير من القرن الماضي، كانت فنزويلا مقصداً للمهارات العلمية والمهنية من أميركا اللاتينية، ومن عدد من البلدان الأوروبية مثل إسبانيا وإيطاليا والبرتغال. لكن بعد عقدين من الثورة البوليفارية التي قادها هوغو تشافيز، ثم وريثه الحالي نيكولاس مادورو، أصبحت من أفقر بلدان المنطقة رغم الثروات النفطية والمعدنية الهائلة التي تختزنها.
يقول القيادي المعارض إنريكي ماركيز إن هذا المشهد الاقتصادي والمعيشي المأساوي، مضافاً إلى انسداد أفق الحوار السياسي واليقين بأن النظام لن يتراجع عن مواقفه، هو الذي دفع ببعض أحزاب المعارضة إلى المشاركة في هذه الانتخابات، إذا كان يعتبرها السبيل الوحيد المتاح حالياً للإطاحة بالنظام الديكتاتوري الذي يقوده مادورو وإعادة بناء المؤسسات الديمقراطية، أو في أسوأ الأحوال لإبطاء سرعة الانحدار نحو التدمير الذاتي الكامل الذي تسير فيه فنزويلا منذ سنوات.



لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
TT

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)

يواجه لبنان جملة من التحديات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، خصوصاً في مرحلة التحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة وترخي بثقلها على واقعه الصعب والمعقّد. ولا شك أن أهم هذه التحوّلات سقوط نظام بشّار الأسد في سوريا، وتراجع النفوذ الإيراني الذي كان له الأثر المباشر في الأزمات التي عاشها لبنان خلال السنوات الأخيرة، وهذا فضلاً عن تداعيات الحرب الإسرائيلية وآثارها التدميرية الناشئة عن «جبهة إسناد» لم تخفف من مأساة غزّة والشعب الفلسطيني من جهة، ولم تجنّب لبنان ويلات الخراب من جهة ثانية.

إذا كانت الحرب الإسرائيلية على لبنان قد انتهت إلى اتفاق لوقف إطلاق النار برعاية دولية، وإشراف أميركي ـ فرنسي على تطبيق القرار 1701، فإن مشهد ما بعد رحيل الأسد وحلول سلطة بديلة لم يتكوّن بعد.

وربما سيحتاج الأمر إلى بضعة أشهر لتلمُّس التحدّيات الكبرى، التي تبدأ بالتحدّيات السياسية والتي من المفترض أن تشكّل أولوية لدى أي سلطة جديدة في لبنان. وهنا يرى النائب السابق فارس سُعَيد، رئيس «لقاء سيّدة الجبل»، أنه «مع انهيار الوضعية الإيرانية في لبنان وتراجع وظيفة (حزب الله) الإقليمية والسقوط المدوّي لحكم البعث في دمشق، وهذا إضافة إلى الشغور في رئاسة الجمهورية، يبقى التحدّي الأول في لبنان هو ملء ثغرات الدولة من أجل استقامة المؤسسات الدستورية».

وأردف سُعَيد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه «بعكس الحال في سوريا، يوجد في لبنان نصّ مرجعي اسمه الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني، وهذا الدستور يجب أن يحترم بما يؤمّن بناء الدولة والانتقال من مرحلة إلى أخرى».

الدستور أولاً

الواقع أنه لا يمكن لمعطيات علاقة متداخلة بين لبنان وسوريا طالت لأكثر من 5 عقود، و«وصاية دمشق» على بيروت ما بين عامَي 1976 و2005 - وصفها بعض معارضي سوريا بـ«الاحتلال» - أن تتبدّل بين ليلة وضحايا على غرار التبدّل المفاجئ والصادم في دمشق. ثم إن حلفاء نظام دمشق الراحل في لبنان ما زالوا يملكون أوراق قوّة، بينها تعطيل الانتخابات الرئاسية منذ 26 شهراً وتقويض كل محاولات بناء الدولة وفتح ورشة الإصلاح.

غير أن المتغيّرات في سوريا، وفي المنطقة، لا بدّ أن تؤسس لواقع لبناني جديد. ووفق النائب السابق سُعَيد: «إذا كان شعارنا في عام 2005 لبنان أولاً، يجب أن يكون العنوان في عام 2024 هو الدستور أولاً»، لافتاً إلى أن «الفارق بين سوريا ولبنان هو أن سوريا لا تملك دستوراً وهي خاضعة فقط للقرار الدولي 2254. في حين بالتجربة اللبنانية يبقى الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني المرجعَين الصالحَين لبناء الدولة، وهذا هو التحدي الأكبر في لبنان».

وشدّد، من ثم، على ضرورة «استكمال بناء المؤسسات الدستورية، خصوصاً في المرحلة الانتقالية التي تمرّ بها سوريا»، وتابع: «وفي حال دخلت سوريا، لا سمح الله، في مرحلة من الفوضى... فنحن لا نريد أن تنتقل هذه الفوضى إلى لبنان».

العودة للحضن العربي

من جهة ثانية، يحتاج لبنان في المرحلة المقبلة إلى مقاربة جديدة عمّا كان الوضع عليه في العقود السابقة. ولا يُخفي السياسي اللبناني الدكتور خلدون الشريف، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن لبنان «سيتأثّر بالتحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة، وحتميّة انعكاس ما حصل في سوريا على لبنان». ويلفت إلى أن «ما حصل في سوريا أدّى إلى تغيير حقيقي في جيوبوليتيك المنطقة، وسيكون له انعكاسات حتمية، ليس على لبنان فحسب، بل على المشرق العربي والشرق الأوسط برمته أيضاً».

الاستحقاق الرئاسي

في سياق موازٍ، قبل 3 أسابيع من موعد جلسة انتخاب الرئيس التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه برّي في التاسع من يناير (كانون الثاني) المقبل، لم تتفق الكتل النيابية حتى الآن على اسم مرشّح واحد يحظى بأكثرية توصله إلى قصر بعبدا.

وهنا، يرى الشريف أنه بقدر أهمية عودة لبنان إلى موقعه الطبيعي في العالم العربي، ثمّة حاجة ماسّة لعودة العرب إلى لبنان، قائلاً: «إعادة لبنان إلى العرب مسألة مهمّة للغاية، شرط ألّا يعادي أي دولة إقليمية عربية... فلدى لبنان والعرب عدوّ واحد هو إسرائيل التي تعتدي على البشر والحجر». وبغض النظر عن حتميّة بناء علاقات سياسية صحيحة ومتكافئة مع سوريا الجديدة، يلفت الشريف إلى أهمية «الدفع للتعاطي معها بإيجابية وانفتاح وفتح حوار مباشر حول موضوع النازحين والشراكة الاقتصادية وتفعيل المصالح المشتركة... ويمكن للبلدين، إذا ما حَسُنت النيّات، أن يشكلّا نموذجاً مميزاً للتعاون والتنافس تحت سقف الشراكة».

يحتاج لبنان في المرحلة المقبلة إلى مقاربة جديدة

النهوض الاقتصادي

وحقاً، يمثّل الملفّ الاقتصادي عنواناً رئيساً للبنان الجديد؛ إذ إن بناء الاقتصاد القوي يبقى المعيار الأساس لبناء الدولة واستقرارها، وعودتها إلى دورها الطبيعي. وفي لقاء مع «الشرق الأوسط»، قال الوزير السابق محمد شقير، رئيس الهيئات الاقتصادية في لبنان، إن «النهوض الاقتصادي يتطلّب إقرار مجموعة من القوانين والتشريعات التي تستجلب الاستثمارات وتشجّع على استقطاب رؤوس الأموال، على أن يتصدّر الورشة التشريعية قانون الجمارك وقانون ضرائب عصري وقانون الضمان الاجتماعي».

شقير يشدّد على أهمية «إعادة هيكلة القطاع المصرفي؛ إذ لا اقتصاد من دون قطاع مصرفي». ويشير إلى أهمية «ضبط التهريب على كل طول الحدود البحرية والبرّية، علماً بأن هذا الأمر بات أسهل مع سقوط النظام السوري، الذي طالما شكّل عائقاً رئيساً أمام كل محاولات إغلاق المعابر غير الشرعية ووقف التهريب، الذي تسبب بخسائر هائلة في ميزانية الدولة، بالإضافة إلى وضع حدّ للمؤسسات غير الشرعية التي تنافس المؤسسات الشرعية وتؤثر عليها».

نقطة جمارك المصنع اللبنانية على الحدود مع سوريا (آ ف ب)

لبنان ودول الخليج

يُذكر أن الفوضى في الأسواق اللبنانية أدت إلى تراجع قدرات الدولة، ما كان سبباً في الانهيار الاقتصادي والمالي، ولذا يجدد شقير دعوته إلى «وضع حدّ للقطاع الاقتصادي السوري الذي ينشط في لبنان بخلاف الأنظمة والقوانين، والذي أثّر سلباً على النمو، ولا مانع من قوننة ليعمل بطريقة شرعية ووفق القوانين اللبنانية المرعية الإجراء». لكنه يعبّر عن تفاؤله بمستقبل لبنان السياسي والاقتصادي، قائلاً: «لا يمكن للبنان أن ينهض من دون علاقات طيّبة وسليمة مع العالم العربي، خصوصاً دول الخليج... ويجب أن تكون المهمّة الأولى للحكومة الجديدة ترسيخ العلاقات الجيّدة مع دول الخليج العربي، ولا سيما المملكة العربية السعودية التي طالما أمّنت للبنان الدعم السياسي والاقتصادي والمالي».

