إدوارد شايرز... بائع الآلات الكاتبة الذي حوّل المجر إلى قوة عملاقة في كرة القدم

لاعبو منتخبي المجر والبرازيل يدخلون إلى أرض الملعب قبل مواجهة الفريقين في ربع نهائي مونديال 1954 (غيتي)
لاعبو منتخبي المجر والبرازيل يدخلون إلى أرض الملعب قبل مواجهة الفريقين في ربع نهائي مونديال 1954 (غيتي)
TT

إدوارد شايرز... بائع الآلات الكاتبة الذي حوّل المجر إلى قوة عملاقة في كرة القدم

لاعبو منتخبي المجر والبرازيل يدخلون إلى أرض الملعب قبل مواجهة الفريقين في ربع نهائي مونديال 1954 (غيتي)
لاعبو منتخبي المجر والبرازيل يدخلون إلى أرض الملعب قبل مواجهة الفريقين في ربع نهائي مونديال 1954 (غيتي)

عندما فازت المجر على إنجلترا بستة أهداف مقابل ثلاثة على ملعب ويمبلي عام 1953 وبددت أسطورة تفوق كرة القدم الإنجليزية، كان ضيف الشرف هو جيمي هوغان، لاعب بيرنلي السابق الذي كاد أن يصبح كاهناً لكنه أصبح بدلاً من ذلك المدير الفني الأكثر تأثيراً في تاريخ كرة القدم. وقال غوستاف سيبيس، المدير الفني لمنتخب المجر العظيم: «لقد لعبنا كرة القدم كما علمنا إياها جيمي هوغان. عندما يتم سرد تاريخنا في عالم كرة القدم، يجب أن يُكتب اسمه بأحرف من ذهب».
لكن جزءا مهما للغاية من هذا التاريخ يتمثل في كيفية وصول هوغان إلى المجر في المقام الأول. لقد كانت الشخصية الرئيسية في تلك القصة لرجل إنجليزي آخر هو إدوارد شايرز، وهو بائع آلات كاتبة من بولينغتون بالقرب من ماكليسفيلد، والذي تُقرأ قصته العائلية وكأنها ملحمة تاريخية من القرن العشرين. وبينما كان هوغان يعاني من إصابة في الركبة أثرت كثيرا على مسيرته الكروية، فكر في الانتقال إلى عالم التدريب، لكنه كان يعلم جيدا أنه ليس له مكان في كرة القدم الإنجليزية، لذلك سعى للحصول على فرصة للتدريب في الخارج. وفي عام 1914 عُرض عليه القيام بدور في إعداد النمسا لدورة الألعاب الأولمبية لعام 1916 وكان هوغان قد أمضى شهرين في فيينا عندما اغتيل فرانز فرديناند في سراييفو. وبعد شهر، كانت بريطانيا في حالة حرب مع المجر والنمسا.
وفي وقت مبكر من صباح أحد الأيام، اقتحمت الشرطة شقته في فيينا واعتقلته كأجنبي معاد. سُمح لزوجته بالعودة إلى بيرنلي في مارس (آذار) 1915، لكن هوغان بقي هناك وأصبح يشعر بالملل بشكل متزايد إلى أن سُمح له في أواخر عام 1916 بالسفر إلى بودابست. وهناك، تم تعيينه مديرا فنيا لنادي «إم تي كيه»، وقام بعمل رائع في كرة القدم وساعد المجر على الوصول لنهائيات كأس العالم مرتين.
وخلال العشرينات والثلاثينات من القرن الماضي، كان له تأثير عميق على الطريقة التي تلعب بها المباريات في إيطاليا وألمانيا وهولندا والدول الاسكندنافية وفرنسا ويوغسلافيا وأميركا الجنوبية. ويجب التأكيد على أن كرة القدم الحديثة هي في الأساس مجرية الأصل. لكن الطريقة التي وصل بها هوغان من فيينا إلى بودابست ظلت غير واضحة حتى صادفت مقابلة أجرتها صحيفة «نيمزيتي سبورت» في عام 1933 مع إدوارد شايرز، الذي اتضح أنه فعل الكثير لتهيئة الظروف التي ازدهر فيها هوغان.
كان شايرز يبلغ من العمر 17 عاماً وكان يعمل كاتباً في مصنع للآلات الكاتبة في مدينة مانشستر عندما قرر الرحيل مع والده إلى فيينا، التي انتقل إليها بعد أن تم إخطاره بأن رطوبة الشمال الغربي لإنجلترا كانت سيئة لرئتيه. وكان شقيقه، فرنك، قد انتقل إلى كندا وانضم إلى الجيش عند اندلاع الحرب وقُتل في معركة باشنديل. وذهبت شقيقتا إدوارد معه، وسافرتا عبر باريس، حيث التقى إدوارد بأدا وسرعان ما تزوجها.
وفي فيينا، باع شايرز الآلات الكاتبة وبدأ في استيراد السلع الرياضية، ويعود الفضل إليه على نطاق واسع في إدخال تنس الطاولة إلى المجر النمساوية. كما لعب الكريكيت والتنس وأصبح صديقاً جيداً لهارولد غاندون، الذي فاز في عام 1894 ببطولة النمسا المفتوحة للتنس في براغ (كانت بوهيميا آنذاك جزءاً من الإمبراطورية النمساوية). لقد ازدهرت كرة القدم في المجر النمساوية وكان شايرز في قلبها، حيث حمل شارة قيادة منتخب النمسا في مناسبة واحدة على الأقل.
وفي عام 1904 انتقل إلى بودابست، وقال إن السبب في ذلك يتمثل في أن «شركتي كانت بحاجة إلى شخص ما للقيام بأعمال تجارية في السوق المجرية الصعبة». وهناك انضم إلى نادي «إم تي كيه»، الذي يعد واحدا من أكبر ناديين في البلاد، لكن المخاوف الصحية أثرت بالسلب على مسيرته الكروية، وتحول للعمل كحكم ثم كإداري. وشعر شايرز بالإحباط بعدما فشل نادي «إم تي كيه» في كسر هيمنة فيرينكفاروس على كرة القدم المجرية، لذلك اتخذ إجراءات جذرية في عام 1911 وأقنع جون تايت روبرتسون، ذلك الاسكوتلندي الذي كان لاعبا ومدربا لنادي تشيلسي، بتولي القيادة الفنية لنادي «إم تي كيه».
وبالفعل، بدأ روبرتسون في تطوير طريقة اللعب التي يعتمد عليها «إم تي كيه»، لكنه رحل فجأة في عام 1913 ومع ذلك، فقد كان روبرتسون قد وضع حجر الأساس لطريقة عمل صحيحة داخل النادي. والأهم من ذلك أن هوغان، الذي كان يشعر بالإحباط الشديد تحت الإقامة الجبرية، قد كتب لشايرز يطلب منه المساعدة. ورأى شايرز أن الفرصة سانحة، وأقنع نائب رئيس نادي «إم تي كيه»، بارون ديرسزتاي المتعلم في كامبريدج، بأن يتقدم باستئناف لدى السلطات النمساوية. وفي أواخر عام 1916 وصل هوغان إلى بودابست ليشغل منصب المدير الفني لنادي «إم تي كيه».
ورغم أن النمسا والمجر كانتا في حالة حرب مع بريطانيا، فإن الموقف من الرعايا الأجانب كان مختلفاً تماماً. وتشير رسالة من السفير الأميركي في فيينا إلى نظيره في لندن إلى أنه بحلول مايو (أيار) 1915، تم اعتقال 75 شخصا من بين ما يقدر بألف و286 مواطناً بريطانياً في النمسا، وثلاثة فقط من بين 512 مواطنا بريطانيا في المجر. وفي وقت لاحق، كان شايرز أحد الموقعين على رسالة من الجالية البريطانية إلى السلطات المجرية تشكرهم على كرم الضيافة المستمر لهم خلال الحرب.
وعلى مدار عامين كاملين، كان هوغان يعكف على وضع رؤية شاملة لكرة القدم، وكان يلعب بطريقة خططية متطورة جعلت «إم تي كيه» ربما أفضل ناد في العالم في ذلك الوقت. وبعد الهدنة، واستيلاء الشيوعيين على السلطة وما كان يسمى بالرعب الأحمر آنذاك، فر هوغان وشايرز إلى المملكة المتحدة. وبعد انهيار جمهورية المجر السوفياتية، سرعان ما عاد كل منهما. وعاد هوغان للعمل في مجال التدريب.
وبحلول أواخر العشرينات من القرن الماضي، بدأ شايرز يواجه صعوبات كبيرة في عمله. واستقلت ابنته، إثيل، آخر قطار من بودابست متجها نحو الشرق، وانتهى بها المطاف في طهران، حيث تزوجت من مصرفي بريطاني. وبقيت ابنته الأخرى، فرنسيس، مع ابنة أخت تشرشل ضمن مجموعة صغيرة من المواطنين البريطانيين الذين بقوا في المجر خلال الحرب. ويتحدر منها 15 من أحفاد إدوارد المجريين، بينما يوجد ستة آخرون في المملكة المتحدة. من الواضح أن تاريخ هذه العائلة غير عادي، بسبب روح المغامرة وريادة الأعمال المميزة، ومن خلال لعب دور أساسي في تطوير كرة القدم المجرية، وبالتالي كرة القدم العالمية كما تُلعب اليوم.


