متحدياً ومبتسماً، دخل حميد نوري ممثل الادعاء العام الإيراني السابق، المتهم بجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب والقتل، إلى قاعة المحكمة السويدية لينفي كل التهم الموجهة إليه ويحاول تصوير نفسه بثوب الحمل الذي كان «يهتم بالسجناء ويلبي مطالبهم».
واستمعت المحكمة السويدية حتى الآن إلى 20 شاهداً منذ انطلاقتها في أغسطس (آب) الماضي، بينهم شهود ناجون من إعدامات عام 1988 في إيران، وآخرون من ذوي الضحايا الذين قتلوا في سجن غوهردشت بالقرب من مدينة كرج، الذي كان نوري نائب المدعي العام فيه آنذاك. ويتهم الادعاء نوري بالمساعدة على قتل 139 سجيناً سياسياً من دون محاكمات، معظمهم من حركة مجاهدي خلق.
وفي الجلسات السابقة، قال شهود ناجون من الإعدامات إن نوري كان يقود السجناء إلى ما يعرف بـ«ردهة الموت»، حيث ينتظرون نقلهم للساحة المجاورة لقتلهم. وتعرف قرابة الـ10 شهود على نوري وأكدوا أنه كان متواجداً هناك في تلك الفترة وشارك في التحقيقات وعمليات التعذيب التي كانت جارية، وبأنه كان يحتفل ويوزع الحلوى بعد الإعدامات.
ولكن نوري وصف الاتهامات الموجهة إليه بـ«الـباطلة» وقال إن ما يحصل داخل المحكمة منذ انطلاقها هو «مسرحية» وإن التهم الموجهة إليه «فارغة ومن دون أدلة». واتهم نوري المحكمة بأنها «أهانت» المرشد الإيراني الأول (الخميني) والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي والعقل المدبر للعمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، قاسم سليماني.
وكان نوري يحدق في القاضي السويدي وهو يتحدث بالفارسية متوقفاً بعد كل بضع كلمات ريثما يترجم المترجمون داخل القاعة كلامه.
واختار نوري أن يتحدث بنفسه في اليوم الأول من دفاعه بدلاً من أن يسمح لمحاميه بأن يعرض قضيته. وتحدث بإسهاب عن حياته العائلية وخدمته في العراق قبل الحرب العراقية الإيرانية، ووصف مجاهدي خلق بأنهم «أعداء النظام» وأنهم «تسببوا في قتل 200 ألف جندي إيراني أثناء الحرب العراقية». ونفى أنه كان يعمل في سجن غوهردشت في الفترة التي وجه الادعاء الاتهامات إليه، وقال إنه كان آنذاك في إجازة عائلية مع زوجته التي كانت تضع طفلهما، وإنه كان أصلاً يعمل في سجن إيفين.
وتفيد مجموعات حقوقية بأن ما يقرب من 5000 سجين قتلوا في أنحاء إيران، بأمر من الخميني. وتعد هذه أول مرة يحاكم فيها مسؤول إيراني على خلفية حملة التطهير.
وأفاد الادعاء بأن نوري شارك في إصدار أحكام الإعدام وجلب السجناء إلى غرفة الإعدام ومساعدة المدعين في وضع قوائم أسماء السجناء. وأقيم مجسم للسجن داخل قاعة المحكمة.
ونفى نوري حتى وجود فتوى من الخميني التي عرضها الادعاء أمام المحكمة بنصها الأصلي، والتي دعا فيها إلى القضاء على مؤيدي منظمة «مجاهدي خلق» المسجونين في إيران. وقال إنها لم تكن فتوى بل «أمر الهجوم لصد مقاتلي مجاهدي خلق الذين أرادوا الوصول إلى طهران خلال24 ساعة وعبر 7 آلاف منهم الحدود عبر العراق».
ورغم أن أهالي الضحايا كانوا ينتظرون شهادة نوري على أمل أن يكشف عن أماكن المقابر الجماعية التي دفن فيها أبناؤهم، فهم لم يتفاجؤوا بدفاعه. وقالت مينا آحادي التي فقدت زوجها في المجازر، إنه «يوم عاطفي بالنسبة إليها» ولكنها «ليست مصدومة لأن هذه هي طريقة النظام الإيراني الكاذب».
واعتبر إيرج مصداقي الشاهد الرئيسي في القضية، والذي كان مسجوناً في سجن غوهردشت أثناء عمل نوري فيه، أن دفاعه «ليس مفاجئاً ولكن ليس لديه أي شيء يقوله». وأضاف مصداقي أن «نوري يكرر أنه يريد الكشف عن أسرار ولكن من دون أن يكشف عن أي شيء»، وقال: «كل كلام لا يعني المحكمة». وينوه مصداقي أن نوري يحاول تصوير نفسه على أنه «جيد ولكن بالطبع هذا كلام فارغ لأنني شاهدته يوزع الحلوى في السجن بعد الإعدامات».
وقال شاهد آخر هو رضا فلاحي، ينتمي إلى منظمة «مجاهدي خلق» وكان مسجوناً في الفترة التي كان نوري مسؤولاً فيها، إن «دفاع نوري عن أكبر إرهابي هو قاسم سليماني وعن لاجوردي المعروف بأنه جزار طهران يعني أنه مثلهما». وكان فلاحي قد قدم شهادته أمام المحكمة، ضمن عشرة شهود تعرفوا على نوري.
وتستمر المحكمة بالاستماع إلى نوري في الأيام المقبلة، وقد حددت أربعة أيام لذلك. ومن المفترض أن يبدأ الادعاء العام باستجوابه يوم غد عندما تستأنف الجلسات ويواجهه بالأدلة التي جمعها طوال العامين الماضيين، أي منذ اعتقال نوري في السويد لدى وصوله إلى مطار أرلاندا في ستوكهولم لزيارة عائلية.
مسؤول إيراني سابق يرفض اتهامه في إعدامات 1988
محكمة سويدية تمنحه 4 أيام لتقديم إفادته
مسؤول إيراني سابق يرفض اتهامه في إعدامات 1988
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة