جهود مكثفة للمرشحين لإقناع الجزائريين بالتصويت

الرئيس عبد المجيد تبون (د.ب.أ)
الرئيس عبد المجيد تبون (د.ب.أ)
TT

جهود مكثفة للمرشحين لإقناع الجزائريين بالتصويت

الرئيس عبد المجيد تبون (د.ب.أ)
الرئيس عبد المجيد تبون (د.ب.أ)

بينما تقترب حملة الانتخابات المحلية في الجزائر من نهايتها، وسط بوادر عزوف كبير للناخبين عن الاستحقاق، احتج الحزب المعارض «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» على «القمع ومصادرة الحريات»، وطالب بالإفراج عن أكثر من 200 شخص سجنهم القضاء بسبب مواقفهم المعارضة للسلطة.
ويكثف المرشحون المشاركون في الانتخابات البلدية والولائية، المقررة في 27 من الشهر الجاري، من اتصالاتهم بالناخبين قبل أربعة أيام من انتهاء الحملة الدعائية. ويوحي المشهد العام للاستحقاق السياسي بأن غالبية الناخبين (قرابة 24 مليوناً) لا يكترثون لخطاب المرشحين ولا لوعودهم، التي دارت في معظمها حول توفير مشروعات إنمائية ومحاربة الفساد محلياً.
واقتصر حضور التجمعات الدعائية لقادة الأحزاب المنخرطين في الحملة على مناضلي هذه الأحزاب وأقارب مرشحيها. أما المرشحون المستقلون فاتجه أكثرهم إلى «العمل الجواري»، كجمع الناخبين في المقاهي وداخل البيوت لإقناعهم بالتصويت لهم.
وقال فتحي طراز، مرشح مستقل ببلدية سيدي موسى جنوبي العاصمة، لـ«الشرق الأوسط»: «بعد قرابة ثلاثة أسابيع من التواصل مع الناخبين، لدي انطباع قوي بأن تسيير بلدية سيدي موسى في السنين الأخيرة خلّف يأساً كبيراً من حدوث تغيير إيجابي. إنها حقيقة مؤسفة».
وأكد عبد الرزاق مقري، رئيس «حركة مجتمع السلم» الإسلامية المعارضة، خلال تجمع أمس بمدينة البيض (جنوب غرب)، أن مرشحي حزبه «يريدون تحقيق التنمية البشرية، التي تجلب الرفاهية للمواطن، فيجد أين يسكن ويكفيه راتبه، وينعم بالاستقرار والراحة ذهنياً ونفسياً... نريد تحقيق التنمية الاقتصادية، التي تجعلنا نأكل مما نزرع، وصنع غذاءنا ودواءنا، وكل ما نحتاج إليه في حياتنا، وأن تكون طرقاتنا مصانة ومصانعنا عامرة»، مشيراً إلى أن رئيس وزراء ماليزيا السابق، مهاتير محمد، «أخبرني يوماً أنه يتعجب من هروب الناس من بلدانهم، ومن ركوب قوارب الموت (الهجرة غير الشرعية عبر البحر) نحو دول أخرى. وقال لي المسؤولية تقع على مسؤولي تلك البلدان التي يهرب منها أبناؤها». وتعهد مقري بأن يكون حزبه «حاضراً في ريادة وقيادة البلد في المستقبل».
ومن أبرز المشاركين في الانتخابات، «جبهة التحرير الوطني»، و«التجمع الوطني الديمقراطي»، و«حركة البناء الوطني» و«جبهة المستقبل»، وهي أحزاب ممثلة في حكومة الرئيس عبد المجيد تبون. كما دخل المعترك أقدم معارض، وهو «جبهة القوى الاشتراكية»، الذي أسسه رجل الثورة الراحل حسين آيت أحمد.
إلى ذلك، ندد «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية»، أمس، في لائحة بمناسبة اجتماع لكوادره، بـ«السيرك الانتخابي المرتقب. فإضافة إلى كونه غير شرعي، سيتم بواسطته إتمام مسار تشويه مؤسسات الدولة، الذي بدأ في ديسمبر (كانون الأول) 2019»، في إشارة إلى الانتخابات الرئاسية التي نظمت قبل عامين، وكانت بمثابة انطلاقة لبناء ما سُمي «جزائر جديدة»، بعد عزل الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.
وبحسب الحزب العلماني المعارض، «يواجه الجزائريون بعد قرابة سبعين عاماً على اندلاع ثورة التحرير ظروفاً، تشبه تلك التي سادت حقبة الاستعمار، حيث كان القمع ومصادرة الحريات والسجن التعسفي والفقر المدقع نصيب الغالبية الساحقة من المواطنين». وأكدت اللائحة أن النظام السياسي «أهدر ثروات البلاد واستنزف مقدراتها، وهو ينتهج سياسة تفرغ البلد من شبابه الأكثر تعليماً وحيوية، وتقمع مواطنيه الذين يأبون الخضوع لسياسة التهميش والاستبداد، وتُلقي بشرائح واسعة من السكان في براثن البؤس».
ولاحظ «التجمع» أن الحكومة أدرجت في قانون الموازنة 2022، الذي صادق عليه البرلمان، الخميس الماضي، «تخفيضاً أكبر لقيمة الدينار لتضخيم عائدات المحروقات بشكل مصطنع على حساب القدرة الشرائية.
وبما أن ذلك لا يكفي لسد عجز الموازنة، فقد قررت الاقتطاع من التحويلات الاجتماعية غير المباشرة (أموال الدعم) في مجالات الصحة والتعليم والإسكان، وذلك بناءً على طلب من صندوق النقد الدولي».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».