ضبط السلاح

على صعيد آخر، تشكّل الملفات الأمنية والعسكرية سمة المرحلة المقبلة، بخاصةٍ بعد التزام لبنان فرض سلطة الدولة على كامل أراضيها تطبيقاً للدستور والقرارات الدولية. ويعتبر الخبير العسكري والأمني العميد الركن فادي داوود، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «تنفيذ القرار 1701 ومراقبة تعاطيها مع مكوّنات المجتمع اللبناني التي تحمل السلاح، هو التحدّي الأكبر أمام المؤسسات العسكرية والأمنية». ويوضح أن «ضبط الحدود والمعابر البرية مع سوريا وإسرائيل مسألة بالغة الدقة، سيما في ظل المستجدات التي تشهدها سوريا، وعدم معرفة القوة التي ستمسك بالأمن على الجانب السوري».

مكافحة المخدِّرات

وبأهمية ضبط الحدود ومنع الاختراق الأمني عبرها، يظل الوضع الداخلي تحت المجهر في ظلّ انتشار السلاح لدى معظم الأحزاب والفئات والمناطق اللبنانية، وهنا يوضح داوود أن «تفلّت السلاح في الداخل يتطلّب خطة أمنية ينفّذها الجيش والأجهزة الأمنية كافة». ويشرح أن «وضع المخيمات الفلسطينية يجب أن يبقى تحت رقابة الدولة ومنع تسرّب السلاح خارجها، إلى حين الحلّ النهائي والدائم لانتشار السلاح والمسلحين في جميع المخيمات»، منبهاً إلى «معضلة أمنية أساسية تتمثّل بمكافحة المخدرات تصنيعاً وترويجاً وتصديراً، سيما وأن هناك مناطق معروفة كانت أشبه بمحميات أمنية لعصابات المخدرات».

حقائق

علاقات لبنان مع سوريا... نصف قرن من الهيمنة

شهدت العلاقات اللبنانية - السورية العديد من المحطات والاستحقاقات، صبّت بمعظمها في مصلحة النظام السوري ومكّنته من إحكام قبضته على كلّ شاردة وواردة. وإذا كان نفوذ دمشق تصاعد منذ دخول جيشها لبنان في عام 1976، فإن جريمة اغتيال الرئيس اللبناني المنتخب رينيه معوض في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 1989 - أي يوم عيد الاستقلال - شكّلت رسالة. واستهدفت الجريمة ليس فقط الرئيس الذي أطلق مرحلة الشروع في تطبيق «اتفاق الطائف»، وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها وحلّ كل الميليشيات المسلّحة وتسليم سلاحها للدولة، بل أيضاً كلّ من كان يحلم ببناء دولة ذات سيادة متحررة من الوصاية. ولكنْ ما إن وُضع «اتفاق الطائف» موضع التنفيذ، بدءاً بوحدانية قرار الدولة، أصرّ حافظ الأسد على استثناء سلاح «حزب الله» والتنظيمات الفلسطينية الموالية لدمشق، بوصفه «سلاح المقاومة لتحرير الأراضي اللبنانية المحتلّة» ولإبقائه عامل توتر يستخدمه عند الضرورة. ثم نسف الأسد «الأب» قرار مجلس الوزراء لعام 1996 القاضي بنشر الجيش اللبناني على الحدود مع إسرائيل، بذريعة رفضه «تحويل الجيش حارساً للحدود الإسرائيلية».بعدها استثمر نظام دمشق انسحاب الجيش الإسرائيلي من المناطق التي كان يحتلها في جنوب لبنان خلال مايو (أيار) 2000، و«جيّرها» لنفسه ليعزّز هيمنته على لبنان. غير أنه فوجئ ببيان مدوٍّ للمطارنة الموارنة برئاسة البطريرك الراحل نصر الله بطرس صفير في سبتمبر (أيلول) 2000، طالب فيه الجيش السوري بالانسحاب من لبنان؛ لأن «دوره انتفى مع جيش الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان».مع هذا، قبل شهر من انتهاء ولاية الرئيس إميل لحود، أعلن نظام بشار الأسد رغبته بالتمديد للحود ثلاث سنوات (نصف ولاية جديدة)، ورغم المعارضة النيابية الشديدة التي قادها رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري، مُدِّد للحود بالقوة على وقع تهديد الأسد «الابن» للحريري ووليد جنبلاط «بتحطيم لبنان فوق رأسيهما». وهذه المرة، صُدِم الأسد «الابن» بصدور القرار 1559 عن مجلس الأمن الدولي، الذي يقضي بانتخاب رئيس جديد للبنان، وانسحاب الجيش السوري فوراً، وحلّ كل الميليشيات وتسليم سلاحها للدولة اللبنانية. ولذا، عمل لإقصاء الحريري وقوى المعارضة اللبنانية عن السلطة، وتوِّج هذا الإقصاء بمحاولة اغتيال الوزير مروان حمادة في أكتوبر (تشرين الأول) 2004، ثمّ باغتيال رفيق الحريري يوم 14 فبراير (شباط) 2005، ما فجّر «ثورة الأرز» التي أدت إلى انسحاب الجيش السوري من لبنان يوم 26 أبريل (نيسان)، وتبع ذلك انتخابات نيابية خسرها حلفاء النظام السوري فريق «14 آذار» المناوئ لدمشق.تراجع نفوذ دمشق في لبنان استمر بعد انسحاب جيشها بضغط أميركي مباشر. وتجلّى ذلك في «الحوار الوطني اللبناني»، الذي أفضى إلى اتخاذ قرارات بينها «ترسيم الحدود» اللبنانية السورية، وبناء علاقات دبلوماسية مع سوريا وتبادل السفراء، الأمر الذي قبله بشار الأسد على مضض. وأكمل المسار بقرار إنشاء محكمة دولية لمحاكمة قتلة الحريري وتنظيم السلاح الفلسطيني خارج المخيمات - وطال أساساً التنظيمات المتحالفة مع دمشق وعلى رأسها «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة» - وتحرير المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية. حرب 6002مع هذا، بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان في يوليو (تموز) 2006، التي أعلن «حزب الله» بعدها «الانتصار على إسرائيل»، استعاد النظام السوري بعض نفوذه. وتعزز ذلك بسلسلة اغتيالات طالت خصومه في لبنان من ساسة ومفكّرين وإعلاميين وأمنيين - جميعهم من فريق «14 آذار» - وتوّج بالانقلاب العسكري الذي نفذه «حزب الله» يوم 7 مايو 2008 محتلاً بيروت ومهاجماً الجبل. وأدى هذا التطور إلى «اتفاق الدوحة» الذي منح الحزب وحلفاء دمشق «الثلث المعطِّل» في الحكومة اللبنانية، فمكّنهم من الإمساك بالسلطة.يوم 25 مايو 2008 انتخب قائد الجيش اللبناني ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، وفي 13 أغسطس (آب) من العام نفسه عُقدت قمة لبنانية ـ سورية في دمشق، وصدر عنها بيان مشترك، تضمّن بنوداً عدّة أهمها: «بحث مصير المفقودين اللبنانيين في سوريا، وترسيم الحدود، ومراجعة الاتفاقات وإنشاء علاقات دبلوماسية، وتبنّي المبادرة العربية للسلام». ولكن لم يتحقق من مضمون البيان، ومن «الحوار الوطني اللبناني» سوى إقامة سفارات وتبادل السفراء فقط.ختاماً، لم يقتنع النظام السوري في يوم من الأيام بالتعامل مع لبنان كدولة مستقلّة. وحتى في ذروة الحرب السورية، لم يكف عن تعقّب المعارضين السوريين الذي فرّوا إلى لبنان، فجنّد عصابات عملت على خطف العشرات منهم ونقلهم إلى سوريا. كذلك سخّر القضاء اللبناني (خصوصاً المحكمة العسكرية) للتشدد في محاكمة السوريين الذين كانوا في عداد «الجيش السوري الحرّ» والتعامل معهم كإرهابيين.أيضاً، كان للنظام السوري - عبر حلفائه اللبنانيين - الدور البارز في تعطيل الاستحقاقات الدستورية، لا سيما الانتخابات الرئاسية والنيابية وتشكيل الحكومات، بمجرد اكتشاف أن النتائج لن تكون لصالحهم. وعليه، قد يكون انتخاب الرئيس اللبناني في 9 يناير (كانون الثاني) المقبل، الاستحقاق الأول الذي يشهده لبنان من خارج تأثير نظام آل الأسد منذ نصف قرن.