دانت السلطة الفلسطينية قرار الحكومة البريطانية تصنيف حركة «حماس» منظمة إرهابية، وقالت إن الخطوة تمثّل «اعتداء غير مبرَّر» على الشعب الفلسطيني، وستلزمها بمراجعة علاقتها مع بريطانيا ودورها في المنطقة وعملية السلام.
وجاءت الإدانة الرسمية الفلسطينية بعد يوم من قرار وزارة الداخلية البريطانية بحق «حماس». كما لقي القرار الذي يحتاج إلى موافقة البرلمان البريطاني إدانات غاضبة صدرت عن فصائل فلسطينية اتفقت على إطلاق مؤتمر وطني معارض لتصنيف «حماس» على لوائح الإرهاب.
وأصدرت وزارة الخارجية الفلسطينية بياناً، أمس (السبت)، دانت فيه قرار الحكومة البريطانية، واعتبرته «اعتداءً غير مبرر على الشعب الفلسطيني الذي يتعرض لأبشع أشكال الاحتلال والظلم التاريخي الذي أسس له (وعد بلفور) المشؤوم؛ حيث طُرد من وطنه وهُجّر في المنافي ولا يزال يدفع أثماناً غالية من أرضه وحياة ومستقبل أجياله، نتيجة لاستمرار الاحتلال والاستيطان وعمليات التهجير القسري والعقوبات الجماعية والملاحقة والمطاردة».
وأضافت الخارجية الفلسطينية أن «الحكومة البريطانية بهذا القرار وضعت العراقيل أمام فرص تحقيق السلام والعقبات في طريق الجهود المبذولة لتثبيت التهدئة وإعادة إعمار قطاع غزة».
وتابع البيان الفلسطيني: «للأسف الشديد، يأتي هذا القرار البريطاني بعد أسبوع من مطالبة رئيس الوزراء الإسرائيلي (نفتالي بنيت) نظيره البريطاني (بوريس جونسون)، على هامش اجتماع قمة المناخ في غلاسكو، باعتماد حركة (حماس) منظمة إرهابية، ونرى أنه انسجاماً مع هذا الطلب ونزولاً عنده قامت وزيرة الداخلية البريطانية (بريتي باتيل) بإعلان هذا القرار خلال زيارتها إلى واشنطن، وهي نفس الوزيرة التي قامت في سنوات سابقة بزيارة مستوطنات هضبة الجولان، بالتنسيق مع مجلس المستوطنات هناك، ودون أخذ موافقة من حكومتها. هذه المرة هناك موافقة على هذه الخطوة من حكومتها، وانعكاس لتحول خطير في السياسة البريطانية التقليدية حيال الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، عبر تبني المواقف الإسرائيلية تحت تبريرات وحجج واهية».
وطالبت الخارجية الفلسطينية الحكومة البريطانية بـ«التوقف عن سياسة الكيل بمكيالين والازدواجية في المعايير والتراجع الفوري عن هذا القرار»، مشيرة إلى أنها ستدرس مع الجهات المعنية «آثار وتبعات هذا القرار على العلاقات الثنائية الفلسطينية – البريطانية، وتأثير ذلك على دور بريطانيا التقليدي في المنطقة، ومحدودية مساهمتها المستقبلية في أي عملية سياسية محتملة».
وكانت حركة «حماس» قد دانت بدورها قرار بريطانيا تصنيفها منظمة إرهابية، واعتبرته «انحيازاً لإسرائيل ومخالفة للشرعية الدولية التي تكفل مقاومة الاحتلال»، مطالبة لندن بأن تتوقف عن «الارتهان للرواية والمشروع الإسرائيلي، وأن تسارع للتكفير عن خطيئتها بحق الشعب الفلسطيني في وعد بلفور، بدعم نضاله من أجل الحرية والاستقلال والعودة».
كما أعلنت جميع الفصائل الفلسطينية أمس إطلاق مؤتمر وطني وفعاليات ضد بريطانيا وقرارها. وحذّرت الفصائل الفلسطينية من تداعيات القرار بحق «حماس»، ودعت بريطانيا للتراجع عنه، كما دعت البرلمان البريطاني إلى عدم التصويت لمصلحة القرار.
وقالت الفصائل، في بيان عقب عقدها اجتماعاً طارئاً لبحث القرار البريطاني، إن الشعب الفلسطيني بقواه كافة «موحد» في رفض تصنيف «حماس» على لوائح الإرهاب. وقال عماد الأغا ممثل حركة «فتح»، في مؤتمر صحافي تلا خلاله البيان: إن «حركة (حماس) هي جزء أصيل من النسيج الفلسطيني ومكون أصيل من مكونات العمل الوطني التحرري للشعب الفلسطيني، ولن يسمح الشعب الفلسطيني لأي جهة كانت بالمساس بأحد مكوناته».
