«تفتيت الكويكبات»... إجراء آمن لتجنيب الأرض مخاطر الاصطدام

محاكاة أظهرت إمكانية  تنفيذ التفتيت بأمان (الفريق البحثي)
محاكاة أظهرت إمكانية تنفيذ التفتيت بأمان (الفريق البحثي)
TT

«تفتيت الكويكبات»... إجراء آمن لتجنيب الأرض مخاطر الاصطدام

محاكاة أظهرت إمكانية  تنفيذ التفتيت بأمان (الفريق البحثي)
محاكاة أظهرت إمكانية تنفيذ التفتيت بأمان (الفريق البحثي)

إذا تم تحديد كويكب على أنه في مسار اصطدام بالأرض، فإن العلماء يريدون عادة إجبار الكويكب على الانحراف، حيث يتم دفع الكويكب بلطف من خلال تغيير بسيط نسبياً في السرعة، مع الحفاظ على الجزء الأكبر منه.
ويمكن للاصطدام الحركي أو الانفجار النووي أن يحدث الانحراف المطلوب، ومع ذلك إذا كان وقت التحذير قصيرا جداً لإجراء انحراف ناجح، فهناك خيار آخر يتمثل في استهداف الكويكيب بقدر كبير من الطاقة تعمل على تفتيته إلى العديد من الأجزاء المتناثرة جيداً. ويُطلق على هذا النهج اسم «الاضطراب»، وهو غالباً ما يفكر فيه الناس عندما يفكرون في آليات الدفاع الكوكبي.
وبينما يفضل العلماء الحصول على مزيد من وقت التحذير لإجراء الانحراف المطلوب، يجب أن يكونوا مستعدين لأي سيناريو محتمل، حيث لا تزال العديد من الكويكبات القريبة من الأرض غير مكتشفة.
ويلقي بحث جديد تم عرضه في العدد الأخير من دورية «أكتا أسترونوتيكا»، نظرة فاحصة على كيفية تأثير مدارات خمسة من الكويكبات المختلفة وتوزيعات سرعة الشظايا المختلفة على مصير الشظايا، باستخدام الظروف الأولية من حساب الديناميكا المائية، حيث تم نشر جهاز بقوة 1 ميغا طن على بعد أمتار قليلة من السطح الكويكب (بينو 101955) القريب من الأرض والمكتشف عام 1999.
يقول المؤلف الرئيسي باتريك كينج، هو زميل سابق في مختبر لورانس ليفرمور الوطني بجامعة كاليفورنيا، يعمل حاليا بجامعة جونز هوبكنز: «النتائج التي تم إبرازها في الورقة مطمئنة، فبالنسبة لجميع مدارات الكويكبات الخمسة التي تم النظر فيها، فإن إجراء الاضطراب قبل 60 يوما فقط من تاريخ اصطدام الأرض كان قادراً على تقليل جزء الكتلة المؤثرة».
ويوضح كينج في تقرير نشره الموقع الإلكتروني لمختبر لورانس ليفرمور الوطني في 5 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أن النتيجة الرئيسية للعمل كانت أن الاضطراب هو دفاع فعال للغاية يمكن اللجوء إليه كملاذ أخير.
ويضيف «ركزنا على دراسة (الاضطرابات المتأخرة)، مما يعني أن الجسم المتأثر يتفكك قبل وقت قصير من تأثيره على الأرض»، ومع ذلك يشدد على أنه عندما يكون لديك متسع من الوقت - عادة على مدى عقد من الزمن - فمن المفضل بشكل عام أن يتم استخدام المصادمات الحركية لدفع الجسم المحتمل اصطدامه بالأرض.
وتتمتع المصادمات الحركية بالعديد من المزايا، أحدها أن الأسلوب معروف جيداً ويتم اختباره في مهام حقيقية، وهو قادر على التعامل مع مجموعة واسعة من التهديدات المحتملة إذا كان لديك وقت كافٍ.
ومع ذلك، فإن هذه الأداة لديها بعض القيود، لذلك من المهم أنه في حالة ظهور حالة طوارئ فعلية، تتوفر خيارات متعددة للتعامل مع التهديد، بما في ذلك بعض الطرق التي يمكنها التعامل مع أوقات التحذير القصيرة جداً.
يقول مايكل أوين، الباحث المشارك بالدراسة، «هذه الورقة مهمة للغاية لفهم عواقب ومتطلبات تعطيل كويكب خطير يقترب من الأرض، فإذا اكتشفنا جسما خطيرا قدر له أن يضرب الأرض بعد فوات الأوان لتحويله بأمان، فإن أفضل خيار يتبقى لدينا هو تفكيكه تماماً».
ويضيف «إذا قسمت كويكباً إلى أجزاء، فإن السحابة الناتجة من الشظايا ستتبع كل منها مسارها الخاص حول الشمس، وتتفاعل مع بعضها البعض ومع جاذبية الكواكب، بينما يتوقف تدفق شظايا منحنية حول المسار الأصلي الذي كان عليه الكويكب، على مدى سرعة انتشار هذه القطع، جنباً إلى جنب مع المدة حتى تعبر السحابة مسار الأرض، ويخبرنا ذلك عن عدد القطع التي ستضرب الأرض».


