كلف عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية، أمس وفداً من الاختصاصيين لزيارة بلجيكا، بهدف وقف ما سماه «الطمع في الأرصدة الليبية المجمدة لديها، والاستيلاء عليها». وقال بلهجة حازمة: «لن نسمح لأي دولة بالاعتداء على أموال الليبيين تحت أي ذريعة».
وجاء هذا التحرك الرسمي من قبل الحكومة الليبية، بعد اتهام الدبيبة بشكل علني بلجيكا بـ«محاولة الاستيلاء على أموال الليبيين المودعة في أحد بنوكها». وكانت الأمم المتحدة قد وضعت في سنة 2011 أصول ليبيا واستثماراتها الخارجية، التي تتولى إدارتها «الهيئة الليبية للاستثمار»، (الصندوق السيادي الليبي)، تحت الحراسة القضائية لمنع الاختلاس.
وترجع قصة هذا النزاع إلى 13 يناير (كانون الثاني) الماضي، عندما أعلن وزير المالية البلجيكي، فنسنت فان بيتيغيم، عن تحرك بلاده لدى لجنة العقوبات بمجلس الأمن الدولي لرفع التجميد عن جزء من الأرصدة الليبية البنكية، المجمدة لدى أحد البنوك البلجيكية؛ لاقتطاع مستحقات على ليبيا تقدر بـ47 مليون يورو لصالح مؤسسة الأمير لوران، الشقيق الأصغر للملك فيليب، تعويضاً عن «خسائر» لحقت بإحدى منظماتها، التي كانت تجري مشروعاً في ليبيا قبل عام 2010. لكن في الشهر التالي من نفس العام نجحت سلطات طرابلس آنذاك في منع بلجيكا من ذلك، بعدما رفضت لجنة العقوبات الطلب المقدم من الحكومة البلجيكية، على اعتبار أنه لا ينطبق على الفقرة (21) من قرار مجلس الأمن.
وتعد هذه المرة الأولى التي يتطرق فيها الدبيبة لهذه القضية، حيث قال خلال جلسة لمجلس الوزراء، مساء أول من أمس، وفق فيديو نشرته الحكومة على منصة «حكومتنا»: «لدينا مشكلة مع بلجيكا، لأنها تطمع في أموال الليبيين الموجودة لديها»، مشيراً إلى أن المعلومات التي توفرت لديه «تشير إلى أن السلطات البلجيكية حصلت على إذن من لجنة العقوبات كي تتصرف في جزء من هذه الأموال». وتابع الدبيبة موضحا: «أعلنها من هنا رسمياً... السلطات البلجيكية تقوم بمحاولة جديدة للاستيلاء على أموال الليبيين الموجودة لديها، ولا يشرفنا أن نتعامل مع أي دولة تحاول الاستيلاء على أموال الليبيين».
ويعتزم الوفد الليبي المكلف زيارة بلجيكا بداية الأسبوع المقبل. علما بأن هذه الأصول، التي أودعها الرئيس الراحل معمر القذافي في بنوك دول عدة قبل سقوط نظامه عام 2011، غالبا ما تكون محور نزاعات قضائية بين الدولة الليبية والبلدان المودعة فيها. وقد قدرت آنذاك بقرابة 200 مليار دولار، لكن فائز السراج، رئيس حكومة «الوفاق» السابقة، قال إنها تراجعت إلى 67 مليار دولار.
ومنذ نهاية عام 2014، واستنادا إلى قرار للقضاء البلجيكي لصالحه، يسعى الأمير إلى استعادة ملايين اليوروات استثمرها في ليبيا من خلال جمعيته، التي لا تتوخى الربح «غلوبل ساستينابل ديفلبمنت تراست»، وتصاعد الجدل حول هذه القضية، بعدما تمكنت بلجيكا من رفع التجميد عن قسم من هذه الأموال في ظروف غامضة.
وفيما أشار الدبيبة إلى أن حكومته ستضطر إلى «سحب» كل الأصول الليبية من هناك عند رفع التجميد، سارع سياسيون مناوئون للحكومة للقول بأن هذه القضية «لا بد أن تكون من أولويات الرئيس، الذي سينتخبه الشعب في الاستحقاق المرتقب»، وأنه «ليس من صلاحيات سلطة مؤقتة، يفترض أن تسلم مهامها قبل نهاية الشهر المقبل، أن تتصرف في هذه الأموال».
وسبق لمجلس النواب في فبراير (شباط) عام 2020 مطالبة الدول الغربية بعدم رفع التجميد عن الأرصدة الليبية المجمدة في الخارج، استجابة لبعض الأطراف الداخلية. في إشارة لحكومة «الوفاق» السابقة آنذاك.
ليبيا ترسل وفداً إلى بلجيكا لـ«وقف الاعتداء» على أرصدتها المجمدة
بعد أن اتهمها الدبيبة بـ«محاولة الاستيلاء» عليها
ليبيا ترسل وفداً إلى بلجيكا لـ«وقف الاعتداء» على أرصدتها المجمدة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة