ترقب في الشارع العراقي مع قرب المصادقة على نتائج الانتخابات

المقاعد التي خسرها الفائزون نتيجة الطعون حتى الآن لن تغيّر الكثير

TT

ترقب في الشارع العراقي مع قرب المصادقة على نتائج الانتخابات

مع أن العد التنازلي لمصادقة المحكمة الاتحادية العليا على نتائج الانتخابات بدأ، فإن الحرب بين الخاسرين والفائزين لم تضع أوزارها بعد. فالفائزون، وإن خسر بعضهم عدداً من المقاعد نتيجة الاعتراضات والطعون التي قدمها الخاسرون، يواصلون تتقدمهم الكتلة الصدرية بزعامة مقتدى الصدر ترصين جبهتهم الداخلية نحو البقاء ككتلة أكبر.
المقاعد التي خسرها الفائزون حتى الآن لا تتعدى السبعة مقاعد وبالتالي فإنها لن تغير من النتائج الكلية للانتخابات. الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني خسر مقعدين لصالح غريمه الاتحاد الوطني الكردستاني. تقليص الفارق بين الحزبين الكرديين الرئيسيين لصالح الاتحاد الوطني الكردستاني على حساب الديمقراطي الكردستاني قد يكون مهماً في معركة رئاسة الجمهورية بين الحزبين. وكان الديمقراطي الكردستاني قد حصل على 32 مقعداً بينما أصبح اليوم عدد مقاعده، بعد العد والفرز اليدوي لبعض المحطات في إقليم كردستان 30، وأما الاتحاد الوطني، وهو الحزب الذي ينتمي إليه الرئيس الحالي للجمهورية برهم صالح، كان حصل على 17 مقعداً لكنه أصبح يمتلك اليوم 19مقعداً.
تحالف «الفتح» بزعامة هادي العامري حصل على 3 مقاعد جديدة كان مقعدان منها من حصة المستقلين الذين كانوا 15 نائباً فباتوا اليوم 13 نائباً. تحالف العقد الوطني بزعامة فالح الفياض وهو أحد أجنحة «الفتح» خسر مقعدًا لصالح تحالف عزم بزعامة خميس الخنجر حيث أصبح المقعد الجديد من حصة وزير الدفاع السابق خالد العبيدي.
ومع أن العبيدي يعد أحد المتنافسين على منصب رئاسة البرلمان بالضد من الرئيس السابق للبرلمان محمد الحلبوسي لكن حصول الحلبوسي على 43 مقعداً مقابل 14 مقعداً لعزم كرس الحلبوسي الرقم الأول سنياً. المعلومات المتداولة في الغرف المغلقة والتي حصلت عليها «الشرق الأوسط» تقول إن العبيدي الذي يشغل منصب رئيس الهيئة السياسية في تحالف عزم وإن كان مطروحاً كمنافس للحلبوسي غير أن خسارة عزم مقابل تقدم حزب تقدم بزعامة الحلبوسي جعل الفرصة مواتية لعودة الأخير رئيساً للبرلمان لولاية ثانية. يضاف إلى ذلك، فإن اتفاق أنقرة بين الحلبوسي والخنجر الذي رعاه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بدد التوتر بين الطرفين إن كان على المستوى الشخصي أو على مستوى التكتلين السنيين.
وطبقاً للمعلومات المتداولة ودائماً في الغرف المغلقة فإنه في الوقت الذي أراد إردوغان خلال رعايته الصلح بين الرجلين ضمان وضع أفضل للخنجر، بعد خسارته التي بدت ثقيلة أمام الحلبوسي الشاب، فإن نتائجها جاءت لصالح الحلبوسي تماماً، بينما أدت إلى حصول أزمة وإن كانت صامتة داخل تحالف عزم الذي اعتبر بعض صقوره، ومنهم العبيدي نفسه، أن الاتفاق جاء على حسابهم. فما تسرب عن لقاء أنقرة أنه في الوقت الذي وافق الخنجر على دعم الحلبوسي لولاية ثانية فإنه يتعين على الحلبوسي دعم الخنجر لتولي منصب نائب رئيس الجمهورية وهو أمر ضمن للحلبوسي ما يريد بينما لم يضمن لتحالف عزم ما يريد سوى منصب شكلي يتسلمه زعيم التحالف على حساب التحالف.
شيعياً يبدو الوضع أكثر سخونة بين الكتلة الصدرية بزعامة الصدر الداعية إلى تشكيل حكومة أغلبية وطنية، وبين الإطار التنسيقي الذي يضم القوى الشيعية التي حصلت على نتائج متدنية في الانتخابات الأخيرة والتي يتقدمها تحالف الفتح بزعامة هادي العامري ويضم عصائب أهل الحق بزعامة قيس الخزعلي. وبينما انضم إليهم كل من عمار الحكيم، زعيم تيار الحكمة الذي كانت خسارته ثقيلة برغم حصوله على مقعد جديد بعد إعادة العد والفرز اليدوي ـ وائتلاف النصر بزعامة حيدر العبادي الذي برغم خسارته هو الآخر فإن اسمه بات يجري تداوله مع أسماء أخرى في مقدمتهم رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي لتولي منصب رئيس الوزراء.
وطبقاً لمعلومات الغرف المغلقة فإن من بين الأسماء الأخرى المطروحة قيد التداول هم عدنان الزرفي المكلف السابق بتشكيل الحكومة ومحمد شياع السوداني الذي كان جرى تداول اسمه مكلفاً قبل تكليف رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي لكن وقوف حزب الدعوة ضده بسبب استقالته منه حال دون تكليفه. كما يجري تداول اسم أسعد العيداني محافظ البصرة الحالي الذي كان البيت الشيعي رشحه لرئاسة الحكومة قبل الكاظمي لكن رئيس الجمهورية برهم صالح وقف ضد ترشيحه بسبب عدم وجود توافق شيعي كامل حوله، الأمر الذي جعله يهدد بالاستقالة. كل هذه المؤشرات والتفاهمات سواء ما هو معلن منها أو ما يدور داخل الغرف المغلقة يتوقف على مصادقة المحكمة الاتحادية على نتائج الانتخابات.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.