أميركا تواجه أكبر قفزة للتضخم منذ 1990

تتزامن مع انخفاض إعانات البطالة ونمو فصلي جيد

سجل مقياس التضخم الأميركي أكبر قفزة له على أساس سنوي منذ 3 عقود (أ.ف.ب)
سجل مقياس التضخم الأميركي أكبر قفزة له على أساس سنوي منذ 3 عقود (أ.ف.ب)
TT

أميركا تواجه أكبر قفزة للتضخم منذ 1990

سجل مقياس التضخم الأميركي أكبر قفزة له على أساس سنوي منذ 3 عقود (أ.ف.ب)
سجل مقياس التضخم الأميركي أكبر قفزة له على أساس سنوي منذ 3 عقود (أ.ف.ب)

سجل مقياس التضخم الأميركي، الذي يراقبه مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) عن كثب، أكبر قفزة له على أساس سنوي في الشهر الماضي، منذ 3 عقود، ما اعتبرته صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية سبباً لزيادة الضغط على الرئيس جو بايدن، في وقت يسعى فيه البيت الأبيض لترويض النفقات المتزايدة.
وأضافت الصحيفة أن «محاربة الأسعار المرتفعة أصبحت محور تركيز الفريق الاقتصادي لبايدن، بعد أن أظهرت البيانات الأخيرة أن نمو أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة يقفز بأسرع وتيرة فيما يقرب من ثلاثة عقود، مما أربك الآمال بأن الضغوط التضخمية ستكون قصيرة الأجل».
وسجلت الأسعار ارتفاعاً بنسبة 5 في المائة، الشهر الماضي، مقارنة بأكتوبر (تشرين الأول) من عام 2020، مع تسارع موجة التضخم، وفق ما أفادت به أرقام حكومية، الأربعاء. ويُعدّ هذا الارتفاع على أساس سنوي في مؤشر وزارة التجارة الأميركية لنفقات الاستهلاك الشخصي، الأعلى منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 1990. وأعلى من الارتفاع البالغ 4.4 في المائة في سبتمبر (أيلول).
وارتفعت مداخيل الأميركيين بنسبة 0.5 في المائة الشهر الماضي بأكثر من المتوقع، في حين تجاوز الإنفاق أيضاً توقعات المحللين مع زيادة بلغت 1.3 في المائة. ويشير تقرير الوزارة إلى مواصلة الأميركيين التسوق مع نمو مداخيلهم حتى مع ارتفاع التضخم بمعدلات قياسية، حيث أظهرت البيانات ارتفاع أسعار المحروقات بنسبة 30.2 في المائة مقارنة بأكتوبر 2020، والمواد الغذائية بنسبة 4.8 في المائة.
وتسارع التضخم على المستوى الشهري أيضاً، حيث ارتفع مؤشر الأسعار بنسبة 0.6 في المائة مقارنة بشهر سبتمبر، بما يتماشى مع توقعات المحللين. وأظهرت البيانات ارتفاع دخل الأميركيين بسبب الزيادة على الأجور وتحقيق مكاسب من الأصول العقارية، لكن تراجع الإعانات الحكومية، على الأرجح بسبب انتهاء صلاحية برامج المساعدات بسبب «كوفيد»، أضعف هذه الزيادة.
وقالت الوزارة إن الارتفاع في حجم الإنفاق على السلع الذي وصل إلى 123.8 مليار دولار ذهب بمعظمه إلى قطاع السيارات، في حين أن قطاع السفر استحوذ على الارتفاع في الإنفاق على الخدمات البالغ 90.5 مليار دولار، الذي استفادت منه قطاعات أخرى.
وبدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي هذا الشهر في تخفيض مخصصات برنامجه الشهري لشراء الأصول بقيمة 120 مليار دولار، بوتيرة تشير إلى أنه قد يُنهي البرنامج في يونيو (حزيران) 2022. فيما أكدت نتائج اجتماع لجنة السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي في نوفمبر أن المسؤولين «شددوا على أهمية الحفاظ على المرونة» باعتبارها أمراً مهماً خلال عملية تخفيف مخصصات البرنامج تدريجياً، وأكدوا ضرورة تشديد السياسات النقدية بشكل أسرع لمواجهة التضخم الراهن.
وتأتي البيانات الأخيرة مع انخفاض طلبات إعانات البطالة الأميركية إلى أدنى مستوى أسبوعي لها منذ أكثر من خمسة عقود، حيث أظهرت بيانات اقتصادية نُشِرت الأربعاء تراجع عدد طلبات الحصول على إعانة بطالة لأول مرة في الولايات المتحدة خلال الأسبوع المنتهي يوم 20 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي إلى أقل مستوى له منذ 1969. وذكرت وزارة العمل الأميركية أن عدد طلبات إعانة البطالة تراجع خلال الأسبوع الماضي إلى 199 ألف طلب بعد وضع المتغيرات الموسمية في الحساب، في حين كان متوسط توقعات المحللين الذين استطلعت وكالة «بلومبرغ» آراءهم 260 ألف طلب.
في الوقت نفسه، فإن التراجع الأكبر من التوقعات قد يعود إلى تعديل الحكومة الأميركية للبيانات الخام وفقاً للتقلبات الموسمية، بحسب لو كراندال كبير خبراء الاقتصاد في شركة «رايتسون آي سي إيه بي». وقال كاندال بعد صدور بيانات البطالة إن هذا «يمثل عامل تشتت موسمياً كاملاً، وأغلب هذا التراجع سيختفي في الأسبوع المقبل». ويذكر أن عدد طلبات إعانة البطالة خلال الأسبوع الماضي قبل وضع المتغيرات الموسمية في الحساب ارتفع بمقدار 18 ألف طلب، مقارنة بالأسبوع السابق.
وبالتزامن، أظهرت البيانات المعدلة الصادرة الأربعاء نمو الاقتصاد الأميركي بمعدل 2.1 في المائة من إجمالي الناتج المحلي خلال الربع الثالث من العام الحالي، وهو ما يزيد على التقديرات الأولية الصادرة سابقا عن وزارة التجارة الأميركية التي أشارت إلى نمو بمعدل 2 في المائة فقط. ونقلت وكالة «بلومبرغ» عن بيان الوزارة القول إن الإنفاق الاستهلاكي الذي يمثل نحو ثلثي إجمالي الناتج المحلي الأميركي، زاد خلال الربع الثالث بنسبة 1.7 في المائة سنوياً. وكان متوسط توقعات المحللين يشير إلى نمو الاقتصاد بمعدل 2.2 في المائة وفقاً للبيانات المعدلة.



رئيس الوزراء الياباني يدعو الشركات لزيادة كبيرة في الأجور

يابانيون يمرون أمام شاشة إلكترونية في العاصمة طوكيو تعرض حركة الأسهم على مؤشر نيكي (أ.ب)
يابانيون يمرون أمام شاشة إلكترونية في العاصمة طوكيو تعرض حركة الأسهم على مؤشر نيكي (أ.ب)
TT

رئيس الوزراء الياباني يدعو الشركات لزيادة كبيرة في الأجور

يابانيون يمرون أمام شاشة إلكترونية في العاصمة طوكيو تعرض حركة الأسهم على مؤشر نيكي (أ.ب)
يابانيون يمرون أمام شاشة إلكترونية في العاصمة طوكيو تعرض حركة الأسهم على مؤشر نيكي (أ.ب)

قال رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا، يوم الثلاثاء، إنه سيطلب من الشركات تنفيذ زيادات كبيرة في الأجور في مفاوضات العمل العام المقبل، حيث تضع حكومته زيادات الأجور على رأس أولويات سياستها العامة.

وتعهد إيشيبا، الذي تواجه حكومته الائتلافية الهشة ضغوطاً لزيادة الإنفاق على الرعاية الاجتماعية وتعويض ارتفاع الأسعار، بالدفع من أجل نمو الأجور في مفاوضات «شونتو» السنوية في الربيع المقبل، بعد أن قدمت الشركات اليابانية أكبر زيادة في الأجور منذ 33 عاماً في وقت مبكر من هذا العام.

وقال إيشيبا في نهاية اجتماع ثلاثي بين الحكومة والشركات وزعماء النقابات: «نطلب من الشركات التعاون لتحقيق نمو كبير في الأجور في مفاوضات العام المقبل».

وتسعى أكبر مجموعة نقابية عمالية في اليابان إلى زيادة الأجور بنسبة 5 في المائة على الأقل في عام 2025 على غرار الزيادة الضخمة هذا العام. ويشك خبراء الاقتصاد في أن مثل هذه الزيادة الأخرى واقعية.

وتعهد إيشيبا أيضاً بوضع تدابير محددة بحلول الربيع المقبل لتحقيق هدفه السياسي برفع الحد الأدنى للأجور بنسبة 42 في المائة بحلول نهاية العقد.

وقال إيشيبا إن الحكومة تخطط لمواصلة المناقشات مع قادة الأعمال والعمال بشأن هدف الحد الأدنى للأجور، وتأمل في خلق بيئة حيث يكون مثل هذا الرفع ممكناً.

وتم إنشاء إطار ثلاثي بين الحكومة والشركات وزعماء النقابات لمناقشة الأجور بعد وقت قصير من تولي رئيس الوزراء السابق شينزو آبي السلطة في أواخر عام 2012، ووعد بإنعاش الاقتصاد.

وكان التدخل الحكومي في محادثات العمل والإدارة باليابان يُنظر إليه في البداية على أنه غير معتاد، إن لم يكن محظوراً، لكن الشركات في نهاية المطاف تبنت فكرة زيادة الأجور لجذب المواهب.

ومن جهة أخرى، أبقت الحكومة اليابانية يوم الثلاثاء على تقييمها بأن الاقتصاد يتعافى بشكل معتدل، في حين حذرت من التأثير المحتمل لسياسات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب على التوقعات الاقتصادية.

وقال مسؤول بمكتب مجلس الوزراء عند إصدار التقرير الاقتصادي الشهري لشهر نوفمبر (تشرين الثاني): «يمكن أن يكون للاتجاهات في الاقتصاد الأميركي تأثير مباشر أو غير مباشر على الاقتصاد الياباني، ونحن بحاجة أيضاً إلى أن ندرك إمكانية التأثير من خلال التقلبات في الأسواق المالية وأسواق رأس المال».

كما تم تحديد مخاطر، مثل ارتفاع أسعار الفائدة في الخارج وسوق العقارات الصينية الراكدة، باعتبارها تهديدات محتملة للاقتصاد الياباني.

وقال مكتب مجلس الوزراء إن الاقتصاد الياباني يتعافى بشكل معتدل رغم أنه لا يزال متوقفاً في أجزاء، مع إبقاء التقييم دون تغيير للشهر الرابع على التوالي. وظلت وجهة نظر الحكومة بشأن معظم القطاعات الفرعية الرئيسية، بما في ذلك الاستهلاك والاستثمار الرأسمالي، كما رفعت تقييمها للواردات في حين خفضت تقييمها للاستثمار العام.

كما قام مكتب مجلس الوزراء بمراجعة وجهة نظره بشأن أسعار السلع المحلية للشركات إلى «ارتفاع تدريجي مؤخراً» وأسعار المستهلك إلى «ارتفاع مؤخراً»، مما يعكس الزيادات في الأرز وتكاليف المواد الخام بسبب ضعف الين والنفقات اللوجيستية بسبب نقص العمالة.

وقالت الحكومة إن الاستهلاك الخاص، الذي يمثل أكثر من نصف الناتج الاقتصادي، استمر في التعافي، مدعوماً بزيادات الأجور والمكافآت الصيفية القوية وتخفيضات ضريبة الدخل المؤقتة.

وقدم التقرير يوم الثلاثاء في اجتماع لوزراء مجلس الوزراء المعنيين ومحافظ بنك اليابان كازو أويدا. وتوسع الاقتصاد الياباني بنسبة سنوية بلغت 0.9 في المائة في الربع الثالث من يوليو (تموز) إلى سبتمبر (أيلول)، وهو ما يتباطأ عن الأشهر الثلاثة السابقة بسبب الإنفاق الرأسمالي الفاتر. ومع ذلك، كان الارتفاع غير المتوقع في الاستهلاك بمثابة نقطة مضيئة.

وفي غضون ذلك، أعلن بنك اليابان المركزي يوم الثلاثاء ارتفاع أسعار المنتجين (الجملة) خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بنسبة 2.9 في المائة سنوياً، في حين كان المحللون يتوقعون ارتفاعه بنسبة 2.5 في المائة، بعد ارتفاعه بنسبة 2.8 في المائة خلال سبتمبر الماضي، وفقاً للبيانات المعدلة و2.6 في المائة وفقاً للبيانات الأولية.

وعلى أساس شهري، ارتفعت أسعار الجملة بنسبة 0.8 في المائة خلال أكتوبر، في حين تراجعت بنسبة 0.1 في المائة خلال سبتمبر. وارتفعت أسعار الجملة بعد استبعاد أسعار خدمات النقل الدولي بنسبة 3.1 في المائة سنوياً، وبنسبة 0.8 في المائة شهرياً.

وفي الأسواق، انخفضت عائدات سندات الحكومة اليابانية يوم الثلاثاء، مقتفية أثر هبوط في عائدات سندات الخزانة الأميركية أثناء الليل مع انتظار المستثمرين لإشارات جديدة من السوق.

وانخفضت عائدات سندات الحكومة اليابانية لأجل عشر سنوات بنقطة أساس واحدة عند 1.06 في المائة، في حين ارتفعت عقودها الآجلة 0.08 نقطة إلى 142.93 ين.

وارتفعت عائدات سندات الحكومة اليابانية في الجلسات الأخيرة مع بدء السوق في تسعير فرصة أكبر لرفع بنك اليابان لأسعار الفائدة في ديسمبر (كانون الأول). وكان التحول مدفوعاً إلى حد كبير بالتوقعات بأن انخفاض الين قد يضغط على البنك المركزي للتحرك.

وقال يوري سوزوكي، محلل السوق في ميزوهو للأوراق المالية، إن هذا الاتجاه الصعودي في العائدات ربما بلغ ذروته في الوقت الحالي، و«إذا كان هناك بالفعل رفع لأسعار الفائدة في ديسمبر (كانون الأول)، فسيكون من الأسهل وضع زيادات الأسعار في المستقبل في الحسبان، لكنني أعتقد أن تسعير السوق (لرفع نهاية العام) يبدو أنه توقف الآن».

ومن جهته، تراجع المؤشر نيكي الياباني يوم الثلاثاء مع تأثر السوق بتعهد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية على جميع الواردات من كندا والمكسيك، إلى جانب رسوم إضافية على الصين.

وأغلق نيكي على هبوط 0.9 في المائة عند 38442 نقطة، بعد أن تراجع بنحو اثنين في المائة خلال التعاملات الصباحية. كما أنهى المؤشر توبكس الأوسع نطاقاً التداولات منخفضاً بواحد في المائة عند 2689.55 نقطة.

ومن بين 225 سهماً مدرجاً على المؤشر نيكي، انخفض 147 سهماً وصعد 75، وتقلصت خسائر الأسهم في تعاملات ما بعد الظهيرة مع استيعاب المستثمرين للأنباء.

وقال ناكا ماتسوزاوا خبير الاقتصاد الكلي في نومورا: «نسبة 10 في المائة على كل شيء بالنسبة للصين ليست كبيرة مثل النسبة التي كان يتحدث عنها ترمب سابقاً عند 60 في المائة... لذا أعتقد أن رد الفعل الأولي كان سلبياً إلى حد ما». وأضاف أن خطط فرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المائة على الواردات من كندا والمكسيك ربما كانت أكبر من توقعات السوق.