مقالات ذات صلة

من الرياض... مبادرة من 15 دولة لتعزيز «نزاهة المحتوى عبر الإنترنت»

الخليج «منتدى حوكمة الإنترنت» التابع للأمم المتحدة تستضيفه السعودية بدءاً من اليوم الأحد وحتى 19 من الشهر الجاري (الشرق الأوسط)

من الرياض... مبادرة من 15 دولة لتعزيز «نزاهة المحتوى عبر الإنترنت»

صادقت 15 دولة من الدول الأعضاء في منظمة التعاون الرقمي، على إطلاق مبادرة استراتيجية متعددة الأطراف لتعزيز «نزاهة المحتوى عبر الإنترنت».

غازي الحارثي (الرياض)
يوميات الشرق الجهاز الجديد يتميز بقدرته على العمل ميدانياً مباشرة في المواقع الزراعية (جامعة ستانفورد)

جهاز مبتكر ينتِج من الهواء مكوناً أساسياً في الأسمدة

أعلن فريق بحثي مشترك من جامعتَي «ستانفورد» الأميركية، و«الملك فهد للبترول والمعادن» السعودية، عن ابتكار جهاز لإنتاج الأمونيا.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
تكنولوجيا تيم كوك في صورة جماعية مع طالبات أكاديمية «أبل» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

نصح تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة «أبل»، مطوري التطبيقات في المنطقة باحتضان العملية بدلاً من التركيز على النتائج.

مساعد الزياني (دبي)
تكنولوجيا خوارزمية «تيك توك» تُحدث ثورة في تجربة المستخدم مقدمة محتوى مخصصاً بدقة عالية بفضل الذكاء الاصطناعي (أ.ف.ب)

خوارزمية «تيك توك» سر نجاح التطبيق وتحدياته المستقبلية

بينما تواجه «تيك توك» (TikTok) معركة قانونية مع الحكومة الأميركية، يظل العنصر الأبرز الذي ساهم في نجاح التطبيق عالمياً هو خوارزميته العبقرية. هذه الخوارزمية…

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
خاص تم تحسين هذه النماذج لمحاكاة سيناريوهات المناخ مثل توقع مسارات الأعاصير مما يسهم في تعزيز الاستعداد للكوارث (شاترستوك)

خاص «آي بي إم» و«ناسا» تسخّران نماذج الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات المناخية

«الشرق الأوسط» تزور مختبرات أبحاث «IBM» في زيوريخ وتطلع على أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي لفهم ديناميكيات المناخ والتنبؤ به.

نسيم رمضان (زيوريخ)

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً