«تفاؤل مكتوم» يسود اليوم الثالث لمشاورات موسكو.. والجعفري يرفض البدء بـ«ورقة المعارضة»

لافروف يلتقي أعضاء الاجتماع اليوم.. والمعارضة تريد «تعزيز إجراءات الثقة»

«تفاؤل مكتوم» يسود اليوم الثالث لمشاورات موسكو.. والجعفري يرفض البدء بـ«ورقة المعارضة»
TT

«تفاؤل مكتوم» يسود اليوم الثالث لمشاورات موسكو.. والجعفري يرفض البدء بـ«ورقة المعارضة»

«تفاؤل مكتوم» يسود اليوم الثالث لمشاورات موسكو.. والجعفري يرفض البدء بـ«ورقة المعارضة»

على غير ما كان متوقعا جرت اجتماعات أمس للمشاورات السورية - السورية وسط أجواء وصفتها بعض مصادر المعارضة السورية بـ«الإيجابية التي توحي بالتفاؤل المشوب بالحذر»، وإن استهلها الوفد الحكومي السوري برفض أهم مطالب المعارضة.
وكان ممثلو فصائل المعارضة والمجتمع المدني استهلوا مشاورات أمس في قصر الضيافة التابع للخارجية الروسية في قلب العاصمة موسكو باجتماع قصير اقتصر عليهم لاستكمال المناقشات حول ورقة العمل المشتركة، وبحث سيناريو العمل مع الوفد الحكومي السوري الذي كان وصل إلى موسكو أول من أمس برئاسة بشار الجعفري المندوب الدائم لسوريا لدى الأمم المتحدة. وكان هؤلاء عرضوا على الوفد الحكومي السوري بدء اجتماعهم معه مساء الثلاثاء (يوم وصول الوفد الحكومي السوري إلى موسكو)، في محاولة لتوفير المزيد من فرص النقاش معه أمس، إلا أن بشار الجعفري رفض الاقتراح، وطلب الالتزام بالإطار المتفق عليه، وهو إتاحة الفرصة أمام مشاورات المعارضة خلال اليومين الأولين للمشاورات.
ولذا، فقد بدأت مشاورات أمس باجتماع قصير استكمل فيه أعضاء الوفود المعارضة النقاش فيما بينهم، أعقبته جلسة موسعة جمعتهم مع أعضاء الوفد الحكومي السوري، استهلها المجتمعون بمناقشة البند الأول من جدول الأعمال الذي كانوا أقروه في اليوم الأول من هذه المشاورات، ويتعلق بتقدير الأوضاع الراهنة في سوريا، وسط أجواء، ثمة من رأى «إيجابياتها» رغم رفض رئيس الوفد الحكومي السوري اقتراحا من جانب المعارضة بضرورة عدم الإغراق كثيرا في مناقشة الأوضاع الراهنة في سوريا، نظرا لأن كل دقائقها «معروفة للجميع»، والتحول لمناقشة «ورقة العمل» التي توصل إليها ممثلو المعارضة والمجتمع في اليوم الأول من المشاورات في موسكو.
على أن المجتمعين سرعان ما عادوا إلى بنود جدول الأعمال بعد رفض الجعفري البدء بمناقشة «ورقة العمل»، استنادا إلى ما قاله حول أنها لم تجد «إجماعا» من جانب كل ممثلي المعارضة، وهو ما قال قدري جميل، القيادي في جبهة التغيير والتحرير لـ«الشرق الأوسط»، بعدم صحته؛ لأن المعترضين لم يكونوا أكثر من اثنين من ممثلي الأحزاب المرخصة (الحكومية)، وسجلا اعتراضاتهما الشكلية. ولم يشأ جميل الإشارة إلى اسمي هذين «المعارضين»، مؤكدا في الوقت نفسه إيجابية أجواء المباحثات التي وصفها أيضا بأنها «مبشرة»، وإن انتقد ما قيل حول الخلافات بشأن مضمون «ورقة العمل». ووصف قدري جميل محاولات التذرع بعدم موافقة أعضاء المعارضة على ورقة العمل، بأنها محاولة للتهرب من الاضطلاع بالمسؤولية، مؤكدا أن 30 من أعضاء الوفود المعارضة مجمعون على كل بنود ورقة العمل الاثني عشر. وأشار إلى أن بشار الجعفري هو الوحيد الذي يتحدث باسم الوفد الحكومي، بينما تتنوع قائمة المتحدثين من جانب فصائل المعارضة الذين يتناوبون على الحديث في إطار «الدقائق الثلاث» المقررة للعضو الواحد، فيما عزا طول كلمته التي امتدت إلى 15 دقيقة إلى أنه حصل على تفويض للتحدث بأسماء آخرين من الموجودين حول مائدة المباحثات. وأكد جميل أن فصائل المعارضة تجتمع حول ضرورة تعزيز إجراءات الثقة اللازمة لدعم ما يراود البعض من مشاعر تفاؤل. وكان سمير العيطة رئيس المنتدى الديمقراطي، أشار أيضا من جانبه إلى ضرورة الابتعاد عن الشكليات وضرورة التفرغ لمناقشة ورقة العمل على اعتبار أنها فرصة جيدة للانطلاق صوب «جنيف 3». ونقلت عنه بعض المصادر قوله: «إن لم نتمكن في هذه الجولة من تحقيق هذا الهدف، فإنه لن تكون ممكنة الموافقة على أشياء أخرى على غرار (موسكو 3)، وإنه لن يشارك في أي فعاليات من هذا القبيل».
وكان ممثلو الفصائل المعارضة خلصوا إلى إقرار ورقة العمل المشتركة التي تركزت بنودها الاثنا عشر حول اعتماد وثيقة «جنيف 1» أساسا للحل السياسي، وأولويات سرعة وقف كل عمليات العنف والقتال، ومواجهة الكوارث الإنسانية والإرهاب، وضرورة الاتفاق على سرعة إجراء الإصلاحات الديمقراطية والإفراج عن السياسيين المعتقلين في سوريا، ومطالبة المجتمع الدولي بالضغط على الأطراف الإقليمية التي تقف وراء التدخل الخارجي.
ونصت ورقة العمل أيضا على ضرورة العمل من أجل عودة اللاجئين، وتشكيل مجلس أعلى لحقوق الإنسان وإلغاء احتكار الإعلام، وعدم تجريم أصحاب الرأي الآخر، ورفع العقوبات الاقتصادية، وحل «ملف الاعتقال القديم»، وتفعيل دور المجتمع المدني والالتزام بكل قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، إلى جانب تثبيت آليات واضحة وتشكيل لجان مشتركة للاضطلاع بتنفيذ كل هذه الخطوات. وعلى مقربة من مقر المشاورات السياسية السورية، كان سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسية يلتقي نظيره الأرميني إدوارد نالبانديان داخل قصر ضيافة الخارجية الروسية الذي عقد فيه السوريون مشاوراتهم. وفي مؤتمره الصحافي المشترك مع نالبانديان، قال لافروف إنه يأمل أن يتوصل المشاركون في منتدى موسكو إلى المزيد من التفاهم. وأضاف أن «بلاده ترحب بموافقة المزيد من قوى المعارضة السورية على إيجاد حل سلمي للنزاع».

