بيتزا بالقرنبيط... والجُبن الفلاحي بدلاً من الموتزاريلا

«بلديني» يستعين بفلاحات مصريات لتقديم وصفات عالمية بطريقة تراثية

TT

بيتزا بالقرنبيط... والجُبن الفلاحي بدلاً من الموتزاريلا

قطعة صغيرة من العجينة المخبوزة مع صلصة الطماطم الخاصة والجبن اللذيذ يمكنها أن تثير الشهية عندما نشاهدها وقد أصبحت طبقاً فاخراً من مخبوز البيتزا، لكن قد يختلف الأمر كثيراً إذا تعلق بوصفات صحية، فهنا تكون الأكلة أكثر أماناً وأشد نفعاً لجميع أفراد الأسرة.
فمن بين محاولات كثيرة جرت لجعل البيتزا طعاماً أكثر قيمة، ظهر مشروع طعام مصري - إيطالي باسم «بلديني» وانتشر في الآونة الأخيرة، ليقدم وصفات عالمية بمنظور تراثي ومكونات تعكس هوية المطبخ المحلي، بأيدي فلاحات مصريات من قرية سقارة بمحافظة الجيزة.
إحدى القائمات على هذا المشروع، وهي السيدة لورا تقول لـ«الشرق الأوسط» «(بلديني) مشروع ثقافي لتقديم الطعام، وعندما انطلق منذ سنوات عدة كان الهدف تقديم أكلات صحية تعكس الهوية المصرية وتفاصيل المطبخ التراثي بمكوناته التقليدية»، كما أن «المشروع يهدف إلى تغيير نمط الأكل السريع والأطعمة المصنعة، من خلال مسارين؛ الحفاظ على الوصفة الأصيلة، مع الاستعاضة عن بعض المكونات المصنعة بأخرى تعزز الصحة وتعكس ملامح المطبخ المصري».
وعن أسرار البيتزا الصحية المحضرة من خيرات الريف المصري، تقول هدير أحمد، من مشروع «بلديني»، لـ«الشرق الأوسط» «الجبن من أهم المكونات المميزة في مذاق البيتزا، وهنا كان التحدي، كيف نستبدل الجبن الموتزاريلا المصنع، بمكون طبيعي له مذاق فريد لا يخل بمعادلة البيتزا؟».
ونوهت إلى أن الخيار كان هو الاعتماد على الجبن الفلاحي بخيره الذي يصنع بـ«المنفحة» أو الخميرة، لأن مذاقه غني بالعناصر الغذائية مثل الكالسيوم، كما أن التصنيع لا يمر بمراحل تخل بقيمته الغذائية، بالإضافة إلى الاعتماد على «الجميد» المعروف في الريف لقيمته الغذائية العالية».
وتوضح هدير، أن «العجين الطازج المكون من الطحين والماء والزيت، له دور في مغازلة الشهية، إنه التقليد الذي عرفه الإنسان منذ آلاف السنين، لكن فلاحات (بلديني) حاولن الحفاظ على الوصفة الأصلية مع إضافة مكونات صحية مثل زيت الزيتون».
وتختلف أنواع البيتزا باختلاف المكونات المضافة على سطح العجين، وهنا يتميز كل مطبخ بلمسته.
تقول هدير «توازن العناصر هو المعادلة لضمان جودة وقيمة ما تقدمه، البيتزا الصحية يجب أن تضم البروتين النباتي والحيواني والخضراوات الطازجة، بدلا من النقانق أو العناصر الغذائية المصنعة».
وتستكمل هدير: «نقدم بيتزا مزينة بخيرات الأرض من شرائح الدجاج الطازجة، والباذنجان وأوراق الجرجير وحلقات الطماطم والفلفل، جميعها إضافات تنتقل من الطبيعة إلى قرص البيتزا ثم إلى الأفران»، وترى أن «ما يميز البيتزا الصحية الخضراوات الموسمية، وبالتالي فإن مذاقها مستوحى مما تنبته الأرض».
الأطباق الشعبية ترتبط بالذكريات، لذا فإن تغيير أساسياتها مهمة شاقة، فكيف تقنع شخصا ارتبطت عواطفه بمشهد الجبن الموتزاريلا وهي تتمدد من شريحة البيتزا حتى تصل فمه، محملة بحلقات النقانق والبيبروني، أن ثمة مكونات أخرى لها مذاق طيب يمكن أن تمنحه نفس المتعة.
تقول لورا «تغيير العادات يحتاج إلى مزيد من الجهد للتوعية، والتركيز على المخاطر الصحية للأطعمة المصنعة والمضاف لها مواد حافظة، جنباً إلى جنب».
وتابعت: «لذا يجب تقديم البديل الشهي لأن المذاق يحرك الإشارات الحسية. وعلى خلفية تجربة (بلديني) يمكن القول إن المذاق المحضر من أيادي فلاحات مصريات محترفات في فنون الطهي نجح في المرور إلى قلب المتذوق بأنه يمكن أن يمتزج المذاق الطيب مع القيمة الصحية».
وبجانب حديث القائمات على مشروع «بلديني» كانت هناك دراسة أجراها باحثون في جامعة ميتشيغان، العام الماضي، ونشرت نتائجها مجلة «بيبول». وأشارت إلى أن ثمة سرا يجعل العالم يتوق إلى هذه الأكلة الإيطالية التي عرفت بشكلها الحالي منذ القرن الثامن عشر. إنه امتزاج الثلاثي المكون من «الدهون والسكر والملح» فهذا الخليط قادر على إثارة الإشارات الحسية وتحريك الشهية.
وصحيح أن البيتزا صارت وجبة شعبية في العالم، لكنها متهمة كأحد مسببات السمنة.
فشريحة واحدة من بيتزا اللحم البقري تحتوي على أكثر من 700 سعر حراري، أي نحو نصف حصة الشخص من الطاقة يومياً، فضلاً عن تأثيرها السلبي على الصحة العامة بسبب ما تحتويه من الصوديوم الذي يتسبب في ارتفاع ضغط الدم، ومن ثم إيذاء القلب على المدى الطويل.
ومع الاتجاه نحو المطبخ الصحي، اصطفت البيتزا ضمن قائمة الخيارات الصحية، من خلال استبدال بعض المكونات بأخرى صديقة لصحة الإنسان. فقدم أشهر طهاة «غود فود»، الإصدار التابع لهيئة الإذاعة البريطانية، بيتزا مجهزة من زهرات القرنبيط ومدعومة باللوز الغني بالبروتين، مع بياض البيض وطحين الحنطة السوداء، ويتزين سطحها بخضراوات إضافية من حلقات الطماطم الطازجة ورقائق الفلفل الحار وحفنة من الريحان الطازج.


مقالات ذات صلة

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

مذاقات ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

عندما يأتي الكلام عن تقييم مطعم لبناني بالنسبة لي يختلف الأمر بحكم نشأتي وأصولي. المطابخ الغربية مبنية على الابتكار والتحريف، وتقييمها يعتمد على ذائقة الشخص

جوسلين إيليا (لندن)
مذاقات الشيف البريطاني هيستون بلومنتال (الشرق الأوسط)

9 نصائح من الشيف هيستون بلومنتال لوجبة الكريسماس المثالية

تعد الخضراوات غير المطبوخة بشكل جيد والديك الرومي المحروق من أكثر كوارث عيد الميلاد المحتملة للطهاة في وقت يقومون فيه بتحضير الوجبة الأكثر أهمية في العام.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

لا يزال كبار الطهاة العالميين، إضافة إلى ربات البيوت الماهرات في الطهي، يستخدمون أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر Cast Iron Cookware.

د. عبير مبارك (الرياض)
مذاقات توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات إم غريل متخصص بالمشاوي (الشرق الاوسط)

دليلك إلى أفضل المطاعم الحلال في كاليفورنيا

تتمتع كاليفورنيا بمشهد ثقافي غني ومتنوع، ويتميز مطبخها بكونه خليطاً فريداً من تقاليد عالمية ومكونات محلية طازجة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«قصر الطواجن»... أكلات العالم على مائدته المصرية

المطعم المصري (قصر الطواجن)
المطعم المصري (قصر الطواجن)
TT

«قصر الطواجن»... أكلات العالم على مائدته المصرية

المطعم المصري (قصر الطواجن)
المطعم المصري (قصر الطواجن)

هل تناولت من قبل طاجناً من «النجراسكو» و«اللازانيا»، أو أقدمت على تجربة «الدجاج الهندي المخلي»، أو حتى «طاجن لحم النعام بالحمام»، يمكنك تذوق ذلك وأكثر، عبر مجموعة من الوصفات التي تخللتها لمسات مصرية على أكلات غربية.

في منطقة حيوية صاخبة في مدينة «6 أكتوبر» المصرية (غرب القاهرة الكبرى) يحتل مطعم «قصر الطواجن» المتخصص بشكل أساسي في تقديم طبق «الطاجن» مساحة كبيرة، وساحة أمامية لافتة، يزينها منطقة للأطفال، بينما تتميز قاعاته الداخلية بفخامة تليق بمفهوم «القصور» المرتبط باسمه.

لا شك أن التدقيق في اختيار اسم المطعم يلعب دوراً في شهرته، إلا أنه تبقى دوماً التجربة خير دليل، بحسب تعبير أحمد مختار، مدير المطعم.

ريش بورق العنب (صفحة المطعم على فيسبوك)

ألوان مختلفة من الطواجن يقدمها المطعم، فإذا لم تكن راغباً في صنف بعينه، فحتماً سيثير «المنيو» حيرتك، وإذا كنت من عشاق الطواجن بشكل عام، فعليك أن تختار ما بين طاجن «البط البلدي» بخلطة «قصر الطواجن» أو «الكوارع» أو «ريش البتلو بورق العنب»، أو «ريش الضاني»، أو «الأرز المعمر بالقشطة واللحم»، أو «طاجن لحم النعام بالحمام»، وهناك أيضاً طاجن «بصلية» و«الفريك بالحمام»، و«لسان العصفور باللحم» و«رول الضاني».

وإذا كنت من محبي الطعام الكلاسيكي، فينتظرك هناك طاجن «بهاريز زمان»، المكون من 5 مكونات بعضها عتيق في المطبخ المصري، ومنها الكوارع، النخاع، قلوب البتلو، والكلاوي، ولا مانع أن تجرب طواجن ذات أسماء من ابتكار المطعم مثل «طاجن السعادة» المكون من المخاصي والحلويات واللحم، أو طاجن «فولتارين» الذي يداوي أي ضغوط نفسية، وفق مدير المطعم.

وأحياناً يسألك طاقم الضيافة هل تريد أن تجرب أكلات عالمية في طواجن مصرية، لتزداد حيرتك أمام طاجن «الدجاج الهندي المخلي» أو«المكسيكي الحار»، أو «إسباجيتي بلونيز»، أو «النجراسكو واللازانيا»، أما في حالة إصرارك على اختيار طبق من مصر، فتتصدر الأطباق الشعبية «منيو» الطواجن، فلا يفوتك مذاق طاجن «العكاوي» بالبصل والثوم والزنجبيل والكمون والفلفل الحلو والكركم.

«ليس غريباً أن يكون في القاهرة مطعم متخصص في الطواجن»، يقول مدير المطعم لـ«الشرق الأوسط»، ويتابع: «لقد تميزت مِصر بأنواع كثيرة من الطواجن الحادقة واللذيذة والشهية، ما بين الخضراوات واللحوم والأرز والطيور والمحاشي، واختصت أيضاً بعدة طواجن من الحلويات».

وأوضح: «وتتميز الطواجن على الطريقة المصرية بطرق ومكونات ووصفات كثيرة، وجميعها مميزة وشهية ويحبها المصريون والأجانب؛ لأنها تعتمد طريقة طهي اللحم ببطء على نار خفيفة غالباً لعدة ساعات، كما يساعد الشكل المخروطي للوعاء على «حبس» النكهة كاملة بالداخل؛ فتكون مركزة وغنية، كما يعمل الطاجن على تنعيم اللحوم والخضراوات المطبوخة».

وأضاف: «طاجن الملوخية بالطشة، البامية باللحم الضأن، التورلي باللحم، الكوسا المغموسة في الصلصلة الحمراء والبصل، هي بعض من طواجن الخضراوات التي يقدمها المطعم أيضاً لرواده، (تشتهر بها مصر كذلك)، ولذلك نحرص على تقديمها في المطعم، من خلال هذه الطريقة تظل الخضراوات محتفظة بقيمتها الغذائية، وتكتسب مذاقاً شهياً ولذيذاً وخفيفاً يحرض الجميع على التهامها، حتى بالنسبة لهؤلاء الذين لا يفضلون تناول الخضراوات، وبالإضافة إلى ذلك فإن الطعام يظل محتفظاً بسخونته لوقت طويل».

يبتكر الشيفات في المطعم في تقديم طواجن بلمسات عصرية: «نحرص على التجديد لتجربة طعام مبتكرة، إن امتزاج الأصالة بالحداثة أمر رائع في عالم الطهي؛ إذا أردت أن تخوض هذه التجربة فأنصحك أن تطلب طاجن الحمام المحشي باللحم، الذي تعلوه جبن الموتزريلا، أو الرقاق بطبقات القشطة، وغير ذلك».

أما «الطاسات» والصواني فهي طرق جديدة لمواجهة الضغوط الاقتصادية؛ فهي تسمح لرواد المطعم بإحضار الأسرة أو عمل ولائم وتقديم أنواع أنيقة ومختلفة من الطعام للمدعوين، بسعر أقل، وفي الوقت نفسه تسمح بالاستمتاع برفاهية المذاق على حد قول مختار.

لا تضم قائمة الطعام الطواجن وحدها؛ إنما هي تمثل الأطباق التي فيها توليفة من النكهات التي تحتفي بثراء التقاليد الطهوية الشرقية، فبجانب الطواجن، يقدم المطعم لرواده قائمة طويلة من المشويات، وأنواعاً مختلفة من الحساء والأرز، والمحاشي والسلطات، إلى جانب أكلات محلية من محافظات مصرية مثل البط الدمياطي والحواوشي والسجق الإسكندراني.

يعد المطعم أن المحافظة على التراث الطهوي المصري من ضمن أهدافه، يقول مختار: «نحافظ على أصالة المطبخ المصري من خلال الحصول على أطيب المكونات، وأفضل خامات الأواني الفخارية الآمنة من الناحية الصحية؛ مما يضمن أن تكون كل وجبة بمثابة مغامرة تذوق طعام مفيد وخالٍ من أي أضرار محتملة».

دوماً ترتفع تجربة تناول الطعام الخاصة بنا إلى مستوى أعلى من المتعة والرقي، حين يكون العاملون في المطعم على دراية جيدة وواعية بفن الضيافة، وهذا ما يتحقق في «قصر الطواجن»؛ فهم يبدون بصفتهم جزءاً من النسيج الثقافي والاجتماعي الغني في مصر؛ عبر ابتسامتهم الدائمة، ومهارتهم، وسرعة تلبية احتياجات الزبائن.