قال حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، لوكالة «رويترز» للأنباء، اليوم (الثلاثاء)، إن لبنان لم يقدم بعد تقديرات لحجم الخسائر في نظامه المالي إلى صندوق النقد الدولي، لكنه يعمل بجدّ لتوقيع مذكرة تفاهم مع الصندوق بحلول نهاية العام.
وتسببت الخلافات في لبنان حول تقييم حجم الخسائر وطريقة توزيعها بتجميد المحادثات مع صندوق النقد الدولي العام الماضي.
ورفض البنك المركزي والبنوك والنخبة السياسية الأرقام الواردة في خطة الحكومة التي أقرّها صندوق النقد في ذلك الوقت. وأعاقت هذه القضية محاولات إيجاد مخرج للأزمة التي عصفت بلبنان على مدار العامين الماضيين، وأدت إلى خسارة العملة المحلية أكثر من 90 في المائة من قيمتها، ما تسبب في ارتفاع حاد لمعدلات الفقر، ودفع كثيرين من اللبنانيين إلى الهجرة.
وقال سلامة، في مقابلة مع «رويترز»، إن المصرف المركزي لديه الآن 14 مليار دولار من السيولة المتاحة في الاحتياطي. وكرر نفيه أي مخالفات، بينما تحقق السلطات القضائية في فرنسا وسويسرا في مزاعم غسل أموال بحقه.
وأكد أن برنامج صندوق النقد الدولي ضروري للبنان للخروج من الأزمة، مشيراً إلى التمويل الخارجي الذي سيفرج عنه، والانضباط الذي سيفرض إصلاحات. وأضاف أن البنك المركزي سيقبل بأرقام الخسائر التي ستقررها الحكومة. وقال: «نحن في هذه المرحلة ما زلنا في طور جمع البيانات التي يطلبها صندوق النقد الدولي، ومسألة الخسائر لن تكون عقبة أمام هذه المفاوضات على الأقل من جانب البنك المركزي». ورداً على سؤال حول ما إذا كان هناك أي اتفاق حتى الآن على كيفية توزيع الخسائر، قال إنه لم يتم اتخاذ قرار «لأننا لا نملك بعد الأرقام النهائية التي تم الاتفاق عليها مع صندوق النقد الدولي لمجموع الخسائر».
وخلال المحادثات التي جرت العام الماضي مع صندوق النقد الدولي، قالت مصادر إن سلامة كان متحفظاً عن حجم الخسائر التي قدّرتها خطة الحكومة السابقة، والتي كانت في حدود 90 مليار دولار. كما اعترضت الأحزاب السياسية والمصارف التجارية على الأرقام، معتبرين أنها مبالغ فيها.
ورداً على سؤال حول الموعد الذي سيكون فيه الرقم جاهزاً لتقديمه لصندوق النقد الدولي، قال سلامة إن رئيس الوزراء نجيب ميقاتي حدّد الموعد النهائي لتوقيع مذكرة تفاهم مع صندوق النقد بحلول نهاية عام 2021.
وأضاف قائلاً: «نحن نعمل بجد. ليس فقط البنك المركزي. الوزراء المعنيون والحكومة يعملون جاهدين لتحقيق هذا الموعد النهائي».
ويشغل سلامة منصب حاكم مصرف لبنان منذ العام 1993 حين كان لبنان يحاول الخروج من الحرب الأهلية التي عصفت به بين عامي 1975 و1990. ومنذ 1997 عمل سلامة على تثبيت سعر صرف الليرة مقابل الدولار، وهو ما أعطى دعماً للاقتصاد المعتمد على الاستيراد إلى أن حدث الانهيار المالي.
ومع بداية الأزمة الاقتصادية في نهاية عام 2019 وبدء انهيار الليرة اللبنانية، استُنزفت الاحتياطات الإلزامية للبنك المركزي، بينما قدم الدولارات بأسعار صرف مدعومة بشدة لتمويل واردات، من بينها الوقود والمواد الغذائية والدواء. وأشار سلامة إلى أنه تم إلغاء هذه السياسة تدريجياً والواردات الوحيدة التي يتم توفير الدولارات لها بأسعار مدعومة اليوم هي الأدوية لبعض الأمراض المزمنة والقمح، بينما يبيع البنك المركزي الدولارات لواردات الوقود بحسم صغير عن سعر الصرف في السوق.
وقال سلامة: «نتوقع أننا إذا بقينا على هذه المعادلة لفترة الـ12 شهراً المقبلة... فإن على مصرف لبنان أن يمول 2.5 مليار دولار». وأضاف أن البنك المركزي قد يسترد ما بين 300 مليون و500 مليون دولار من منصة صيرفة لتحويل العمولات الأجنبية في الفترة نفسها.
وارتفعت الاحتياطيات مؤخراً مع حصول لبنان على أكثر من مليار دولار من حقوق السحب الخاصة لصندوق النقد الدولي.
ويخضع سلامة للتحقيق من السلطات في 4 دول أوروبية، بما في ذلك التحقيق السويسري بشأن مزاعم «غسل أموال» في مصرف لبنان تنطوي على أرباح بقيمة 300 مليون دولار لشركة يملكها شقيق حاكم مصرف لبنان رجا سلامة.
وقال سلامة، الأسبوع الماضي، إنه أمر بإجراء تدقيق للمعاملات والاستثمارات التي كانت محور تقارير وسائل الإعلام، وإن نتائج التدقيق المالي أظهرت عدم استخدام أموال عامة لدفع رسوم وعمولات للشركة التي يملكها شقيقه.
وأعطى سلامة نسخة من التدقيق المالي لرئيس الوزراء الأسبوع الماضي، لكنه امتنع عن تزويد «رويترز» بنسخة من المراجعة التي قال إنه أجرتها شركة مشهورة.
وقال: «من الواضح في هذا التقرير أنه لم يكن هناك اختلاس أو تبييض أموال من جانبي أو بتوجيهات مني في البنك المركزي».
حاكم «المركزي»: لبنان لم يقدم بعد أرقام الخسائر المالية لصندوق النقد
حاكم «المركزي»: لبنان لم يقدم بعد أرقام الخسائر المالية لصندوق النقد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة