هدوء حذر في السويداء بعد «اشتباكات ليلية»

مجموعة محلية شنت هجوماً على مواقع للنظام في المدينة

مسلحون محليون من حركة «رجال الكرامة» المعارضة في أحد شوارع مدينة السويداء (السويداء24)
مسلحون محليون من حركة «رجال الكرامة» المعارضة في أحد شوارع مدينة السويداء (السويداء24)
TT

هدوء حذر في السويداء بعد «اشتباكات ليلية»

مسلحون محليون من حركة «رجال الكرامة» المعارضة في أحد شوارع مدينة السويداء (السويداء24)
مسلحون محليون من حركة «رجال الكرامة» المعارضة في أحد شوارع مدينة السويداء (السويداء24)

شهدت محافظة السويداء جنوب سوريا اشتباكات عنيفة وسط مركز مدينة السويداء ليل الثلاثاء - الأربعاء، بعدما شنت مجموعة محلية هجوماً على مراكز أمنية تابعة للنظام، ومراكز حكومية مثل مبنى المحافظة وقيادة الشرطة المدنية في السويداء على أثر خلاف نشب بين عناصر محلية مسلحة من السويداء ومفرزة نقطة عسكرية تابعة لقوى حفظ النظام والأمن الداخلي في المشفى الوطني بالسويداء واعتقال الأخيرة شخصين من المجموعة.
وقال ريان معروف، مسؤول تحرير «شبكة السويداء24»، لـ«الشرق الأوسط» إنه «مع إسعاف شابين مقتولين في ظروف غامضة في منطقة ظهر الجبل بالسويداء، حضر ذووهم وأقاربهم إلى المشفى الوطني بحالة غضب شديدة، وأطلق أحدهم النار وسط حرم المشفى الوطني، فنشب شجار بين عناصر الأمن وشباب من ذوي الضحايا على خلفية إطلاق النار». وزاد: «بعد ذلك، حضرت مؤازرة من قوى من حفظ النظام إلى مكان الخلاف في المشفى، وأوقفت عناصر الأمن شابين ينتميان إلى إحدى المجموعات المحلية المسلحة في السويداء، وتطور الموقف، بعد تدخل مجموعات محلية مسلحة، من البلدات المجاورة للسويداء، ومجموعات من المدينة، وانتشر عشرات المسلحين، في شوارع السويداء، وطالبوا قوات حفظ النظام بإطلاق سراح الموقوفين، وبعد رفضها الإفراج عنهم اندلعت اشتباكات عنيفة بالأسلحة الرشاشة بين مجموعة محلية والقوى الأمنية، وتركزت الاشتباكات عند قيادة الشرطة في السويداء ومبنى المحافظة اللذين تعرضا لإطلاق نار كثيف من المسلحين، كما دوّت أصوات انفجارات قوية في منطقة الاشتباكات نتيجة إطلاق قذائف صاروخية ورمي قنابل يدوية مما سبب أضراراً مادية جسيمة بالمراكز الحكومية التي هاجمها المسلحون وأضراراً جسيمة لحقت بالمحال التجارية القريبة من نقاط الاشتباك، دون تسجيل إصابات بشرية بين الأطراف».
وتدخّل وجهاء وشخصيات من السويداء وقادة مجموعات محلية لـ«احتواء الموقف»، وطالبوا قيادات عسكرية لدى دمشق بإطلاق سراح الموقوفين منذ يوم الاثنين في السويداء. وأطلقت الأجهزة الأمنية سراح الموقوفين بعد اشتباكات ومواجهات استمرت لساعتين، وانسحب المسلحون المحليون من شوارع مدينة السويداء في وقت متأخر من منتصف ليل الثلاثاء - الأربعاء وسط حالة من الخوف والتوتر سادت بين السكان المدنيين في السويداء.
وأضاف أن السويداء شهدت توتراً واشتباكات مشابهة ليلة الاثنين الماضي استمرت أقل من نصف ساعة، بعد محاولة مجموعة محلية مسلحة من بلدة مفعلة قطع طريق دمشق - السويداء، للضغط على قوات الأمن التي اعتقلت خمسة من أبناء مفعلة في مشفى السويداء الوطني بينهم مصابون بعيارات نارية في أثناء قطع الأشجار في أحراش تابعة للجيش، لكن قوى الأمن ردّت على المجموعة التي حاولت قطع الطريق بإطلاق النار، ورفضت الإفراج عن موقوفي بلدة مفعلة.
ويُذكر أن الحكومة السورية عززت من قوى الشرطة والأمن الداخلي في مشفى السويداء الوطني، بعد أن نظّم أعضاء الكادر الطبي في مشفى السويداء الوطني وقفة أمام مدخل قسم الإسعاف «احتجاجاً على الاعتداءات المتكررة» التي يتعرضون لها، مطالبين بتوفير الحماية لهم بعد حادثة هجوم مسلحين على قسم الإسعاف، كما طالبوا بمنع دخول الأشخاص الذين يحملون السلاح إلى حرم المشفى. وقد حضر وفد من اللجنة الأمنية في السويداء إلى الاعتصام حينها، واستمع أعضاء الوفد لمطالبهم ووعد بتنفيذ الإجراءات اللازمة سريعاً لمنع تكرار الاعتداءات على الكوادر الطبية.
وحسب ناشطين من السويداء، أيّد مواطنون من السويداء مطالب الكادر الطبي في مشفى السويداء حينها، لكن الحوادث الأخيرة باقتحام المشفى واعتقال أشخاص من داخله من قوات الأمن الداخلي أدت إلى انطباع حالة جديدة أن السلطات «باتت تتطلع لتفعيل دور قوى الأمن الداخلي، بعد غياب دورها عن المشهد في السويداء»، ومنهم من عدّها ناتجة عن تعيين ضابط جديد مسؤول عن قوى حفظ النظام في السويداء، وغياب حالة المحافظة الأمنية التي تعد شكلية.
وفي درعا المجاورة، وقعت اشتباكات عنيفة بين قوات من النظام السوري ومطلوبين للأجهزة الأمنية، شرق بلدة ناحتة بريف درعا الشرقي، وسط محاولة قوات النظام اقتحام المزارع المنتشرة هناك التي تحصَّن بها عدد من المطلوبين من بلدة ناحتة ومن العشائر البدوية الموجودة في تلك المنطقة، وسط أنباء عن تطويق قوات النظام موقع الاشتباكات وإغلاق الطرق المؤدية إلى المنطقة وانتشار عسكري كثيف لقوات النظام على طريق ناحتة - صمّا في السويداء، وطريق المليحة الشرقية والدارة. ووقوع قتلى وجرحى بين المطلوبين.
وذكر ناشطون في درعا أن الحملة التي تقوم بها قوات النظام شرق بلدة ناحتة تستهدف المطلوبين الذين رفضوا إجراء التسويات الأخيرة وغادروا بلدة ناحتة قبل دخول قوات النظام إليها أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
من جهته، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، عن مقتل ثلاثة عناصر وإصابة آخرين من المجموعات الرافضة لـ«التسويات» بعد محاصرتهم من قوات النظام منذ ساعات الصباح الأولى ليوم الأربعاء بمزارع بلدة ناحتة بريف درعا الشرقي، حيث «عمدت قوات النظام إلى سحب جثث القتلى بالتزامن مع استقدام تعزيزات عسكرية إضافة إلى المنطقة».
وأضاف: «بذلك يرتفع تعداد الذين قُتلوا وقضوا واستُشهدوا بأساليب مختلفة منذُ بدء الاتفاق الأخير في محافظة درعا إلى 60 هم 31 مدنياً من ضمنهم طفلان وبعضهم كانوا مقاتلين سابقين في صفوف الفصائل وباتوا مدنيين بعد عمليات (التسوية) السابقة، و26 من عناصر قوات النظام والمتعاونين مع الميليشيات و(الفيلق الخامس) المدعوم روسياً، وثلاثة من المسلحين المحليين الرافضين للتسويات».



