«لقاء الاستقلال» يكسر الجليد بين عون وبري

اجتمعا في قصر الرئاسة اللبنانية بحضور ميقاتي... وإجماع على ضرورة إيجاد حلّ قريب

عون متوسطاً بري وميقاتي بلقاء بعبدا أمس (الرئاسة اللبنانية)
عون متوسطاً بري وميقاتي بلقاء بعبدا أمس (الرئاسة اللبنانية)
TT

«لقاء الاستقلال» يكسر الجليد بين عون وبري

عون متوسطاً بري وميقاتي بلقاء بعبدا أمس (الرئاسة اللبنانية)
عون متوسطاً بري وميقاتي بلقاء بعبدا أمس (الرئاسة اللبنانية)

في لقاء هو الأول من نوعه منذ تأليف حكومة نجيب ميقاتي، كانت الذكرى الـ78 لاستقلال لبنان مناسبة للقاء الأخير مع رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس البرلمان نبيه بري، وفرصة للبحث في الملفات العالقة، لا سيما تعطيل مجلس الوزراء الذي لا يزال يصر كل من ميقاتي وعون على أن هناك توجهاً للدعوة إلى عقد جلسة في وقت قريب، من دون أي تفاصيل حول الموعد والحلّ المفترض.
واللافت في اللقاء أنه لم يقتصر فقط على الإطار «البروتوكولي» المتعلق بالاحتفال العسكري في وزارة الدفاع حيث جلس الثلاثة بعضهم إلى جنب بعض، إنما في الاجتماع التالي الذي عقد في القصر الرئاسي في بعبدا، وقال بعده ميقاتي إن الحوار خلاله «كان جدياً»، فيما اكتفى بري بالقول: «إن شاء لله خير».
وفي هذا الإطار، رأت مصادر وزارية أن الاجتماع بحد ذاته هو «كسر للجليد الذي قد يؤدي إلى حلّ ما». وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «لو لم يكن هناك أمر جديد وجدي لما كان عقد اجتماع بعبدا، وكانوا اكتفوا باللقاء في الاحتفال»، معتبرة أنه «مجرد حصول هذا اللقاء يعني قد يؤسس لحلحلة ما». وجددت المصادر التأكيد في الوقت عينه على أن «الحل الأقرب إلى التطبيق يبقى ذلك الذي اتفق عليه كل من بري والبطريرك الماروني بشارة الراعي ويقضي بإحالة التحقيق (في انفجار مرفأ بيروت) مع الوزراء والنواب إلى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء».
في المقابل، وصفت مصادر مطلعة على اللقاء الثلاثي الأجواء بـ«الإيجابية». وقالت لـ«الشرق الأوسط» إنه تم خلاله البحث والحديث في المواضيع العالقة وضرورة حلّها وكان هناك «توافق وقناعة على أن الظرف الراهن يحتاج إلى حلحلة سريعة وتأكيد على استمرار الاتصالات في الأيام المقبلة علها تؤدي إلى نتيجة قريبة». ولفتت المصادر إلى أن هناك نية للدعوة إلى جلسة للحكومة لكن لم يتم تحديد الموعد حتى الآن، وقد يكون بعد عودة رئيس الحكومة من زيارته إلى روما هذا الأسبوع».
وكان الرؤساء الثلاثة انتقلوا إلى قصر بعبدا بسيارة الرئاسة الأولى، بعد انتهاء العرض العسكري الرمزي في وزارة الدفاع، حيث عقدوا اجتماعاً استمر زهاء ساعة، عرضوا خلاله الأوضاع العامة في البلاد من مختلف جوانبها والمستجدات الأخيرة، بحسب بيان رئاسة الجمهورية.
ولدى مغادرة بري القصر، سئل ما إذا كانت هناك «حلحلة» ما، فأجاب: «إن شاء الله خير». أما ميقاتي، فتحدث إلى الصحافيين بعد الاجتماع، قائلاً: «إن الاستقلال ذكرى مهمة في حد ذاتها، ولكن الذي أدى إلى هذا الاستقلال هو وفاق اللبنانيين وتوافقهم في الميثاق الوطني، الذي حصل بين رئيس الجمهورية بشارة الخوري ورئيس الوزراء رياض الصلح. وقد تنازلا عن كل خصوصياتهما من أجل وحدة لبنان وإنقاذه في حينه». وأضاف: «إن الاستقلال ما كان ليحصل لو لم يكن اللبنانيون متحدين، ولو لم يكن اللبناني وأخوه اللبناني، لأي طائفة انتميا، بعضهما إلى جانب بعض في راشيا (حيث سجن الانتداب الفرنسي رجالات الاستقلال). ونحن إذا لم نكن يداً واحدة، فلن نتمكن بتاتاً من الحفاظ على الاستقلال».
وكان الأيام الأخيرة شهدت سجالاً عبر وسائل التواصل الاجتماعي بين عون بري على خلفية التحقيقات الجارية في ملفي مرفأ بيروت وأحداث الطيونة، إضافة إلى تعليق اجتماعات مجلس الوزراء.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».