مقالات ذات صلة

نيستلروي مرشح لتدريب هامبورغ وليستر سيتي

رياضة عالمية رود فان نيستلروي (أ.ب)

نيستلروي مرشح لتدريب هامبورغ وليستر سيتي

ذكرت تقارير إعلامية، اليوم الاثنين، أن فريقيْ هامبورغ الألماني وليستر سيتي الإنجليزي يتنافسان على التعاقد مع المهاجم الهولندي السابق رود فان نيستلروي.

«الشرق الأوسط» (هامبورغ)
رياضة عالمية مارتن تيرير (إ.ب.أ)

تيرير يتعرض لكسر في الساعد وينضم لقائمة مصابي ليفركوزن

انضم المهاجم مارتن تيرير إلى القائمة المطوَّلة للاعبين المصابين في صفوف فريق باير ليفركوزن حامل لقب الدوري الألماني، قبل ملاقاة ريد بول سالزبورغ النمساوي.

«الشرق الأوسط» (دوسلدورف)
رياضة عالمية ألمانيا ستلتقي إيطاليا في ربع نهائي «دوري الأمم» (د.ب.أ)

دوري الأمم الأوروبية: ألمانيا تصطدم بإيطاليا... وإسبانيا تلتقي هولندا

أسفرت قرعة الدور ربع النهائي من دوري الأمم الأوروبية لكرة القدم التي أُجريت في نيون السويسرية الجمعة، عن مواجهات نارية أبرزها مواجهة بين ألمانيا وإيطاليا،…

«الشرق الأوسط» (نيون)
رياضة عالمية توماس كلوس (الشرق الأوسط)

اعتقال النجم البولندي السابق توماس كلوس بتهمة التهرب الضريبي

ألقت شرطة مكافحة الفساد البولندية القبض على المدافع البولندي السابق توماس كلوس؛ للاشتباه في تورطه بالتهرب الضريبي وتزوير الفواتير، وفق ما ذكرت السلطات.

«الشرق الأوسط» (وارسو)
رياضة عالمية لويس إنريكي (أ.ف.ب)

إنريكي يعلن اقتراب المهاجم راموس من العودة مع سان جيرمان

قال لويس إنريكي، مدرب باريس سان جيرمان، الخميس، إن المهاجم جونزالو راموس اقترب من العودة من الإصابة، لكن المدرب عليه التعامل مع بعض المشكلات.

«الشرق الأوسط» (باريس)

بطولة إيطاليا: إنتر للنهوض من كبوة الديربي... ويوفنتوس للعودة إلى سكة الانتصارات

لاعبو ميلان وفرحة تخطي الجار اللدود إنتر (أ.ب)
لاعبو ميلان وفرحة تخطي الجار اللدود إنتر (أ.ب)
TT

بطولة إيطاليا: إنتر للنهوض من كبوة الديربي... ويوفنتوس للعودة إلى سكة الانتصارات

لاعبو ميلان وفرحة تخطي الجار اللدود إنتر (أ.ب)
لاعبو ميلان وفرحة تخطي الجار اللدود إنتر (أ.ب)

يسعى إنتر حامل اللقب إلى النهوض من كبوة الديربي وخسارته، الأحد الماضي، أمام جاره اللدود ميلان، وذلك حين يخوض (السبت) اختباراً صعباً آخر خارج الديار أمام أودينيزي، في المرحلة السادسة من الدوري الإيطالي لكرة القدم. وتلقى فريق المدرب سيموني إينزاغي هزيمته الأولى هذا الموسم بسقوطه على يد جاره 1-2، بعد أيام معدودة على فرضه التعادل السلبي على مضيفه مانشستر سيتي الإنجليزي في مستهل مشواره في دوري أبطال أوروبا.

ويجد إنتر نفسه في المركز السادس بثماني نقاط، وبفارق ثلاث عن تورينو المتصدر قبل أن يحل ضيفاً على أودينيزي الذي يتقدمه في الترتيب، حيث يحتل المركز الثالث بعشر نقاط بعد فوزه بثلاث من مبارياته الخمس الأولى، إضافة إلى بلوغه الدور الثالث من مسابقة الكأس الخميس بفوزه على ساليرنيتانا 3-1. ويفتقد إنتر في مواجهته الصعبة بأوديني خدمات لاعب مؤثر جداً، هو لاعب الوسط نيكولو باريلا، بعد تعرّضه لإصابة في الفخذ خلال ديربي ميلانو، وفق ما قال بطل الدوري، الثلاثاء.

وأفاد إنتر بأنّ لاعب وسط منتخب إيطاليا تعرّض لتمزق عضلي في فخذه اليمنى، مضيفاً أنّ «حالته ستقيّم من جديد الأسبوع المقبل». وذكر تقرير إعلامي إيطالي أنّ باريلا (27 عاماً) سيغيب إلى ما بعد النافذة الدولية المقررة الشهر المقبل، ما يعني غيابه أيضاً عن المباراتين أمام النجم الأحمر الصربي (الثلاثاء) في دوري أبطال أوروبا، وتورينو متصدر ترتيب الدوري.

«كانوا أفضل منا»

وأوضحت صحيفة «غازيتا ديلو سبورت»، التي تتخذ من ميلانو مقراً لها، أن إينزاغي حاول تخفيف عبء الخسارة التي تلقاها فريقه في الديربي بهدف الدقيقة 89 لماتيو غابيا، بمنح لاعبيه فرصة التقاط أنفاسهم من دون تمارين الاثنين، على أمل أن يستعيدوا عافيتهم لمباراة أودينيزي الساعي إلى الثأر من إنتر، بعدما خسر أمامه في المواجهات الثلاث الأخيرة، ولم يفز عليه سوى مرة واحدة في آخر 12 لقاء. وأقر إينزاغي بعد خسارة الدربي بأنهم «كانوا أفضل منا. لم نلعب كفريق، وهذا أمر لا يمكن أن تقوله عنا عادة».

ولا يبدو وضع يوفنتوس أفضل بكثير من إنتر؛ إذ، وبعد فوزه بمباراتيه الأوليين بنتيجة واحدة (3 - 0)، اكتفى «السيدة العجوز» ومدربه الجديد تياغو موتا بثلاثة تعادلات سلبية، وبالتالي يسعى إلى العودة إلى سكة الانتصارات حين يحل (السبت) ضيفاً على جنوا القابع في المركز السادس عشر بانتصار وحيد. ويأمل يوفنتوس أن يتحضر بأفضل طريقة لرحلته إلى ألمانيا الأربعاء حيث يتواجه مع لايبزيغ الألماني في مباراته الثانية بدوري الأبطال، على أمل البناء على نتيجته في الجولة الأولى، حين تغلب على ضيفه أيندهوفن الهولندي 3-1. ويجد يوفنتوس نفسه في وضع غير مألوف، لأن جاره اللدود تورينو يتصدر الترتيب في مشهد نادر بعدما جمع 11 نقطة في المراحل الخمس الأولى قبل استضافته (الأحد) للاتسيو الذي يتخلف عن تورينو بفارق 4 نقاط.

لاعبو إنتر بعد الهزيمة أمام ميلان (رويترز)

من جهته، يأمل ميلان ومدربه الجديد البرتغالي باولو فونسيكا الاستفادة من معنويات الديربي لتحقيق الانتصار الثالث، وذلك حين يفتتح ميلان المرحلة (الجمعة) على أرضه ضد ليتشي السابع عشر، قبل رحلته الشاقة جداً إلى ألمانيا حيث يتواجه (الثلاثاء) مع باير ليفركوزن في دوري الأبطال الذي بدأه بالسقوط على أرضه أمام ليفربول الإنجليزي 1-3. وبعد الفوز على إنتر، كان فونسيكا سعيداً بما شاهده قائلاً: «لعبنا بكثير من الشجاعة، وأعتقد أننا نستحق الفوز. لا يمكنني أن أتذكر أي فريق آخر تسبب لإنتر بكثير من المتاعب كما فعلنا نحن».

ويسعى نابولي إلى مواصلة بدايته الجيدة مع مدربه الجديد، أنطونيو كونتي، وتحقيق فوزه الرابع هذا الموسم حين يلعب (الأحد) على أرضه أمام مونتسا قبل الأخير، على أمل تعثر تورينو من أجل إزاحته عن الصدارة. وفي مباراة بين فريقين كانا من المنافسين البارزين الموسم الماضي، يلتقي بولونيا مع ضيفه أتالانتا وهما في المركزين الثالث عشر والثاني عشر على التوالي بعد اكتفاء الأول بفوز واحد وتلقي الثاني ثلاث هزائم. وبعدما بدأ مشواره خليفة لدانييلي دي روسي بفوز كبير على أودينيزي 3-0، يأمل المدرب الكرواتي إيفان يوريتش منح روما انتصاره الثاني هذا الموسم (الأحد) على حساب فينيتسيا.