«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
TT

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)

في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى مواجهة الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية وحماية المال العام، أعلن مجلس القيادة الرئاسي في اليمن حزمة من الإجراءات المنسقة لمكافحة الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز المركز القانوني للدولة، وذلك بعد تلقي المجلس تقارير من الأجهزة الرقابية والقضائية حول قضايا فساد كبرى وقعت في الأعوام الأخيرة.

وأفاد الإعلام الرسمي بأنه، بناءً على توصيات من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، صدرت توجيهات مستعجلة لاستكمال إجراءات التحقيق في القضايا قيد النظر، مع متابعة الجهات المتخلفة عن التعاون مع الأجهزة الرقابية.

وشدد مجلس الحكم اليمني على إحالة القضايا المتعلقة بالفساد إلى السلطة القضائية، مع توجيهات صريحة بملاحقة المتهمين داخل البلاد وخارجها عبر «الإنتربول» الدولي.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي (سبأ)

وأمر العليمي -حسب المصادر الرسمية- بتشكيل فريق لتقييم أداء هيئة أراضي الدولة وعقاراتها، التي تواجه اتهامات بتسهيل الاستيلاء على أراضيها من قِبل شخصيات نافذة. كما شدد على إلغاء جميع التصرفات المخالفة للقانون وملاحقة المتورطين.

وبينما تشير هذه الخطوات الجادة من مجلس القيادة الرئاسي إلى التزام الحكومة اليمنية بمكافحة الفساد، وتحسين الأداء المؤسسي، وتعزيز الشفافية، يتطلّع الشارع اليمني إلى رؤية تأثير ملموس لهذه الإجراءات في بناء دولة القانون، وحماية موارد البلاد من العبث والاستغلال.

النيابة تحرّك 20 قضية

ووفقاً لتقرير النائب العام اليمني، تم تحريك الدعوى الجزائية في أكثر من 20 قضية تشمل جرائم الفساد المالي، وغسل الأموال، وتمويل الإرهاب، والتهرب الضريبي. ومن بين القضايا التي أُحيلت إلى محاكم الأموال العامة، هناك قضايا تتعلّق بعدم التزام بنوك وشركات صرافة بالقوانين المالية؛ مما أدى إلى إدانات قضائية وغرامات بملايين الريالات.

كما تناولت النيابة العامة ملفات فساد في عقود تنفيذ مشروعات حيوية، وعقود إيجار لتوليد الطاقة، والتعدي على أراضي الدولة، وقضايا تتعلق بمحاولة الاستيلاء على مشتقات نفطية بطرق غير مشروعة.

مبنى المجمع القضائي في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن (سبأ)

ومع ذلك، اشتكت النيابة من عدم تجاوب بعض الجهات الحكومية مع طلبات توفير الأدلة والوثائق، مما أدى إلى تعثر التصرف في قضايا مهمة.

وأوردت النيابة العامة مثالاً على ذلك بقضية الإضرار بمصلحة الدولة والتهرب الجمركي من قبل محافظ سابق قالت إنه لا يزال يرفض المثول أمام القضاء حتى اليوم، بعد أن تمّ تجميد نحو 27 مليار ريال يمني من أرصدته مع استمرار ملاحقته لتوريد عشرات المليارات المختلسة من الأموال العامة. (الدولار يساوي نحو 2000 ريال في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية).

وعلى صعيد التعاون الدولي، أوضحت النيابة العامة أنها تلقت طلبات لتجميد أرصدة أشخاص وكيانات متورطين في غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وبينما أصدرت النيابة قرارات تجميد لبعض الحسابات المرتبطة بميليشيات الحوثي، طلبت أدلة إضافية من وزارة الخزانة الأميركية لتعزيز قراراتها.

تجاوزات مالية وإدارية

وكشف الجهاز المركزي اليمني للرقابة والمحاسبة، في تقريره المقدم إلى مجلس القيادة الرئاسي، عن خروقات جسيمة في أداء البنك المركزي منذ نقله إلى عدن في 2016 وحتى نهاية 2021. وتضمنت التجاوزات التلاعب في الموارد المالية، والتحصيل غير القانوني للرسوم القنصلية، وتوريد إيرادات غير مكتملة في القنصلية العامة بجدة وسفارتي اليمن في مصر والأردن.

وأفاد الجهاز الرقابي بأن التجاوزات في القنصلية اليمنية في جدة بلغت 156 مليون ريال سعودي، تم توريد 12 مليون ريال فقط منها إيرادات عامة، في حين استولت جهات أخرى على الفارق. أما في مصر فتم الكشف عن استيلاء موظفين في السفارة على 268 ألف دولار من إيرادات الدخل القنصلي باستخدام وثائق مزورة.

وفي قطاع الكهرباء، كشف تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن مخالفات جسيمة في عقود توفير المشتقات النفطية، تضمّنت تضخيم تكلفة التعاقدات وإهدار المال العام بقيمة تزيد على 285 مليون دولار. كما أشار التقرير إلى اختلالات في عقود السفينة العائمة لتوليد الطاقة التي تضمنت بنوداً مجحفة وإعفاءات ضريبية وجمركية للشركة المتعاقد معها.

وتحدّث الجهاز الرقابي اليمني عن اعتداءات ممنهجة على أراضي الدولة، تشمل مساحة تزيد على 476 مليون متر مربع، وقال إن هذه الاعتداءات نُفّذت بواسطة مجاميع مسلحة وشخصيات نافذة استغلّت ظروف الحرب لنهب ممتلكات الدولة. كما تم تسليم أراضٍ لمستثمرين غير جادين تحت ذرائع قانونية؛ مما تسبّب في إهدار أصول حكومية ضخمة.

وحسب التقارير الرقابية، تواجه شركة «بترومسيلة» التي أُنشئت لتشغيل قطاع 14 النفطي في حضرموت (شرق اليمن)، اتهامات بتجاوز نطاق عملها الأساسي نحو مشروعات أخرى دون شفافية، إلى جانب اتهامها بتحويل أكثر من مليار دولار إلى حساباتها الخارجية، مع غياب الرقابة من وزارة النفط والجهاز المركزي.