«بابليون» والقضاء العراقي يناقشان المشكلات القانونية لأملاك المسيحيين

TT

«بابليون» والقضاء العراقي يناقشان المشكلات القانونية لأملاك المسيحيين

بحث رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، أمس (الاثنين)، مع أعضاء حركة «بابليون»، المشكلات القانونية المتعلقة بأملاك وعقارات المواطنين المسيحيين في العراق التي تعرضت خلال مرحلة ما بعد 2003 لكثير من التجاوز والانتهاكات غير القانونية من قبل مافيات فساد لها صلة بجماعات ميليشياوية نافذة.
وكانت حركة «بابليون» حصدت في الانتخابات الأخيرة 4 مقاعد برلمانية من مجموع 5 مقاعد من «الكوتا» المخصصة للمسيحيين في البرلمان الاتحادي.
وقال إعلام مجلس القضاء، في بيان، إن رئيسه زيدان الذي استقبل الحركة، وأمينها العام ريان الكلداني، ونوابها الأربعة، وضمنهم وزيرة الهجرة والمهجرين إيفان فائق «تباحثوا بشأن الإشكاليات القانونية الخاصة بعقارات المواطنين من الديانة المسيحية وآلية الحفاظ عليها».
ولم يتحدث البيان عن طبيعة «الإشكاليات القانونية» التي تتعرض لها عقارات وأملاك المسيحيين، لكن المؤكد أن غالبية المصادر المسيحية تتحدث عن عمليات ابتزاز وسرقة عن طريق تزوير الوثائق الرسمية لمنازل وعقارات لمواطنين مسيحيين دفعتهم أوضاع البلاد الخطرة إلى مغادرة العراق.
وشأن غالبية المشكلات والملفات الشائكة ما زالت مشكلة الممتلكات المسيحية في حيز التداول العام والخاص من دون أي تقدم يذكر باتجاه حلّها، رغم كثرة المطالبات والإجراءات التي اتخذتها السلطات الرسمية، حتى بعض الزعامات الدينية والسياسية، ففي مطلع العام الحالي، شكّل زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر لجنة خاصة داخل تياره لـ«تلقي شكاوى الإخوة المسيحيين الخاصة بأملاكهم وعقاراتهم المغصوبة». ولم يصدر عن اللجنة أي بيان بعد ذلك التاريخ بشأن ما قامت به في هذا الملف. وكان يتوقع أن تؤدي زيارة بابا الفاتيكان فرنسيس للعراق في مارس (آذار) الماضي إلى قيام السلطات العراقية بخطوات عملية لحل المشكلات المتعلقة بممتلكات المسيحيين، غير أن تطوراً إيجابياً لم يحدث.
بدوره، قال دريد جميل، العضو الفائز بمقعد نيابي عن حركة «بابليون»، والذي حضر اللقاء مع رئيس مجلس القضاء، إن «اللقاء ركّز على مسألتين، الأولى تتعلق بالمشكلات المتعلقة بالمناطق المسيحية في سهل نينوى، والثانية قرارات الاسترداد بالنسبة لبعض الممتلكات المسيحية».
وأضاف جميل، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «مناطق قضاء الحمدانية ذات الغالبية المسيحية تعرضت لما يشبه التغيير الديمغرافي نتيجة عملية توزيع الأراضي هناك على مكونات أخرى غير مسيحية». وتابع: «صحيح أن الدستور العراقي يتيح لأي مواطن امتلاك أرض سكنية في بلاده، لكن الدستور أيضاً يمنع ذلك في حال أحدث تغييراً ديمغرافياً، من هنا، فإن اقتراحنا كان يقتضي باستحداث مناطق إدارية جديدة للمكون الشبكي أو العربي، ولا تغيير لأوضاع مناطقنا، وتبقى محافظة على طابعها السكاني».
وعن إجمالي المشكلات القانونية بشأن العقارات والأملاك المسيحية، ذكر جميل أن «الأمور غير واضحة للأسف، وليست لدينا إحصاءات محددة، لكن لدينا على الأقل 3 قضايا استرداد لأملاك مسيحية ما زالت غير محسومة، وطلبنا من رئيس مجلس القضاء التدخل لحسمها».
من ناحيته، يتحدث العضو السابق في البرلمان جوزيف صليوا عن مئات التجاوزات التي حدثت على ممتلكات المسيحيين في العراق، لكن «المشكلة أن الناس لا يستطيعون التحدث عن ذلك بسهولة، ويفضلون الصمت ضماناً لحياتهم وحياة أسرهم». وقال صليوا لـ«الشرق الأوسط»: «نعمل على هذا الملف منذ سنوات، وبشراكة مع الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، لكن العمل يسير بطريقة بطيئة للأسف، لأن التجاوزات على الأملاك المسيحية تشمل جميع المحافظات العراقية، وضمنها محافظات إقليم كردستان».
ويرى صليوا أن «مشكلة الممتلكات والمآسي المسيحية صارت هي الأخرى من بين الملفات الإنسانية التي تستثمر لأهداف سياسية».
يشار إلى أن الوجود المسيحي في العراق انحسر بشكل خطير بعد عام 2003 نتيجة هروب غالبية المسيحيين من العاصمة بغداد ومن محافظة البصرة الجنوبية إلى خارج العراق أو إلى إقليم كردستان.



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».