في عيدها الـ86... «فيروز جارة القمر» كتاب عنها بالفرنسية لـ {معهد العالم العربي}

في عيدها الـ86... «فيروز جارة القمر» كتاب عنها بالفرنسية لـ {معهد العالم العربي}
TT

في عيدها الـ86... «فيروز جارة القمر» كتاب عنها بالفرنسية لـ {معهد العالم العربي}

في عيدها الـ86... «فيروز جارة القمر» كتاب عنها بالفرنسية لـ {معهد العالم العربي}

«فيروز خلال بروفات الفرقة، كانت حاضرة دائماً، دقيقة، ومتطلبة جداً. صحيح أنها ليست متخصصة في الموسيقى، لكن لها معرفة عالية ورفيعة. تعرف جيداً الإيقاعات والمقامات التي تغنيها، وأداؤها على قدر من الوعي بما تريد أن تصل إليه من خلال صوتها. هي في ذلك تشبه الكبير وديع الصافي، الذي لم يدرس الموسيقى لكن كانت له معرفة موازية، تضاهي من تخصصوا في هذا المجال»، يقول لنا الدكتور إيلي أشقر، المؤلف الموسيقي والباحث الذي رافق فيروز عزفاً على آلة القانون منذ عام 76 ولغاية 79 في حفل «الأولمبيا» في باريس حيث بقي من حينها هناك. «لكن فيروز لم تغادرني إلى اليوم» يقول: «عزفت أغنياتها، عرّفت بها، وأقمت الأبحاث والدراسات حولها». صدر لإيلي أشقر مصادفة وبالتزامن مع عيد ميلاد السيدة السادس والثمانين كتاب عن «معهد العالم العربي» في باريس عنوانه «فيروز جارة القمر». وهو الأول الذي يخصص بكليته بهذه اللغة لها، ويأتي ضمن سلسلة «مائة كتاب وكتاب». أبصر الكتاب النور بالتعاون مع مؤسسة «الملك فيصل»، وهو عبارة عن بيبليوغرافيا عن هذه المرأة التي يصفها بأنها «استثنائية الحنجرة والشخصية» وبأنها «شريكة أساسية في المشروع الرحباني، ولولاها لم يكن على ما هو عليه».
«عملت في فرقة فيروز والرحابنة الموسيقية، في عزّ الحرب الأهلية، جلّ ما كنا نستطيعه هو التسجيل في الأستوديو، أو إقامة حفلات في الخارج» يقول د. أشقر لـ«الشرق الأوسط». «لا أزال أذكر ابتسامة فيروز وحسها الفكاهي، وتعاملها اللطيف جداً مع الفرقة الموسيقية، التي ضمت أشهر العازفين في تلك الأيام. فلم يكن الانضمام سهلاً، ولا المطلوب من العازف قليلاً». بالإجمال تأتي التدريبات مع فيروز بعد أن يتم تدريب الكورال وإتمام كل ما يلزم. «وعلى أي حال فهي كانت دائماً موجودة، حاضرة الذهن قوية الملاحظة، ولها ذاكرة عظيمة». يكمل أشقر: «وأجد أن فيروز بعد مرض عاصي عام 73 أصبحت لها كلمة أكبر، وتتدخل أكثر من قبل في سير العمل».
ولدكتور أشقر كموسيقي رأي في الشراكة بين فيروز والأخوين رحباني التي أسالت حبراً كثيراً. وهو يرى أن الرحابنة لو أنهم اختاروا غير فيروز، لما وصلوا إلى النتيجة نفسها. «هم كانوا يبحثون عن الصوت والشخصية والحساسية التي تحمل مشروعهم. من فيروز كانوا يستوحون الفكرة، والكتابة، والمسرحية. كانوا يراعون مزاجها، وأنوثتها وصوتها. هذا بدليل الأعمال الصعبة التي ما كان يمكن لغيرها أن يؤديها». يروي أشقر ولا يدري إن كان هذا يتناقل على سبيل الطرفة، أو أنها حقيقة، بأن الرحبانيين تعرفوا على صباح قبل فيروز، ولكن لو وقع اختيارهم عليها رغم أهمية صوتها، «هل كنا سنرى الأعمال نفسها؟ بالتأكيد لا. ولو كان صوتاً كبيراً أو عظيماً مثل أم كلثوم أو فايزة أحمد مكانها، كيف يمكن أن تكون النتيجة؟ مختلفة بالتأكيد». استطاعت فيروز أن تجسد بصوتها الأثيري كل الألوان والأدوار «الأنوثة، والمرأة المنكسرة، والسيدة القوية، والضمير الإنساني الذي جمع الناس حول قضايا الحق والمبادئ الكبيرة. وليست صدفة أن نرى اليوم، مئات ملايين الناس، يجمعون على حب فيروز».
لا يزال الدكتور أشقر يعدّ دراسات باللغة الفرنسية حول المشروع الرحباني وفيروز، منها ما هو للموسيقيين المتخصصين، أو للقراء العاديين، ويعتبر من خلال دراساته أن «الرحابنة من الظلم أن يوصفوا بالمجددين. كل يستفيد ممن قبله بالتأكيد، لكنهم هم خلاقون بالدرجة الأولى». يستطيع الأشقر أن يضرب الكثير من الأمثلة يقول: «نعم، استفادوا من الفولكلور لكن 90 في المائة من الفولكلور الذي غنوه كان من تأليفهم. وضعوا الأندلسيات والموشحات التي كانت معروفة في حلب، لكن معهم كان لها طعم جديد ولون آخر، وضعوه على مقاسهم، ومقاس فيروز. هناك أيضاً تعاونهم مع عبد الوهاب، غنت فيروز جارة الوادي بعد 40 سنة من عبد الوهاب، لكنه هو نفسه ذهل حين سمعها بصوت فيروز عام 1964 بمذاق مختلف عن الذي أداه».
تميز الرحبانيان بأنهما وضعا أغنيات أدتها فيروز، بمختلف الأشكال الموسيقية، وبتنوع غير مسبوق، من وحي عبقرية من الصعب أن تتكرر.
يقدّر البعض الريبرتوار الرحباني بأكثر من 1500 أغنية. لكن هذا الأرشيف يتعرض لخطر شديد. «من غير الممكن تخيل السرعة التي كان يعمل بها الأخوان. كانا يعملان على الطريقة الغربية، دون استراحة أو هدوء، وبدقة بالغة، وتطلّب عالٍ. هذا الإيقاع الذي كان يستغرق الوقت كله في العمل لم يسمح لهما بالعناية بجمع الأعمال وأرشفتها. كانا يقدمان كل سنة مسرحيتين، كل مسرحية تحتاج شهوراً من التحضير، هذا غير الأغنيات المنفردة. لهذا فإن هذا التراث الكبير موزع اليوم بين الإذاعات والبلدان وبحاجة لجهد مؤسساتي لجمعه في مكان واحد والحفاظ عليه.
بحسب ما يقول د. أشقر «مئات الأغنيات سجلت في إذاعات مصرية، وأخرى في دمشق. بعضها لم تتم إعادة غنائه أو تسجيله في مكان آخر، ولم يحتفظ الرحبانيان به. لو قارنا ما هو متاح اليوم، بما وضعه بالفعل الأخوان رحباني، ندرك أن ما هو ضائع أو على الأقل ما ليس في المتناول كبير جداً». هناك جهات مهتمة، بمبادرات فردية، لجمع هذا الإرث، وآخرون يجمعون ما يتاح بالتعاون مع ريما الرحباني، ومنهم من ليسوا على علاقة جيدة معها، وبالتالي يبقون ما يجمعونه في حوزتهم. لهذا ثمة جهد رسمي يفترض أن يبذل لجمع شمل كل ما يمكن جمعه.
كان منصور الرحباني قد أعجب بموهبة إيلي أشقر أثناء مشاركة الأخير، في برنامج «ستوديو الفن»، بالعزف على آلة القانون، وقرر أن يضمه إلى الفرقة الرحبانية الموسيقية هو لا يزال في السابعة عشرة من العمر. وبقي مع الفرقة حوالي 3 سنوات. وفي كتابه الجديد حول فيروز، نشر د. إيلي أشقر صوراً كان يحتفظ بها في أرشيفه الشخصي، من حفلات فيروز.
«كانت في أدراجي منذ تلك السنوات، وأحببت أن أشاركها محبي فيروز، بمناسبة صدور هذا الكتاب، الذي رغم بساطته، لأنه لتعريف الجمهور الفرنسي بهذه الأسطورة العربية، أشعرني بالفخر والاعتزاز.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.