القوات الأميركية تكثف تحركاتها في الحسكة وريفها

عربة أميركية في طريقها إلى تل تمر بريف الحسكة شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)
عربة أميركية في طريقها إلى تل تمر بريف الحسكة شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)
TT

القوات الأميركية تكثف تحركاتها في الحسكة وريفها

عربة أميركية في طريقها إلى تل تمر بريف الحسكة شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)
عربة أميركية في طريقها إلى تل تمر بريف الحسكة شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)

سيّرت القوات الأميركية، دورية عسكرية في منطقة المالكية (ديرك) بريف الحسكة شمال شرقي سوريا، في وقت كشفت القيادية الكردية، إلهام أحمد، عن رفض مسؤولي الإدارة و«مجلس سوريا الديمقراطية» مقترحاً روسياً بإدخال 3 آلاف عنصر من القوات الحكومية إلى مدينة عين العرب (كوباني).
وتألفت الدورية العسكرية الأميركية من 4 مدرعات عسكرية وانطلقت من مطار «روباريا الزراعي» الذي تستخدمه القوات الأميركية قاعدة يضم مهبطاً للطيران، وتجولت الدورية دون أن غطاء جوي واتجهت نحو ريف ديرك الجنوبي، وتعد هذه الدورية الثالثة من نوعها خلال الشهر الحالي؛ إذ سيّرت القوات الأميركية دورية مماثلة في المنطقة السبت الماضي 13 الشهر الحالي.
من جهة أخرى، سيّرت الشرطة العسكرية الروسية والقوات التركية دورية عسكرية مشتركة في ريف بلدة درباسية الواقعة أقصى شمالي الحسكة، بمحاذاة الحدود التركية وجالت في القرى الواقعة بالجهة الغربية والجنوبية، وشاركت 9 عربات عسكرية وسط تحليق مروحيتين روسيتين فوق سماء المنطقة؛ إذ وصلت حتى حدود التماس بالقرب من منطقة «الكسرات» الفاصلة بين مناطق الجيش التركي وفصائل سوريا موالية؛ إذ تسيطر الأخيرة على الجهة الغربية، بينما جهتها الشرقية خاضعة لنفوذ سيطرة قوات «قسد» العربية الكردية، كما توجهت شرقاً نحو بلدة عامودا المجاورة، وشملت قرى جديدة وتل طيرة وتل كرمة وأبو جرادي وخاصكي وخانكي وبهيرة.
وقالت أحمد في حديث خلال ندوة جماهيرية أقيمت الثلاثاء الماضي بمدينة الرقة شمالي سوريا، عن مقترحات روسية جديدة عُرضت على مسؤول المجلس وقادة الإدارة، وشددت بأن «مسؤولي الإدارة ومجلس (مسد) رفضوا مقترحاً روسياً بإدخال 3 آلاف عنصر من القوات الحكومية إلى مدينة عين العرب (كوباني)، لمنع تكرار سيناريو درعا في هذه المدينة».
ولفتت إلى أن الحرب الإعلامية التي مُورست بالتزامن مع التهديدات التركية بعملية عسكرية تجاه المنطقة «لعبت دوراً في الترويج لمثل هكذا شائعات ولا أساس لها من الصحة»، وأشارت أحمد، إلى أن «الاستعصاء السوري وتفاقم الحالة الإنسانية وزيادة أعداد طالبي اللجوء تستلزم حلولاً جدية، وإن ما جرى حتى الآن لا يمكن تصنيفه حواراً أو تفاوضاً بسبب العقلية ذاتها التي يتعامل بها النظام مع الأزمة السورية»، ولفتت إلى أن «منطق المنتصر» الذي تعتقد دمشق أنها حققته عبر تمسكها بالخيار الأمني والعسكري لا يمكن أن تفضي إلى حلول جدية، رغم اعتراف السلطة باستحالة العودة إلى ما قبل 2011.
وعن التهديدات التركية بشن عملية عسكرية ضد مناطق نفوذ الإدارة و«قوات سوريا الديمقراطية»، أكدت القيادية الكردية أنهم يأخذونها على محمل الجد، وعلقت قائلة «لكن هذه التهديدات تتعارض مع اتفاقيات وقف إطلاق النار التي وقعت بين الأطراف الدولية المعنية، والدول الفاعلة بسوريا، سيما واشنطن وموسكو لا تريدان المزيد من التصعيد وتغيرات في خريطة السيطرة».
ميدانياً، شهدت محافظة الحسكة الواقعة شمال شرقي سوريا تحركات عسكرية بعد تمركز قوة من الجيش الأميركي من 40 جندياً ورتل عسكري من 5 مدرعات في مدرسة «مصعب بن عمير» الواقعة غربي البلدة، واتخذتها نقطة عسكرية لانطلاقتها في نقاط التماس وخطوط المواجهة، بالتزامن مع تحشيد للجيش التركي وفصائل سورية موالية وتعزيز مواقعها في مناطق عملية «نبع السلام» بمدينة رأس العين وريفها، وتجول الجنود الأميركيين سيراً على الأقدام وقصدوا مدخل تل تمر الغربي واستطلعوا الطريق الدولية السريعة (إم 4)، وشهد ريف الحسكة الشمالي تحركات أميركية مع تصعيد التهديدات التركية بشن هجوم عسكري على مواقع قوات «قسد»، وبحسب قيادي عسكري من «قسد» ومصادر أهلية تنوي واشنطن إنشاء قاعدة ثالثة في هذه المنطقة إلى جانب قواعدها في قريتي «القصرك» و«تل بيدر» والثانية تضم مهبطاً للطيران الحربي.
كما اتخذت القوات الأميركية من فوج «الميلبية» الواقع على بعد نحو 15 كيلومتراً جنوبي مدينة الحسكة قاعدة عسكرية جديدة، وهذا الفوج كانت تتخذه القوات الحكومية الموالية للأسد فوجاً عسكرياً قبل 2011، لكنها اليوم خاضعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) المدعومة من واشنطن، وتنتشر جنوبي الحسكة قواعد عدة للتحالف الدولي والقوات الأميركية، وتقع على خطوط الإمداد مع قواعدها في ريف دير الزور الشمالي والشرقي.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.