هادي البحرة: اجتماعات تفتح الباب للالتفاف على بيان جنيف

لم تحدد ورقة العمل المتفق عليها في المشاورات التي تعقد في موسكو هذه الأيام، الأولويات. ويقول مراسل وكالة «آكي» الإيطالية في تقرير عنونه بـ«سوريون في موسكو يقدمون ورقة عمل تركز على الجانب الإنساني وتتريث بالسياسي»، إن «الورقة كانت تنتظر موافقة وفد النظام السوري عليها، أمس (الأربعاء)، ومن غير المتوقع أن توافق عليها القوى السياسية المعارضة الأساسية، الائتلاف والقوى العسكرية، نظرا لعدم ارتباطها بأولوية تشكيل حكومة انتقالية ذات صلاحيات تنفيذية كاملة، وفق ما ينص عليه بيان جنيف».
وكانت موسكو قد وجهت الدعوات لممثلي قوى سياسية سورية ومعارضة وأخرى موالية وشخصيات مستقلة كطرف، وموظفين حكوميين سوريين كممثلين للنظام، وأعلنت أن اللقاء الثاني سيكون استمرارا للأول وبنفس آلياته وسيبنى على نتائجه، وهو ما دفع الكتل المعارضة الأساسية، وعلى رأسها ائتلاف المعارضة، لإعلان مقاطعتها له مرة ثانية، ودفع الرأي العام السوري للتشكيك في جدواه وإظهار عدم مبالاته باللقاء بشكل عام. ويبرر هادي البحرة الرئيس السابق للائتلاف الوطني السوري وعضو الهيئة السياسية فيه، غياب الائتلاف عن اجتماع موسكو رغم دعوته كمؤسسة سياسية لا كأفراد كما حصل في المرة السابقة، بأن «رعاية الاجتماعات تتم من قبل دولة طرف منحاز للنظام». ويضيف البحرة بقوله، إن مجمل الاجتماعات تفتح الباب للالتفاف على بيان جنيف، لافتا إلى أن «التمثيل في المشاورات، لا يرقى لمستوى تطلعات الشعب السوري، ويعطي شرعية لممثلين لا يرقون ليكونوا ممثلين للشعب». ويركز البحرة على نقطة جوهرية في هذا النوع من «الاجتماعات»، هي، ألا وجود هنالك لعملية عصف ذهني، مع النظام ممثلا بوفده.
ومع ترحيب الائتلاف بأي جهد يسعى إلى وقف القتل، إلا أن المعارضين السوريين الذين رفضوا حضور (مشاورات موسكو) وبينهم الائتلاف، يرون، بحسب هادي البحرة، أن تصرفات النظام خلال السنين الأربع الماضية وخرقه جميع الهدن والاتفاقات التي أبرمها مع المعارضة، تدلل على أنه يراوغ لكسب الوقت والعودة للتصعيد بشكل أكثر وحشية.
 



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.