مخاوف من {أيام عصيبة} تنتظر الجزائريين في 2022

يبدي قطاع من الجزائريين خوفاً كبيراً مما ينتظرهم مع بداية 2022، قياساً إلى ما يتضمنه قانون الموازنة الجديد من تخلّي الدولة عن دعم أسعار منتجات وخدمات أساسية، في حين تعهَدت الحكومة بالتقليل من الضرر الذي سيلحق بأصحاب المداخيل الضعيفة، وذلك بدفع أموال مباشرة لهم، ولكن من دون تحديد الآليات التي تسمح بذلك.
وصادق «المجلس الشعبي الوطني» (الغرفة البرلمانية الأولى)، أول من أمس، على مسودة قانون المالية 2022 في انتظار تأييده من طرف «مجلس الأمة» (الغرفة الثانية)، على أن يوقّعه رئيس الجمهورية في آخر يوم من العام الحالي، كما جرت العادة، إيذاناً ببدء تنفيذه في العام الجديد.
ومسّ إلغاء الدعم المواد والمنتجات والخدمات، كالماء والوقود والإطعام في المدارس، والجامعات والعلاج في المصحات والسكن الاجتماعي والخبز والحليب والزيت والسكر. وتضمنّت المادة 187 هذا الإجراء، ويعدّ ذلك تعبيراً صريحاً من الحكومة بأن الدولة لم تعد تتحمّل العبء المالي لما يسمى {التحويلات الاجتماعية} المقدّرة بـ17 مليار دولار كل سنة.
وقال القيادي في {حزب العمال} اليساري المعارض، رمضان تعزيبت، إن الحكومة {أعلنت الحرب على المجتمع بهذا القرار غير الشعبي}، معتبراً أن {تفقيراً معمّماً سيضرب الجزائريين في القريب العاجل}. وأكد أن نتائج تحرير الأسعار ستلحق ضرراً بالغاً بالقدرة الشرائية لملايين الجزائريين. وبحسب تعزيبت، وهو برلماني سابق، {سيقضي هذا البرنامج الحكومي على ما بقي من علاقة المواطن بالدولة، لأنها تخلّت عنه}.
وكان الرئيس عبد المجيد تبّون تعهد، منذ أكثر من سنة، بإلغاء الرسوم عن الأجور، التي لا تتعدى 30 ألف دينار (حوالي 150 دولاراً)، لكن النقابات في مختلف القطاعات أشارت إلى أن ذلك لم يتم. وأصلاً، عرفت كل أسعار كل المواد من دون استثناء، ارتفاعاً فاحشاً منذ أشهر.
وأيّدت الكتل البرلمانية الكبيرة ما جاء في مشروع الحكومة من قرارات وصفها قطاع من الإعلام بـ{المتغوّلة في حق الشعب}. وزادوا على ذلك، بمنح {مكافأة نهاية الخدمة} لأكثر من 400 نائب من الولاية التي اختصرها تبّون قبل عام من نهايتها، معلناً عن تنظيم انتخابات برلمانية مبكّرة في 12 يونيو (حزيران) الماضي. وحصل النواب المنتهية ولايتهم على مبالغ كبير، وأثار ذلك ردود فعل ساخطة ظهرت في المنصات الرقمية الاجتماعية، التي باتت المتنفس الوحيد لعدد كبير من الجزائر في ظل حالة التعتيم الإعلامي على الغضب الشعبي.
ووقف ضد مشروع الحكومة، برلمانيو الحزب الإسلامي «حركة مجتمع السلم». فقد انتقدوا في بيان أصدروه بعد التصديق على قانون المالية، مسعى الحكومة لإحداث «جهاز وطني لتوجيه الدعم الاجتماعي لمستحقيه»، الذي لا يمكن حسبهم تحقيقه لـ«عدم وجود قاعدة معطيات»، تخص عدد الجزائريين المعنيين بالدعم. كما أعابوا على الحكومة اتخاذ هذه الخطوة «في غياب حوار وطني شامل وفي غياب تنمية اقتصادية توفر الشغل، خاصة أن الموضوع يعبّر عن تحوّل اجتماعي كبير يضعف أكثر القدرة الشرائية للجزائريين، وبشكل غير مسبوق ومن دون آليات تضمن لهم الحصول على التعويض النقدي».
وقال الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمن دفاعاً عن مشروع الحكومة، أمام النواب، إن الحديث عن «رفع الدعم، يجب أن يكون محرماً، فالدولة الجزائرية دولة اجتماعية بالأساس». وقال أيضاً إن السلطات «تفكر في فلسفة جديدة تسمح لنا بتوجيه هذا الدعم إلى أصحابه. وهذا الدعم سوف يكون نقداً ولن تدعم الدولة المواد، وإنما مداخيل الأسر بعد تحديد المستوى الذي يجب ابتداء منه دفع هذا الدعم النقدي».
وأوضح بن عبد الرحمن أن «قيمة الدعم لسنة 2022 تساوي 17 مليار دولار رغم الأزمة الاقتصادية.. وما ورد في القانون هو الهدف الذي ستوضع الآليات لتحقيقه، ولم يكن أبداً في نية الدولة رفع الدعم».