ودعا الأغا «القوى الحية وكافة الأحرار والمتضامنين مع شعبنا في العالم أجمع، والجمعية العامة للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي وكل محبي العدل في العالم إلى رفض هذا القرار ومواجهته بحزم».
وحمل البيان دعوة كذلك للشعب الفلسطيني لـ«الوحدة والتماسك على مختلف الصعد لإسقاط هذا القرار وإحباط تداعياته».
وأعلنت الفصائل الفلسطينية إطلاق سلسلة من الفعاليات الوطنية والشعبية ضد القرار البريطاني، كما أعلنت تنظيم مؤتمر وطني شعبي جامع في قطاع غزة خلال أيام، لرفض الإجراء البريطاني بحق «حماس».
وكانت وزارة الداخلية البريطانية أعلنت الجمعة أن حكومة بوريس جونسون (حزب المحافظين) تعتزم تصنيف «حماس» منظمة إرهابية. وقالت الوزارة إنه إذا اعتمدت بريطانيا هذا التصنيف بعد مناقشة في البرلمان من المقرر إجراؤها، الأسبوع المقبل، فسيعاقب من ينتمي إلى «حماس» أو يروّج للحركة بالسجن لمدة يمكن أن تصل إلى 14 عاماً، بموجب أحكام قانون مكافحة الإرهاب البريطاني.
وكتبت وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتيل في تغريدة على «تويتر»: «تمتلك (حماس) قدرات إرهابية كبيرة، بما في ذلك الوصول إلى ترسانة واسعة ومتطورة فضلاً عن معدات إرهابية، لهذا أتحرك اليوم لحظر (حماس) بالكامل». وقبل ذلك كانت بريطانيا تحظر الجناح المسلح لـ«حماس» فقط، وليس الجناح السياسي، لكن باتيل قالت في تصريحات على هامش زيارة لواشنطن نقلتها الصحف البريطانية: «نحن نرى أنه لم يعد بإمكاننا الفصل بين الجناحين العسكري والسياسي للحركة».
وتتماشى الخطوة البريطانية مع موقف الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من «حماس». وأشارت وكالة «رويترز» إلى أن لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) جناحين؛ أحدهما سياسي والآخر عسكري. وتأسست الحركة عام 1987، وهي تعارض وجود إسرائيل وإجراء محادثات سلام معها، وتنتهج سياسة «المقاومة المسلحة» للاحتلال الإسرائيلي لأراض فلسطينية. وكانت بريطانيا حتى اللحظة تحظر الجناح العسكري فقط لـ«حماس»، وهو «كتائب عز الدين القسام».
ورحب رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بنيت بالقرار قائلاً على «تويتر»: «(حماس) تنظيم إرهابي بامتياز... الذراع السياسية للحركة تُمكّن نشاطها العسكري».
ولفتت «رويترز» إلى أن وزيرة الداخلية البريطانية باتيل كانت قد اضطرت للاستقالة من منصب وزيرة التنمية الدولية عام 2017، عندما عقدت اجتماعات مع مسؤولين إسرائيليين كبار كانوا في عطلة خاصة في البلاد دون أن تبلغ حكومتها. والتقت حينها مع رئيس الوزراء آنذاك بنيامين نتنياهو، وزعيم المعارضة وقتها يائير لبيد. وأشاد لبيد الذي يشغل الآن منصب وزير الخارجية بقرار حظر «حماس»، وقال إنه «خطوة في إطار توثيق العلاقات مع بريطانيا».
وتعتبر إسرائيل والولايات المتحدة حركة «حماس» بالكامل تنظيماً إرهابياً. والحركة مدرجة على القائمة الأميركية للتنظيمات الإرهابية في الخارج، كما يعتبرها الاتحاد الأوروبي حركة إرهابية، حسب ما ذكر تقرير لوكالة «رويترز». وفي عام 2006، فازت «حماس» التي يوجد مقرها في قطاع غزة في الانتخابات التشريعية الفلسطينية على حركة «فتح»، وفي العام التالي سيطرت على القطاع عسكرياً.
تضامن فلسطيني مع «حماس» بعد قرار بريطانيا تصنيفها «إرهابية»
السلطة تهدد بـ«مراجعة العلاقات»... وفصائل تدعو لندن إلى التراجع عن خطوتها
تضامن فلسطيني مع «حماس» بعد قرار بريطانيا تصنيفها «إرهابية»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة