تل أبيب: التطبيع مع دول أخرى يحتاج لحوافز أميركية

TT

تل أبيب: التطبيع مع دول أخرى يحتاج لحوافز أميركية

قالت وزيرة الداخلية الإسرائيلية أيليت شاكيد، إنه يتعين على الولايات المتحدة تقديم حوافز للدول العربية من أجل توسيع اتفاقيات التطبيع التي بدأت العام الماضي بين تل أبيب وعواصم عربية.
وأضافت شاكيد أنه بينما اضطرت إسرائيل للتخلي عن خطط لضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية لبدء تنفيذ اتفاقيات التطبيع، فلن تكون هناك ضرورة لإيماءات إسرائيلية أخرى للفلسطينيين من أجل اتفاقيات تطبيع أخرى.
وجاء كلام شاكيد في تصريح لجريدة «تايمز أوف إسرائيل» الإلكترونية، في نهاية رحلتها إلى الولايات المتحدة، حيث التقت وزير الأمن الداخلي الأميركي أليخاندرو مايوركاس، والسفير الأميركي في إسرائيل توم نيديس، وسفير الإمارات العربية المتحدة إلى الولايات المتحدة يوسف العتيبة، وأعضاء في الكونغرس وعدد من المنظمات اليهودية الكبرى.
وقالت شاكيد، وهي الوزيرة الأكثر يمينية والرقم 2 في كتلة «يمينا» التي يتزعمها نفتالي بنيت رئيس الوزراء، أنها ناقشت الأمر خلال لقائها مع العتيبة، حيث اتفقا على ضرورة تعزيز الاتفاقات الحالية التي وقّعتها إسرائيل مع الإمارات والبحرين والمغرب، وكذلك أهمية المساعدة الأميركية في تطوير اتفاقيات تطبيع جديدة.
وأضافت: «هناك الكثير من الإمكانات، لكنّ الكثير يعتمد على تأثير إدارة بايدن. وفي النهاية، تصنع هذه الدول السلام، ليس فقط لأن لديها مصلحة في صنع السلام مع إسرائيل، لكن أيضاً لأن لديها مصلحة مع الولايات المتحدة».
وتابعت: «كل دولة من الدول التي انضمت إلى اتفاقيات إبراهيم (الاسم الذي أُطلق على اتفاقيات التطبيع مع دول عربية) تلقت شيئاً من واشنطن. لذلك، إذا كان الأميركيون مستعدون للاستثمار في ذلك، فأعتقد أن هناك إمكانات كبيرة».
وقالت الـ«تايمز أوف إسرائيل» إنه إلى جانب الصفقة الإماراتية - الإسرائيلية التي تم التوصل إليها في صيف 2020، وقّعت واشنطن في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب صفقة أسلحة بقيمة 23 مليار دولار مع أبوظبي، شملت طائرات مقاتلة من طراز «إف - 35» التي كانت حتى ذلك الحين تعطى لإسرائيل فقط في المنطقة. وأضافت أنه من أجل إقناع المغرب بأن تحذو حذو الإمارات، وافقت الولايات المتحدة على الاعتراف بسيادة الرباط على منطقة الصحراء الغربية المتنازع عليها.
وأضافت شاكيد: «نعم، لعب التخلي عن فكرة الضم دوراً (في توقيع الاتفاق مع الإمارات)، لكنّ هذا لا يعني أننا سنكون مستعدين لتقديم تنازلات في هذا المجال... في النهاية، ستحتاج هذه الدول للحصول على أشياء من الأميركيين، وليس منّا».
وأوضحت شاكيد في وقت لاحق أنها لا تعارض المبادرات التي تمكّن الفلسطينيين اقتصادياً، مشيرةً إلى آلاف تصاريح العمل الإضافية الجديدة التي وافقت عليها الحكومة للفلسطينيين من الضفة الغربية وقطاع غزة. وأضافت: «نحن نؤيد هذا بشدة. نحن نفتقر إلى العمال وهم بحاجة للعمل».
لكنّ هذا هو البعد الوحيد الذي قد تصل إليه شاكيد في هذه القضية، على العكس من وزير التعاون الإقليمي عيساوي فريج، ووزير الجيش بيني غانتس، اللذين عملا في الأيام الأخيرة خلف الكواليس لتشجيع دول أوروبية على زيادة مساعداتها لرام الله. في المقابل، قالت شاكيد إنها لا تدعم فكرة تعزيز السلطة الفلسطينية، مؤكدة أن «هناك خلافات بين أعضاء الحكومة حول هذا الموضوع».
أما بالنسبة للقضية التي يبدو أنها تشكل أكبر تهديد لجهود إسرائيل وواشنطن لبدء فصل جديد في علاقتهما الثنائية (خطة بايدن لإعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس الشرقية) قالت شاكيد إنه تم التطرق إليها في اجتماعها مع توماس نيديس، السفير الأميركي الجديد في إسرائيل، لكنها رفضت الخوض في التفاصيل.
وتابعت: «كل ما يمكنني قوله هو أنني أكدت موقفنا الرئيسي بشأن هذه القضية مع كل من قابلتهم».
والمعروف أن إسرائيل تعارض بشدة إعادة فتح المكتب، الذي كان تاريخياً بمثابة مهمة فعلية للفلسطينيين، إلى أن أغلقه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب عام 2019. وعندما سُئلت عن توقعها لكيفية حل هذه المسألة أجابت: «لا يعني ذلك أن هناك حلاً معيناً. نحن فقط لا نوافق». أما بالنسبة للمستوطنات فقالت شاكيد: «إن الجانبين (الأميركي والإسرائيلي) سيتعين عليهما الموافقة على عدم الاتفاق بشأن هذه القضية. هذا ما نحن عليه».
وأضافت: «هناك فجوات بين الإدارة الأميركية الحالية وموقفنا من البناء في يهودا والسامرة (الضفة). نحن بحاجة إلى أن نفهم أن هذه الفجوات موجودة وأن نتعلم كيفية التعامل معها».
واستبعدت شاكيد إمكانية التوصل إلى حل وسط بشأن بناء المستوطنات، وقالت: «ليست لدينا مشكلة في القيام بكل شيء بالتنسيق مع الولايات المتحدة، قدر الإمكان، إذا أرادوا. لكننا لن نغيّر سياستنا».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم