قمة الأميركتين في موعد تاريخي بين أوباما وكاسترو

قمة الأميركتين في موعد تاريخي بين أوباما وكاسترو
TT

قمة الأميركتين في موعد تاريخي بين أوباما وكاسترو

قمة الأميركتين في موعد تاريخي بين أوباما وكاسترو

يبدو ان صفحة تطوى حاليا في أميركا: فللمرة الاولى سيلتقي الرئيسان الأميركي والكوبي وجها لوجه أثناء قمة للقارة، ليكرسا التقارب بين العدوين التاريخيين.
وقمة الاميركتين هذه التي ستكون كوبا حاضرة فيها للمرة الاولى خلال 21 عاما من وجودها، ستحتفل الجمعة والسبت في بنما بوفاق جديد بين الدول الاميركية الـ35 على ضوء الانفراج المعلن في منتصف ديسمبر (كانون الاول) بين واشنطن وهافانا.
لكن التوتر الذي برز في الاسابيع الاخيرة بين الولايات المتحدة وفنزويلا قد يعكر صفو أجواء المناسبة بعد رفض أميركا اللاتينية، الاتهامات التي وجهها البيت الابيض إلى حكومة نيكولاس مادورو الاشتراكية بأنها تشكل "خطرا على أمن الولايات المتحدة".
وما من شك أن مادورو يعتزم الاستفادة من المنبر الذي توفره قمة بنما لإعطاء مزيد من الصدى لحملته ضد واشنطن التي يتهمها بانتظام بالسعي إلى زعزعة استقرار بلاده. كما ينوي مادورو في هذه المناسبة تقديم عريضة "مناهضة للامبريالية" تحمل ملايين التواقيع.
ولفت اريك فارنزوورث نائب رئيس المنتدى الخاص لمجلس الاميركتين والمستشار السابق للبيت الابيض، إلى أن رؤية باراك اوباما وراوول كاسترو جنبا إلى جنب "ستكون اللحظة الاساسية في القمة؛ لكن خلال شهر أو شهرين عاد برنامج (محادثاتهما) إلى شكل أكثر تقليديا ينطبع بعداوة تاريخية".
ويعود آخر لقاء بين رئيسي البلدين إلى 1956 بين فولغنسيو باتيستا ودوايت ايزنهاور. وفي ديسمبر (كانون الاول) 2013، جرت مصافحة خاطفة؛ لكنها حظيت بتغطية إعلامية كبيرة بين راوول كاسترو وباراك اوباما في جوهانسبورغ على هامش إحياء ذكرى وفاة الزعيم الجنوب أفريقي نلسون مانديلا.
ولم يتقرر أي لقاء ثنائي في الوقت الحاضر بين الرئيسين، فيما تشير واشنطن فقط إلى فرص لتبادل الحديث اثناء القمة. لكن من المرجح أن يلتقي وزير الخارجية الاميركي جون كيري من جهته مع نظيره الكوبي برونو رودريغيز على هامش القمة.
إلّا أن المحللين الذين استصرحتهم وكالة الصحافة الفرنسية لا يعتقدون أن ملف فنزويلا يمكن أن يشكل عائقا أمام التقارب بين الولايات المتحدة وكوبا، حتى وإن عبرت هافانا عن دعمها من دون مواربة لحليفها الكبير الذي يزودها بنصف كميات نفطها بشروط تفضيلية.
وأكد فرانك مورا مدير مركز الأبحاث بشأن أميركا اللاتينية في جامعة فلوريدا والمسؤول السابق الاقليمي في وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) في عهد ادارة اوباما، " أعتقد أن لا الولايات المتحدة ولا كوبا ستتركان (موضوع) فنزويلا يتداخل في هذه العملية".
لكن "حكومة كوبا ستواصل التعبير علنا عن تضامنها مع الحكومة الفنزويلية" كما قال.
وقد سعى البيت الابيض الثلاثاء إلى التخفيف من وطأة هذا الخلاف، مؤكدا أن "الولايات المتحدة لا تعتقد أن فنزويلا تشكل خطرا معينا" مشيرا إلى تعبير "رسمي" استخدم عند فرض عقوبات على مسؤولين فنزويليين كبار مطلع مارس (آذار) الماضي.
وباستثناء حدوث مفاجأة لا ينتظر صدور أي إعلان فعلي في بنما بشأن استئناف العلاقات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة وكوبا.
فبعد ثلاث جولات من اللقاءات بين كبار المسؤولين ترغب واشنطن في اعادة فتح سفارتين في ابريل (نيسان)؛ لكن كوبا تشترط لذلك شطب اسمها من القائمة الاميركية للدول المساندة للارهاب.
وبالنسبة لتطبيع العلاقات بحد ذاته فقد بدأ البلدان مسارا طويلا قال مورا إنه "شبه محتوم بعد أكثر من 50 سنة من العلاقات المجمدة والمتسمة بريبة تاريخية".
وعلى الرغم من رفع العقوبات التجارية الاميركية المفروضة على كوبا، ما زالت واشنطن تفرض على الجزيرة الشيوعية حظرا اقتصاديا وماليا يعود إلى 1962، ليبقى سببا خلافيا رئيسا بين عدوي الحرب الباردة.
إلّا أن واشنطن ترغب في استعادة حضورها في القارة بعد أن تجاوزت المسألة الكوبية الشائكة التي عزلتها سياسيا في السنوات الاخيرة.
وقد يساعد الولايات المتحدة على تحقيق مكاسب مجددا في وجه الصين التي تتنامى قوتها في منطقة نفوذها السابقة، الوضع الاقتصادي الدقيق في بعض الدول التي تعاني من تدهور اسعار المواد الاولية وتراجع الاسواق وقوة الدولار.
وعلى هامش قمة رؤساء الدول المكرسة رسميا للتنمية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في المنطقة، من المقرر تنظيم اربعة منتديات للمجتمع المدني وكذلك اجتماع بديل باسم قمة الشعوب في جامعة بنما.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.