«الدستوري» يواجه صعوبات للبت في الطعن بتعديلات قانون الانتخاب اللبنانية

TT

«الدستوري» يواجه صعوبات للبت في الطعن بتعديلات قانون الانتخاب اللبنانية

يخشى مصدر سياسي بارز من أن ينسحب الانقسام داخل مجلس القضاء الأعلى حول المسار الذي يسلكه المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت على المجلس الدستوري لدى انصرافه بدءاً من اليوم للنظر في الطعن المقدم من «تكتل لبنان القوي» في التعديلات التي أدخلها المجلس النيابي على قانون الانتخاب، خصوصاً أنه يضعه أمام جملة من الخيارات في حال تأمن النصاب القانوني لانعقاده تتراوح بين الأخذ كلياً أو جزئياً بالطعن أو رفضه وإبقاء القانون الحالي نافذاً.
وسينكب المجلس الدستوري في اجتماعه اليوم برئاسة رئيسه القاضي طنوس مشلب وبحضور أعضائه العشرة على وضع آلية للنظر في الطعن بتكليف رئيسه أو أحد أعضائه بمهمة المقرر لإعداد تقرير مفصل يتناول فيه التفاصيل الواردة في الطعن بعد أن يستعرض العناوين الرئيسية التي استند إليها «تكتل لبنان القوي» والتي كانت وراء إصراره على الطعن بالتعديلات أمام المجلس الدستوري.
وسيكون أمام المقرر الذي سينتدبه المجلس الدستوري للنظر في الطعن مهلة عشرة أيام، على أن يعرضه لاحقاً على الهيئة العامة للمجلس التي يُفترض أن تبقى في حالة انعقاد لمدة 15 يوماً لاتخاذ قرارها النهائي بخصوص التقرير الذي يرفعه إليها المقرر.
ويُفترض بحسب الآلية التي يتبعها المجلس الدستوري للنظر في الطعون حضور 8 من أعضائه العشرة لتأمين النصاب القانوني، على أن يصوت على التقرير 7 أعضاء كشرط لسريان مفعوله، وهذا يفتح الباب أمام السؤال ما إذا كان النصاب سيتأمن أم أن الانقسامات حول التعديلات المقترحة على قانون الانتخاب ستكون حاضرة وتدفع باتجاه تعذر تأمينه.
فالمهلة القانونية المحددة بشهر للنظر بالطعن أمام المجلس الدستوري منذ تاريخ تسجيله بقلم المجلس أول من أمس لن تؤثر على حرق المراحل التي كانت وراء توصية البرلمان للحكومة بإجراء الانتخابات في 27 مارس (آذار) المقبل في حال لم يؤخذ بالطعن باعتراض أربعة من أعضائه، أما إذا تقرر الأخذ به كلياً أو جزئياً فسيضطر البرلمان لمعاودة جلساته للنظر في المواد التي طعن بها المجلس الدستوري.
ويؤكد المصدر السياسي لـ«الشرق الأوسط» أن لا صلاحية للمجلس الدستوري للنظر بتوصية البرلمان بإجراء الانتخابات في 27 مارس أو في الخلاف الذي ترتب على احتساب النصاب بالأكثرية العادية النيابية التي صوتت على التعديلات، وعزا السبب إلى أن هذا الخلاف يتعلق بتفسير الدستور الذي هو من صلاحية المجلس النيابي بعد أن انتزعها من المجلس الدستوري كما نص عليها اتفاق الطائف.
ويلفت المصدر نفسه إلى أن رفض المجلس الدستوري الأخذ كلياً بالطعن لا يعني أن الطريق أصبحت سالكة لإجراء الانتخابات النيابية في 27 مارس 2022 ويعزو السبب إلى احتمال امتناع رئيس الجمهورية ميشال عون عن التوقيع على مرسوم دعوة الهيئات الناخبة للاشتراك في العملية الانتخابية فور أن يحال إليه للتوقيع بعد أن يوقعه وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي.
ويضيف أن عون وإن كان يربط توقيعه على المرسوم بجلاء مصير الطعن الذي تقدم به تياره السياسي أمام المجلس الدستوري فإن حقيقة موقفه تكمن في امتناعه عن توقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة فور إحالته إليه لأنه ليس ملزماً بتوقيعه لعدم وجود مهلة زمنية له باعتبار أن المرسوم لم يصدر عن مجلس الوزراء ويسري عليه ما يسري على المراسيم العادية، على غرار ما فعل مع مرسوم التشكيلات القضائية.
ويعتبر المصدر أن عون سيلجأ لاختيار التوقيت المناسب للتوقيع على المرسوم، أي بعد انقضاء المهل المحددة لإجراء الانتخابات ما يتيح له الإبقاء على المهل لإنجازها في 8 مايو (أيار) المقبل بعد أن يضمن تعليق العمل بتوصية البرلمان، ويؤكد أن ما يطمح إليه «العهد القوي» يبقى في تسجيل نقطة في مرمى البرلمان ومن خلاله رئيسه نبيه بري تحت عنوان أن الأمر له في تحديد الموعد، إلا إذا أدت الاتصالات إلى إفساح المجال أمام مجلس الوزراء لمعاودة جلساته التي تسمح له بطرح مرسوم دعوة الهيئات الناخبة كبديل عن المرسوم العادي الذي يتطلب توقيع رئيس الجمهورية.
لكن المصدر السياسي يرى أن الخطوة اللاحقة للبحث عن حل يؤدي إلى تجاوز صلاحية عون التي لا تُلزمه بمهلة للتوقيع على مرسوم عادي تبقى مجرد فكرة لا يمكن لمجلس الوزراء الغوص فيها قبل أن ينظر المجلس الدستوري في الطعن.
وبكلام آخر يقول المصدر نفسه إن الرئيس ميقاتي الذي يسعى جاهداً للإفراج عن جلسات مجلس الوزراء ولم يفقد الأمل من تجاوب وزير الإعلام جورج قرداحي مع الجهود الرامية لإقناعه بالاستقالة تقديراً منه للمصلحة الوطنية من جهة ولتفادي إحراج زعيم تيار «المردة» النائب السابق سليمان فرنجية الذي كان سماه لدخول الحكومة واستفاض في الدفاع عنه، لن يسعى إلى اشتباك سياسي مع عون الذي يؤيده بدعوة قرداحي للاستقالة.
لذلك فإن مجلس الوزراء في حال انتهت فترة احتجازه قسرياً لن يُقحم نفسه في صدام سياسي بين عون وميقاتي فيما يصر «الثنائي الشيعي» على تنحية المحقق العدلي القاضي طارق البيطار كشرط لحضوره الجلسات باعتبار أن مشكلته معه سبقت الأزمة التي تسبب بها قرداحي في إساءاته لعلاقات لبنان الخليجية.
وعليه، فإن تحديد موعد الانتخابات يبقى عالقاً ويتجاوز ما سيقرره المجلس الدستوري إلى امتناع عون عن التوقيع على المرسوم، ويترك لنفسه اختيار الوقت المناسب للإفراج عنه بما يضمن ترحيل الانتخابات إلى مايو المقبل، هذا في حال تأمن النصاب القانوني لاتخاذ قراره لأنه سيجد نفسه محاصرا بتصاعد وتيرة الاشتباك السياسي بين عون وبري الذي يترك بصماته التعطيلية على المجلس الدستوري.
إلا أن اصطدام هذا المجلس بحائط مسدود يمنعه من تأمين النصاب بسبب الانقسام بين أعضائه، خصوصاً إذا انطوى التقرير الذي سيضعه المقرر الذي أُوكلت إليه مهمة النظر في الطعن على قبول جزئي أو كلي بالمواد المطعون فيها، لا يعني الإطاحة بإجراء الانتخابات قبل نهاية ولاية البرلمان الحالي في 21 مايو المقبل.
فرئيس الجمهورية وإن كان يهمه الالتفاف على توصية البرلمان وتقديم نفسه للرأي العام المسيحي بأنه لا يزال الأقوى فإنه سيكون مضطراً للتوقيع على مرسوم دعوة الهيئات الناخبة بعد أن تحقق له ما أراد بترحيل موعد إجراء الانتخابات لأنه إذا أطاح بموعدها ليس في الموقع الذي يُدخله في صدام سياسي مع المجتمع الدولي الذي يصر على إنجاز الانتخابات ويتعاطى معها على أنها محطة لإحداث تغيير باتجاه إعادة تكوين السلطة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.