فضائح تهز مصلحة السجون الإسرائيلية

سجانون متهمون بإدارة شبكة دعارة بين جنديات وأسرى فلسطينيين

TT

فضائح تهز مصلحة السجون الإسرائيلية

تشهد السجون الإسرائيلية صخبا شديدا، وهناك من يصفه بهزة أرضية، في أعقاب الفساد الذي كشفه قائد سجن الجلبوع، الذي تمكن ستة أسرى فلسطينيون من الفرار منه قبل شهرين. وارتفعت أصوات تطالب بإقالة المأمور العام وكل قادة السجون وإعادة ترتيب الجهاز بشكل جذري.
وكان قائد سجن الجلبوع، فريدي بن شطريت، الذي مثل أمام لجنة تقصي الحقائق الحكومية حول فرار الأسرى الفلسطينيين، أول من أمس الأربعاء، فجر خلال إفادته قنبلة مدوية. فخلال حديثه عن عملية الفرار قال إن الإهمال يسود في مصلحة السجون برمتها وبضمن ذلك إدارة شبكة دعارة. وقال إن ضابط المخابرات في سجن الجلبوع، راني باشا، مشتبه بأنه نظم عمل جنديات يهوديات من الجيش الإسرائيلي أرسلن إلى العمل في مصلحة السجون كسجانات، وقدمهن طعما للممارسات الجنسية مع أسرى فلسطينيين. وقال بن شطريت إن حوادث كهذه وقعت في سنة 2018، وجرى كشفها والتحقيق فيها وإن باشا اعترف خلال تحقيق الوحدة القُطرية ضد سجانين بأنه طلب من سجانات معينات تحديدا الانتقال إلى القسم الأمني بعد أن طلبهن الأسير محمد عطا الله بالاسم. وزعم أن عطا الله قدم لمسؤول المخابرات بالمقابل معلومات عن الأسرى. لكن ملف التحقيق ضد باشا أغلق بسبب نقص الأدلة ضده.
وكان بن شطريت يتكلم بغضب واضح عن الأوضاع في مصلحة السجون وبدا كمن يحرق كل الجسور مع زملائه في القيادة. وقال صراحة إنه يكشف موبقات ردا على محاولة مسؤولة مصلحة السجون جعله كبش فداء وتحميله مسؤولية فرار الأسرى الفلسطينيين، مع أنه تسلم مسؤولية إدارة سجني الجلبوع فقط في شهر مارس (آذار) الماضي. وقال إن من يطالبون اليوم بإقالته إنما كانوا يتسترون على أوضاع مريعة في السجون. وعندها كشف قضية الدعارة. وقال إن «مصلحة السجون اكتفت بمعاقبة الأسير عطالله، الذي يقضي حكما مؤبدا، بفرض قيود عليه. وفي الوقت ذاته، سعت إلى التستر على عمليات دعارة كثيرة تم خلالها حض جنديات نظاميات على علاقات جنسية، وزودوا مجندات نظاميات لمخربين لأغراض جنسية». وقال إنه وضع حدا لمثل هذه الظواهر عند توليه إدارة السجن وإدارة السجن الآخر المجاور والمعروف باسم سجن شطة. وذكرت صحيفة «هآرتس»، أمس الخميس، أنها طلبت من مسؤولين في مصلحة السجون التعقيب على إفادة بن شيطريت الخطيرة هذه، فأكدوا الحقائق وقالوا إن الشكوى الأولى في هذه القضية قدمتها سجانة تعرضت لاعتداء جنسي من جانب أسير في سجن الجلبوع، وإنه «تم إخفاء الشكوى بواسطة قادة السجن الذين منعوا التحقيق فيها، من أجل الحفاظ على هدوء مقابل الأسرى والحفاظ على ضابط المخابرات». ولاحقا، أغلقت الشرطة التحقيق في شكوى السجانة.
ولكن لجنة تقصي الحقائق الحكومية حول فرار الأسرى، قررت أمس الخميس ألا تنظر في قضية حض سجانات على الدعارة، حتى لا تضيع القضية الأساسية. لكن مسؤولين في وزارة الأمن الداخلي قالوا إن النظر في هذه القضية هي ضمن صلاحيات اللجنة ومن أهم واجباتها. وطالب وزير الأمن الداخلي، عومر بار ليف، المستشار القضائي للحكومة، أفيحاي مندلبليت، بإعادة النظر في التحقيق الذي جرى في هذه القضية وفي أسباب إغلاق التحقيق. وبعثت رئيسة حركة النساء العاملات في إسرائيل «نعمات»، حاغيت بئير، برسالة إلى المفتش العام للشرطة، يعقوب شبتاي، قالت فيها إنه «يجب إعادة فتح ملف التحقيق في قضية الشبهات الخطيرة التي بموجبها تحرش أسرى أمنيون جنسيا بسجانة في سجن الجلبوع من خلال علم وحتى تعاون من جانب المسؤولين عنها في مصلحة السجون».
وتوجهت الحركة من أجل جودة الحكم إلى وزير الأمن الداخلي، عومر بار ليف، مطالبة بتقصي الحقائق حول القضية. وقالت الحركة «ما نشر صورة وضع خطير للغاية، حول طبيعة العمل في مصلحة السجون ومن الجائز أنه ارتكبت مخالفات خطيرة للغاية، وبينها حض على الزنا وأعمال مشينة من جانب مستويات عليا في مصلحة السجون». كذلك طالب أعضاء كنيست بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية أخرى لهذا الموضوع.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.