البتراء وتغير المناخ: كيف نحمي «المدينة المفقودة»؟

البتراء وتغير المناخ: كيف نحمي «المدينة المفقودة»؟
TT

البتراء وتغير المناخ: كيف نحمي «المدينة المفقودة»؟

البتراء وتغير المناخ: كيف نحمي «المدينة المفقودة»؟

البتراء، إحدى عجائب الدنيا السبع، والتي استقبلت في العام 2019 وحده أكثر من مليون ومائة ألف زائر، هي عرضة لمزيد من المخاطر الهيدرولوجية، بما في ذلك الفيضانات والانهيارات الأرضية والزلازل، بسبب تغير المناخ، والتوسع الحضري في المناطق المجاورة للموقع، والموقع الجيولوجي بالقرب من وادي الأردن المتصدع.
هذا ما دفع الشبكة الإسلامية لتطوير وإدارة الموارد المائية (INWRDAM) ومعهد أبحاث الوقاية من الكوارث (DPRI) في جامعة كيوتو في اليابان و«سلطة إقليم البتراء التنموي السياحي» إلى توحيد جهودهما، التي أسفرت عن تنظيم الندوة الدولية السادسة حول الفيضانات الومضية في أنظمة الوديان، مؤخراً في عمان، وقد أتيح للباحثين والعاملين في هذا المجال تبادل الخبرات والمعرفة حول الإدارة المتكاملة لفيضانات الوديان الومضية في المناطق القاحلة وشبه القاحلة، عززتها جولة ميدانية تدريبية إلى البتراء.
في البتراء، التي تقع بين البحرين الأحمر والميت، اطلع الباحثون على نظام إدارة المياه المحلي للتخفيف من آثار المخاطر الهيدرولوجية الخطيرة للفيضانات المفاجئة، والتي تعود إلى الأنباط، السكان القدامى للموقع. غير أن هذا النظام النبطي تدهور على نحو كبير مع مرور السنين، من دون أن نغفل التعقيدات التي أضافها تغير المناخ والزحف العمراني.
ففي عام 1963، غرق 21 سائحاً فرنسياً واثنان من المرشدين السياحيين خلال عاصفة ممطرة كارثية. ونتيجة لذلك، أعادت الحكومة الأردنية بناء السد القديم عند مدخل الوادي للسيطرة على الفيضانات، ليعود ويتم إنشاء هياكل إضافية في التسعينيات لتوجيه مياه الفيضانات إلى نفق التحويل نفسه، الذي بناه الأنباط قبل نحو 2000 عام.
وقد أدى فيضان كبير على الموقع في التاسع من نوفمبر (تشرين الثاني) 2018، إلى محاصرة الزوار، وإجلاء 3000 سائح منهم إلى أماكن آمنة في غضون ساعة واحدة قبل ذروة الفيضان، مما دفع إلى المطالبة بمزيد من الإجراءات لتدارك الكوارث المستقبلية.
بناء على ذلك، بدأت سلطة إقليم البتراء، بالتعاون مع منظمة «اليونيسكو»، العمل على حماية الموقع من مخاطر الفيضانات منذ سبتمبر (أيلول) 2018. وبدءاً من يوليو (تموز) 2019، قام صندوق الطوارئ للتراث العالمي بتمويل مبادرة توصي بإنشاء نموذج هيدروليكي متكامل قائم على مدخلات واسعة النطاق لوادي موسى. الهدف من هذه الدراسة كان تحديد سهل الفيضان والمواقع العالية الخطورة داخل متنزه البتراء الأثري.
وقد اقترحت الدراسة بعض الحلول التي تتوافق مع الخصائص والقيم المحددة للبتراء ضمن قائمة «اليونيسكو» لمواقع التراث العالمي، وبالتالي تدعم نهجاً مستداماً لحماية هذه المدينة الأثرية. وتضمنت تحديث هياكل السدود والقناة، ورفع مستوى القناة، وتدابير إدارة مستجمعات المياه (المدرجات)، وأعمال تحويل التدفق (نفق التحويل)، وأنظمة الإنذار لهطول الأمطار ووضعها في المواقع الحساسة، كما أوضحت ممثلة «اليونيسكو» جيورجيا سيزارو.
وأشار مدير إدارة الكوارث في سلطة إقليم البتراء الدكتور حسين الحسنات إلى الإجراءات المتخذة للحد من شدة مخاطر السيول والفيضانات وتواترها. وشملت هذه الإجراءات: «الوقاية والتخفيف من الآثار، إعادة التأهيل، التنبؤ بالفيضانات والتحذير منها، زيادة الوعي، بناء القدرات، التأهب، التخطيط الحضري، التخطيط لاستخدام الأراضي، تحديد المخاطر، التقييم، إلى جانب وضع خطة طوارئ للاستجابة وخطط التعافي وإعادة الإعمار».
وفي هذا الإطار، تمت إعادة تأهيل 10 سدود نبطية في وادي الهريمية، وهو عبارة عن مستجمعات مياه صغيرة تتدفق إلى ساحة الخزنة، المسؤولة عن الكثير من الفيضانات هناك. والمشروع، الممول من المؤسسة الألمانية للتعاون الدولي، يهدف إلى التخفيف من تدفق المياه وحماية الموقع الأثري وزواره.
غير أن ذلك لا يعد كافياً لحماية الموقع والزائرين. لذا يدور النقاش الأساسي الآن حول ما إذا كان يجب بناء سد كبير له ميزة تقليل التدفق وقت الذروة أو عدد من السدود الصغيرة، التي لها ميزة تأخير وقت الذروة.
وفقاً لورقة بحثية حملت عنوان «التقييم الهيدرولوجي وآثار الإدارة لنظم التحكم النبطية القديمة للفيضانات في البتراء»، منشورة في مجلة الهيدرولوجيا (المجلد 601، أكتوبر (تشرين الأول) 2021، 126583)، فقد أظهرت النماذج الهيدرولوجية أن المدرجات ستكون فعالة لناحية تأخير وقت ذروة الفيضان (تأخير يصل إلى 25 دقيقة لنظام مؤلف من 18 سداً)، وفي تقليل الكمية الفعلية من المياه التي تصل إلى المصب (تقليل الحجم بنسبة 13.5 في المائة). كما يمكن ملاحظة نتائج مماثلة لتحليل الفيضانات ذات التردد المنخفض، حيث تظهر النماذج أيضاً فعالية هذه التدخلات. فعلى سبيل المثال، في حال تم اعتماد سد كبير، بدلاً من المدرجات والسدود الصغيرة، فهذا يؤدي إلى تقليل 30.5 في المائة من ذروة التدفق، ولكن بتأخير 14 دقيقة فقط.
غير أن سلطة إقليم البتراء لا تفاضل بين الخيارات المذكورة أعلاه، إذ يوضح الدكتور حسين الحسنات: «نحن نؤيد وضع دراسة مستقلة من قبل كيان مستقل، سواء من مراكز التميز البحثية أو الجامعات، وهذا من شأنه تشجيع المانحين على اختيار وتمويل أحد الحلول المحتملة لحماية البتراء».
هذا الاقتراح يتلقفه الدكتور سامح أحمد قنطوش، البروفسور المشارك في جامعة كيوتو في اليابان، مبدياً استعداد الجامعات اليابانية للتعاون مع سلطة إقليم البتراء في مجالات نقل التكنولوجيا، وإنشاء مراكز التميز لإنشاء قاعدة بيانات إقليمية موثوقة، ووضع نظام إنذار أكثر فعالية يتضمن: الاستشعار عن بُعد عبر الأقمار الاصطناعية، ورادار الطقس، ومقياس المطر الأرضي، ومقياس مستوى المياه، والفيضان السريع، ومقياس التأثير، ونظام كاميرا مختصاً، وبيانات الإنذار المبكر، ومنهجية التحليل، ونظام الإنذار المبكر للإرسال مع صفارة الإنذار، تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وغيرها.
ما اقترحه الدكتور قنطوش على المستوى التقني يمكن استكماله «إذا كان تعزيز المرونة والقدرة على التكيف لمواقع التراث العالمي المعرضة للخطر في البتراء يسير جنباً إلى جنب مع الجهود المبذولة لزيادة الوعي وإدماج التدابير في استراتيجيات الدولة والتخطيط»، في نظر الدكتور مروان الرقاد، المدير التنفيذي للشبكة الإسلامية لتطوير وإدارة الموارد المائية.
لذلك، يتابع الرقاد «فالحلول ممكنة إذا قمنا بالجمع ما بين الإرادة السياسية والوسائل التقنية، ووضعنا محطات مراقبة إضافية للحد من زيادة آثار تغير المناخ، من خلال تنفيذ خطة عمل جماعي عاجلة لا تقتصر على البتراء، بل تشمل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا».
هذه التغيرات المناخية نفسها دفعت سلطة إقليم البتراء والوكالة اليابانية للتعاون الدولي إلى إطلاق خطة السياحة الشاملة لمنطقة البتراء في أكتوبر 2020، بهدف جعل قطاع السياحة في البتراء أكثر مرونة واعتماداً على الذات، كما أوضحت ماري سايتو، ممثلة الوكالة اليابانية.
ويعود تاريخ التعاون بين سلطة إقليم البتراء والوكالة اليابانية إلى عام 2014، وقد تجسد من خلال مشروعين مهمين، هما منحة لإنشاء متحف البتراء ومشروع تنمية السياحة المجتمعية الإقليمية في منطقة البتراء. ويهدف المشروعان إلى تحقيق بيئة سياحية أكثر استدامة، حيث يعرض المتحف تاريخ محمية البتراء الأثرية. كما يعمل مشروع التعاون الفني على الترويج للسياحة التي تركز على المشاركة المجتمعية.
في المحصلة، تتطلع سلطة إقليم البتراء التنموي السياحي إلى الاستفادة من الخبرة اليابانية، لا سيما في الحد من مخاطر الفيضانات ومواطن الضعف تجاه الأخطار الطبيعية، وخصوصاً الفيضانات المفاجئة، وتعزيز بناء المرونة للمجتمعات. وللوصول إلى هذا الهدف، تطمح الشبكة الإسلامية وجامعة كيوتو إلى إنشاء شبكة لرصد الأحوال الجوية، وتشجيع الباحثين الشباب، مما يمهد الطريق لشبكة تعاونية دولية ونقل التكنولوجيا، ليس فقط لحماية البتراء، التي كانت دخلت طور النسيان قبل أن يعود السويسري يوهان لودفيغ بوركهارت ويكتشفها عام 1822، ولكن لمنطقة الشرق الأوسط بأكملها وبلدان منظمة التعاون الإسلامي.


مقالات ذات صلة

ترمب يوقف مشاركة أميركا في تقييم عالمي لتغير المناخ

الولايات المتحدة​ الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين (رويترز)

ترمب يوقف مشاركة أميركا في تقييم عالمي لتغير المناخ

قال مصدران مطلعان لرويترز إن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب أوقفت مشاركة الباحثين الأميركين في تقييمات مهمة لتغير المناخ تابعة للأمم المتحدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا رجل يقود دراجته وسط الثلوج في برلين (إ.ب.أ)

ألمانيا: انخفاض «نادر» بدرجات الحرارة إلى 20.7 درجة تحت الصفر

تسببت موجة برد شديدة في ألمانيا بانخفاض درجات الحرارة إلى ما دون 20 درجة مئوية تحت الصفر، الاثنين.

«الشرق الأوسط» (برلين)
بيئة رجل يشرب المياه تحت درجات الحرارة المرتفعة في البرازيل (أ.ف.ب)

تحذيرات من دخول العالم «عصراً مناخياً جديداً» من الاحترار

في عام 2024 شهد العالم احتراراً تخطّى 1.5 درجة مئوية، وقد أكدت دراستان نُشرتا الاثنين أن تجاوز هذه العتبة التي حددها «اتفاق باريس للمناخ» وارد على المدى البعيد.

«الشرق الأوسط» (باريس)
بيئة حريق باليساديس يجتاح حياً وسط رياح قوية في حي باسيفيك باليساديس في لوس أنجليس الثلاثاء 7 يناير 2025 (أ.ب)

تقرير: شهر يناير شهد ارتفاعاً غير متوقع في درجات الحرارة

قالت شبكة «سكاي نيوز» البريطانية إن درجات الحرارة التي شهدها شهر يناير (كانون الثاني) كانت أعلى بمقدار 0.1 درجة مئوية عن الرقم القياسي المسجل في يناير 2024

«الشرق الأوسط» (لندن)
بيئة الرقم القياسي المفاجئ يتزامن مع دراسة جديدة تؤكد أن الاحتباس الحراري يتسارع (أ.ف.ب)

العالم يسجل رقماً قياسياً جديداً لدرجات الحرارة في يناير

سجَّل العالم رقماً قياسياً جديداً في درجات الحرارة لشهر يناير (كانون الثاني)، رغم البرودة غير المعتادة في الولايات المتحدة، وظاهرة «لا نينيا».

«الشرق الأوسط» (وارسو)

مزارعون بوليفيون أمام معضلة بسبب حرائق الغابات

رجل وسط مساحة محترقة في سانتا آنا دي فيلاسكو (أ.ف.ب)
رجل وسط مساحة محترقة في سانتا آنا دي فيلاسكو (أ.ف.ب)
TT

مزارعون بوليفيون أمام معضلة بسبب حرائق الغابات

رجل وسط مساحة محترقة في سانتا آنا دي فيلاسكو (أ.ف.ب)
رجل وسط مساحة محترقة في سانتا آنا دي فيلاسكو (أ.ف.ب)

بعد أقل من عام على أسوأ حرائق غابات في تاريخ بوليفيا، يجد المزارعون أنفسهم أمام خيارين: إما مواصلة إشعال الحرائق لتنظيف الأراضي من أجل الزراعة، أو زرع الأشجار للتخفيف من حدة موجات الجفاف المتفاقمة.

وبحسب «المعهد البوليفي لأبحاث الغابات» (منظمة غير ربحية) فإن نحو 10.7 مليون هكتار من الغابات الاستوائية الجافة، ما يوازي مساحة البرتغال، تحوَّلت إلى رماد في الأراضي المنخفضة في شرق بوليفيا العام الماضي.

ورغم أن الحرائق حظيت باهتمام أقل من تلك التي اندلعت في البرازيل المجاورة، فإنها قتلت 4 أشخاص على الأقل، وفق السلطات البوليفية، وتسببت بارتفاع قياسي في التلوث بالكربون، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية» عن هيئة مراقبة المناخ، التابعة للاتحاد الأوروبي.

وعُزيت هذه الحرائق على نطاق واسع إلى محاولات تنفيذ عمليات حرق خاضعة للسيطرة، وقد تمددت النيران بسرعة في منطقة تعاني من جفاف مستمر ينسبه العلماء إلى تغير المناخ.

خوليا أورتيس تجمع محاصيل من السمسم في سانتا آنا دي فيلاسكو (أ.ف.ب)

تعرف خوليا أورتيس، وهي مزارعة سمسم، جيداً المخاطر التي تُشكِّلها زراعة «التشاكيوس» (زراعة تعتمد على القطع والحرق) التي يمارسها المزارعون الكبار والصغار في بوليفيا، خصوصاً في المراعي الاستوائية في منطقة تشيكويتانيا.

قبل 5 سنوات، قضت هي وعائلتها ليلةً كاملةً، وهم يحاولون السيطرة على حريق أشعلوه بأنفسهم.

وقالت المزارِعة المنتمية للسكان الأصليين في أثناء حصاد نباتاتها ورصها في الشمس حتى تجف: «يمكن أن يحدث هذا لأي كان. يعيش معظمنا على الزراعة ونُضطر إلى إشعال الحرائق».

وكانت حرائق العام الماضي أكبر حجماً بكثير من حرائق سابقة.

فقدان محاصيل

فقدت كارمن بينا، وهي امرأة تبلغ 59 عاماً، وتقيم في قرية سانتا آنا دي فيلاسكو ذات الطرق الترابية المحاطة بالغابات والمروج، محاصيلها من الموز واليوكا.

وقالت بينا، التي تعتمد مثل معظم سكان سانتا آنا على الزراعة مصدراً للدخل: «لا أعرف كيف سنصمد لأن طعامنا ينفد».

وبينما بدأت البراعم الخضراء تنبت من الأرض المتضررة بسبب النيران، راحت حرائق جديدة تشتعل في مناطق أخرى حيث يواصل بعض المزارعين في سانتا آنا إزالة النباتات لزراعة المحاصيل.

تشير جذوع الأشجار المتفحمة على أرض أورتيس إلى حريق اندلع مؤخراً، رغم شروع أفراد المجتمع في برنامج كبير لزراعة الأشجار.

وبحسب تقرير المعهد البوليفي لأبحاث الغابات، فإن 63.6 في المائة من الأراضي المتضررة من حرائق العام الماضي كانت في مناطق غابات، ما يؤشر إلى «ضغوط كبيرة لتوسيع حدود الأراضي الزراعية».

ويتهم ديفيد كروز، المتخصص في تغير المناخ في جامعة مايور دي سان أندريس في العاصمة البوليفية لاباز، الدولة بالمساعدة في إزالة الغابات من خلال العفو عن الأشخاص المسؤولين عن إشعال الحرائق، ومنح المزارعين تمديدات للمواعيد النهائية للامتثال للقواعد البيئية والسماح لهم بحرق مساحات كبيرة من الأراضي.

وتقول أورتيس إن الحرائق هي الوسيلة الوحيدة التي يستطيع المزارعون من خلالها تطهير أراضيهم، في غياب الآلات اللازمة لطمر الأشجار المقطوعة. وتوضح: «لو كانت لدينا جرارات فلن نحتاج إلى إجراء عمليات حرق».

لكن لا هي ولا زملاؤها القرويون البالغ عددهم 1700 نسمة يستطيعون تحمل تكاليف استئجار جرار، ناهيك عن شرائه، بينما الجرارات التابعة للبلدية تخضع كلها للإصلاح.

وتضيف أورتيس: «لهذا نتصرف على هذا النحو، ونجازف بإشعال حرائق قد تخرج عن السيطرة. لكن هذا الخيار الوحيد المتاح لنا».

لقطة جوية لآثار حريق في غابات سانتا آنا دي فيلاسكو (أ.ف.ب)

«قنابل» لزراعة الأشجار

في مواجهة نقص المياه المستمر الذي يؤدي إلى ذبول المحاصيل في الحقول، عمدت مجموعة من النساء المحليات (بعد أن غادر معظم الرجال القرية للبحث عن عمل)، إلى توحيد جهودهن لمحاولة إعادة زراعة الأشجار باستخدام طريقة بدأ اعتمادها أولاً في نيبال.

وباستخدام أيديهن، تحضِّر النسوة كرات صغيرة من التربة تسمى محلياً «بومبيتاس» (أي القنابل الصغيرة)، ويملأنها ببذور الأشجار المحلية.

تُستخدم بعد ذلك مسيّرات لنثرها على مساحة تزيد على 500 هكتار من الأراضي التي أزيلت الغابات منها، بتمويل من منظمة «سويسكونتاكت» السويسرية غير الحكومية، ومؤسسة «فليدس» البوليفية. وسيتم إسقاط نحو 250 ألفاً من هذه «القنابل» ابتداءً من هذا الشهر.

وقد استُخدمت تقنيات مماثلة لإعادة التحريج في بيرو والبرازيل.

ويقول خواكين سوريوكو، وهو مزارع وخبير غابات في سانتا آنا: «دون الغابات، لن تكون لدينا مياه»، معرباً عن أمله في أن تساعد عملية الزراعة «التربة على الاحتفاظ بمزيد من الرطوبة».

غابة تعرّضت لحريق في سانتا آنا دي فيلاسكو (أ.ف.ب)

وتأمل مؤسسة «فليدس» أن تكون حرائق العام الماضي بمثابة جرس إنذار بشأن الأضرار التي لحقت بممارسات إزالة الأراضي.

ويقول مدير المؤسسة ماريو ريفيرا: «مررنا بأوقات صعبة للغاية... ولكن بطريقة ما ساعد ذلك على التوعية».