وزير الدفاع الإسرائيلي في الرباط لتعزيز التعاون الأمني بين البلدين

TT
20

وزير الدفاع الإسرائيلي في الرباط لتعزيز التعاون الأمني بين البلدين

وصل وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس، منتصف ليلة أمس إلى مطار الرباط - سلا، في أول زيارة رسمية للمغرب يقوم بها وزير دفاع إسرائيلي منذ توقيع الاتفاق المغربي - الإسرائيلي - الأميركي في 22 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وهو الاتفاق الذي اعترفت بموجبه الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء.
وتهدف الزيارة إلى تقوية التعاون العسكري والأمني بين البلدين، بعد عام على إعادة العلاقات المغربية - الإسرائيلية إلى طبيعتها. وعلمت «الشرق الأوسط» أن غانتس سيستهل زيارته للمغرب بزيارة ضريح محمد الخامس، جد الملك محمد السادس، وبعدها سيجري مباحثات مع عبد اللطيف لوديي، الوزير المغربي المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف الدفاع الوطني.
وقال مصدر دبلوماسي مطلع في الرباط لـ«الشرق الأوسط» إن لوديي وغانتس سيوقعان على مذكرة تفاهم بين البلدين، بينما أفاد مكتب غانتس بأن هذا الأخير سيوقع اتفاقاً «يرسم الخطوط العريضة للتعاون العسكري بين البلدين».
وسيجري غانتس اليوم أيضاً مباحثات مع ناصر بوريطة وزير خارجية المغرب، الذي عاد أمس إلى الرباط بعد زيارة لواشنطن التقى خلالها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن.
ولا يتضمن برنامج الوزير الإسرائيلي استقبال العاهل المغربي الملك محمد السادس له، بيد أن مصدراً مطلعاً لم يستبعد أن يحصل هذا الاستقبال مساء اليوم في قصر بوزنيقة.
في سياق ذلك، سيلتقي غانتس غداً الخميس مع محمد ياسين المنصوري، المدير العام للدراسات والمستندات (مخابرات خارجية)، المعروفة اختصاراً باسم «لادجيد».
وقال مسؤول إسرائيلي إن هذه الزيارة تهدف إلى «وضع الحجر الأساس لإقامة علاقات أمنية مستقبلية بين إسرائيل والمغرب». مضيفاً «كان لدينا بعض التعاون، لكننا سوف نعطيه طابعاً رسمياً الآن. إنه إعلان علني عن الشراكة بيننا».
وسيختتم غانتس زيارته للمغرب بزيارة كنيس يهودي في مدينة الدار البيضاء، ولقاء بعض أفراد الجالية اليهودية المغربية في المدينة.
يذكر أن المغرب سبق أن استقبل مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، ووزير خارجية إسرائيل منذ استئناف العلاقات بين البلدين العام الماضي. علماً بأن المغرب هو رابع بلد عربي يقيم علاقات مع إسرائيل في 2020 برعاية أميركية، بعد الإمارات والبحرين والسودان.
وكان البلدان قد أقاما علاقات دبلوماسية، إثر توقيع اتفاقات أوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1993، قبل أن تقطعها الرباط بسبب الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000.
وتأتي زيارة غانتس إلى المغرب في سياق إقليمي متوتر، مع إعلان الجزائر في أغسطس (آب) الماضي قطع علاقاتها مع الرباط بسبب «أعمال عدائية». وقد أعرب المغرب عن أسفه للقرار، ورفض «مبرراته الزائفة». كما أعلنت جبهة البوليساريو، المدعومة من الجزائر، الجمعة «تكثيف» عملياتها العسكرية ضد القوات المغربية في الصحراء.
وعد الخبير في العلاقات الإسرائيلية - المغربية بجامعة تل أبيب، بروس مادي وايتسمان، في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية، أن هذا التزامن قد لا يكون من باب الصدفة، وقال موضحاً: «في سياق التوتر مع الجزائر، ربما يرغب المغاربة أن يظهروا للعالم، ولشعبهم وخصومهم الجزائريين وكذلك للغرب، أنهم بصدد تعميق علاقاتهم مع إسرائيل، مع كل ما يستتبع ذلك».
وعلى الصعيد الاقتصادي، أعلنت شركة «راتيو بيتروليوم» الإسرائيلية، الشهر الماضي، توقيع شراكة مع الرباط لاستكشاف حقول غاز في ساحل الداخلة، ثاني أكبر مدن الصحراء المغربية.
أما على الصعيد العسكري، فتعد إسرائيل من أهم مصدري الطائرات المسيرة الحربية والتطبيقات الإلكترونية لأغراض أمنية إلى المغرب، مثل تطبيق «بيغاسوس»، الذي طورته شركة «إن إس أو» الإسرائيلية. علماً بأن هذا النوع من المبيعات يجب أن تصادق عليه وزارة الدفاع الإسرائيلية.
في سياق ذلك، سألت وكالة الصحافة الفرنسية ناطقاً باسم غانتس حول ما إذا كان برنامج زيارته إلى المغرب سيتطرق لموضوع «إن إس أو»، أو بيع تكنولوجيا عسكرية، بيد أنه لم يرد التعليق.



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.